الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشمس قد تشرق .. من تونس!! .... (3)....التاريخ ربما يبدأ غداً!!

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2017 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


من طبائع الأمور ومنطقها السليم، أن أمة تمر في تاريخها القريب ـ بضعة قرون فقط ـ بكل ما مرت به الأمة العربية، فلابد من أن تترك عليها كل تلك الكوارث الكبيرة المتراكمة، جروحاً عميقة في وجدانها وعوقاً كبيراً في تفكيرها، وشداً شديداً في أعصابها وهياجاً في عواطفها وانحرافاً في سلوكها !!.
ولابد أيضاً من أن تكون لمجموع هذه الصفات في النهاية نتائج شاذة وغير سوية، تطبع مجتمعاتها وحياتها بطابعها المنحرف لعدة قرون تلي تلك الأحداث الجسام.. وهذا هو بالضبط الذي نراه اليوم في مجتمعاتنا العربية، من براكين متفجرة تنفث حممها الجهنمية في كل مكان وفي كل اتجاه!!
ولقد تمظهرت كل هذه الحمم والانحرافات العقلية والوجدانية والسلوكية في مجتمعاتنا، بعدة ظواهر سلبية واضحة اليوم كل الوضوح، وأدت إلى نتائج تدميرية نعايشها في حياتنا اليومية الآن.. وهي لا تحتاج لبراعة من أي نوع، لشرح أبعدها الخطيرة المتعددة الوجوه والاتجاهات!!

ففي مجال التاريخ وقوانينه الصارمة:

تعتبر الحروب الصليبية والاجتياحات المغولية ـ مع عوامل أخرى كثيرة عاونتها ـ هي أهم العوامل التي ساهمت في إيقاف تطور وتقدم المجتمعات العربية .
لأن تلك الحروب، ولطول المدة ـ أربعة قرون متتالية ـ التي استغرقتها، كانت قد عْسْكَرتْ المجتمعات العربية وغيرت أولوياتها، من التركيز على البناء والتقدم ومواصلة تطور وتطوير الحضارة العربية الإسلامية، والتي وصلت حينها إلى أوج تقدمها، ووصلت معها إلى مرحلة من التقدم تؤهلها للانتقال لطور حضاري جديد، ولمرحلة تاريخية نوعية بكل تفاصيلها، تفتح لها أبواب الخروج من محددات ومقايس العصور الوسطى، وتوصلها إلى مشارف العصور الحديثة!!
لكنها بدلاً من هذا دخلت ـ مرغمة ـ في صراع وجود وبقاء، وحروب متواصلة ـ لأربعة قرون متواصلة ـ فرضت عليها من الخارج فرضاً، ومن قبل أقوام غريبة عنها ديناً ولغة وعنصراً..وهم المغول من الشرق والصليبيين من الغرب، واللذين توصلا فيما بينهما إلى (تحالف عسكري) بعد سقوط بغداد، يضع المشرق العربي والأمة بكاملها بين فكي كماشة قد تفنيها تماماً، وربما تمسحها من على خريطة العالم، لكن هذا التحالف فشل لحسابات أنانية عند الطرفين!

وقد أدت النتائج النهائية لهذه الحروب، إلى تعويق المشرق العربي والأمة العربية إنسانياً وعلمياً وحضارياً لعدة قرون قادمة، وأصبحت من أشد وأكبر معوقات التطور الحضاري والتقدم العلمي للمجتمعات العربية!!
لأن هذين الجانبين ـ التطور والتقدم العلمي والحضاري ـ بالذات، لا يمكنهما أن يتطورا إلا باستمرارية تراكمية، للخبرات والمهارات العلمية والحضارية، وليس ببترهما.. لكن هذا البتر الحضاري، هو بالضبط الذي أفضت إليه النتائج الفعلية للحروب الصليبية والاجتياحات المغولية في النهاية .
وأهم هذه المعوقات الحضارية والعلمية تمثل أهمها بالآتي :
أ‌- إن الحروب الصليبية والمغولية قد غيرت ـ كما أشرنا سابقاً ـ الأولويات للمجتمعات المشرقية والعربية عموماً.. فأدى هذا بدوره إلى توقف الحضارة العربية الإسلامية عن النمو والتطور، ثم أدى إلى توقفها تماماً في النهاية.. كما أدى إلى تآكل معظم وأهم المنجزات الحضارية والعلمية للحضارة العربية الإسلامية مع الزمن، ومع استمرارية هذه الحروب طوال تلك الحقبة التاريخية!!
ب‌- إن استمرارية تلك الحروب لعدة قرون، واتساعها واتساع مآسيها الإنسانية المروعة مكانياً وزمانياً، وتخريبها الشامل للبنى التحتية العلمية والصناعية والزراعية والاجتماعية، مادياً وروحياً وعقلياً، قد أدت بمجموعها إلى تراجع العقل والعقلانية والعلوم العقلية في المجتمعات العربية، وشيوع التقليد الأعمى والفوضى الشاملة والخرافات والأساطير الدينية والمذهبية والاجتماعية، بديلاً عنها!!
ت‌- إن المآسي الكثيرة التي أشاعتها تلك الحروب، قد أدت بالمجتمعات الإسلامية والعربية والمشرقية خصوصاً، إلى تبني النظرة الغيبية للحياة وشيوع مفاهيم (المقدر والمقسوم) والتواكل وتغيب العقل والمعقول، مما أدى إلى تراجع دور الإنسان المشرقي والعربي وتدهور مكانته، كصانع للحياة والحضارة!
وهذا أدى بدوره إلى صعود التيارات الدينية اليمينية ورجال الدين المحافظين، وتراجع واضمحلال الفلسفة والعلوم العقلية والتيارات الدينية المتنورة وتراثها الكبير في تاريخ حضارة الإسلام، كالمعتزلة مثلاً!!
ث‌- إن الدين والتدين والاجتهادات الدينية المختلفة، أثناء المواجهة مع المغول والصليبيين وبعدها وإلى اليوم، أخذت تميل إلى التشدد والتعصب والعنف ـ كرد فعل إنساني موضوعي ـ وكمعادل موضوعي للقوة الغاشمة المقابلة، والتي تهدد بقاء ووجود ومصير هذا الإنسان المشرقي!!
ولو رجعنا تاريخياً، إلى ما قبل وإلى ما بعد تلك المواجهة الطويلة مع المغول والصليبيين، سنجد أن أغلب الاجتهادات الدينية السائدة أنذك، كانت طبيعية ومعتدلة وهادئة.. أما التيارات الدينية المتطرفة الداعية إلى العنف و الكراهية، والتي تطورت لاحقا إلى تكفيرية تدميرية ودموية، فقد برزت تاريخياً خلال تلك المواجهة وأثنائها وبعدها في المشرق العربي .
فأبن تيمية الابن مثلاً: [تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية (نبي الجهاديين التكفيريين) بمختلف مدارسهم] قد ولد بعد سقوط بغداد على يد المغول/التتار بخمس سنوات..أي في [عام 1263هـ ـ 661م] وكان اجتهاده الديني عبارة عن ردة فعل عنيفة على الصليبيين وعلى هئولاء المغول، حتى أنه لم يعترف بإسلامية المغول بعد أن أسلموا، واستمر يعتبرهم هو وأتباعه، كفاراً تجب محاربتهم واستئصالهم والجهاد ضدهم بكل السبل!!
ج‌- أما والده بن تيمية الأب [شهاب الدين أبي المحاسن عبد الحليم الحرّاني.......إلخ] فهو (مجتهد حنبلي متعصب) عاش فترة اجتياح المغول لبغداد وأهوالها، فكفرهم وأوجب الجهاد ضدهم قبل ولده تقي الدين بن تيمية!!
ح‌- فالتكفير هنا: كأنه سلسلة نسب مذهبي وعائلي، امتد من الخوارج إلى [أحمد بن حنبل وابن تيمية وابن الجوزية وإلى محمد بن عبد الوهاب.. ثم إلى أبو الأعلى المودودي وسيد قطب في العصر الحديث]..وهئولاء هم الذين خرجت من معطفهم: القاعدة وداعش والنصرة وبوكو حرام، وكل فصائل التكفير والموت والعنف والإرهاب الدموي اليوم!!
خ‌- لكن ((أسوء النتائج على الإطلاق في تلك المواجهة الطويلة – مع الصليبين خصوصاً – تمثلت في [حجر الأمة] داخل إطار [المرحلة التاريخية] التي حدثت فيها تلك المواجهة .
مما أدى بالنتيجة إلى انغلاقها على ذاتها، و أورثها خوفا عصابياً من المجهول ومن الأجنبي، وجعل منها ذات طبيعة ازدواجية ومتوجسة دائماً..إذا قدمت خطوة باتجاه المستقبل، تراجعت عنها عشرة خطوات إلى الوراء، مرتدة باتجاه بعض قيمها الدينية والمذهبية والقبلية التقليدية، والأكثر تخلفاً، ترافقها ازدواجية في التفكير والسلوك والتعامل، والعيش في ثنائية خطيرة : بين الديني والدنيوي.. وبين المذهبي والسياسي..وبين الطائفي والوطني أو القومي .)) (1)
فالتاريخ أو في التاريخ قد صنع كل هذا بالأمس للعرب والمشرقيين .. لكن التاريخ قد يبدأ غداً بداية جديدة!!
*****
كان هذا بعضاً مما أنتجه التاريخ وقوانينه الصارمة!!
أما على مستوى الجغرافية وتضاريسها الحاكمة: ؟؟؟؟

[ يــــــــــــــــــــــــــــتـــــــــــــــــــــــبــــــــــــــــــــــــع ]
[email protected]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من بحث لنا ـ لم ينشر بعد ـ بعنوان: (حركة القومية العربية .. إشكالية البدايات والتباس النهايات)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي