الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وزارة الدولة للهجرة والمصريين بالخارج بين الفصل والدمج

أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة

2017 / 1 / 22
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


وزارة الدولة للهجرة ورعاية المصريين بالخارج
أنشئت وزارة الدولة للهجرة ورعاية المصريين بالخارج لأول مرة عام 1981 وكان أول وزير لها هو الوزير ألبرت برسوم سلامة. وقد استمرت الوزارة حتى عام 1990 قبل ان تعاود الظهور مرة اخرى عام 2015. لفترة وجيزة حيث من المتوقع أن تعود مهامها مرة اخرى لوزارة القوى العاملة في التعديل الوزارى المرتقب. وقد توالى عليها عدة وزراء كلهم من الاقباط في وضع يبدو كأنه نوع من المحاصصة الطائفية.

ربما يعزى ذلك خلال الفترة الأولى من عمر الوزارة 1981-1990 إلى حقيقة أن الهدف من إنشاء الوزارة عام 1981 كان نوعا من محاولة الدولة المصرية احتواء اقباط المهجر بعد تغول التيار الإسلامي في الحياة المصرية في عهد الرئيس الراحل أنور السادات الذي انتهى باغتياله قبل شهور معدودة من إنشاء الوزارة، خاصة بعد فرضه الإقامة الجبرية على البابا شنودة في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون. إذن كان انشاء تلك الوزارة ، أو أن شئت الدقة ، استحداث منصب وزير الدولة أو الوزير من الدرجة الثانية، جزء من صفقة سياسية لاحتواء غضب الأقباط في الداخل والخارج.

ملف الهجرة تحت رعاية وزارة القوى العاملة
بعد إلغاء الوزارة عام 1990 تم ضم مهام الوزارة لفترة مؤقتة لوزارة الخارجية ثم تم ضمها بعد ذلك لوزارة القوى العاملة تحت مسمي "وزارة القوى العاملة والهجرة" بدلا من مسمى "وزارة القوى العاملة والتدريب" تحت مسمى "قطاع الهجرة ورعاية المصريين في الخارج.” في كنف وزارة القوي العاملة والهجرة زالت الصفة الطائفية للقطاع واستحدث العديد من الهياكل الإدارية والعمل مع الاتحادات والنوادي المصرية في كافة تجمعات المصريين في الخارج مع تمتع القطاع ببعض المزايا عن العاملين في ديوان عام وزارة القوى العاملة والهجرة. وربما شكل البعد المكاني للقطاع (مقره في المهندسين) عن الوزارة في (مدينة نصر) نوعا من التمايز حيث كان العاملون في القطاع يرفضون حتي قبل عودة الوزارة عام 2015 الإندماج التام في الوزارة على أمل الانفصال عنها كليا أو الانضمام لوزارة الخارجية. من ضمن الأحداث التي تؤكد ذلك قيام العاملين بالقطاع بوقفة احتجاجية أمام مكتب رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف للمطالبة بعودة الوزارة قبل أن يتولى الرئيس السيسي مقاليد السلطة في مصر. أذكر أيضا رفضهم الشديد دمج اختصاصات القطاع والإدارة المركزية للتشغيل الخارجي في كيان أكبر داخل الوزارة عام 2015 ضمن مشروع كان مخصصا للتدعيم المؤسسي لهجرة اليد العاملة.

كما ذكرنا سلفا، تطور العمل بشكل كبير في عمل القطاع خلال الفترة البينية واستطاع اجتذاب العديد من المشروعات الهامة منذ تولي السيدة عائشة عبد الهادي مقاليد الوزارة وانتهاءً بالدكتورة ناهد عشري التي كانت تتولى رئاسة قطاع الهجرة قبل توليها الوزارة. تمثلت تلك الإنجازات في تنفيذ مشروع نظام معلومات الهجرة المتكامل والحملة القومية حول الهجرة وإنشاء مركز لتدريب للراغبين في الهجرة وإنشاء قاعة فيديو كونفرنس للتواصل مع المصريين بالخارج وتدريب العاملين بالقطاع وعقد عدة مؤتمرات للمصريين بالخارج وتشكيل لجنة، شرفت بأن أكون أحد أعضائها، لإعداد قانون هجرة جديد ليحل محل القانون رقم 111 لعام 1983.

عودة الوزارة
في ظل تلك الإنجازات كانت إعادة إحياء الوزارة في سبتمبر 2015 مفاجئة، خاصة أن التشكيل الوزاري الذي أعاد إحياء الوزارة قد شهد، بدون إبداء الأسباب إلغاء وزارتين هاتين هما وزارتي السكان والتعليم الفني اللتان تمثل انعكاسا لمشكلتين مصريين هامتين هما الزيادة السكانية وتدني كفاءة التعليم والتدريب الفني في مصر.

بدت عودة الوزارة وكأنها ترضية أو مكافأة لبقايا الاتحادات والنوادي المصرية التي شدت الرحال للترحيب بالرئيس السيسي في زياراته الأوروبية خاصة في ألمانيا في يونيو 2015 قبل شهور قليلة من عودة الوزارة بعد مطالبتهم بإنشاء وزارة للمصريين بالخارج للتواصل معهم.

ربما كانت إعادة الوزارة نوعا من مداعبة مشاعر المصريين بالخارج وربما كانت أيضا نوعا من التدعيما للوبي المصري المناصر للدولة المصرية في أوروبا لمجابهة اللوبي الإخواني الممالئ لتوجهات الدولة المصرية، لكن الخطوة التي اتخذتها مصر لم تكن بالقدر الكافي من التخطيط حيث لم تحدد الدولة مهام الوزارة الجديدة ما ادي إلى التضارب الواضح في الاختصاصات بين الوزارة الوليدة ووزارة الخارجية، المسئول الأصيل عن رعاية المصريين بالخارج.

ساهم انتماء الوزيرة الجديدة لوزارة الخارجية قبل توليها مهام الوزارة في هذا التضارب بدلا من أن يكون عاملا مساعدا في انسيابية عمل الوزارة. تجلى هذا التخبط أيضا في تكليف رئيس الوزراء الوزيرة بالسفر للسودان لحل مشكلة طلاب الثانوية العامة المحتجزين في السودان في مارس 2016 وكذلك زيارتها لأسرة المصري الذي تم الاعتداء عليه في الكويت في مايو 2016. يمكن تقبل هذه التحركات لو كانت الوزيرة مازالت في منصبها السابق في وزارة الخارجية لكنها كوزير للهجرة كان عليها أن تهتم بملفات أخرى تمثل جوهر اهتمام الوزارة.

المهام المفترضة للوزارة
ربما يتساءل القارئ وما هي اهتمامات الوزارة الغائبة عن الدولة وعن الوزيرة؟ في البداية لابد من التأكيد على أن الهدف الرئيس الغائب عن تفكير المخطط المصري هو أن إنشاء وزارة منفصلة للهجرة يكون عادة لربط الجاليات المغتربة بالوطن الأم في سبيل توطيد العلاقة بين الهجرة والتمية من خلال ثلاثة محاور رئيسية هي:
1. زيادة وتسهيل وتوظيف التحويلات في دفع جهود التنمية في الوطن الأم.
2. الاستفادة من الكفاءات المغتربة بالخارج.
3. دعم سبل التعاون والتواصل التجاري والاقتصادي بين المغتربين والوطن الأم.

ليس من بين تلك المهام رعاية المواطنين بالخارج أو الحفاظ على حقوقهم حيث أن ذلك يندرج تحت مهام وزارة الخارجية كما سلف الذكر. أضف إلى ذلك عدم فهم الدولة لطبيعة الجاليات المصرية في مرحلة التحول الكبري التي تشهدها مصر.
لم تتبدى المهام الأصيلة لوزارة الهجرة إلا في الفترة الأخيرة من عمر الوزارة الوليدة من خلال مؤتمر محدود للعلماء المصريين في الخارج عقد في مدينة الغردقة في ديسمبر 2016 بالتعاون مع قناة فضائية خاصة.

المحصلة النهائية
على الرغم من إيماننا بأهمية وجود وزارة خاصة بالمصريين في الخارج يساهم فيها المصريون في الخارج في دفع جهود التنمية بالداخل إلا أن المحصلة النهاية لجهود الوزارة العائدة للنور ربما يخيب آمالنا في استمرار تلك الوزارة. في ظل غياب رؤية واضحة لمهام الوزارة منذ البداية كانت هناك فرصة سانحة لأن تقوم الوزيرة ذاتها بتحديد مهام تلك الوزارة في السياق الذي أوضحناه سابقا لكن يبدو أننا سوف نستمر في المعناة بسبب غياب الرؤية والتخبط المؤسسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير