الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعبو قراطية ... ام الشعبوية

يعقوب يوسف
كاتب مستقل

(Yaqoob Yuosuf)

2017 / 1 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


الشعبوقراطية .....ام الشعبوية
منذ ان بدأ الاوربيين يتهجسون من حملة الهجرة الواسعة غير المنظمة أطلق بعض السياسيين مفهوم جديد للإستهزاء من المعترضين على هذا الشكل الجديد من الهجرة واسموه الشعبوية احتقارا لهم.
وكلمة شعبوي لغويا تصغير لكلمة شعبي أي يفترض ان هؤلاء المقصودين بها يمثلون نسبة صغيرة او فئة اجتماعية شاذة عن القاعدة.
والشعبوية هو اسلوب لمخاطبة العواطف لكسب تأييد الجماهير لافكارهم بطريقة حماسية تعطيهم مصداقية وشرعية تخدم مصالحهم بعيدا عن الاقناع بالادلة والتفكيرالعقلاني، ومثل هذه الأمور لا يمكنها ان تنجح إلا في المجتمعات المتخلفة والمنغرسة فيها الأفكار الطائفية والعنصرية والتي تدغدغ بها الأنظمة الشمولية والاستبدادية مشاعر الجماهير من اجل احكام قبضتها على الدولة ومواردها ومقدراتها لتحقيق مآربها، فهل يمكن تطبيقها على المجتمعات الغربية؟
ومن أكبر النتائج الكارثية للشعبوية هو قدرتها على اقناع عدد كبير من الشعب وغالبا ما يشكلون الأكثرية للقبول بالسلطة المطلقة للفرد أو لمجموعة من الزعماء.
وللأسف ان العديد من هؤلاء يسكنون في أوروبا ويعلمون جيدا ان في هذه البلدان (حرية الرأي والرأي الاخر) مما يدل على ان هؤلاء يعيشون في أوروبا ويعملون لأغراض بعيدة عن هذه الأرض او لان عقولهم وافكارهم لازالت في مواقع أخرى.
لم نتعود عن الغرب استخدام الفاظ عنيفة في نعت المخالفين في المبادئ ويقال ان أكبر شتيمة في الغرب هي عندما تصف عدوك (سكسوني).
.
الغرب من طبيعته المهنية سبق له ان استخدم لغة اليمين واليسار في تقسيم المجتمعات السياسية ويعود أصل هذه التسمية الى عام 1789 ابان الثورة الفرنسية حيث كان أنصار الملكية والارستقراطيين يجلسون في البرلمان الفرنسي الى اليمين والمعارضين والمتحررين في الطرف الاخر.
اما في التقسيمات الاجتماعية فيدعي أنصار اليمين ان المجتمع عبارة عن طبقات فيها الأغنياء والفقراء وان هذا واقع الحال حيث ان المجتهدين والاذكياء يستطيعون ان يكونوا اغنياء اما محدودي الذكاء فيتحولون الى فقراء ولربما يحفز هذا الحال الفقراء الى بذل الجهد والابداع للوصول الى الثروة وهكذا اطلق عليهم أيضا بالمحافظين، فيما يعتقد المعارضون ان الثراء يتكون من المكاسب التي يحصل عليها الاغنياء نتيجة وجودهم في السلطة وهيمنتهم على مصادر الثروة اضافة الى استغلالهم الفقراء وابتزاز جهودهم واطلق أيضا على هؤلاء بالاشتراكيين او الاجتماعيين، وذهب البعض الى التوسع في هذه التقسيمات فاطلقوا على المتعصبين بالمتطرفين او المتشددين في كل من هذه المسميات الرئيسية، وقد حصلت على هذه المسميات عدة تغييرات فمثلا وضع هتلر في اقصى اليمين مع انه كان يمثل الاشتراكية الوطنية وهو من وَجه لصنع سيارة الشعب ( فولكس فاكن)، ربما كان لموقفة السلبي في دعم قوات الجنرال فرانكو ضد الثورة في اسبانيا في منتصف الثلاثينات او الى جرائمه الدموية والتخريبية مجتمعة.
.
نسي هؤلاء السياسيين والمحللين انهم الصقوا مفهوم الشعبوية على مجتمعات متحضرة مثقفة يطالعون كل شيء ويتعرفون على كل شئ من الصغر وان أي انسان يزور اوربا كلها ويسير في طرقاتها او يتنقل في وسائل النقل المختلفة يجد العديد من المواطنين من مختلف الاعمار بيدهم الكتب او الصحف والمجلات مستغلين هذه الأوقات في القراءة وهم جالسين على مساطب الاستراحة في الطرقات او في مقاعد وسائل النقل،
وايضا من الاجحاف القول انهم ليسوا عاطفيين فالعاطفة صفة إنسانية والدليل الاستقبال الحافل وبالاحضان لجحافل اللاجئين ، والمواقف الخلاقة لجماعات المنقذين في البحر واللذين يخاطرون بحياتهم وباموالهم واحياننا بقرارات شخصية بدون موافقات رسمية وبدعم جماهيرى واسع، إضافة لما تقوم به الجمعيات الإنسانية في اماكن العالم المضطربة.
وبالتالي فان نظرتهم الى المهاجرين سلبية كانت ام إيجابية مبنية على نظرتهم الخاصة للأحداث لكنها لا تنحدر الى المستوى الطائفي او العنصري وبالتالي فمن السخرية وصفهم بالشعبوية، ومن الطبيعي ان يكون لكل قاعدة شواذ، ولكن نسبة الحالات الشاذة يجب ان تكون معدودة على ألاصابع .
.
من هذا المنطلق فإن جميع هؤلاء راهنوا على عدم انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوربي وقالوا ان أقلية من المواطنين الشعبويين هم اللذين سيصوتون للخروج من الاتحاد الأوربي وكان العكس ولو بنسبة ضئيلة ولو قلنا انها النصف فهل نسبة تمثل نصف المجتمع يطلق عليها شعبوية؟
وفي أمريكا كانت الاحداث والنتيجة مشابهة تماما وحيث يحتفل الأمريكيين هذه الأيام بتنصيب الرئيس المثير للجدل، والسؤال هل من يمثل نصف الشعب هو شعبوي؟
بالمناسبة ان كلمة ترمب الالماني الأصل (Trumpf) معناها (ورقة رابحة)
وفي انتخابات اليمين الوسط الجبهة الديغولية الفرنسي لاحظا التغير الواضح في السياسة اليمينية عندما قال الفائز للترشيح للرئاسة فرانسوا افيون يجب ان نضع الاحداث في مسمياتها الحقيقية، هنا لا يستطيعون اعتباره شعبويا لان هناك ماري لوبين زعيمة حزب الجبهة الوطنية في أي مسمى سيضعونها؟
قبل أقل من شهرين خسر اليمين النمساوي (الشعبويين) في الانتخابات (ولكن) بفارق قليل.
وحديثا حتى رئاسة الاتحاد الأوربي استلمها اليمين الإيطالي المصنف مع الشعبويين.
كل ذلك حصل ويحصل من خلال
صناديق الاقتراع
وليس بالدبابة
.
والسؤال الأهم هو هل قمنا (بدراسة وتحليل) لماذا يحصل هذا التغيير الجذري في العالم؟ بدل الصاق المسميات عليهم دون جدوى كمن يضع رأسه في التراب، فيما القطار منطلق بلا توقف!
اذن هل هذا شعبوي
ام
شعبوقراطي
وأيضا وهو السؤال الأهم :
من هو الشعبوي
ومن الذي يلعب لعبة الاسقاط مستغلا هذا الكم الهائل من الإعلاميين ووسائل الاعلام المتنوعة، اليس الشعبويين الحقيقيين اللذين يحتقرون ويهمشون أبناء شعبهم وحتى أبناء دينهم، أليست بلدانهم أولى بالمهاجرين بدل ان يقطعوا طرقا طويلة محفوفة بالكوارث ودافعين مبالغ طائلة للوصول الى اوربا، اما قصص معاملة من وصل منهم الى البلاد القريبة فلا حاجة الى تكرارها.
ولا ننسى حديث احد المهاجرين (الحمد لله لم يصل اجدادنا الغزاة المسلمين الى اوربا وإلا أين كنا سنذهب اليوم)
.
ونعود الى مبدا اليمين واليسار من جديد:
بدأت فكرة المهاجرين الحديثة بعد التوسع الاستعماري الأوربي في العالم وخاصة بعد اكتشاف القارات الجديدة في العالم حيث استغل الرأسماليون العبيد لاستثمار الأراضي الجديدة المكتشفة، ثم بدأت الدول الاستعمارية بجلب أبناء المستعمرات بالقسر او بالترغيب للعمل في الخدمات العامة والمزارع والمصانع التي فرغت بسبب انشغال المستعمرين في الحروب والغزوات في الأملاك ألجديدة.
اذن الرأسمالية أو بعبارة أخرى أليمين وفق المعايير أعلاه هم من جاء بالمهاجرين، والان هم من يريد وضع الضوابط من دخولهم وتواجدهم وكأنهم الوحيدين على الساحة!
وحتى الموقف الالماني الجريء في استقبال المهاجرين كان من الزعيمة اليمينية انجيلا ميركل.
.
اذن اين دور اليسار الغربي، هل من المعقول ان نبخس دور اليسار التاريخي في قوانين الرعاية الاجتماعية وحماية حقوق المهاجرين ضمن حقوق العاملين والفقراء والمعدومين، بل وكان اليسار الأساس في جعل أوروبا أفضل بلدان العالم تقريبا في قوانين العمل والرعاية الاجتماعية وحقوق الانسان، ولقد كان الرعب من انتشار الشيوعية في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية دورا فاعلا لليسار في كل هذه الفعاليات الإنسانية.
إذن لماذا يقف اليوم اليسار الغربي عاجزا ومستسلما لا يعرف كيف يوازن بين حقوق الانسان المهاجر وبين حماية المصالح الوطنية.
وابسط قرار أراد الرئيس الفرنسي تمريره للبرلمان والخاص بسحب الجنسية الفرنسية لمن تم منحهم الجنسية وثبتت مشاركته في جرائم الإرهاب، أحدث هذا المشروع الانشقاق داخل اليسار ذاته وتم إفشاله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع