الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في رحاب حلب،،،،

سليمان الخليلي

2017 / 2 / 1
السياسة والعلاقات الدولية


"حلب مقصدنا وأنت السبيل"،،، حينما قالها أبو الطيب المتنبي إلى الأمير سيف الدولة، فكانت حلب حاضرة بأعظم رجلين حينها، "الشاعر والأمير"، وتاريخها الطويل يؤرخ لنا بأنها خاضت حروب عديدة للاستيلاء عليها والدفاع عن نفسها، سجلت خلالها إنتصارات عظيمة وهزائم مفجعة، وبدون شك جعلها أكثر دراية بمسألة السلم والحرب، فحلب ذات الحضارة العريقة جدا، فتحها المسلمون بقيادة خالد بن الوليد، وكانت حاضرة قوية كمدينة في العصر الأموي وصولا في العصر العباسي حتى حارب الأمير سيف الدولة من أجلها، ودفاع عنها، ولم يتركها سهلة المنال للروم والاخشيديين، وجعلها كإمارة تابعة للدولة الحمدانية، فازدهرت لتكن مدينة علمِ وأدب وظلت حاضرة عربية حتى اليوم،فنالت حينها ما لم تنله مدنية أخرى ولعل المتنبي لم يعشق مدينة أخرى كعشقه لحلب.

و"اليوم" بينما أصبحت حلب، أسم يملأ شاشات الأخبار، والصحف، و وكالات الأنباء، والهاشتاقات وكل وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن ثمة شئ ناقص وغائب عن المشهد الواقعي، أو ربما الحقيقة الغائبة التي لا يعرفها أحد، أو تلك المعلومة التي تتعمد المكنة الإعلامية إخفائها لمصالح جهة ما، أو عن الطرف الآخر، فأصبح المشاهد العربي ضائع بين تلال شاهقة من الأخبار والمعلومات المتناقضة، وغير المنطقية، وأحيانا بين ليلة وضحاها تكون مقتنعا بأن الطرف الآخر مذنب بالجرم المشهود، ثم تجد في خبر آخر أنه مظلوم وبرئ، فكل ما يمكن قوله، نرى صور ونسمع نداءات بأن حلب تباد، وإن فيها مجازر كبرى . وغيرها بينما من وجهة آخرى ثمة نصر كبير، وأفراح وأهازيج لأهل حلب، كما أن بعض السياح بدت بالتوافد على حلب، كما نشرتها بعض التقارير الاعلامية.

ما الذي يحدث، وما الذي حدث؟. من الصائب ومن المخطئ . كلنا كمن أغمضت عينيه عن الحقيقة كاملة، وبانت لنا نصفها، ومما يؤسف إليه للمشكلة الكبرى، إنقسم العرب إلى فريقين لا ثالث لهم، أن تكون مع طرف ضد الطرف الآخر أو "العكس"، فيما تبدو حلب مدينة ذات تاريخ طويل، أصحبت الآن مجرد ملعب لدول خارج مشاركة العرب الذين فضلوا الجلوس في مقاعد التفرج، وانقسموا إلى تشجيع فريق الذي يضمن المصالح، ولا ندري هل الجامعة العربية أصبحت خارج الدائرة أم لا؟؟، ، فلا غرابة أن يظل العرب صامتين، وأكبر معسكرين يتنافسون فيما بينهم في أرض ليست بارضهم، وضحايا ليسوا أهلهم، وأموال ليست من جيوبهم، هل تغيرت قواعد اللعبة في حلب، والصراع بها يثبت بأن العرب لا كلمة لهم، ولا مشاركة في تقرير المصير، وربما الأمر الخطير والمؤلم والمخجل بأن أبناء اللغة الواحدة ضد بعضهم ويستعينوا بغيرهم ضد بعضهم، ولعل ما عبر عنه فرويد لا ينطبق عليهم " أنا واخي على ابن عمي، وانا وابن عمي على الغريب".
ما الذي فعلته حلب؟، ما ذنبها؟، وهل بالفعل خان العرب سوريا، وتركوها فريسة للذئاب تتلاعب بها، أو كما قال المقنع الكندي في قصيدته المشهورة:
وإن الذي بيني وبين بني أبي
وبين بني عمي لمختلف جدا
أراهم إلى نصري بطاءا وإن هم
دعوني إلى نصر أتيتهم شدا
إذا قدحوا لي نار حرب بزنــدهم
قدحت لهم في كل مكـــــرمة زندا
فإن يأكلوا لحمي وفرت لحومهم
وإن يهدموا مجدي بنيت لهم مجدا

وما نجده في رحاب حلب، مدينة الشاعر الكبير "المتنبي"، وفي بلاط الأمير الفارس "سيف الدولة"، بإنها قلبت كل الموازين وغيرت قواعد اللعبة في رحاب بقائها صامدة، وفي ظل وحدتها، فضحت تلك الفصائل المتعددة وذات إيدلوجية تدعي التدين، رافعة الرايات بأسم الدين، ماذا كانت ستقدم؟؟!!، وما هو نظرتها للمستقبل؟؟!!، كفصائل معارضة متعارضة فيما بينها، فكيف حينما تصبح وحدها في الميدان؟؟!!، حتما سيتتواصل الحرب والكل يبحث عن السلطة، وما كشفته حلب من المستور عن الفصائل التي تسمى نفسها بالمعارضة، ليست قادرة على إداراة الدولة، وبالطبع لا نريد إعادة تجربة أفغانستان مرة أخرى في سوريا، حينما قاتل المجاهدون ضد السوفييت كان النتيجة حرب أهلية أخرى بعد رحيل السوفيت، وحتما لاشك سيتكرر نفس السيناريو في حالة ربحت هذه الفصائل المعارك وكسبت الارض، ومن جانب أخر لا تأييدا للنظام الذي جعل ساحة شعب أرض معركه، ولم يدر الازمة كما يجب، ولابد الإداراك بأن رغبة الشعب في إختيار حاكمه هي الأسمى، وليس محاربته وتصيدهم كما يتصيد الاعداء، وتهجيرهم .

حتماً،،، مما زاد النار زيتاً، تدخل الدول المتصيدة للأزمة السورية وغضت الطرف عن رغبة أهلها في حل إزمتهم بإنفسهم، وشدت هذه الدول حبل الإزمة بين المؤيد للمعارضة والمؤيد للنظام، فإختلطت الأمور كالحابل في النابل، وكان الضحية " المواطن السوري" الذي ينشد السلام، وبدون شك إن عودة السلم لحلب، هو السلام "لسوريا" كلها، ذلك المطلب والسبيل حاليا بعيداً عن الفوضى والدمار والحرب، ولا ينكر ذلك غير الحاقد المثير للفتن التواق إلى الحروب، وغير محب للسلام والإنسانية، لذلك يجب أن يعود السلام لحلب كما نعرفها أرض للسلام والأمن والمحبة والتعايش والتسامح.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير