الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغالطات المنطقية (3): مغالطات الحجج منقطعة الصلة بالموضوع

رمسيس حنا

2017 / 1 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عرفنا أن هناك اربع مجالات تقع فيهم المغالطات المنطقية و هى 1- اللاعلاقية بين الحجة و الموضوع ، 2- مكون الجدلية أو الحجة المنطقية، 3- و غموض الكلمات، 4- و التركيز على المحذوف أو الغير مذكور. و قد تم تعريف المجال الأول من المغالطات المنطقية على أنه إنقطاع الصلة(أواللاعلاقية) بين الحجة و الموضوع؛ و هذا النوع يشمل عدة مغالطات كان أولها المغالطة الجينية المنافية للمنطق و العقلانية لأنها تعنى بنقد أو مساندة الشخص أو المكان الذى نشأت منه الحجة و ليست الحجة نفسها ؛ كذلك أشرنا الى الحجة أو الجدلية المسيئة أو الفاسدة (abusive argument) لإرتباطها بجماعة معينة؛ و أخيراً تناولنا الحجة أو الجدلية الظرفية (Circumstantial argument) و التى تعنى تأييد أو قبول أو رفض حجة أو جدلية ما فقط بسبب ظروف حياتية. و نواصل فى هذا المقال التعرف على مغالطتين منطقيتين فى الحجج منقطعة الصلة بالموضوع و هما مغالطة الإحتجاج (بإجماع أو إتفاق) جموع الناس على فكرة معينة و مغالطة "الركوب فى عربة السيرك" أو إتباع سياسة القطيع.

• الإحتجاج بإجماع أو إتفاق (جموع) الناس (Argumentum Ad Populum) أو (Argument to the People): و يعنى مغالطة اللجوء الى إتفاق الناس و إجماعهم على أمر ما لإثبات صحة و منطقية هذا الأمر أو حجة معينة. و إتفاق (أو إجماع) جموع الناس على أمر ما قد يتم خلال الأعتقاد الجمعى بفكرة ما دون دليل أو إثبات؛ و مثال ذلك إعتقاد االناس بالإجماع لزمن طويل فى أن الأرض هى مركز الكون و أن الشمس هى التى تدور حول الأرض. و كثير من الناس يعتقدون فى وجود كائنات فضائية و لكن لم يتم إكتشاف أى منها حتى الاَن. و لا يوجد ما يُسمى بالأبراج الفلكية التى يدعى المنجمون أنهم يعرفون المستقبل من خلالها فهى مجرد فرضية غير مثبتة. و معظم الناس فى أوربا و أمريكا يعتقدون أن حالة عدم الإستقرار النفسى و العقلى للإنسان لها علاقة بإكتمال القمر (البدر). و لونا (Luna) باللاتينية هى اَلهة القمر أو القمر نفسه و أُشتِقت منها الكلمة الإنجليزية (lunatic) و تعنى (مجنون). و فى كثير من الأحيان يتم إجماع الناس على فكرة معينة بإثارة مشاعر و حماس غالبية أو جموع العامة من الناس و ليس بناءاً على منطقية الحجة أو الجدلية؛ و ليس بناءاَ على توفر الأدلة و الإثباتات للفكرة نفسها أو للإعتقاد بعينه.

و الإحتجاج بإجماع و إتفاق جموع الناس يمكن أن يُستخدم كطريقة لمغازلة الروح الهمجية البربرية لجذب العامة لإرتكاب أبشع الجرائم و أكثرها همجية بدم بارد. و الإحتجاج بإجماع وإتفاق (جموع) الناس هو الوسيلة المفضلة لمثيرى الدهماء (demagogues) و لصناع الدعاية (propagandists) و للمعلنين (advertisers). و مثال ذلك إثارة الدهماء على سيدة عجوز فى قرية الكرم التابعة لمحافطة المنيا بمصر لمجرد إشاعة أن إبنها المسيحى تربطه علاقة حب مع سيدة مسلمة متزوجة وقام الدهماء بسحلها و تعريتها فى الشواع كما قاموا بحرق منزلها و تهجيرها من موطنها؛ و فى مصر يكفى أن تشير الى مبنى أو الى شخص فى الشارع و تصرخ: "وا أسلماه" لتجد أمة لا إله إلا الله تجتمع على المبنى و تحرقه أو تهدمه أو على الشخص و تقتله. و شيوخ الإسلام يعتمدون على هذه الطريقة لشحن الغوغاء كأداة تهديد لمن تسول له نفسه أن ينتقد منطقهم. و لا غرابة أن يكون هذا هو الإسلوب المتبع فى هجمات الغوغاء على محلات و منازل المسيحيين فى مصر و العراق و سوريا و ليبيا؛ كما أن هذا يفسر لماذا يتجمع الدهماء و يهدمون و يحرقون الكنائس فى مصر؛ (https://www.youtube.com/watch?v=9LxzClzNhsg). و بعد فض إعتصام الإخوان المسلمين فى ميدان رابعة العدوية الذى إستمر لمدة 48 (ثمان و أربعين) يوماً بداية من 28 يونيو حتى 14 أغسطس 2013 قام الغوغاء و جموع الدهماء بنهب و حرق و تدمير 38 (ثمان و ثلاثين) كنيسة و ديراً و 4 (أربعة) مقار لجمعيات أهلية قبطية ومكتبتين دينيتين و 4 (أربع) مدارس تابعة لكنائس أو جمعيات قبطية ومبنيين للخدمات ملحقين بكنائس وملجأ للأطفال تم اخلاءه قبل الهجوم بعدة أيام؛ كما تم نهب محال و متاجر و ممتلكات كثيرة للمسيحيين فى أنحاء متفرقة فى مصر؛ (http://www.baladnaelyoum.com/136943) و (https://www.youtube.com/watch?v=rcwQGgsVdL4).

و فى الإعلانات يلجأ المعلن الى مغالطة الإحتجاج بإجماع و إتفاق (جموع) الناس عندما يستخدم الإعلان هذه الحجية فيقول لك أن: "95% من الأسر المصرية تستخدم مسحوق التنظيف الفلانى". فيقوم متلقى الإعلان بشراء مسحوق النظافة الفلانى هذا ليس لأنه يحتوى على مركبات أو عناصر كيميائية تتفاعل مع عناصر الإتساخ و تحولها الى مواد أخرى سهلة الذوبان فى الماء يل هو يشترى المنتج لأنه يصدق أو يعتقد أن 95% من الأسر المصرية يستخدمون هذا المسحوق و هو يريد أن يكون واحداً من "جموع" الناس؛ و لم نر إعلان واحد لمسحوق غسيل يشرح تركيبته الكيميائية و كيفية تأثيره على إتساخ الملابس. و مثل هكذا عندما يدعو داعية أو مبشر شخصاً ما الى دين معين و تكون حجته أن هذا الدين أو تلك العقيدة صحيحة و لا يمكن أن تكون على خطأ لأن أكثر من مليارين من الناس فى جميع أنحاء العالم يؤمنون بهذه العقيدة أو يؤمنون بهذا الدين. و لقد أصل رسول الإسلام للإحتجاج بإجماع أو إتفاق (جموع) الناس فى حديث حسنه الألباني برواية الترمذي (2167) عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ االإسلام قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ ، وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ ). أى أن أمة محمد (المؤمنين) لا يجمعون إلا على شيئ صحيح و لا يجمعون على شيئ خطأ. و هذه مغالطة منطقية يراد منها الحشد وراء شيئ معين لغرض معين بغض النظر عن كون هذا الشيئ حق أو غير حق. و لقد إستطاع رجال الدين المسيحى (الرهبان) حشد الغوغاء على هيباشيا الفليسوفة و عالمة الرياضيات المصرية السكندرية فسحلوها فى شوارع الإسكندرية و قتلوها سنة 415 م و كان البابا كيرلس الأول هو بطريرك الإسكندرية للكرازة المرقسية فى ذلك الوقت فلم يدين أو يستنكر سلوك الرهبان.

و التفسير النفسى لإجماع الناس هو إحساس الشخص بالإنتماء الى الجانب الأقوى و الإحساس بالعزوة و المنعة لقاء إنتسابه لفكرة ما أو لفكر الجماعة بصفة عامة حتى و لو كانت على خطأ. فلو حللنا معظم إيمانات الأفراد فسوف نجد إن إتباعهم (إيماناتهم) بدين معين أو بفكرة معينة لا ينبع من قناعات منطقية عقلية سليمة و لا نتيجة أدلة أو إثباتات مادية بل هو نتيجة إحتياج نفسى للحماية و الأمان و التطلع للحصول على مكافئات إيماناته بعد الموت؛ و يكفى أن المحرمات و الممنوعات فى الحياة الدنيا سوف تصبح من المكافئات فى حياة الاَخرة. فمتع الأكل من أطاييب الطعام و متع السُكْر و متع الجماع و متع اللواط و الخمر و النساء و الولدان المخلدون و الطاقة الجنسية المتجددة و الأسرة المرفوعة و النمارق الموضوعة هى مكافئات المؤمنين فى حياة الاَخرة. و قد جاء فى سورة الواقعة من اَية 17 الى اَية 23 (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَ لا يُنزِفُونَ وَ فَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَ لَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ وَ حُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) و فى سورة الإنسان من اَية 15 الى اَية 19 (وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا. قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا. وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلا. عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا. وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا). و جاء فى سورة محمد اَية 15: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ)؛ و جاء فى سورة الغاشية من اَية 12 الى اَية 16 (بهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ.) و فى شرح و تفسير هذه الأياَت جاء فى كتاب الميزان فى تفسير القراَن أن: {قوله: "فيها عين جارية" المراد بالعين جنسها فقد عد تعالى فيها عيونا في كلامه كالسلسبيل و الشراب الطهور و غيرهما.و قوله: "فيها سرر مرفوعة" السرر جمع سرير و في ارتفاعها جلالة القاعد عليها، "و أكواب موضوعة" الأكواب جمع كوب و هو الإبريق لا خرطوم له و لا عروة يتخذ فيه الشراب "و نمارق مصفوفة" النمارق جمع نمرقة و هي الوسادة و كونها مصفوفة وضعها في المجلس بحيث يتصل بعضها ببعض على هيئة المجالس الفاخرة في الدنيا "و زرابي مبثوثة" الزرابي جمع زريبة مثلثة الزاي و هي البساط الفاخر و بثها بسطها للقعود عليها.} إنتهى الإقتباس من كتاب الميزان فى تفسير القراَن (تفسير سورة الغاشية) و أترك لكم التفكير لتحرى الحالة النفسية التى تعترى شخصية تعانى من الحرمان و تعيش على التمنى.

• إنتهاج "إسلوب عربة السيرك" (Bandwagon Approach) أو "إتباع سياسة القطيع": و هو أسلوب يُقصد به إستخدام الحجة أو الجدلية التى تقول: "كل واحد يعمل أو يفعل هذا" أو "كل واحد يؤمن بذلك" فإذا لم تفعل هذا أو لم تؤمن بذلك فسوف تكون شاذاً و نشازاً و سيلقى بك خارج العربة و تكون خارج السرب (مخالف للجماعة) و خروجك على السرب (مخالفتك للجماعة) يعنى سقوطك و ضياعك دون أن يمد أحد يد العون اليك. و هذا النوع من المغالطات يعتمد أساساً على ما أُصطلح على تسميته بإتباع سياسة القطيع؛ و الفرق بين مغالطة الإحتجاج بإجماع و إتفاق جموع الناس أو العامة و مغالطة إنتهاج عربة السيرك (سياسة القطيع) هو المقارنة التى تحدث بين أمرين أو بين عدة أمور. بمعنى أنك تقارن الحجج من حيث مجموع المؤيدين لها فيتحدد دليل صحة الجدلية بعدد الناس الذين يساندونها. فمغالطة الإحتجاج بجموع الناس فى إنتهاج عربة السيرك (سياسة القطيع) تؤكد على أن الحجة لابد أن تكون صحيحة، أو أن مسار الحدث الذى تم السلوك فيه لابد أن يكون هو الأحسن من أى حدث اَخر و أن الإجراء الذى تم إتخاذه هو الأفضل من بين الإجراءات الأخرى لأن معظم الناس (يؤمنون أو يعتقدون بحجية أو أفضلية) (أو بإختصار يفضلون) ذلك السلوك أو تلك الجدلية و مخالفة الجماعة تعنى تغريب المخالف و القذف به من "عربة السيرك". فعلى سبيل المثال لو قلنا أن 85% من الناس يشترون المنتج "B" و لا يشترون المنتج "A"؛ و بالتالى فإن المُنْتَج "B" هو الأفضل لأن كل اولئك الناس (85% الذين يشترون المنتج B) لا يمكن أن يكونوا على خطأ؛ و من ثم فـــ"أنا" سوف أشترى المنتج "B" لإشباع حاجتى الى الإنتماء لهذه الجماعة.

غير أن القبول الشعبى لأى حجة لا يدل و لا يثبت أن هذه الحجة صالحة أو منطقية، كما أن الإستخدام الشعبى لأى منتج لا يثبت بالضرورة أنه أفضل مُنْتَج. فعلى أية حال فإن أكثر من 85% من الناس كانوا يعتقدون أن كوكب الأرض مسطح أو منبسط؛ و لكن إعتقاد هذه الغالبية الكاسحة لم يعن بالضرورة أن كوكب الأرض فعلاً منبسط أو مسطح. و ما زال مشايخ الدين فى السعودية ينكرون كروية الأرض بناءاً على تفسير الشيوخ للاَية السادسة من سورة الشمس: (وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا) و الاَية 30 من سورة النازعات: (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) وفى الواقع أنه بناءاً على تفسيرهم لكلمة (طَحَاها) يتمسكون بإنبساط كوكب الأرض. فبعضهم يقول أنها تعنى (بسطها) و بعضهم يفسرها على أنها (قسمها) و البعض يقول أنها تعنى (دَحَاهَا) و البعض الاَخر يقول أنها تعنى (ما خلق فيها)؛ و لكن يبدو أن هناك إجماع كبير على "بسط الأرض" و ذلك إستناداً الى الاَية 19 من سورة نوح: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا).

و عندما نتحدث عن علم طبيعى (أو فيزيقى) مذكور فى نص ما فالنص إما أن يكون منشئاً أو كاشفاً أو مقراً أو مطبقاً للعلم الذى به. و النصوص الدينية لا تنشئ ولا تكشف و لا تطبق علماً فيزيقياً و لكن يمكنها أن تقره. و الدليل على ذلك إختلاف المفسرين و الشراح و الشيوخ لمعنى كلمة واحدة حتى تفتق أخيراً ذهن بعضهم بقوله نصاً على أن: ("دحاها" تأتى من "الدحو" "و كان قُدامى المصريين يقولون أن "الدحو" معناها "التكوير" لأن "الدحية" فى بعض اللهجات العامية العربية تعنى "البيضة" و فى اللغة العربية "ندح النعامة" هو موضع بيضها" و لكن "الدحو" فى اللغة هو المد و البسط و الإبقاء) إنتهى الإقتباس من كلام الشيخ (https://www.youtube.com/watch?v=lBxz3hmUPTo). و الواقع أن الشيخ اوقع مستمعيه فى بؤرة صغر النفس و إحساسهم بالغباء لو كشف أحدهم عن عدم فهم ما يقوله الشيخ بمحاولته إثبات كروية الأرض من الاَيات القراَنية بإستعراضه تداخل التفسيرات لثلاث كلمات هى "طح" و ""دح" و "ندح". و لكن بحسبة بسيطة لمدة (زمن) مقطع الفديو هذا فسوف نرى أن الموضوع الأساسى للمقطع هو الإعجاز العلمى القراَنى لإثبات كروية كوكب الأرض بأيات من نصوصه و لكن الشيخ أدخلنا فى مسائل فرعية لا ترتقى الى مستوى وحدة الموضوع. فمقطع الفديو مدته 10 دقائق و 7 ثوان إستغرق منهم الرجل حوالى ثلاث دقائق فى البسملة و التعوذة و الصلعمة و التشكرة للهيئة العامة للكتاب لدعوته و لأخيه (؟) لثقته و حسن الظن به، و إعتراف الرجل بالمأزق الذى تمر به الأمة الإسلامية و تأخرها عن ركب التقدم و الحضارة البشرية فى جميع مناحى الحياة و لا سيما "العلوم" و "أن المخرج من هذا المأذق هو أصل الدعوة الى الله"؛ و الرجل يعزو تخلف الأمة بسبب التقصير "فى التبليغ عن الله و رسوله" و تركها للأمم الأخرى "لكى تتوه فى متاهات الحياة فتضل ضلالاً بعيداً و تخلفنا فى مجالات العلوم التقنية فسبقتنا هذه الدول و نحن نعلم أن الجهاد ما فُرض إلا لإقامة عدل الله فى الأرض حتى لا تبقى القوة المادية بأيدى أعداء الله فيبطشون بالبشرية كما يبطشون فى أيامنا هذه" ... ثم يواصل الرجل: "لقد سقط من أيدينا كل سلاح نستطيع أن ندافع به عن أنفسنا و عن مصالحنا و عن أعراضنا و عن كرامتنا و بقى بيدنا سلاح من أمضى الأسلحة لو أحسنا توظيفه لفتح الله تعالى علينا الدنيا بـ"؟؟؟" هذا السلاح هو سلاح التبليغ عن الله و رسوله ... الخ" ثم أشار الرجل الى الاَيات الكونية التى تدل على عظمة الله و أبداعه فى خلق الكون و مقدرة الله على إفناء الكون و إعادة خلقه ثم تكلم عن قضية البعث ثم يُقْسم الرجل بإيمان مُغلظة على أنه "ما عرضنا اَية من هذه الاَيات على نفر من غير المسلمين من العلماء المتخصصين إلا و هزتهم من الأعماق ..." ثم أسهب الرجل فى الحديث عن تكفل الله بجمع القراَن و حفظه و قراَنه و ذكر الاَيات من 16 الى 18 من سورة القيامة: " لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ. فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ." حتى الدقيقة 07. 7 (السابعة و سبع ثوان) يبدأ الرجل فى الحديث عن كروية الأرض.

و عندما بدأ الرجل فى الدخول فى الموضوع الأساسى "إثبات كروية كوكب الأرض" كانت المتابعة الفكرية للمتلقى قد ثُبتت على ثلاثة أمور (المأزق و سببه و كيفية الخروج منه). و ربما يكون المستمع قد تفهم المأزق لأنه يعيشه كل يوم و بالتأكيد فإن المستمع لا يجد رابطة بين المأزق و السبب و بالتالى فإن كيفية الحل التى عرضها الشيخ هى إنتفاء السببية التى أقرها بنفسه. و يمكن إعادة صياغة الموقف منطقياً على أنه "المشكلة و أسبابها و حلها"؛ و المشكلة هى التخلف فى جميع مناحى الحياة و السبب هو عدم التبليغ عن الله و رسوله و الحل هو التبليغ عن الله و رسوله.

و من السهل ملاحظة أن الشيخ قد أدخل المتلقى فى متاهة المغالطات المنطقية التى يعجز المتلقى عن تتبعها من بداية حديثه. فالرجل بدأ بتفسير " طَحَاهَا " ثم أنتقل بعد ذلك الى تفسير " دَحَاهَا " و لم يعرفنا الشيخ على من من قدامى المصريين قد قال بأن "الدحو معناها التكوير" فهل "الدحو" كلمة مصرية (فرعونية أم هيروغليفية أم ديموطيقية أم قبطية أم عربية"؟؟ ثم إنتقل الشيخ فجأة الى "ندح النعامة" الذى هو مكان وضع بيضها و طبعاً هناك فرق كبير بين "طح" و "دح" و "ندح" و لكن الشيخ إستغل إشتراك الكلمات فى الصوت الأخير "ح" و تشابه الأصوات الأولى للكلمات الدال "د" ، و الضاد "ض" ، و النون و الدال "ن/د" لكى يخرج من الموضوع الأساسى و هو "كروية كوكب الأرض" ريثما ينساه المستمع فيدخل به الى تفسير كلمات لا تمت للـ"كروية" بأى صلة و المتلقى يسمع و هو فى حالة إطمئنان و إسترخاء فى الوضع الذى لا يسمح له بالتفكير فيما يسمع لأن المستمع متحيز و لا يريد أحداً أن ينزل تماثيله من على قواعدها؛ فهو يريد من يلمعها له إن لم يستطع هو أن يلمعها بنفسه؛ كما يعترى المستمع المتحيز شعور بصغر النفس عندما تشعب الشيخ فى شرح معانى الكلمات كنوع من إستعراض القوة و حتى يُشعر المتلقى بالضعف العام بعد إن أرهقه بالمقدمات الطويلة الخارجة عن الموضوع و هى أحد الأساليب التى ينتهجها الشيوخ لإضفاء نوع من القوة و المرجعية على أنفسهم و على حججهم. https://books.google.com/books?id=R2RLCwAAQBAJ&pg=PT258&lpg=PT258&dq=%D9%86%D8%AF%D8%AD+%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9&source=bl&ots=JcPQwMkmVa&sig=XBDFcOKpIFwiIQxW8LSUGXc86MQ&hl=en&sa=X&ved=0ahUKEwilocbvycrQAhUD54MKHV_uCrMQ6AEIIzAB#v=onepage&q=%D8%AF%D8%AD&f=false و تجد فى هذا المصدر معانى "ندح" و "دح" (http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D9%86%D8%AF%D8%AD/). و تبدو المغالطة فى كلام الشيخ كأنها منطق صحيح عندما قال أن "الدحو" معناها "التكوير" و علل ذلك بقوله: " لأن "الدحية" فى بعض اللهجات العامية العربية تعنى "البيضة" و ربما بهذا يقصد الشيخ بعض المناطق فى صعيد مصر يُطلق على البيض "دحى" و أيضاً يُطلق عليه "كحريت" و لكن "الدَّحْيَةُ" بتشديد الدال و سكون الحاء فى قاموس المعانى تعنى (رئيس الجُند) أو تعنى (القِرْدة) (http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%AF%D8%AD%D9%8A%D8%A9/): و بالتالى يكون كلام أو تفسير الشيخ غير مطابق لِما جاؤ فى التفاسير الشهيرة أو لِما جاء فى القواميس، و بالتالى يكون كلامه عار من الصحة لأن "الدحو" فى القواميس أو التفاسير لا تعنى "التكوير".
دمتم بكل خير و سلام
رمسيس حنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل