الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التاريخ الديالكتيكي لتطور المجتمع البشري

حسقيل قوجمان

2017 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


التاريخ الديالكتيكي لتطور المجتمع البشري
هل هل المنتوجات في العهد الشيوعي بضاعة ؟

كتب فاخر فاخر في احد تعليقاته "أنا أنتظرك أن تعترف بأن منتوجات العهد الشيوعي ليست بضائع !!"
ونظرا لاهمية الموضوع سالبيه واجيبه في حلقة خاصة مستقلة.
ان ماركسية الدجاج على العكس من ماركسية الحمام الطائر تؤمن بالمادية الديالكتيكية وتحلل كل الحركات الطبيعية في الطبيعة وفي المجتمع تحليلا ماديا ديالكتيكيا. بنفس الطريقة سالبي طلب فاخر فاخر المهم.
حين انفصل المجتمع البشري عن المجتمع الحيواني كان الانسان عظيم الشبه في حياته مع المجتمع الحيواني الذي انفصل عنه. كان كالحيوانات القريبة الشبه به يقطف الاثمار ويعتاش عليها. ولكن الفرق بينه وبين هذه الحيوانات هو ان دماغه تطور بحيث اصبح قادرا على تعلم الطبيعة وتعلم تغييرها وانتصبت قامته واصبح قادرا على استعمال يديه للانتاج والمشي على رجليه. وربما بدأ يكون لغة تفاهم بدائية بين انسان واخر.
كان المجتمع في هذه الفترة مشاعيا بدائيا بالضرورة. فقد كان الانتاج الاجتماعي شحيحا ونادرا يكاد لا يكفي لمعيشة الانسان. ولم يكن من الممكن في هذه الحال ان يستولي جزء من المجتمع على الانتاج ويترك الاخرين للموت جوعا. استمر المجتمع المشاعي البدائي ملايين السنين او عشرات الملايين.
ربما كان اكتشاف النار اهم اكتشافات الانسان في فترة المشاعية البدائية. النار غيرت حياة المجتمع تغييرا جذريا. فقد جعلت النار بامكان الانسان ان يحتل المغاور والكهوف وطرد الحيوانات المفترسة منها لخوفها من النار. واستطاع الانسان ان يواصل الحياة في المغاور باستعمال النار والتغلب على الفترات الجليدية المتعددة ونجح في صهر المعادن كالنحاس والحديد مما جعل بامكانه ان يطور ادوات انتاجه تطويرا هائلا اذ بدلا من الحجارة والحجارة المدببة اصبح قادرا على صنع واستخدام الادوات والاسلحة المعدنية.
حسب قوانين المادية الديالكتيكية ينشأ نقيض الوضع القائم داخل هذا الوضع ويتطور تحت حمايته ورعايته. والنظام القائم هو المشاعية البدائية, وبناء على ذلك نشـأ نقيض النظام القائم اثناء وجوده وتحت حمايته ورعايته. ونقيض المجتمع المشاعي البدائي هو نشوء وتطور انتاج الانسان بحيث اصبح ينتج اكثر مما يحتاجه لاستهلاكه االمباشر واصبح من الضروري استبداله مع اخرين ينتجون انتاجا يختلف عن انتاجه. وهذا يعني رغم راي استاذي الكبير فاخر فاخر نشوء السلعة او البضاعة. البضاعة شيء، مادة، جزء من الطبيعة يحوله الانسان بجهده وعمله الى شيء اخر خارجا عن جسمه يبادله مع انسان اخر ويغترب عنه بناء على ذلك. فالانتاج الاجتماعي تحول سواء ارضي فاخر ام لم يرض الى بضاعة. المجتمع الطبقي هو النقيض الاول لقوى الانتاج.
اضافة الى ذلك يعني هذا التطور نشوء فئة من الناس يستطيعون االاستيلاء على انتاج لم ينتجوه. وهذا يعني بدء نشوء طبقة مالكة تتطور الى طبقة سائدة. ان نقيض النظام المشاعي هو ظهور الانقسام الطبقي للمجتمع اي نشوء المجتمعات الطبقية.
ادى نشوء المجتمع الطبقي ضمن وتحت حماية النظام المشاعي وتطور تدريجيا الى ان تحين لحظة الطفرة الديالكتيكية النوعية فيجري نقض المجتمع المشاعي ونشوء المجتمع الطبقي على انقاضه. وفي المجتمعات الطبقية يوجد عادة طبقة مالكة سائدة وطبقات كادحة مسودة وهذا ماجرى تاريخيا في المجتمع البشري. والسؤال الان من هي الطبقة السائدة في المجتمع وهل يمكن لكل طبقة ان تكون طبقة سائدة تسود المجتمع ام ان ذلك يجري وفق قوانين تحدد طبيعة الطبقة السائدة؟
المادية الديالكتيكية تعلمنا ان الطبقة السائدة يحددها تطور قوى الانتاج في المجتمع. وقوى الانتاج تتالف من ثلاثة عناصر هي الانسان العامل على الطبيعة لتغييرها والطبيعة التي يعمل عليها ويغيرها والالة التي يستخدمها في عمله على تغيير الطبيعة.
في المجتمع الطبقي ينبغي ان تكون للطبقة السائدة قدرة الاستيلاء على كافة الانتاج الاجتماعي ولا تترك للطبقات الكادحة اكثر مما يبقيها على قيد الحياة وعلى مواصلة انتاج الحياة بالتوالد. وتحتاج الطبقة السائدة ان تختار عنصر قوى الانتاج الذي يتيح لها هذه القدرة. فهل تستولي الطبقة على عنصر الانسان ام عنصر الارض ام عنصر الالة لكي تستطيع الاستيلاء على كامل الانتاج الاجتماعي؟ هذا هو الذي يحدد ويقرر طبيعة المجتمع الناتج عن ذلك.
كان الاستيلاء على الانسان المنتج هو العنصر الذي كان يتيح للطبقة السائدة الاستيلاء على كامل الانتاج الاجتماعي فكان المجتمع العبودي واصبح العبد هو العنصر الذي يحقق للطبقة السائدة الاستيلاء على كامل الانتاج الاجتماعي. وارجو الا يغضب استاذي الجديد حين اقول له ان العبد اصبح هو السلعة او البضاعة. ولم يكن العبد حتى في جمهورية افلاطون يعتبر بشرا كباقي الناس. كان العبد في المرحلة العبودية حيوانا ناطقا وحتى ايام دراستي كنا نتعلم ان الانسان حيوان ناطق. كان العبد يباع كالبقرة او الحصان على انه حيوان وليس انسانا. وكان تملك بضاعة العبيد هدف اغلب الحروب كما يسجله تاريخ الحروب في تلك المرحلة. الا ان العبيد كانوا يباعون بالملايين بين اباطرة الحكم في المرحلة العبودية. كان السادة كما هو معروف يميزون العبيد عن الاسياد بادعائهم ان العبيد ذوو دم احمر اما السادة فهم ذوو الدم الازرق.
ادى تملك العبيد الى استخدامهم في انتاج جميع العمارات والانشاءات التي نسميها حاليا عجائب الدنيا مثل الاهرام التي يناها العبيد لاسيادهم كي يوضعوا فيها ولا يدفنوا كسائر الموتى لكي يسهل قيامهم يوم يبعثون. وسائر عجائب الدنيا. كان العبيد يبنون هذه العمارات والانشاءات بعملهم الجسمي المرهق والمميت لعدم وجود ادوات انتاج تساعدهم على ذلك مما ادى الى موت الملايين منهم نتيجة ارهاقهم الجسماني.
ومعروف تاريخيا مجتمع المتاجرة بالعبيد كسلعة رئيسية في المجتمع العبودي. وكانت انتاجات المجتمع العبودي تعتمد على عمل الملايين من البشر كما هو معروف على سبيل المثال في بناء القبور للاباطرة كاهرام الجيزة التي يفتخر العالم بها. وكذلك تاريخ بناء الجنائن المعلقة في العراق والتماثيل العملاقة وغيرها من معجزات انتاج النظام العبودي.
وحسب قوانين المادية الديالكتيكية نشأ نقيض المجتمع العبودي داخل المجتمع العبودي وتحت حمايته وتطور تدريجيا خلال زمان النظام العبودي اذ تطورت الزراعة تطورا مطردا ونجح الانسان في تدجين الحيوانات واستخدامها كادوات انتاج في الزراعة وعجزت طبقة اسياد العبيد عن التغلب على ثورات العبيد. عنصر قوى لانتاج الثاني، الارض، تطورتدريجيا الى لحظة الطفرة النوعية الديالكتيكية التي تنقض المجتمع القائم، المجتمع العبودي، ونشوء المجتمع الاقطاعي على انقاضه. ولدى نقض المجتمع العبودي اصبحت الطبقة السائدة هي الطبقة الاقطاعية واصبحت الارض السلعة الرئيسية بدلا من سلعة العبيد. اي اصبح الصنف الثاني من قوى الانتاج ، صنف الارض، الصنف الذي يمنح الطبقة السائدة القدرة على امتلاك جميع الانتاج الاجتماعي.
وفي ظل المجتمع الاقطاعي نشأ وتطور نقيض المجتمع الاقطاعي وتحت حمايته ورعايته. كانت الحرف الصناعية في النظام الاقطاعي منظمة وفقا لصناعة الاصناف حيث كان الانسان يقضي عشر سنوات او اكثر من حياته يتعلم الصنعة من درجة مياوم الى درجة خلفة والى درجة استاذ في الصنعة وحينئذ يصبح صانعا معترفا به ويحق له انشاء مصنعه الحرفي المستقل. الحداد في حانوته والنجار في حانوته والصفار في حانوته وهلم جرا.
ونشأ خلال هذه الفترة اشخاص لم يتمسكوا باصول الحصول على درجة الاستاذ الصناعي بل يملكون بعض النقود يشترون بها بعض المواد الخام ويقدمونها للفلاحين لكي ينسجوها بادواتهم البدائية لقاء اجور فياخذ التاجر النسيج للبيع في ارجاء بلاده. وهذا ما يعرف تاريخيا باسم المانيفيكتورا. والمانيفيكتورا هي الشكل الاول لتحول النقود الى راسمال ولكي تتحول البضاعة من بضاعة حرفية لا راسمالية الى بضاعة راسمالية. وهذا يعني ان الصنف الثالث من قوى الانتاج ،صنف الالة، اصبح الصنف الذي يمنح التاجر القدرة على تملك كامل الانتاج الاجتماعي وهذا كان بداية المجتمع الراسمالي وتحول السلعة الى سلعة راسمالية وما تلاها من الثورة الصناعية ونشوء المصانع الكبرى كما هو معروف تاريخيا. وبهذا انتهى استخدام ثلاثة اصناف قوى الانتاج ولم يعد ثمة صنف اخر يمكن ان يحول المجتمع الى مجتمع اعلى استغلالا من المجتمع الراسمالي الذي ما زال العالم كله يعيشه حتى يومنا هذا بشكله الامبريالي.
خلال تطور المجتمع الراسمالي نشأ نقيض المجتمع الراسمالي تحت حمايته ورعايته. ونقيض المجتمع الراسمالي هو نقض النقض للمجتمع اي نقض النقض الاول الذي حول المجتمع المشاعي الى مجتمع طبقي بمراحله الثلاث الى النقض الثاني، نقض النقض، الذي يحول المجتمع الى المشاعية ولكنها بدرجة اعلى من التطور.
عاش كارل ماركس هذه الفترة من الانتاج الاجتماعي وهو الذي شعر بهذا التطور الحتمي والضروري في المجتمع. وهذا ما منحه القدرة على اكتشاف قانون فائض القيمة. فهتف بندائه العظيم، بروليتاريي العالم اتحدوا واسس الاممية الاولى كخطوة في سبيل تحقيق ذلك. وهو النداء الذي نقش على ضريحه في لندن. ان نقض النقض، النقض الاول الذي حول المجتمع المشاعي البدائي الى مجتمع طبقي الى النقض الثاني، نقض النقض، الذي ينبغي ان يحول المجتمع الطبقي الى مجتمع المشاعية الثانية هو ما سمي النظام والمجتمع الشيوعي.
في هذا النظام عند تحقيقه يصبح الانتاج الاجتماعي ملكا للمجتمع كله وليس لفئة من المجتمع، اي اختفاء الانتاج السلعي ونشوء مجتمع يكون الانتاج الاجتماعي فيه ملكية كامل المجتمع يستخدمونه لصالح المجتمع كله. وهذا المجتمع، عزيزي فاخر, ليس طوبائيا لا يمكن تحقيقه كما اعلنت في تعليقاتك وانما مجتمعا تامل الانسانية في تحقيقه. وكما ان اي انتاج ينتجه الانسان ويستخدمه بنفسه ليس سلعة كذلك انتاج المجتمع الشيوعي عند تحقيقه يعني ان المجتمع المنتج يستعمل جميع الانتاج الاجتماعي بنفسه ولمصلحته وليس ثمة انتاج سلعي او بضاعي. ولولا وجود المجتمع البضاعي في تاريخ المجتمعات الطبقية لما امكننا التحدث عن مجتمع شيوعي ليس فيه انتاج سلعي. لدى انكار انتاج السلعة في المجتمعات الطبقية السابقة للمجتمع الشيوعي لا يبقى اي معنى للقول بان انتاج المجتمع الشيوعي ليس سلعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - البضاعة
فاخر فاخر ( 2017 / 1 / 17 - 18:17 )
وأخيراً إعترف قوجمان أن هناك إنتاج للإنسان ليس بضاعة
لكنه يحدد الفرق لين البضاعة واللابضاعة بشكل المجتمع وليس بشكل البضاعة !!
الأمر الذي اضطره أن يصنف العبد في العهد العبودي يالسلعة او البضاعة كمن لو أن أمه وأبيه ولداه للبيع وبسعر معلوم !!
عيب يا أستاذ قوجمان أن ماركسياً مثلك ينحدر إلى مثل هذا المستوى من التفكير
البضاعة يا استاذي هي منتج من أجل التجارة
A good produced for trade
Or a good produced to be exchanged by another good of different kind
أي بضاعة يتم إنتاجها من أجل مبادلتها ببضاعة أخرى
وهو ما بستوجب أن تكون البضاعتان متساويتان في القيمة الرأسمالية وهي التي كانت مجهولة قبل النظام الرأسمالي ولذلك يتوجب الاعتراف بأن البضاعة لا بد أن تحمل في جوفها فائضاً للقيمة وهو ما لم يكن موجوداً قبل النظام الرأسمالي
حتى متأخرا أيام نشوء المدن البورجوازية كان تلميذ الصناعة يعمل في المانيفاكتورة بلا أجر وهو ما كانوا يسمونه بالإنجليزية
(Apprentice)
فيما قبل الأسواق الرأسمالية كان التيادل يجري ليس وفق قانون القيمة الرأسمالية بل وفق القيمة الاستعمالية
تحياتي


2 - أستاذ فاخر
جلال البحراني ( 2017 / 1 / 18 - 07:58 )
أعتقد بأن موقفك من تسليع العبد هو موقف أخلاقي!
طبعا من الناحية الماركسية (الإنسانية) الأمر مرفوض، لكن هذا ما حدث بالتاريخ، الفرق بين التفسير الديني والماركسي للتاريخ يكمن بهذا، الدين يدعي أن الله خلقنا سواسية، الماركسية تقول هكذا طور الإنسان نفسه، كانت أشكال العبودية ضرورية بفترة تاريخية
كما أنه ليس عيبا في النظام الرأسمالي أن يحول عمل الإنسان لبضاعة، commodity ، فهذا واضح عندما يتقدم شخص لعمل بشركة هو يعرض عليهم بضاعته (العمل) مقابل بضاعتهم المال! و هم يقارنون بضاعته ببضاعة مئات ربما تقدموا لنفس الوظيفة، كذلك لم يكن عيبا أن يرعي مالك العبيد الأمهات و الأباء الولادين لنسل قوي و قادر على العمل و الإنتاج، مئات المئات من القصص عن هذه الأحوال
تحكم الطبقات السائدة بالولادات عند أي أمة، أثبتته عشرات الدراسات و ملايين الوقائع ، فرنسا مرت بهذه المرحلة، إمتنعوا عن الإنجاب لفترة، إيران و الخميني، عندما طالب الإيرانيين بزيادة نسلهم، الهند واجهت أنديرا غاندي فضائح في عمليات الحد من النسل، الصين تفرض ابن واحد بالقانون
دعاوي المسلمين (تكاثروا إني مباه بكم الأمم)


3 - ماركسية الفول والشعير وافراخ الدجاج
يعقوب ابراهامي ( 2017 / 1 / 18 - 12:45 )
ان ماركسية الدجاج . . . تؤمن بالمادية الديالكتيكية - حسقيل قوجمان

إن صناعة الثورة أعقد من تفريخ الدجاج - يان بيرشال، مؤرخ ومفكر ماركسي، في إشارة إلى مثال الدجاجة والبيضة المحبب لدى ماركسيي الفول والشعير وأفراخ الدجاج

اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل