الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجدران العالية

كمال تاجا

2017 / 1 / 22
الادب والفن


الجداران العالية

الجدران تسند بعضها بعضاً
وتشيد المظهر العام للصلابة
حتى لا ينهار
مشهد التماسك العام
للحي السكني
-
والجدران مغلقة بإحكام
على صرير أبوابها
والذي كان يستعير إنصاتنا
لدربكة المجهول
ويمد النظر
على تقلب أوجاع فزعنا
-
والنوافذ تتعربط بردفتيها
خائفة من هاجس
غير متوقع
أو لص
أو متلصص
أو مفتاح مندس
في أقفالها
-
وفي الجانب الآخر
سلسلة مفاتيح معلقة على الباب الخارجي
من الداخل
لإعطاء هذا المنزل المتوحش
في غابة
جدران متنافسة
على إغلاق وسد كل الأبواب
في وجه ضيف
أو شبح
أو عصفة ريح
-
حتى الدبيب يعرج
على عتبات الأبواب
ولا يتجاوزها قط
-
وأنا نسيت كل خطواتي في دروب
لم تصلني بسبل
وجمعت كل زلاتي
في محصلة فشل
ولدي من العثرات
ما يفضح قوائمي
وهي تهمد محطمة
وفي حالة عجز تام
-
ولم أرى ألحاظي منذ وقت طويل
جاحظة
وفي موقف دهشة
أو ارتطام بذهول عارض
-
ولم أسمع هسيس
يدوار بجوار
لفت انتباه
أو لسماع نحيب
يدعو إلى التأثر
-
صوتي يهمس في مكان
لا أدركه
وأنا أخرس في كل الأوقات
والزمن صنج هائل
يقرع هنيهات فل ضبطها للوقت
ويدحر دقائق صعبة
والطنين ساكن رأس المعابر
والأيام تعرج على دروب
لم تطأها
مثل تنفس
تطلع الحدقات
من العيون
ومشكلتي مع لفظ الأنفاس
الخارجة عن إرادتي
-
وأنا دون أن يضرب أحداً على يدي
امضي مسرعاً
كمصراع عيش
يصد كل أبواب
تلمس درب
العودة للحياة
-
ودون شائبة
لا أجيد ربط العلاقات
بحذائي
-
وأواجه معضلة أنني
لست أنا
ولا أعرف كيف أعيد تشكيل
هياكل لنفسي المحطمة
على المنافذ العامة
ولم أطلب مساعدة
أحد
بل أنا لا أعرف أحداً البتة
والكل في عجلة من أمرهم
حان حينهم
أو لم يتبقى لهم على قائمة نفاذ الزمن
من وقت يذكر
-
والأوضاع تتغير دائماً
دون أن نلاحظها
وتقدم إلينا واجبات الإفلاس
في أطباق خواء
وفي حالات يأس
كواقع مفترض
لصرف نظر
عن مدك بالزخم
والمسلوب منك
والذي تراه من بعيد
يهزأ من غفلتك
ولا يهمه أمرك
-
لا ليس هذا هو الجزء الصعب
من المشكلة
لأنك في هذا الخلاء
لا تقدم شيئاً
ولا تؤخر
وفقاً لما وصل إليه عجزك
من احباط
عن إنقاذ نفسك
-
وأن تكون مجرد
لا شيء يذكر
في حصيلة هذا الأذعان
لانكسارات الحطام
-
لأن هذا الخلل الميكانيكي
هذا العطب
ناتج عنك
ومرجوعه إليك
-
لا لم يتبق للجميع
الوقت الكافي للرحيل
حتى الرحيل سبقك
-
لا لسنا مؤهلين لأن نصبح شيئاً يذكر
ولا أنت
ولا الأخرين
بخير
وليس الممكن
بعد الآن
يتحصل
من فراغ
والكل معرض للسلب
-
بعدما تحولت حركة العبور
إلى حاضر
إلى مشكلة
إلى ورطة
إلى انزياح
على اجتياز طرقات حرجة
تمتد على المدى
-
قدمت نفسي للآخرين جميعاً
ولم يتعرف علي أحد
وأطلقوا عليّ أسماء عدة
دون أن يسألوني من أنت
-
وكنت أعتقد من أنني قدمت للشطط
أفضل العروض
على مسرح الخلو إلى نفسي
وشاهدت أجيالاً تتعاقب
ولم يلحظني أحد
ولم أحفظ عناوين ثابتة
عن امتداد أمد
ولا ليس لي أهل
ولا عائلة
ولا مربط فرس
-
أنا فقط هبطت من الفضاء
في عربة غفلة
من أمري
ولذلك لا أدرك
لماذا اتبادل الحديث
ولا أعرف
مع من
أتكلم

كمال تاجا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا