الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعبية الرئيس

حمدى عبد العزيز

2017 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



توقفت مساء 20 يناير 2017 وأنا ابحث في القنوات الفضائية عند حديث بعض ضيوف الإعلامية لميس الحديدي وهم من المثقفين المصريين المهتمين بالشأن العام
لفت نظري حديث ما من بعضهم عن عدم تأثر شعبية الرئيس وثقة الناس به رغم مايعانون من مشاكل اقتصادية تتمثل في غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة

إحدي الأستاذات الفضليات من بين الضيوف لفتت نظر السيدة لميس وباقي المتحاورين وربما الجالسين أمام الشاشات أنها تتعامل بشكل يومي مع عامة الناس وأنها تلمس حجم التأييد للرئيس في حين أن هناك حالة من عدم الرضا عن أداء الحكومة وعلي حد قولها فعامة الناس الذين تقابلهم هي يرون أن الحكومة لاتساعد الرئيس

أتذكر أن حديثاً كان مماثلاً لهذا الحديث كان يدور أثناء الفترة الأولي والثانية من حكم المخلوع الأسبق حسني مبارك وهو حديث يتأسس علي افتراض أن هناك تميز لمؤسسة الرئاسة عن باقي أطراف الحكم

وغير خاف علي أحد أننا قد اكتوينا في اليسار المصري علي وجه التحديد بآثار ذلك الحديث الذي تبنته بعض كوادر اليسار المصري ولم نصل عبره إلا إلي التمزق والإنقسامات والمساهمة في تعمق أزمة اليسار وتقلص حجمه بعد أن كان في سبعينيات القرن الماضي هو قوة سياسية تملأ الأسماع والأبصار

ونسينا أننا في مصر وأنه مهما كانت الصلاحيات التي تنص عليها الدساتير لهذا أو ذاك فأن رئيس الجمهورية في مصر هو القابض الفعلي علي السلطة (فيما عدا بعض العوارض الإستثنائية المعروفة للجميع ) وأن الحكومات المصرية المتعاقبة (بما في ذلك حكومة شريف اسماعيل) لاتعدو كونها مجرد مكتب سكرتارية لرئيس الجمهورية تنفذ أوامره الميمونة وتوجيهاته المباركة

فضلاً عن أن الأمر الأهم هو أنه منذ تولي السادات حكم مصر في بداية السبعينيات وانفراده التام بها بعد ذلك تعبيراً عن إتمام سيطرة الرؤوس السياسية لتحالف طبقي تأسس من لصوص القطاع العام وأغنياء البيروقراطية وراضعي حليب مؤسسات الدولة وفلول شبه الإقطاع من كبار ملاك الأراضي الزراعية ومقاولي ومتعهدي تجارة الحروب وكبار المهربين وتجار المخدرات واسلامجية الحقبة النفطية الخليجية وكذلك غالبية موظفي المؤسسات المالية الدولية من المصريين

منذ هذه الحقبة وحتي تاريخه وقبضة هذا التحالف هي المهيمنة علي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية مع بعض التحورات وكذلك التناقضات الثانوية التي تحدث بين أطراف ذلك التحالف من آن لآخر والتي غالباً ماتسوي علي حساب غالب شرائح المجتمع المصري من فقراء الريف والمدن والأطراف ومتوسطي الحال ولم تزل الرؤوس السياسية للنظام السياسي في مصر غير بعيدة عن التعبير السياسي عن مكونات هذا التحالف وعن التحورات والتناقضات الثانوية التي تحدث داخله وتنقل كفة الثقل من هذا الجناح إلي ذاك عبر إدارة لأزمة النظام السياسي الممتد من حكم السادات وحتي تاريخه
وأن هذا هو مايحسم في النهاية انحيازات السلطة السياسية واختياراتها المعبر عنها في إدارة السياسات الإقتصادية وإدارة كافة ملفات الإدارة السياسية للدولة المصرية

فلنترك هذا جانباً ولنعد إلي موضوع شعبية الرئيس السيسي بعد مرور أكثر من العامين والنصف علي توليه رئاسة البلاد عبر استحقاق انتخابي رئاسي تم عبر صندوق انتخابات نال فيه السيد عبد الفتاح السيسي أغلبية كاسحة معبرة تعبيراً صحيحاً عن واقع الحال السياسي وقتها
ومع الإقرار مسبقاً أنه لاتوجد لدينا مؤسسات قياس رأي علمي تستطيع إعطاء مؤشرات أقرب إلي الصحة عن شعبية الرئيس وأن أجهزة الإعلام عندما تتحدث عن شعبية ما أو اتجاه رأي ما فهذا كله لايعني في الغالب عدا من رحم ربي إلا محاولة لتعويم اتجاه ما أو تغطية علي حالة من عدم الرضا عن موضوع ما

وفي ظني وهو من قبيل الإجتهاد والمعايشة الشخصية لتنوعات مختلفة من الشعب المصري يتعالي آنينها الإجتماعي ويتصاعد بوضوح لاتخطئه الأعين والأسماع هذه الأيام ؛ فإنني اعتقد أن هناك تناقص واضح لشعبية الرئيس نتيجة الإنحيازات الإجتماعية للسياسات الإقتصادية وما تودي له من تزايد معدلات الإفقار والبطالة وكذلك سوء إدارة العديد من الملفات الهامة والمصيرية وهو ماتحمله هذه التنوعات للرئيس شخصياً في ظل إدراك ثقافي راسخ في عقيدة الغالبية من المصريين مؤداها أن الرئيس دائماً هو الكلمة الفصل وهو المسئول عن صلاح أحوال الناس أو ترديها بناء علي تاريخ من التجارب بين المصريين وحكامهم المتعاقبين

لكن اللافت للنظر من وجهة نظري أن البعض يخلط - في قياسه هذا - بين مسألة الرضا عن الرئيس وبين نوع آخر من فقدان الثقة يتمثل في التحول الذي طرأ علي كثير من المصريين من موقف التأييد الجارف في الفترة التي تلت إسقاط سيطرة جناح التأسلم السياسي المعبر عنه بالاخوان المسلمين ومانجم عن ذلك من استحقاق رئاسي فاز به الرئيس عبد الفتاح السيسي في ظل عدم وجود منافسة جدية مع شعبية جارفة لايمكن انكارها تشكلت نتيجة دوره الحاسم في اسقاط سلطة الإخوان المسلمين وتحول الكثير من تلك الكتل الشعبية إلي اتجاه ممارسة القبول علي مضض خشية أن تدخل الدولة المصرية في امتحانات جديدة لاتؤمن نتائجها في ظل الإخفاقات التي تلت إندلاع يناير 2011 أو هبة يونيو 2013 وعدم تبلور جسم سياسي منظم ومعقول لقوي الشعب المناضلة من أجل أهدافه في العيش الكريم والتقدم والعدالة الإجتماعية يقدم المشروع السياسي لترجمة إرادة غالبية الشعب المصري في الانعتاق من أوضاعها المنضغطة ويحول دون تحول نضالات الشعب المصري إلي حصالة تفتحها وتستولي علي أرصدتها أكثر اجنحة التحالف الطبقي المهيمن تخلفاً تلك التي تعبر عنها وتمثلها سياسياً علي الأرض وفي بعض أروقة السلطة قوي التأسلم السياسي الممتدة في تنوعاتها من السلفية الوهابية حتي السلفية الجهادية

وهناك فارق كبير بين حالة القبول علي مضض التي أراها تصب في تيار تناقص شعبية الرئيس وبين مايفهمه البعض لذلك علي أنه التأييد والدعم الشعبي الذي لايزال علي حاله لرئيس الجمهورية المظلوم بحكومته علي حد قول هؤلاء الذين يحاولون التماس الأعذار له علي طول الخط مع مضي الكثير من وقت الإختبار الشعبي واقتراب نفاذه

حمدى عبد العزيز
21 يناير 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام