الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان

تميم منصور

2017 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان

تميم منصور
منذ أن ظهر الإسلام كرسالة دينية واجتماعية لم يتغير ، ثوابته الأساسية معروفة لمن يؤمن بهذه الرسالة ولمن لا يؤمن ، لا أحد ينكر بأنه يطالب بمناصرة الضعيف وتوفير العدالة والكرامة ، وانتزاع الحق ، ورفض الانتهازية والاستغلال والعبودية ، لكن قطاعات كبيرة من المسلمين ، هم من عبث بهذا الدين وشوهوا جوهره ، عن طريق نسج سنن وفرائض لا صلة لها في الدين .
من يتحمل مسؤولية هذا التشويه أيضا عدد لا بأس به من قادة الأنظمة العربية و الإسلامية ، قبل حصول هذه الأقطار على الاستقلال وبعدها .
قبل الاستقلال كانوا العصا التي تحكم وتتسلط بها كافة القوى الامبريالية ،وبعد الاستقلال ، رفض هؤلاء القادة الصعود مع شعوبهم واللحاق في مواكب الحضارة والتطور ، كما رفضوا تبني أي فكر اجتماعي وطني وقومي ، تقدمي اشتراكي حضاري ، ليكون عوناً لهم في الحكم .
لم يجدوا أفضل من الفكر الديني السطحي البسيط الذي شوهه العديد من العلماء والمؤسسات ودور الفتاوى للأخذ به ، فحولوه الى واجهة سياسية ودستور ، ونظام للحكم ومرجعية ثقافية وعلمية ، عملوا على تكييف الدين الإسلامي وتجييره لصالح أنظمة حكمهم الفاسدة المستبدة ، هذا بدوره ساعد على خلق فراغاً سياسياً داخل الشارع وداخل صفوف المواطنين ، في نفس الوقت ساعد على ظهور فئات سلفية أصولية كثيرة ، كالوهابية والسنوسية والمهدية والاخوانية وغيرها ، حملت هذه الفصائل شعارات فضفاضة ، أهمها أنه أجل النهوض بالأمة وتحديثها يجب العودة الى الدين ، كيف يمكن تخليص الدين من الشوائب التي الحقوها به ، في ظل انتشار الفقر والأمية وهيمنة قوى طاغية كالعثمانية والامبريالية البريطانية التي سيطرت على ملايين المسلمين في شبه القارة الهندية ، وأفريقيا السوداء والشرق الأوسط ، كان من المفروض أن تتحرر الشعوب الإسلامية من سيطرة هذه القوى ، يمكن بعدها الحديث عن تطهير الدين من الشوائب التي الحقها الجهلة به .
التاريخ يؤكد بأن بريطانيا والحكم العثماني ساهموا في نشر الخرافات والسحر والايمان بالمعجزات ، وطاعة شيوخ الفتنة والتكفير بين الشعوب الإسلامية التي سيطروا عليها ، وقد فضلها الناس بسبب جهلهم وانتشار الأمية بينهم ، كان التواصل بين هذه القوى الطاغية وبين المواطنين ، أما عن طريق رؤساء العشائر ، أو عن طريق زعماء وقادة الفرق والأحزاب الدينية .
كانت بريطانيا تؤمن ومعها الدولة العثمانية ، بأن تعميق الفقر والجهل يجذب المواطنين لتفسيرات الدين السطحية والبعيدة عن الواقع ، ويبعدهم عن الحضارة والتمدن .
نذكر حادثة السفير البريطاني في الهند الذي مر على شاب هندوسي كان يضرب بالبقرة ، فهبط السفير من السيارة ، وتقدم من البقرة فأخذ يحسس عليها ، وعندما بولت أخذ من بولها ومسح به على يديه ، ورجع الى السيارة ، فسأله السائق لماذا قمت بذلك ومنذ متى تحب أنت الأبقار ؟؟ فأجاب السفير : هذا الشاب الهندوسي بدأ يفكر ويخرج من غيبوبته الدينية ، لو وافقته على ضرب البقرة لأنتشر الوعي وحلت اليقظة ، عندها سيكون طردنا ، نحن نحكم الجهل والغيبيات .
مثلاً كان شيخ الإسلام في الدولة العثمانية ، يكفر بأي اتصال أو علاقة مع أي جهة غير إسلامية . من أجل ذلك عملت هذه القوى الامبريالية على رفع مداميك الحواجز والأسوار التي تفصل بين المسلمين وبين كل تطور حضاري أوروبي ، مع ذلك تم اختراق هذا الحصار بطرق كثيرة ، من بينها حملة نابليون على مصر ، فقد فتحت نافذة بين مصر وبين العديد من الدول الأوروبية ، ظهر ذلك في فترة حكم محمد علي باشا ، كما وصلت بعض النسمات من رياح الثورات في أوروبا الى الدولة العثمانية ، والى المستعمرات البريطانية والفرنسية ، فبدأت تتفتح بعض براعم اليقظة في شبه القارة الهندية وبلاد الشام وشمال أفريقيا ومصر .
ايقنت بريطانيا أخطار بداية التململ في مستعمراتها الإسلامية ، فلجأت الى استخدام داء الجهل الديني الذي أعدته وساهمت في انتشاره داخل صفوف المسلمين ، فقررت اللجوء الى الدين لضرب هذه الشعوب بعضها ببعض ، ففي بلاد الشام ساعدت على اثارة الصراع الطائفي يمساعدة الحكم العثماني ، فوقعت مواجهات دامية في كل من سوريا ولبنان بين المسلمين والمسيحيين .
في شبه القارة الهندية لم تجد بريطانيا أفضل من اللجوء للصراع الطائفي لمنع وحدة الشعب في هذه المنطقة ، فأشعلت نيران الفتن بين المسلمين والهندوس ، وبين الهندوس أنفسهم وبين المسلمين أنفسهم ، خاصة بين السنة والشيعة ، كما أشعلت مثل هذه الفتن في مناطق الفرات الأوسط في العراق ، حيث نشبت اضطرابات دامية بين العشائر وبين سكان المدن ، وامتدت ألسنة هذه الفتن ليصل الى حدود مواجهات طائفية على خلفية دينية وخلفية أثنية .
كانت النتيجة الحتمية لمثل هذه الممارسات ، التأخر في بلورة ويقظة الوعي لدى هذه الشعوب ، كما أنها تركت رواسب مؤثرة لا زالت قائمة حتى اليوم ، أهمها بقاء الاحتقان الطائفي والديني لدى هذه الشعوب متجذراً في نفوس قطاعات وطوائف كثيرة ، كما ترك وراءه شعوباً مهمشة تعبة ، كان من الصعب عليها التحول وبلوغ درجات كافية من الوعي ، هذا بدوره ساعد القوى الامبريالية على استبدال حكمها الامبريالي المباشر ، بتنصيب حكام جدد لخدمة مصالحها في هذه الأقطار ، كما أنها لجأت الى أفضل طريقة لتحطيم قوة هذه الشعوب ، عن طريق تجزئتها جغرافياً وديمغرافياً على أسس طائفية ، كما حصل في شبه القارة الهندية ، وفي منطقة الشرق الأوسط .
في سنوات الخمسينات والستينات من القرن الماضي ، ظهرت بوادر صحوة وطنية وقومية واجتماعية ، خاصة في مصر ، فانعكست على العديد من البلدان المجاورة ، فقد تمت مواجهة القوى الأصولية ، وتمت ملاحقتهم في كل من مصر وسوريا ، مما أوقف المد الديني البعيد عن جوهر الدين الصحيح ، هذا الانحسار في صفوف السلفيين ، أدى الى انطلاقة ثقافية في مجالات الشعر والأدب والمسرح والسينما وغيرها ، كما تم تنقية المناهج لتدرسيه من شوائب التخلف التي استخدمت باسم الدين .
لكن بعد ردة السادات الذي تآمر مع القوى التكفيرية ضد القوى التقدمية والنهضوية ، كما استغلت القوى الظلامية حكم مبارك الفاسد فأعادت تنظيم صفوفها ، فظهرت قواها بعد ثورات ما سمي بالربيع العربي خاصة في مصر وسوريا وتونس وليبيا والعراق ، أعادت هذه القوى من جديد الجهل الديني بقيادة الولايات المتحدة والسعودية وغيرها ، مستخدمة هذه المرة الإرهاب لتحقيق مآربها ، فجددت الحروب الدينية الدينية التي ما زالت مشتعلة حتى اليوم .
اليوم نستطيع القول بأن العالم الإسلامي والى جانبه العالم العربي يعيشون في ظل انقسام ديني خطير للغاية ، مما ترك مجالاً للقوى الأجنبية الامبريالية والصهيونية للتدخل والعمل على احتواء وتجنيد فئات انفصالية تحت رايات دينية ، من أكبر الدلائل على ما يعانيه العالمين العربي والإسلامي من حالة تدهور وفراغ وانقسامات وتراجع فكري وقومي ، هو عدم ارتداع الرئيس الأمريكي "ترامب " عن تنفيذ وعوده الانتخابية ، في مقدمتها منع المسلمين من دخول بلاده ، فالدول التي اختارها باستثناء ايران جميعها ضحية من ضحايا سياسة أمريكا الخارجية ، فامريكا قامت بتحطيم هذه الدول ، وعملت على
اثارة حروب داخلها ، كالعراق واليمن وسوريا وليبيا ، رغم هذا لم تقف جميع الدول العربية والإسلامية مع الدول التي منع رعاياها من الدخول الى الولايات المتحدة ، فإن جميعها صمتت ، وتنتظر الدخان " الترامبي " الذي سيخرج من مدخنة البيت الأبيض .
حتى الآن لا يوجد ردة فعل من العرب والمسلمين الذين طالهم هذا القرار ، ومن الذين لم يطلهم ، فالمظاهرات في أمريكا هي من قبل المسلمين فقط .
نعرف أن الشعب الأمريكي انتخب ترامب وهو يعرف حقيقة عنصريته وحقده على الشعوب ، وأنه سينفذ تهديده الذي كان يعلنه أيام الانتخابات ، لكن نسأل الأزهر ، رجال الدين الذي يضيئون الفضائيات بالفتاوى والتفسيرات ، لماذا هذا الصمت ؟؟ لماذا لم تصدر فتوى تمنع الامريكان من دخول الأقطار العربية والاسلامية ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدجل والخرافة من صلب الاسلام
محمد البدري ( 2017 / 2 / 1 - 10:39 )
كيف يمكن تطهير الدين من الشوائب التي الحقها الجهلة به والدين كله شوائب ومخلفات حضارية. فتاريخ الدجل والشعوذه لم يبدأ يؤكد ببريطانيا والحكم العثماني لكن قبل ذلك بكثير عندما ظهر الدين ذاته وبدا في نشر الخرافات والسحر والايمان بالمعجزات وطاعة الرسول وشيوخ الفتنة والتكفير بين البشر. صحيح ان الايمان بالخوارق والخرافات كان موجودا قبل الاسلام لكنه دعمها وجعلها ركنا اساسيا له


2 - عنوان مقالتك خادع !
ملحد ( 2017 / 2 / 1 - 12:31 )
عنوان مقالتك خادع ومحتوى المقالة يفضح ويعرّي الخداع!
وان اردت مناظرة فانا لها بمستعدُ ......
انتظر ردك.....

اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل