الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصالونات الثقافية

غادة هيكل

2017 / 1 / 17
الادب والفن



الصالون الثقافى بين الماضى والحاضر
*****************************
تعتبر الصالونات الثقافية فى الوطن العربى من أهم منابر التواصل بين مصقفى المجتمعات وكتابهم وشعرائهم ، كما تعتبر وسيلة فعالة لمناقشة احوال البلاد وما طرأ على المجتمعات من متغيرات سواء بالسلب أو الايجاب ن وللصالونات الثقافية تاريخ طويل يمتد من عصر الفراعنة الذين هم أول من عرفوا الكتابة والتدوين وسجلو على جدران معابدهم ليالى السمر والتى كانت تتلى فيها النصوص من الاناشيد وتعزف فيها الموسيقى وتروى القصص ، ثم تطور الامرعلى مر التاريخ واخذت الصالونات لها خصوصية مختلفة نتيجة للتواصل الذى بدا على المقاهى الشهيرة وفى الاسواق مثل سوق عكاظ للشعر والذى استمر حتى اليوم ، ومجلس الملوك مثل سيف الدولة الحمدانى ، ومجالس عبد الملك بن مروان ، والمامون وغيرهم ،وأول صالون أدبي ظهر في القرن الأول الهجري، هو صالون السيدة «سكينة بنت الحسين بن علي» رضي الله عنهم جميعا، حيث امتاز صالونها بالأدب الرفيع والعلم الغزير، واجتمع ببابها الشعراء يطلبون الإذن منها لينشدوها أشعارهم ،وكانت تستمع لهم من وراء حجاب ، كما ظهرت فى الاندلس ولادة بنت المستكفى ،وكانت تجالس الشعراء وتحاضرهم وتجادلهم ، أمثال بن زيدون وبن عبدوس وغيرهم من كبار القوم وشعرائهم ، أما فىى القاهرة فقد تحولت الصالونات الثقافية من الاماكن المفتوحة والمعروفة بالمقاهى المنتشرة فى وسط القاهرة واشتهرت بمقاهى الادباء لتتخذ شكلا أكثر خصوصية فى اوائل القرن التاسع عشر ، ومن اشهر الصالونات التى بزغت بعد الحرب العالمية 1941 صالون نازلى فاضل ابنة مصطفى فاضل باشا الملقب ب أبى الاحرار وكان يحضره عدد من كبار رجال الدولة منهم سعد زغلول ومحمد عبده وقاسم امين وقد غلب على مناقشاته الطابع السياسى والدينى والاجتماعى .
ومن أهم الصالونات واشهرهم والذى اتخذ الطابع الادبى كان صالون مى زيادة التى أتت من فلسطين الى مصر عبر لبنان واستقرت فيها ، وقد اتخ صالونها شهرة واسعة استمرت حتى الان ليس فقط لمؤلفاتها ولكن لاسباب منها :
ثقافتها الواسعة التي كان وراءها عدد من اللغات ، وموهبتها الفطرية ، ورهافة حسها الفني والأدبي
الحرص على إثبات الوجود الذاتي في المجتمع المصري ، وهي الفلسطينية اللبنانية ، وقد رأت أن للبنانيات وللبنانيين النازلين بمصرنشاط ريادي في مجالات الصحافة والفن المسرحي والسينمائي ، والشعري والأدبي
الحرص على الاستفادة أدبيًا وثقافيًا من الشخصيات التي تقصد صالونها ، فقد كانوا يمثلون القمم الأدبية والفكرية في مصرومنهم (أ حمد شوقى ، عبد العزيز فهمى ، خليل مطران ، عباس العقاد ....)
وكان لجمالها وثقافتها وحسن ادارتها للصالون وصوتها الرخيم ما يخيل إلى محدثها أنه هو وحده المستأثر بها وباهتمامها وحتى قلبها ، وقد كتب فيها العديد من القصائد ورويت عن عشقها العديد من القصص الا انه ظل صالونها من اشهر الصالونات على مر التاريخ ، والذى كان له دور فى الحراك الادبى نتيجة للتنافس الشديد بين محبيها مما ادى إلى غزارة الانتاج الادبى فى هذه الفترة ومن أمثلة ذلك مصطفى صادق الرافعى الذى قدم أشهر كتبه – السحاب الاحمر – ورسائل الاحزان –و أوراق الورد .
وكذلك أحدث الصالون في الساحة الثقافية والأدبية المصرية ما يشبه الصدمة الكهربية فبرزت أسماء لم تكن معروفة ، وازداد المشهورون شهرة ، وترسخ الأسلوب السليم لأدب الحوار والجدل وكان بزرة أولى لعديد من الصالونات التى أسست فى القاهرة والاسكندرية ، وظهرت القصة والرواية والتراجم والنقد مع تطور الحياة الادبية وظهور العديد من الصالونات مثل :
صالون العقاد يعقد صباح كل جمعة ويمتد لعدة ساعات في مسكنه ب مصرالجديدة ويحضره العديد من الشخصيات أنيس منصور، و أحمد حمدي إمام، و عبد الحي دياب، و طاهر الطناحي،وغيرهم ولعل هذا الصالون هو السبب فى شهرة أنيس منصور بما كتبه عنها بعنوان (كانت لنا ايام )والذى اصبح مرجعا لتلك الفترة بما تناوله رواد الصالون من أحاديث وتنويعات موضوعية وفكرية فيما يدور .. فلسفة .. أدب .. تاريخ .. سياسة .. نقد
أما صالون الشاعر الدكتور أحمد تيمور فهو صالون ثقافي أدبي ، بدأ سنة 1987، وهو نصف شهري ، يعقد مساء الأربعاء الأول والثالث في العاشرة مساء ، وقد يمتد إلى الثانية صباحًا ، ومن أهم أهدافه المعلنة هدفان : الأول : تحقيق التنوير بمفهومه الأصيل السديد الذي يسترفد الماضي والحاضر . الثاني : الاعتماد على التجريب الداخلي ، وإشباع الأنواع الأدبية والثقافية المظلومة التي لا تنال من الآخرين كثيرًا من الاهتمام .ويستضيف الصالون في الأمسية علمًا من أعلام الشعر أو الأدب والنقد أو الثقافة السياسية أو الاقتصادية أو العلمية التجريبية متحدثًا عن مشوارهوتجاربه في حياته ومع تخصصه
ومن الموضوعات التي عالجها الصالون : مكان الشعر في مجتمعات التقنية ـ الحداثة وما بعد الحداثة ـ الصحافة الحزبية ـ الدراما التلفازية ـ العولمة ـ الاستنساخ . وأحيانًا يقدم في الصالون لوحات تشكيلية ، ومعزوفات موسيقية ، ومشاهد تمثيلية .
، والسبب الاهم فى استمرار هذه الصالونات هى :
رغبة مجموعة من المثقفين ذوي الاهتمامات الخاصة في التعبير عن اهتماماتهم وميولهم واتجاهاتهم الفكرية أو السياسية أو العلمية، ، وعدم قدرة المؤسسات الثقافية الحكومية على توفير منابر حرة للحوار والنقاش وتبادل الآراء، ورغبة بعض المثقفين والوجهاء والشخصيات العلمية ورجال الأعمال التعبير عن المكانة أو الوجاهة الاجتماعية، وعدم توافر نوادي اجتماعية مما أدى إلى تحول بعض الصالونات الثقافية مع الزمن إلى نادي اجتماعي نخبوي يضم مجموعة من الأصدقاء.
ومن هذه الصالونات :

صالون الدكتور وسيم السيسي، صاحب «صالون المعادي الثقافي»، الذي أسسه عام 1990، وهو طبيب وباحث في علم المصريات، يقول عن تجربته: «جاءت فكرة تأسيس الصالون بعد قراءات كثيرة عن الصالونات الثقافية التي كانت موجودة في مصر خلال فترة الثلاثينات؛ لذا قررت إنشاء صالون في منزلي ينظَّم الجمعة الأخير من كل شهر بهدف تبادل الآراء والمناقشات حول المواضيع المختلفة. وكان التركيز في البداية على القضايا التاريخية والقضايا العلمية والأدبية، بعيدا عن الدين والسياسة، غير أننا اضطررنا مؤخرا لتناول بعض مسائل السياسة، خاصة بعد ثورة (25 يناير) وما تبعها من أحداث سياسية قوية. واليوم نتطرق لمواضيع السياسة، لكن ليس بشكل مباشر؛ لأننا ما زلنا في مرحلة نحتاج فيها إلى إعادة النظر في احترام آراء الآخرين بشكل جيد».

صالون أحمد المسلمانى الثقافى والذى بدأه فى منزله فى العام 2006وكان يعقد اسبوعيا ،
استضاف صالون أحمد المسلمانى الثقافى عددا من الشخصيات البارزة فى مجالات مختلفة
لعالم المصرى د. رشدى سعيد- الأديب الاستاذ جمال الغيطانى ، الأديب الدكتور علاء الاسوانى
الأديب الاستاذ يوسف القعيد
الكاتب الاستاذ وحيد حامدالكاتب الاستاذ أسامة أنور عكاشة وغيرهم ...)
ويعتبر صالون الدكتور عبد المنعم تليمة، أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة، من أشهر صالونات القاهرة الثقافية وأقدمها، ويطلق عليه اسم «صالون الخميس.
وعلى الرغم من استمرار هذه الصالونات حتى الان وإن اخذت تخبو ويقل رونقها واهميتها نظرا لانتشار وسائل التواصل الاجتماعى حيث تحول الفضاء الاليكترونى إلى صالون كبير يتواصل فيه كل فئات المجتمع كل منهم حسب اهتمامه ورغباته ، ومع ذلك انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى وتكررت لفظة الصالون الادبى بكثرة فى الاونة الاخيرة ولكن بالنظر إلى واقع هذه الصالونات والتى تكون غالبا شهرية فإنها عبارة عن لقاءات شعرية يحضرها مجموعة من الشعراء هم أنفسهم الذين يلتقون على الساحة الاليكترونية ، وتتكرر لقاءاتهم فى العديد من الاماكن يلقون بابياتهم التى قد تلقى بعض الاهتمام وينتهى اللقاء ودمتم ، وفى بعضها يتم مناقشة بعض الاصدارات التى يدعوا لها اصحابها دون ترتيب او اعداد يليق بالكاتب او الضيوف .
فإن انتشار وسائل التواصل سلاح ذو حدين يظهر فيه الغث والسمين جنبا إلى جنب ، وانتهت ظاهرة الصالونات التى تقامعلى اصول الضيافة وحسن الاستماع والتلقى وإثراء الحركة الادبية خاصة مع تدهور حال المؤسسات الثقافية نتيجة للحراك السياسى والإقتصادى وقصور الفكر والابداع على فئة معينة وارتباطها ببعض الجوائز التى تقّيم المبدع من غيره ، وعدم الاهتمام بالمواهب الشابة وتدعيمها ، وهو ما يؤسس لفكرة عدم قبول الرأى الاخر والحوار الجاد الذى ينتج حراكا ثقافيا وأدبيا مفيدا للمجتمع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز


.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن




.. هنا تم دفن الفنان الراحل صلاح السعدني


.. اللحظات الاولي لوصول جثمان الفنان صلاح السعدني




.. خروج جثمان الفنان صلاح السعدني من مسجد الشرطة بالشيخ زايد