الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغزو الأموي في شمال أفريقيا

الشهبد كسيلة

2017 / 1 / 17
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


كان تاريخ ما يسمى بالفتوحات يكتب من طرف واحد ، يكتبه معتنقو العروبة الاموية دينا وقومية وهم في الغالب متشبعون بثقافة فقهية دينية دغمائية مليئة بالفخار إلى حدّ العنجهية ومحاطة بهالة من القداسة ولا أحد يناقشهم او يشاكسهم حتى ... وعلى مر الاجيال انتجوا عددا هاما من المصنفات (البداية والنهاية ، تاريخ الرسل والملوك فتوح أفريقية والمغرب الخ ...) هي اليوم كنز ثمين في يد خصوم اولئك المتبجحين الفخورين بالاعمال الوحشية بالامس ومريديهم اليوم الذين فشلوا في اخفاء تلك المصادر القيمة التي كشفت عورات القوم وعرّت كل زيفهم
فكرة وجود إله يرسل رسلا هي فكرة شرقية ولدت في بلاد الرافدين مع المعتقدات السومرية والاكادية والاشورية تفرعت عنها عشرات المعتقدات وقد وجد فيها الحكام مدنيون وعسكريون على مر التاريخ أكثر الوسائل فعالية لتسيير الجماهير وسوْقها كالقطيع بحيث لم يستغن عنها أي حاكم شرقي إلى اليوم حتى في أوج ازدهار الشيوعية "العربية"
فكرة الرسالة الالهية تحولت إلى أداة لتعبئة جيوش الغزو وأوضح وجه بشع لها هو الوجه الذي ظهرت به على يد بني أمية بحيث تحولت إلى عقيدة مسلحة تشرع للنهب والسلب وتبيح الجنس إباحة لم تصلها حتى الشيوعية في اوج ازدهارها ولم ترِد في كتب ماركس بل يظهر معها ماركس عفيفا متعففا ، نتحدث هنا يا سادة عن مِلْك اليمين والالاف المؤلفة من الاطفال ذكرانا واناثا الذين اختطفوا من احضان والديهم وسيقوا من شمال افريقيا مصفدين مقيدين الى اسواق النخاسة في عواصم الخلافة
كيف فرض هؤلاء منطقهم في العالم الوسيط ، لا شك ان العالم كان يعيش انتكاسة يهمنا هنا حال شمال افريقيا ، هذه البلاد انهكتها الحروب منذ الزحفة الوندالية Vandale التي خربت العمران ونهبت البلاد وحولتها الى خراب يباب يغرد فيها البوم وفي تلك الحروب تقوضت كل الامال في قيام دولة قوية تاخذ زمام المبادرة وتنهي الصراع الوندالي البيزنطي لصالح دولة شمال افريقية موحدة ولعل ظهور تلك الامارات على امتداد المناطق الداخلية من طرابلس الى طنجة مرورا باوراس والحضنة والورشنيس كان مرحلة نحو انبثاق قوة سياسية تنهي التنافس القبلي وتقيم الدولة الموحدة وهذا نلمسه في ماولة الملك كسيلة وخاصة محاولة الملكة تيهيا "الكاهنة"
فمن تكون الكاهنة ؟ لعل اصدقاءنا في العالم العربي لا يعرفون شيئا عن ملكة شمال افريقيا من حدود مصر الى طنجة بعاصمتها في اوراس التي تتوسط هذه الرقعة الشاسعة ؛ تيهيا وهو اسم امازيغي (بربري) معناه الحسناء وفي المصادر العربية حرِّف الاسم الى ديهيا وشاع اسم الكاهنة علما على هذه الملكة العظيمة التي هزمت الجيش الاموي بقيادة حسان بن النعمان واستقلت بالحكم . وعندما قبضت على المئات من الاسرى المسلمين لم يحدثنا التاريخ الذي كتبه الامويون انها انتقمت من احد وقبلها وقف الملك آكسل (كسيلة في المصادر العربية) ذات الموقف حيث حكم البلاد سنوات ولم يتعرض بالانتقام من الجالية العربية المسلمة وهو ما تعترف ربه المصادر وهي اموية كذلك.
نصل الى النقطة المركزية في الموضوع كيف انتصر هؤلاء على بلد شاسع بامكانيات مادية وبشرية كبيرة ، لا شك ان معرفة السبب اهم ولو درس اسلافنا ذلك ما حل بهم الذي حل ودام ولا يزال ... الامة التي لا تواجه خصمها موحدة وتنظر الى مدنها واقاليمها وهي تسقط الواحدة بعد الاخرى سياتي الدور عليها كلها وفي التاريخ امثلة لا تعد ... الامازيغ لم يدرسوا خصمهم (ويبدو انهم لا يزالون كذلك الى اليوم وبعد اليوم) ولم يبحثوا في سر قوته لاعداد خطة مضادة تفكك تلك القوة لقد كان الغزو الاموي يبيح المال والاعراض وكان المجند المغامر القادم من بلد الكبت يباح له ان يسلب وينهب وخاصة ان يختطف البنات وهذه كافية لتجنيد الاف المغامرين وفوق ذلك يبيح لهم كهنتهم ما يفعلون وبتشريع الهي بل ان قادة الغزو الاموي هم الذين درسوا المجتمع الامازيغي بمكوناته من حضر وريفيين وصنفوه الى بتر وبرانس ووثنيين ومسيحيين خاصة وانهم يستعملون الاغراء لمن ينضم اليهم لاشراكه في النهب والاختطاف واقتسام الغنائم ... ألم يجعلوا لله نصيبا من الغنائم ؟ وحرضوا الوثنيين على المسيحيين وشنوا حربا نفسية فاشاعوا بان تيهيا يهودية والهبوا مشاعر الحقد على اليهود في خطاباتهم الممتدة والمستمرة الى اليوم
لا شك ان الذي حدث في شمال افريقيا هو الذي حدث في العراق وسويا ومصر بل ان شعبا مثل الكورد يعيش ممزق الوطن دون دولة ترعى حقوقه وهو تحت حكم انظمة منحدرة من تلك الفتوحات التي تتكرر اليوم باخراج غاية في التطابق مع النسخة الاصلية وتزحف نحو بلاد يوغرطة وقد حطّت ببعض شراذمها في قرطاج وهيكل الفيلان فهل من معتبر وهل من مدّكر ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ضرورة قراءة حداثية للتاريخ
كريمو ( 2017 / 1 / 27 - 12:33 )
بكل اسف ما كاد العالم الموبوء بالاعراب والعروبة يستفيق من ليل الاستعمار حتى انتصب عل راسه حكام انقلابيون اعادوا انتاج نظام اموي غارق في الظلامية متنازل عن المدرسة للكهنة وبعد نسف قرن ها هي داعش تعيد عرض افلام الفتوحات الاموية الدامية الاجرامية
والغريب ان العصر عصر التواصل العلمي وتوفر المعلومة ولكن الظلامية لا تزال
مستفحلة

هذا ما جنته عليكم الوهابية والبعث اللعين

عوض ان تكون الانقلابات مستنيرة يقوم بها مستنيرون حدث العكس

اخر الافلام

.. عودة جزئية للعمل بمستشفى الأمل في غزة بعد اقتحامه وإتلاف محت


.. دول أوروبية تدرس شراء أسلحة من أسواق خارجية لدعم أوكرانيا




.. البنتاغون: لن نتردد في الدفاع عن إسرائيل وسنعمل على حماية قو


.. شهداء بينهم أطفال بقصف إسرائيلي استهدف نازحين شرق مدينة رفح




.. عقوبة على العقوبات.. إجراءات بجعبة أوروبا تنتظر إيران بعد ال