الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إندلاع شعبي مجيد لم يؤد إلي انجاز ثورة

حمدى عبد العزيز

2017 / 1 / 29
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



في 25 يناير 2011 التي قدر لي أن أكون من أحد الملايين المشاركين فيها سواء في ميدان التحرير أو ميادين وشوراع مصر الأخري

ولازلت أري أنها لم تكن مؤامرة كما يردد نفر من المنساقين وراء ابعض لأجهزة أو من تحركهم من بعض الرموز الإعلامية
وكذلك من جهة أخري بعض الذين وقعوا في خطأ النظر إليها من زاوية واحدة هي تداخل بعض الشخصيات والمنظمات الممولة من الخارج في المشهد العام للإندلاع الشعبي المجيد وتواجد تيارات التأسلم السياسي بقوة في قلب الميدان في الأيام التالية للثامن والعشرين من يناير 2011

وهذا كله لايخفي حقيقة ناصعة كالشمس ألا وهي أن ذلك الخروج الشعبي العظيم الذي أسميه اندلاعاً مجيداً كان في القلب منه شباب الطبقات الفقيرة والوسطي وحشود من فقراء والوسطي حال العاصمة ومثقفيها والعواصم الإقليمية ومدن الأقاليم وشباب الريف الذي هرع إلي المدن منضماً لذلك الإندلاع الشعبي الذي كان محركه الأساسي الإنضغاط الإقتصادي والإجتماعي والإستبداد السياسي وذلك الفساد الذي استشري في جسد الدولة المصرية وتصاعد حالة البذخ والترف والنزق الفاجر التي تعيشها النخب المتسلطة

إلا أنني مازلت عند رأيي أن ذلك الإندلاع لم يرتق إلي درجة الثورة إذ لم يكن هناك مشروعاً سياسياً وطنياً تقدمياً للتغيير الثوري يحمل ملامحاً واضحة لأهداف تلك الثورة ولطريقة إسقاط السلطة ولطريقة إحلال السلطة البديلة وكذا طريقة إدارة جهاز الدولة

ومن ثم تحمل هذا المشروع الثوري وآليات تنفيذه جبهة وطنية تقدمية الجوهر [إذ أن الثورة فعل تقدمي لإحلال علاقات مجتمعية (حديثة) محل علاقات مجتمعية عتيقة بالية أوصلت المجتمع إلي أزمته الثورية ] ومن ثم تلقي هذه الجبهة ومشروعها أوسع التفاف شعبي يعبر عن إرادة غالبية السكان

سياسياً لم يكن هناك في قلب هذا الاندلاع الشعبي العظيم وتحت سماء تلك الرايات والاحتجاجات والشعار الشديد العمومية (عيش - حرية - عدالة اجتماعية) لم يكن هناك سوي خليط سياسي بدأ في غالبه الأعم بشباب اغلبهم من الطبقة الوسطي اجتماعياً وسياسياً كانوا من تنوعات وتشظيات سياسية حركية وحزبية وغير حزبية وما إلي غير ذلك من تنوعات مختلفة كانوا قد كونوا (إئتلافات ثورية) كان مشهدها التنظيمي والسياسي كفيلاً باستنتاج صعوبة وجود مشروع ثوري تتوحد الإرادات خلفه

في حين كان هناك أيضاً في نفس هذا الخليط السياسي شتات من المثقفين النخبويين والمثقفين العضويين من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار لايجمعهم سوي شأن سياسي وحيد لايمكن أن يشكل مشروعاً سياسياً ثورياً وهو إسقاط النظام(السياسي) بمعني اسقاط مبارك وحكومته وايقاف مشروع التوريث وكان كثير من هؤلاء يلتقون في في (كفاية) و(الجمعية الوطنية للتغيير)

إلي جانب شتات آخر من كوادر واعضاء منظمات واحزاب سياسية متفرقة منهم الليبرالي الوسطي واليمني ومنهم الماركسي ومنهم اليسار الغير ماركسي واليسار القومي ومنهم الناصري ومنهم التروتسكي

في الغالب لم يكن لدي أي حزب سياسي بما في ذلك الأحزاب والقوي اليسارية التي نحسبها القلب النابض والعقل المدبر والمفكر والسواعد المفجرة للثورات لم يكن لدي هؤلاء - في الغالب الأعم - حتي يوم الرابع والعشرين من يناير 2011 أية تصورات حول إمكانية إسقاط سلطة مبارك ولم يجتمع أي منهم أو بعضهم أو كلاهم جميعاً علي صياغة مشروع سياسي لإسقاط سلطة مبارك وإحلال سلطة بديلة ومشروع سياسي بديل لإدارة الدولة وإدارة اقتصادها ومؤسساتها السياسية والتنفيذية

فقط كل مايمكن تسجيله حتي خط الرابع والعشرين من يناير 2011 هو ذلك الرفض المتباين بين هذا وذلك وهؤلاء واولئك من هذه القوي والتنظيمات لسياسات السلطة الحاكمة بل أن البعض من هذه القوي والتنظيمات كان يفرق بين رفضه لسياسات الحكومة وبين موقفه من الرئيس مبارك وبعض هذه القوي لم يكن ضد مبارك علي الإطلاق يوم الرابع والعشرين من يناير

بل أنه حتي عندما قام النظام بجريمة التزوير الفاضح لانتخابات البرلمان في 2010 وهي الجريمة التي آثارت المجتمع المصري وجعلت شرعية النظام في مهب الريح كان خطاب بعض هذه القوي يلقي بكامل المسئولية علي أطراف معينة داخل النظام مع تجنيب مبارك المسئولية بل أن هناك احزاب سياسية من تلك التي شاركت كوادرها في الاندلاع الشعبي كانت خارجة لتوها من صدمة عدم وفاء دوائر النظام بما وعدت به لها من مقاعد في برلمان 2010 ضمن صفقات عقدتها تلك الاحزاب وجماعة الاخوان المسلمين مع النظام

وإلي جانب نشطاء تجمعات المجتمع المدني وكذلك من بعض الحقوقيين الذين يعتمدون ويرتبطون بالتمويل الأجنبي الذي يضع حركتهم السياسية في موضع المشبوهية والتساؤل عن مدي ارتباطهم بجداول أعمال الجهات والدول الممولة والذين لم تكن لديهم أية رؤية ليوم 25 يناير 2011 سوي تسويق حالة الاحتجاج علي جهاز الشرطة الذي كان قد تسلط وتغول بالفعل علي كافة مناحي الحياة السياسية والمجتمعية كذراع قوية لنظام مأزوم

كل ذلك إلي جوار من لحق بهم بعد ذلك من كوادر واعضاء جماعة الإخوان المسلمين ونشطاء التأسلم السياسي والشباب السلفي الشديد الأصولية الدينية

بل أن كثير من الأعضاء القاعديين وبعض الكوادر الوسيطة في الحزب الوطني الحاكم قد انخرطت لاحقاً بهذا الإندلاع بعد يوم الثامن والعشرين من يناير إلي جانب الكثيرين من كوادر الاحزاب التي كانت لاتخفي تأييدها للرئيس مبارك كحزب الوفد وغيره

فهل كان ذلك الخليط السياسي المأزوم في عناصره التقدمية والمتواطئ والإنتهازي والمتخلف المعادي لقيم الثورة في عناصره اليمينية قادراً علي قيادة هذا الإندلاع الشعبي العظيم الذي خرج بدوافع ثورية نقية بعثتها عوامل الإنضغاط السياسي والإقتصادي والإجتماعي من جراء سياسات الإفقار والإستبداد والفساد وقادر علي المضي بهذا الإندلاع الشعبي المجيد إلي نقطة نضج ثوري تحقق التغيير المنشود ؟

هل كان هذا الخليط السياسي أو فلنقل (الزررميط السياسي) بوضعيته هذه
هل كان قادراً علي طرح مشروع ثوري متكامل يتضمن هدم نظام وبناء نظام جديد ومن ثم إدارته بأدوات وطرق جديدة تحقق المطالب المشروعة لغالبية الشعب المصري وتضعه علي طريق تقدمي لتحقيق العيش الكريم والتحرر والعدالة الإجتماعية؟

أظن أن الإجابة قد وضحت وتمثلت في اقتصار الأطروحات السياسية في الميادين وفي جلسات هامش الميادين علي اسقاط حسني مبارك ثم ترحيل كل شئ أو أي شئ للمقبل الذي لم يكن سوي سلطة المجلس العسكري التي كانت بمثابة سلطة انتقالية مهمتها تتلخص إدارة أزمة النظام عبر اسقاط مشروع التوريث وتسليم السلطة لقوي التأسلم السياسي الأكثر جاهزية والأكثر قدرة علي انتزاع الحكم أياً كانت النوايا سواء بهدف تمكينها من السلطة كجزء من الإستجابة لمتطلبات وضغوط أمريكية أوروبية أو بهدف كشفها وتعريتها وتقديمها علي حقيقتها للشعب المصري لإسقاطها ومن ثم إعادة تدوير السلطة لصالح أجنحة أخري داخل نفس النظام ذاته
فكانت تلك هي الإنتكاسة الكبري التي انتهت بتعثر مشروع التغيير الثوري الحقيقي وإعادة الأمور إلي أكثر من الوراء وإلي أكثر الأوضاع سوءاً في التاريخ المصري الحديث

لهذا فإنني - أطلقت علي 25 يناير 2011 مسمي [الإندلاع الشعبي العظيم ] وذلك بعد مرور أشهر من سقوط مبارك وعشية الدعوة لاستفتاء 19 مارس 2011 تحديداً

المجد لنضال الشعب المصري وكفاحه المستديم من أجل التحرر والعدالة الإجتماعية والتقدم والحداثة والذي بدأت حلقاته الثورية في العصر الحديث بهباتهم العظيمة التي بدأت بتولي محمد علي حكم مصر وهبة عرابي الوطنية العظيمة مروراً بثورة 1919 وثورة يوليو 1952 وانتفاضة الخبز الشعبية المجيدة في 18، 19 يناير 1977 وانتهاء باندلاع 25 يناير الذي هو موضوعنا اليوم وأخيراً وبالتأكيد ليس آخراً هبة الشعب المصري العظيمة في 30 يونيو 2013
لتتواصل حلقات النضال الشعبي وليتواصل استيعاب قواه وطلائعه لدروس إخفاقات تلك الحلقات وليتواصل بنائه علي ما تحقق علي الأرض من تلك الحلقات الثورية في سلسلة النضال الشعبي المجيد

25 يناير 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟