الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جنون العظمة آفة العصر

صلاح شعير

2017 / 1 / 18
الادب والفن


آفة هذا العصر تتمثل في استشراء ظاهرة جنون العظمة، أو البارانويا وهي مرض نفسي خطير يصيب بعض الناس، كما هو الحال في بعض الأمراض العقلية. ويسود فيها وهم الاعتقاد، فيدعي الإنسان أنه يمتلك قوة خارقة، أواستثنائية، أو مواهب مميزة، كما أن الثراء بات يلعب دورًار مؤثرًا في استفحال هذه الظاهرة، وخاصة لدى الذين كونوا ثرواتهم عن طريق الفساد، فمثل هؤلاء يعتقدون أنهم فوق البشر، ويزنون الناس بالنقود دون أدني اعتبار للأخلاق الحميد ة أو العلم.

ويبدو كلام المريض بهذا الداء منطقيا، فالبارانويا عبارة عن اعتقاد جازم بفكرة خاطئة، وهي حالة نفسيّة مرضيّة يملك المصاب بها جهازاً عقائدياً معقّداً، وتفصيلياً يتمركز حول أوهام تقنعه بأنه مضّطهد من قبل الآخرين وبأنّ السبب الرئيسي لاضطهاده من قبلهم هو كونه شخص عظيم ومهمّ للغاية.

وتنتاب المريض حالة من الاشتباه والشك في كل من حوله، انطلاقا من أنه أفضل من الآخرين، ومريض البارانويا لا يعرف السماح أو الغفران، ودائما في موقف دفاعي ردا على انتقادات محتملة، ومشغول بخفايا البشر ونواياهم، كما أنه عنيد ويشعر بالاعتزاز غير المبرر والمبالغ فيه لنفسه.
وينشأ هذا المرض جرّاء الصدمات، أو مواقف الفشل، أو تقمص الشخصيات الآخري، أوتعلم بعض السلوكيات الخاطئة، كما أن اللافت للنظر أن التفوق أحيانا قد يكون من أسباب هذا المرض الخطير.

ومن الشرائح التي يصاب بعض أفرادها بهذا الداء بعض الصحفيين، والإعلاميين، والفنانين، والأدباء، والشعراء؛ لأنهم يخلطون بين احترام المجتمع لفكرة التنوير، وبين أنفسهم كأشخاص، ويسقطون هذا التقدير على أنفسهم، في حين أن لب هذا التقدير مشتق من أعلاء قيمة الثقافة.

بيد أن الطامة الكبرى هي استشراء هذا الداء في بعض المحافل العلمية، وخاصة لدى بعض أساتذة الجامعات، وبما ينعكس بالسلب علي مجتمع التعليم، وتحضرني واقعة لأحد مدرسي اللغة العربية، وقد ألتحق بقسم الدراسات العليا بإحدي الجامعات الإقليمية بعد أن تجاوز سن الخامسة والخمسين، ورغم أنه لن يستفيد ماديًا، ولا عمليا بهذه الدراسة، ولكن حبه للمعرفة دفعه إلى خوض غمار هذه التجربة، وكان خطئه القاتل أنه أعترض علي أداء الدكتور لكونه لا يلتزم بمواعيد المحاضرات، وأذا حضر يطلب من الدارسين القراءة من كتابه المهلل طوال المحاضرة، أو يتكلم عن نفسه، فقال الزميل للدكتور: "لدي عندك موجدة" فرد الدكتور عليه: "معني ذلك أن هناك نقص عندي"، وغضب منه وانصرف، وتم معاقبة الزميل والتربص بخفض درجاته في أعمال السنة، وامتحان أخر العام مع سبق الأصرار والترصد، ومن ثم رسوبه، فترك الضحية الجامعة ناعيا مستقبل التعليم في مصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا