الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظام الانتخابات في العراق وتداول مواقع النفوذ

أحمد إبريهي علي

2017 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


نظام الانتخابات في العراق وتداول مواقع النفوذ
الدكتور احمد ابريهي علي
التمثيل السياسي للمواطنين وفئات المجتمع في الهيئات المنتخبة وإشغال المواقع القيادية في الحكومة وادارة اجهزة الدولة، او ما يمكن تسميته اجمالا مشكلة السلطة، هي المحور الاساسي للنزاع والرافد الرئيسي للعذاب وسفك الدماء في العراق. فعندما يراد تقييم نظام الانتخابات لتغييره او النظام السياسي باكمله لا بد من النظر في مدى فاعلية البديل للتخفيف من تلك المشكلة في كبح الاطماع في الهيمنة والنفوذ. وتهذيب التنافس على الدور والمكانة لفسح الجال اكثر فاكثر لذوي الاهتمام والاحساس بالمسؤولية تجاه الشان العام، من اجل الناس، والاسهام الجاد في عملية الارتقاء الحضاري الشامل للعراق. وذلك لتغيير الثقافة السائدة في النظر الى الدولة من منطق الغلبة والغنيمة الى انها مؤسسة يملكها المجتمع لتعمل بشروطه وبالاخلاص لمصالحه، وهو التوجه الذي طال انتظاره فمتى تتهيا له اسباب الامكانية ياترى.
وفي خضم الوضع الراهن وفي الامد المنظور يبقى السلم الاهلي هو الهدف الاول إلى جانب حماية حق الانسان في الامن والمساواة امام القانون، واداء الدولة لوظائفها الاعتيادية في تنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية بالحد الادنى من الكفاءة. وعندما تُهمل مبادرات الاصلاح الاداري والاقتصادي او تفشل، ويستمر الانقسام المجتمعي ، اثنيا ودينيا، على محور السلطة، يصبح من الضروري ، عمليا واخلاقيا، فسح المجال وبالوسائل الديمقراطية لاحداث تعديل كبير في تشكيلة المجموعة الحاكمة وشاغلي المواقع القيادية في اجهزة الدولة.
ويمكن لنظام الانتخابات ان يساعد كثيرا في ادخال عنصر ديناميكي في السياسة العراقية عبر تداول مقاعد المجلس النيابي ومجالس المحافظات، وشمول التمثيل واقعيا للسكان والمناطق على النطاق الجغرافي الصغير. ولخدمة الهدفين : الشمول والتداول في البيئة السياسية الراهنة نؤيد :
تصغير الوحدة الانتخابية لتكون معرّفة بمقعد واحد .
ويساعد هذا التحول على تعطيل الدافع الطائفي – الاثني في التنافس الانتخابي لأن التجانس، بهذا المعنى، متحقق على النطاق الجغرافي الصغير، فينصرف الناس الى المفاضلة بين المرشحين على اسس اخرى. وتتقلص او تنعدم فرص التزوير، وتنخفض تكاليف الانتخابات والتدقيق والدعاية وتصبح نتيجة الانتخابات معلومة في نفس اليوم، ودون الحاجة الى برامجيات حاسوب قد يصعب التاكد من اليات عملها بوضوح للجميع. ومن مزايا هذا التحول تقوية الصلة بين المواطنين ومن يمثلهم ويتعمق الاحساس بالمشاركة، لا سيما في الاحياء الفقيرة للمدن الكبيرة والارياف، والتي بحكم النظام الجديد، ستكون لها وحدات انتخابية خاصة بها. ومع هذا النظام يكون جميع اعضاء المجلس المنتخب قد وصلوا بالاصوات التي حصلوا عليها وليس باصوات المشاهير من اعضاء كتلهم. وعلى النطاق الجغرافي الصغير يستطيع الناخبون التأكد من المرشحين والمفاضلة بينهم وعلى اساس المعرفة المباشرة.
اما هدف التداول فيتطلب اعتماد قيد يغايرالمألوف وهو المدة القصوى لعضوية اي عراقي في المجالس المنتخبة بالاّ تتجاوز ثمان سنوات بمجموعها متصلة او منفصلة. اي مجموع سنوات عضوية المنتخب في مجالس المحافظات والنواب لا تزيد عن دورتين ، فالذي انتخب لدورة سابقة في مجلس المحافظة له المشاركة في دورة اخرى فقط في المجلس النيابي او مجلس المحافظة. وهذه المدة هي القصوى مدى الحياة، وليس من تاريخ صدور القانون الذي يعيّنها. ومن المتوقع الاعتراض على هذا القيد بدعوى انه يتنافى مع حق المواطن في الاختيار ويغاير الاعراف المحترمة في اغلب الدول. وارى ان هذا الاعتراض يتنكر لأسباب المشكلة السياسية ومنها ان المجتمع، تلقائيا، يعجز عن تغيير المجموعة الحاكمة عبر الانتخاب بل يكرّس الوضع القائم في حين ان التغيير ضروري عمليا. ولكي ينجح النظام الديمقراطي لا بد ان يضمن التداول، وعندما يفشل يعدّل اويقيد، لأن التداول جوهر الديمقراطية وهو من متطلبات التغيير وعندما لا يستطيع النظام اداء هذه الوظيفة يفتقد مقومات الاستدامة ناهيك عن الكفاءة.
وفي هذا السياق من الافضل رفع الحد الادنى لسن الترشيح لمجالس المحافظات والمجلس النيابي الى 40 سنة والحد الاعلى لسن الترشيح 60 سنة، ويؤدي هذا التقييد الى تخفيف حدة التدافع ويساعد على التهدئة. وكذلك تلغى الحصة المقررة للنساء ويترك الامر للناخب وما يرى، لأن اضافة الحصة النسائية مع تصغير النطاق الجغرافي للوحدة الانتخابية لا ينسجمان على المستوى الاجرائي.
ولكن لا معنى لضمان تداول مقاعد الهيئات المنتخبة وإبقاء مواقع القيادة في الحكومة واجهزة الدولة في منأى عن التداول. ان اشغال تلك المواقع من نفس الاشخاص والاحزاب مدة طويلة يعرّض الدولة والنظام السياسي لضغوط كبيرة وخاصة مع عدم التمكن من انجاز إصلاحات ملموسة في محاربة الفساد وتحسين الاداء الاداري والنهوض بالاقتصاد، ولذا نقترح:
تحديد مدة قصوى لخدمة الموظف في الدرجات الخاصة، المدير العام والمستشار ووكيل الوزارة ورئاسة الهيئات المستقلة، وجميع المناصب الموازية لهذة الدرجات في العرف الاداري والمزايا. وتلك المدة لا تزيد عن 12 سنة متصلة او منفصلة، وفي جميع تلك المواقع مدى الحياة ومن البداية الاولى للعمل في الدولة وليس من صدور القانون. ومثلا الشخص الذي شغل وظيفة مدير عام لمدة خمس سنوات لا يجوز له البقاء في وظيفة مستشار او وكيل وزارة لأكثر من سبع سنوات، ومن بقي مدير عام ثم وكيل وزارة بمدة مجموعها 12 سنة ليس له الاستمرار في وظائف الدرجات الخاصة ابدا.
ومن مزايا هذا القيد التجديد والحيوية في الادارة الحكومية وفي نفس الوقت يسمح باشراك اوساط اجتماعية جديدة لادارة الدولة فيخفف من دوافع المعارضة والتمرد. اما الوزارات ورئاسة الوزارة ورئاسة الجمهورية ونواب رؤساء الجمهورية ورئيس الوزراء فلا يجوز اشغال هذه المواقع بمجموعها لمدة تزيد على ثمان ستوات متصلة او منفصلة، فالذي اصبح وزيرا لمدة اربع سنوات له ان يستوزر او يعين رئيسا للوزراء او الجمهورية لأربع سنوات اخرى ولا غير.
بقيت مسالة مهمة وهي عدد اعضاء مجالس المحافظات ومجلس النواب، وهنا لا توجد قاعدة يمكن اشتقتقها من مبدا نظري بل هو اجتهاد حول كفاية العدد لاداء المهمات، مهمات التمثيل والتشريع والرقابة وسواها، ويكفي عدد اعضاء مجلس المحافظة بين سبعة وخمسة عشرلأصغر واكبر محافظة وما بينهما. ولمجلس النواب يكفي 120 نائبا، وتكون تلك الاعداد ثابتة باستقلال عن نمو السكان في المستقبل.
وعند اضافة هذه القيود يكون اغلب قادة السياسة في العراق خارج المجلس النيابي والحكومة ، وربما يعترضون، او ان قواعدهم الانتخابية لا تطمأن لخروجهم فتبادر هي بالاعتراض على التغيير. ومن بين الحجج ان الدستور لا يسمح بهذه القيود بينما قراءة نصوص الدستور لا تُلزم بعدم تقييد المدد الزمنية في مناصب الوزير وعضوية مجلس النواب ومجالس المحافظات والدرجات الخاصة.
ومع ذلك لا باس من استبدال المجلس الاتحادي الوارد في الدستور بمجلس اعيان، سواء بتبديل النص او فهم المضمون، وبعدد محدود من المقاعد تُشغل بالانتخاب وعلى اساس المنطقة الانتخابية الواحدة لكل العراق وبدون تقييد بمدة، اي يجوز للجميع الترشيح لاشغال تلك المقاعد بغض النظر عن خدماتهم السابقة في المجالس المنتخبة والحكومة. وعبر هذا الاجراء سوف يحتفظ المشاهير من كبار السياسيين بدورهم في الدولة. ولهذا المجلس، مجلس الاعيان، صلاحية الاعتراض على القوانين والقرارات التنفيذية ذات الاهمية الكبيرة، وايضا له ان يقترح تشريعات وسياسات.
ولتوسيع وتعميق التوجه نحو التداول من المفيد شمول الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والجمعيات المهنية بتدابير مناسبة منها:
لا تزيد مدة عضوية المجالس العليا لكافة الهيئات والتشكيلات المبينة آنفا عن 12 سنة متصلة او منفصلة. وان تعتمد جميع تلك الهيئات والتشكيلات وثائق واضحة تبين مبادئها واهدافها، وتصدر سنويا تقارير مالية توضح مصادر التمويل وابواب الانفاق. مع وجود سجلات تبين الاعضاء المنتظمين لتلك الهيئات والتشكيلات. وتستحدث لجنة خبراء مرتبطة بالمجلس النيابي لتطوير الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والجمعيات المهنية، وضمان اسهامها الايجابي في صيرورة المجتمع الجديد وبناء الدولة. د. احمد ابريهي علي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة