الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الطمع يقل ما جمع-: هؤلاء الشباب الانقياء، وحلمهم النبيل!

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2017 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية




"الطمع يقل ما جمع":
هؤلاء الشباب الانقياء، وحلمهم النبيل!




سعيد علام
القاهرة،الاربعا 25/1/2017



فى اعقاب اعلان نتائج انتخابات مجلس الشعب 2012 وحصول جماعة الاخوان المسلمين على نسبة 47،2%، شهدت مصر "النخبة"، نقاشاً واسعاً متعلقا ًبالبحث عن المصطلح "العلمى" الصحيح والدقيق الذى يمكن اطلاقه على كتلة الاخوان الفائزة فى تلك الانتخابات، منطلقاً هذا النقاش من ان وصف هذه كتلة بـ "الاغلبية" لن يكون علميا ولا دقيقاً، على اعتبار ان كتلة الاخوان لم تكن قد حصلت على نسبة اعلى من الـ 50% من اجمالى عدد اعضاء مجلس الشعب، وبعد جولات من النقاش "العلمى" الدقيق، الذى انبرى له جل قيادات الراى فى مصر، وصلوا الى الحل العبقرى لهذه المشكلة "العلمية" العويصة، فقد استقر رأى الفقهاء والمحللين الاستراتيجيين والسياسين والمفكرين من "الطليعة المفترضة" للشعب المصرى، توصلوا الى ان يتم اطلاق مصطلح "الاكثرية" وليس "الاغلبية" على كتلة الاخوان بمجلس الشعب!.

وبخلاف ان مصطلح "الاكثرية" هو مجرد مرادف لفظى لمصطلح "الاغلبية"، (1) الا انه وبعد مرور اكثر من ثلاثمائة عام على نشر مبدأ النسبية الذي وضعه جاليليو جاليلي في عام 1636م (2)، وبعد مرور اكثر من مائة عام على نظريتى "النسبية" (الخاصة والعامة) للعالم الاشهر "البرت اينشتاين" (1005م)(3)، والذى بناهما على مبدأ النسبية، كان من البديهى ان يكون بكل بساطة وسهولة، المصطلح الصحيح والعلمى، الذى يطلق على كتلة الاخوان بمجلس الشعب، مصطلح "الاغلبية النسبية"!، تميزاً له عن مصطلح "الاغلبية" (الاغلبية المطلقة)!.

ان ايراد هذا المثال، كان لمجرد الاشارة الى حالة الضعف والتشوش الفكرى، التى وصلت اليها "النخبة المصرية العتيقة"، هذه الحالة من الضعف والتشوش الفكرى، قابلها حالة من الضعف والتشوش التنظيمى، التى جعلت من فصيل مثل "الناصريون"، يترشح لهذه الانتخابات على قائمة جماعة الاخوان المسلميين، "عدوه التاريخى اللدود"!.

"التنظيم المستقل"، جريمة الجرائم!
ترسخ لدى تنظيم "الضباط الاحرار" منذ عام 52 من القرن الماضى، بعد نجاحه فى ازاحة النظام الملكى، قناعة عميقة بالأهمية الوجودية، للتحريم التام لاى شكل من اشكال التنظيم المستقل، فاذا كان لسلطة يوليو ان تتسامح مع اى جريمة، فانها لا يمكنها التسامح اطلاقاً مع "جريمة" تشكيل تنظيم مستقل. فلا تغيير جذرى لسلطة بدون تنظيم مستقل للقوى الساعية للتغيير، وما عجز سلطة يوليو، عن القضاء التام على تنظيم الاخوان المسلمين، يعود فى جانب اساسى منه، الى القوة التى يستمدها التنظيم المحلى من امتداداته الخارجية، المتجسدة فى التنظيم الدولى للاخوان.


لان "الطليعة المفترضة" للقوى الاجتماعية الراغبة وصاحبة المصلحة فى التغيير فى مصر، لم تستطع، على مدى عدة عقود، من تشكيل مثل هذا التنظيم/التنظيمات، التى بدونها يستحيل اى تغيير جذرى، فأن هذه القيادات غالباً ما تلجأ الى احد اشكال "الدفاعيات النفسية" للهروب من حقيقة عدم قدرتها على تأسيس تنظيماتها المستقلة القادرة على قيادة عملية التغيير، وذلك بالانشغال الشكلى بما سبق وان اسميته "هندسة التاريخ" ..
حيث كتبت عنه فى يوليو 213 تحت عنوان: "هندسة التاريخ " .. وسؤال : ماذا بعد سقوط الإخوان .. ؟! .. ان "الذى سيحكم مصر فعلياً، بعد سقوط الإخوان (السقوط المؤكد، اياً كان موعده)، هو من يملك " القوة المنظمة " ..
" القوة المنظمة " التى لم تحظ بالاهتمام الواجب حتى الآن (للأسف الشديد) من قبل من يتصدون من قيادات يناير، لرسم سيناريوهات، مستقبل السلطة فى مصر، ما بعد الإخوان ..!!
كل الاهتمام منصب على " هندسة التاريخ " .. !! .. التى يحكمها المنطق الشكلى المهتم بمدى " الوجاهة النظرية " لاقتراحات من قِبيل، من هو الأنسب لتولى السلطة خلال المرحلة الانتقالية .. هل هو رئيس المحكمة الدستورية .. ؟!! أم مجلس رئاسى .. ؟!! أم شخصية توافقية .. ؟!! .. الخ
من سيحكم مصر فعلياً، هو من يملك " القوة المنظمة " ..
بعد 25 يناير 2011، لم تكن هناك " قوة منظمة " تعبر عن الثورة، فحكَم المجلس العسكرى.. !!
بعد فترة المجلس العسكرى، لم تكن هناك " قوة منظمة " تعبر عن الثورة، فحكَم الإخوان المسلمون .. !!
بعد فترة الإخوان المسلمين، هل هناك " قوة منظمة " تعبر عن الثورة .. ؟!!
والسؤال الذى ستُحدد إجابته، مستقبل السلطة فى مصر، هو :
من يملك " القوة المنظمة " فى مصر الآن .. ؟!!
(7 يوليو 2013)(4)





"الطمع يقل ما جمع"!
فى البدء كانت الدعوة لمظاهرات 25 يناير 2011، للتنديد بالممارسات القمعية للشرطة، فى ذكرى عيدها، وقد تمت الدعوة بالاساس من خلال شكل "جنينى" من "التنظيم" عبر الفيس بوك، قادته صفحة "كلنا خالد سعيد" الذى اسسها الناشط، وائل غنيم الذى لم يكن ينتمى الى اى تنظيمات سياسية من قبل، وهو نفس حال معظم الناشطين الانقياء الذين عملوا بأخلاص ونشاط للحشد للمظاهرات، واللذين كان جلهم قد اكتسب بعض الخبرة والوعى من حركات احتجاجية سابقة مثل كفاية والجمعية الوطنية للتغيير و6 ابريل، كما كان بعضهم منتمياً لبعض الاحزاب الرسمية النظامية، والذين خرجوا عن طاعتها وشاركوا فى المظاهرات كافراد، بما فيهم بعضاً من شباب الاخوان المسلمين والسلفيين.
فيما عدا حزب الغد، المناوئ للرئاسة، الذى اعلن عن مشاركته بشكل علنى كحزب، بعد تجربته الناجحة فى انتخابات الرئاسية السابقة ..
وعلى الجانب الاخر، وفى الفترة السابقة على مظاهرات 25 يناير، فى البدء اعلنت جماعة الاخوان المسلمين، اكبر التنظيمات المصرية المعارضة، عن عدم مشاركتها فى المظاهرات، ثم ومع الضغط، اعلنت قبل ساعات من موعد التظاهرات، انها ستشارك بشكل رمزى!.

ان 25 يناير 2011 كانت دعوة لمظاهرات ضد الممارسات القمعية للشرطة، واقصى ما كان يحلم به منظموها، هو اجراء مبارك لبعض الاصلاحات السياسية والاجتماعية، الا ان عاملان رئيسيان قد حولا مسارها، الاول، تمثل فى الاستجابة الواسعة، والغير متوقعة، لقطاعات واسعة من الشعب للانضمام للمظاهرات، التى انطلقت فى عدة مدن مصرية، وفى نفس الوقت العناد المعروف عن مبارك،الذى ادى الى التأخر فى تقديم تنازلات ما، كعزل حبيب العادلى مثلا، اما العامل الثانى، فتمثل فى ضعف، بل وشبه انعدام للخبرة، لدى الشباب الانقياء اللذين دعوا لهذه المظاهرات، والذى كان من المفترض ان يتم تعويض هذا النقص فى الخبرة، من خلال الخبرة المتراكمة لدى "الطليعة المفترضة" للقوى الاجتماعية الراغبة فى التغيير فى مصر.

ان الانتهازية الفجة للعديد من نخب القوى السياسية، المدنية والدينية، خاصة جماعة الاخوان المسلمين، بحكم كونها اكثر القوى المعارضة عدداً وتنظيماً، والتى كانت لحقت بالحراك الجماهيرى عندما بدى لها مدى اتساعه وقوته، وهى القوى الاكثر انتشاراً والاكثر تنظيماً، وهو نفس السبب الذى جعل منها القوى التى راهن عليها نظام يوليو للخروج من مآزق 25 يناير، وقد كان!، لقد تآمرت انتهازية القوى المدنية والدينية على هؤلاء الشباب الانقياء، وعلى حلمهم!

ولانه، كما يقول المثل الشعبى المصرى "الطمع يقل ما جمع"، فقد اجتمع عاملى انعدام الخبرة لدى الشباب، وانتهازية "النخبة العتيقة"، لاغراءات القفز فى المجهول، فمن الدعوة لمظاهرات، منتهى طموح منظميها، تحقيق بعض الاصلاحات السياسية والاجتماعية المحدودة، قفزت مع اغراء الحشود الجماهيرية الضخمة، وغياب الخبرة لدى الشباب ، من ناحية، وانتهازية "النخبة العتيقة" من ناحية اخرى، قفز الهدف الى خلع رأس النظام، ثم القفز بكل خفة ورشاقة الى "ثورة" شعارها اسقاط النظام بالكامل!، هكذا بدون ان يكون هناك تنظيم/تنظيمات قادرة على الاحلال محل هذا النظام العتيق الذى سيتم اسقاطه!.
بالطبع، فيما عدا وجود التنظيم المعارض الاقوى (نسبياً)، تنظيم الاخوان المسلمين، الا انه ووفقاً لانتهازيته السياسية المعهودة، قد خرج من المعادلة بعد ان توهم ، فى لحظة غباء تاريخى، ان سلطة يوليو المتشبسة باستماته بالسلطة منذ 52 انها على استعداد للتنازل للاخوان، عدو سلطة يوليو التاريخى اللدود، التنازل لها عن سلطة حكم مصر، لمجرد نجاحها فى انتخابات رئاسية، حددت نفس هذه السلطة، موعدها وطريقتها، واشرفت بنفسها عليها، واعلنت نتائجها، اى انتخابات فكرة واعداد واشراف واخراج سلطة يوليو!، ووفقاً لهذا الوهم، فقد باع التنظيم المعارض الاقوى، "الثورة"، او بتعبير ادق باع الحلم النبيل للشباب الانقياء، الذين دعوا الى مظاهرات 25 يناير، وقادوها، على الاقل فى ايامها الاولى الصعبة، باع الاخوان "الحلم" فخسروا السلطة "الوهم"، والثورة "الحلم".





سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل - مصر
[email protected]
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam





المصادر:
(1) مرادفات و أضداد كلمة اكثرية في قاموس المعاني.
http://www.almaany.com/ar/thes/ar-ar/%D8%A7%D9%83%D8%AB%D8%B1%D9%8A%D8%A9/

(2) http://encyclopedia2.thefreedictionary.com/Galilean+Principle+of+Relativity
(3) http://www.juliantrubin.com/school-dir-ectory/relativity_scientists_timeline.html
(4) من يمتلك القوة المنظمة يحكم
سعيد علام - فيس بوك - يوليو 2013
https://www.facebook.com/saeid.allam








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست