الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البؤس العراقي

حسين رشيد

2017 / 1 / 29
حقوق الانسان


البؤس العراقي ؟


تسبّبَ العنف الطائفي والانفلات الأمني بهجرة الكفاءات الطبية الماهرة والمرموقة بعد استهدافها جسدياً وابتزازها مادياً والتي كان بامكانها ان تقدم خدمات كبيرة للمواطنين مثلما كان يمكنها قيادة المؤسسات الصحية ورسم سياسات القطاع الصحي ووضع الخطط الكفيلة بالإسهام في تطوير كل مفاصله. لم يتوقف الأمر عند ذلك بل شهد إقصاء ماتبقى من كفاءات يمكنها ان تقدم ما ينفع، عبر اعتماد سياسة المحاصصة والتحزّب والاعتماد على الكوادر (الولائية) في ادارة المؤسسات الصحية سواء أكانت مستشفيات ام مراكزَ ومستوصفات، وتعدى الامر ذلك ووصل الى مراكز العلاج التخصصي، ناهيك عن إدارة المؤسسات والدوائر الصحية التي أنيطت لكوادر حزبية اكثر ممّا هي طبية ادارية علمية. مثلما لعبت السياسية الدوائية وفقدان الرقابة على الاستيراد وضياع التفتيش بين المحسوبيات الحزبية والطائفية دوراً آخر في التردي الذي وصل الى مرحلة البؤس والقرف.
وها نحن على مقربة من وأد القطاع الصحي بكل مفاصله كي تسهل عملية تقطيعه وتركه للشلل وخصخصته عبر تناهب القوى السياسية للمؤسسات الصحية، وبالرغم من اقرار تحصيل رسوم الخدمات الصحية من المرضى بعد ان كانت مجانية تتكفل الدولة بتأمينها، لم تتحسن الخدمات المقدمة ان لم تكن قد ساءت وألقت بسوئها على صحة وحياة المواطنين الذين وجد الكثير منهم ،خاصة الأغنياء وميسوري الحال، ضالّته بالقطاع الصحي الخاص او السفر خارج البلاد للعلاج في دول كانت حتى وقت قريب تنظر بعين الحسد للواقع الصحي العراقي والتطور الطبي فيه. فيما ظل الفقير ينظر الى تآكل القطاع الصحي الحكومي بحسرة عبر سرقة ما يخصص له بالموازنة العامة من اموال فيما تذهب ايرادات المستشفيات مرتبات الى كوادر صحية جلّهم يقدم المال على صحة المواطن المريض.
وصل الأمر في بعض المؤسسات الصحية ان على ذوي المريض شراء كل شيء حتى الماء المقطر. في طوارئ الباطنية في مدينة الطب هناك شحّ في الأجهزة ،جهاز تبخير للتنفس واحد فقط يجري تناقله بين اكثر من (25) مريض طوارئ، وهناك شحّ في عجلات نقل المرضى وشحّ وإهمال في موضوع التجهيزات الأخرى مثل الفُرُش والوسائد وغياب نظام الإطعام الملائم ، فقد يستلزم الأمر بقاء المريض ليومين او ثلاثة عندها سيبقى بدون طعام وعلى مرافقيه أن يتصرفوا. مستشفى تعليمي آخر لايتوفر فيه جهاز قياس السكر، فيما يشكو مستشفى ثالث الافتقار لجهاز قياس ضغط الدم، وآخر من نقص أدوية التخدير، فيما تشكو اغلب المستشفيات من عدم توفر سائل تعقيم صالة العمليات، ونقص ادوية القلب، ناهيك عن افتقادها للمتابعة الدورية وجولات فرق التفتيش على ردهات المرضى وصالات العمليات وغرف الطوارئ التي تفتقد للتنظيم الحقيقي الذي يسهل تقديم ما يتوفر من خدمات.
اما المستشفيات التخصصية والتي يفترض ان تنال الاهتمام فحالها في تردٍّ دائم، بسبب الزخم المتزايد الذي تسبب به نقص المستشفيات، فعلى مدار سنيّ التغيير لم تفلح احزاب السلطة الإسلامية ببناء ولو مستشفى واحد إن كان في العاصمة بغداد او مدن البلاد الاخرى، لكنها نجحت بتشييد عشرات المولات والكليات الاهلية والمراكز التجارية.
إذا لم يمت العراقي بانفجارات السيارات المفخخة والعبوات والأحزمة الناسفة ومعارك التحرير ومخيمات والنزوح، فإنه سيموت في المستشفيات بسبب نقص الأدوية وانعدام الخدمات الطبية او بالأدوية منتهية الصلاحية التي باتت منجماً يدر الأرباح على معتمدي الكتل والأحزاب السياسية ممن يستوردونها دون رقابة ومتابعة.
نجحتم بتبديل أسماء المستشفيات لكن فشلتم بإدارتها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي


.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة




.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة