الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين مشرع الأخلاق !

خالد سراج الدين محمد الامين

2017 / 2 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مقدمة :
حقيقة لا هدف لمقالي هذا بل هو مجرد تساؤل لا يجب بالضرورة الوصول به لحتمية الاجابة فالإجابة كما اثبتها التاريخ يجب ان تسبق بالتجربة والتجارب تختلف من حالة لحالة أخرى ليس ذلك فحسب فالتجارب أيضا تختلف بدرجات متباعدة .
تجربتي : اعيش في وسط مجتمع متدين للحد البعيد مقارنة ببقية المجتمعات التي تشارك ديني الإسلام فالسوداني "غالبا" محافظ جدا علي أشكال التدين الظاهرية علي الأقل كالصلاة والصوم وغيرها من تلك الأفعال الظاهرية . وغالبا تقترن عبارات تعظيم الشخص بعبارات مثل "متدين" او انه "محافظ علي صلواته" وبالعكس تقابلها عبارات "غير متدين" للطعن في أخلاقيات الشخص والتقليل من شأنه وأفعاله العامة أمام العامة . فالدين لدينا مرتبط بالأخلاق بطريقة ما ،قد تكون لبعض المجتمعات متشابكة بعض الشيء ،اما هنا فالحال مختلف فالدين اساس الخلق فإن غابت أفعاله الظاهرية فسدت الأخلاق ويدلل الكثيرين من أصحاب هذه الفكرة اقوالهم لتشريعات دينية بحتة مثلها مثل قول سيدنا محمد "الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر" المصطلحين الذين يعتبران "إسلاميا "نقيض الخلق او علامات سوء الخلق، دعوني افرق بين المصطلحين فإن كانت الفحشاء هي نقيض الحسنة او لنقل السيئة التي نهى الدين عنها فالمنكر هو نقيض الفعل الجيد البعيد عن الثواب السماوي فهو خلق البشر مع بعضهم البعض لا غير ذلك .
تلك الأفعال الظاهرية إن كانت اراديا او غير ذلك صارت هي الكفة الغالبة عند صاحبها امام الاخرين في اي منصب او ترشيح او حتى عرض للزواج فالمتدين حافظ مال ! والمتدين يخاف الخالق في مخلوقاته ! والمتدين حافظ لزوجته وطالبا لرضائه! . في بلادي لسنوات ظلت تلك الطريقة التي يتم به اختيار الأزواج والكفاءات وحتى والوزراء وغيرهم لكن ان صحت تلك الطريقة في الاختيار فلماذا تمتلئ صفحات الصحف بسرقات المال العام وضرب الازواج لزوجاتهم ؟؟ هل ذلك البعد عن الدين الشماعة الدائمة للأغلبية إم انه أمر بعيد عن الدين نهائيا ؟ هل تلك الطريقة خاطئة دعوني أسميها كداروين "الانتخاب التديني" هل أثبتت فشلها كما ذكرت في مقدمة مقالي هي مجرد تجربة تختلف من شخص لآخر ولكني في تجربتي تلك الطريقة "الانتخاب التديني" فاشلة للحد البعيد فكثير من الاشياء لا ينفع فيها الاختيار علي اساس ديني او معتقدي دعوني ابسط فكرتي عن الموضوع فالأمر فاشل مثل ان تختار واليا لولاية ما لأن كل مؤهلاته كانت مجرد مهارة لعب كرة القدم مثلا وقتها لا يفيد الركل والصد في حل معضلات الولاية المالية والادارية وهنا الحال كذلك. لكن هل يوافقني المتدينين الفكرة أعتقد أن الوسطين منهم لا يمانعون تلك الفكرة لكن ماذا عن الأصوليين منهم .
لم أعتقد ان اجد اجابتي عند أشهر شيوخهم ابن القيم حين قال" الإيمان هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان" يظهر فصل الدين عن الخلق جليا في بدء العبارة , فالكلام لا يظهر علاقة الجزء بالكل حتى ولكن لا تنتهي العبارة حتى يربط بينهم ليظهرهم بشكل مترابط لا ينقض من الانفصال الكامل الظاهر في اول العبارة . لكن لم يفصل ابن القيم بين اللفظين من فراغ 0"اذا جاءكم من ترتضون دينه وخلقه..." وهنا يظهر الفصل الواضح في الحديث النبوي الشريف . تظهر السنة والأحاديث النبوية الخلق في الدرجة الثالثة بعد التسليم والعبادة ولكنها تظهر كذلك ان الخلق اقدم من الدين فمقولة الإسلام دين فطرة تظهر سابقية الفطرة للدين وهي مجموعة الخصال التي تظهر في الإنسان . فالأخلاق ليست نتاج كتب منزلة من السماء بل هي وليدة التجارب فالإنسان يجب ان لا يكذب بسبب الافعال التالية للكذب بالنسبة له ولأسلافه من البشر وكذلك السرقة فالأخلاق كل شيء يوقف فعل له رد فعل مباشر من الطرف الآخر والأمر هكذا من تاريخ إنسان الغاب الاول وقد قالها مجموعة مفكرين حيث قدموا الخلق علي الدين فكانط مثلا ذكر بوجوب اعتبار الخلق غاية لا وسيلة لتحقيق المصالح الانانية وان كان بعض التدين انانية فبعض الافعال الدينية ما هي الا في سبيل الحسنات والثواب الموعود في الحياة الأخرى ولا يصدر من اعتبار الفعل الجيد غاية تدرك والإنسان قيمته العليا بعيدا عن المقابل ، وقد تطرق هوبز لذلك في نقد كتاب العقد الاجتماعي لروسو عندما تساءل جان جاك عن لماذا يجب ان نتبع السلطة ؟ فأخلاقيات المجتمع كما يراها هوبز قد تكون بديلا للقوانين وللسلطة نفسها في رأيه بل . الاخلاقيات نتاج التجارب ولعل كل تجربة فاشلة خطوة لتكوين فكرة جيدة جديدة قد تنقلب علي من يوافقها وتعارضه في لحظة قادمة فهل سينقلب حال قومي يوما ام سيظلون كما هم اسرى "الخلق الديني" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا


.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س




.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و