الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدعاية الناصرية الهدامة

وليد يوسف عطو

2017 / 2 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الدعاية الناصرية الهدامة

دور الاعلام الناصري في بث الاشاعات الهدامة

تقول الدكتورة عصمت السعيد في كتابها ( نوري السعيد رجل الدولة والانسان )-ط 1 – 1992 – ط2-2003-دار الساقي –بيروت , بان القاهرة كانت وكرا ومقرا للمنظمات السرية التي تعمل خارج بلادها . وكانت الدعاية الناصرية تستعين بهم للبت في القرارات التوسعية الناصرية للسيطرةعلى العالم العربي .

فكان يسكن في القاهرة رشيد عالي الكيلاني من العراق وعبد الكريم الريفي من مراكش ولجنة ارتباط F .L.N لتحرير الجزائر , وصالح بن يوسف من تونس ,والقائد ابو نوار من الاردن .ويبرهن على ذلك ماورد على لسان رشيد عالي الكيلاني في كتاب ( ربيع)للمؤلف الفرنسي ( ميشان ). ففيه مايثبت بان هذا الرجل الداهية كان على اتصال وثيق بعدد من ضباط الجيش العراقي لتمرير مؤامرة تقضي على العائلة الهاشمية وظهيرها القوي نوري السعيد ,وذلك بمساعدة عبد الناصر.

لقد كانت تمتد هذه الاوكار من موريتانيا الى اليمن عبر لبنان والكويت .وان الاتصال بالشخصيات كان يتم باسم القومية والاشتراكية .ولم تظهر مقاصد عبد الناصر الحقيقية الا بعد تشكيل الجمهورية العربية المتحدة .وتبين جليا بان القصد كان تحقيق امبريالية ناصرية على المنطقة باسرها .وقد اعترف عبدالناصر بانه ارسل اموالا طائلة للبعث العراقي عن طريق ميشيل عفلق مابين اعوام 1958 -1959 ولكنه كان يجهل كيفية التصرف بهذه الاموال.لقد استمال عبد الناصر الاحزاب المعارضة لانظمتها في الدول العربية المجاورة. لكنه اعد الى جانب هؤلاء تنظيما امنيا مدربا لتنفيذالخطط السرية بالعنف اذا احتاج الامر .وكانت هذه القوة تعمل بشكل خاص في العراق والاردن.

ان السر في انتشار هذه التيارات الهدامة , بحسب عصمت السعيد ,هو انتهاج اساليب غوبلز النازية في ادارة الدعاية في الاذاعة والصحافة , ونشر المطبوعات وتدريب من يستطيع غرس تلك المباديء في المجتمعات العربية .
كانت الادارة تعتمد على الشباب الذي ياتي الى مصر لغرض الدراسة في الازهر والجامعات الاخرى.وكانت ترسل معلمين مدربين للدول العربية المجاورة.وتدفع لهم نصف رواتبهم من الخزينة المصرية .

كما كانت تدعو ضباط من ليبيا والسعودية والسودان لزيارة مصر للتدريب او لمجرد التعارف .فلا غرابة ان تسري الدعاية الناصرية في نفوس الطلاب والشباب ويتم تهيئة اجواء هذه المجتمعات للسيطرة عليها.واستخدم الاعلام المصري الاسلوب نفسه في عدد من الدول الاوربية . فكانت منظمات الطلبة العرب تمول عن طريق السفارة المصرية في لندن . كما كان مكتب المركز الثقافي الاسلامي في لندن يقوم بتوزيع المنشورات والمطبوعات السياسية

نشاط المعارضة السرية في العراق

قام ضباط المخابرات المصرية بارسال عناصر الى الجيش العراقي ,حيث كانوا يتسللون باسماء مستعارة ووظائف منتحلة . ومنهم الساعي محمد علي عيسى الذي اوقفته سلطة الجمارك متلبسا بنقل منشورات سياسية من القاهرة ضد الحكم الملكي في العراق . وقد جاء بعد ذلك خبر صغير في الجرائد المصرية بعد حادث اصطدام قطارين عن هذا الضابط لزيارة اهله في صعيد مصر.

تقول الدكتورة عصمت السعيد بان المخابرات المصرية كان لها دور هام في تغذية مختلف الطبقات في العراق والاتصال بكافة الاوكار التي تعارض ميثاق بغداد, ومن بينها المراكز الشيوعية والصهيونية وبعض القنصليات الاجنبية.
صرح رشيد عالي الكيلاني في تصريح خطير نقله المؤلف Hechin في كتابه (ربيع عربي ), وكان الكيلاني مدبر انقلاب 1941في العراق .لقد اكد رشيد عالي الكيلاني للكاتب المذكور في ربيع 1958 في القاهرة بان العراق سيتخلص حتما من النظام الملكي عن طريق الجيش بنفس الطريقة التي اتبعها هو عام 1941

لم يكن نشاط زمرة الضباط المتمردين امرا خافيا على دائرة المخابرات العراقية . ولكن نظرا لولاء اغلب قادة الجيش للتاج الملكي , ولكثرة الاشاعات التي تبثها اذاعة صوت العرب من جهة اخرى,لم يهتم رئيس الاركان رفيق عارف بتطهير الجيش من العناصر المشكوك في ولائها.

سالت الدكتورة عصمت السعيداللواء غازي الداغستاني عن رايه في عبد الكريم قاسم الذي كان تحت امرته عند قيام الانقلاب ,وذلك بعد خروجه من السجن ووصوله الى لندن ,فاجاب بان قاسم كان ضابطا مثاليا , انه استطاع بدهاء خارق ان يحيط اهدافه السبياسية بسرية وتمويه تامين .وتضيف الدكتورة عصمت السعيد :
( لاغرابة فيما كان يظهره قاسم من ازدراء وتحد للهجوم الناصري على العراق . اذ تبين فيما بعد ان عبد الكريم قاسم كان شيوعيا وهكذا كان العقيد وصفي طاهر .وقد صرح نيكيتا خروشوف في حديث له امام الحاضرين اثناء احد الاجتماعات السياسية في القاهرة .. وذلك بعد الثورة , بان الزعيم الاوحد ,كما كان قاسم يطلق على نفسه , كان منتسبا الى الحزب الشيوعي العراقي قبل احداث الثورة باربع سنوات .وبذلك يمكننا ان نجزم بان الضباط المتامرين في العراق بين شيوعي , وناصري ,وانتهازي , تكاتفوا رغم تفاوت عقائدهم السياسية لهدم النظام القائم بدافع الطموح . اذ اغراهم نجاح الضباط الاحرارفي مصر .وقد اثبتت الايام بعد ذلك انهم كانوا مجرد اداة تنفيذ من ساندوهم ).

لقد رسمت كل فئة على حدة خطوط الانقلاب المنتظر . فكان يدير احداها العقيد رفعت الحاج سري ,الذي سمي بجمال العراق , بالتعاون مع ناظم الطبقجلي .. وكون عبد الكريم قاسم بمؤازرة عبد السلام عارف النواة الثانية ..وبعد ذلك تم ائتلاف الطرفين في سنة 1954 وانتخبت لجنة مركزية مكونة من اثني عشر شخصا لادارة الحركة الانقلابية .

وفي سنة 1958 انضمت اليهم نواة الموصل فاصبح عددالضباط المنتسبين الى تلك لحركة يقارب ( 150) ضابط واغلبهم من الضباط الصغار .


بوادر انقلاب 14 تموز 1958

ذهب الملك فيصل الثاني والامير عبد الاله في شتاء 1957 الى معسكر الحبانية لحضور مناورات الجيش , حيث سقطت قنبلة على بعد امتار منهما .وساد الاعتقاد بان المسالة قضاء وقدر .وتبين فيما بعد بان المحقق في القضية كان من الضباط الاحرار . وكاد الوفد الاردني يلقى حتفه عندما انفجرت قنبلة تحت السيارة التي كانت ستنقل الوفد الاردني الى مطار في بغداد . ولم يسفر التحقيق عن اي شيء .

ويذكر ان نوري السعيد قبل ان ينتقل الى رئاسة وزارة الاتحاد الهاشمي ( العربي )واجه عددا من الضباط الاحرار الذين سجلت اسماؤهم في ادارة الامن للتحدث اليهم واعطائهم النصيحة .فلما قابل نوري السعيد عبد الكريم قاسم , خاطبه مداعبا :
(لماذا تريد ان تتخلص مني كرومي ؟ هزت هذه الدعابة مشاعر قاسم , فامتقع لونه , ثار قائلا : يعز علي ان اسمع منك هذا الكلام ياباشا . فطلقة واحدة من يدك اخف علي وقعا من تلك التهمة ). وفي تصرف قاسم مايثبت قدرته العجيبة على السيطرة على اعصابه للوصول الى مقاصده .
بعد اصدار عبد الكريم قاسم حكما بالاعدام على رفعت الحاج سري , قال بعض من زواره في السجن ( ساواجه الموت غدا وربما استحق ذلك , فقد حذرني نوري السعيد من سؤ العاقبة .. قال لي :
( اجلس ياولدي , ان صلتي بخالك المدفعي صلة خاصة ,فهو اخي وزميلي في الجهاد وقد اشتركنا في بناء العراق ,ويؤسفني ان اخبرك بان التقارير السرية تقول بانك وبعض زملائك الضباط تقومون باتصالات مشبوهة .لقد جئت بك الى هنا لاقول لك ناصحا , باننا اذا استطعنا اثبات ماتقومون به في الخفاء ضد الحكم القائم فلا تنتظروا منا الرحمة , لان علينا حماية مصير امتنا . اما اذا وفقتم في الاطاحة بنا فانتم ايضا اصحاب الخسارة ,لان الكسب والتفوق سيكون للشيوعيين المتربصين الذين يتحينون الفرص ).

هذا ماتنبا به نوري حينذاك . وهذا هو ماحدث الان فعلا ..فقد ثبت ان عبد الكريم قاسم عضو في الحزب الشيوعي , وقد استطاع فعلا ان يقضي علينا وينفرد بالحكم .

التآمر للقضاء على ميثاق بغداد

لقد تعددت الجماعات التي حاولت القضاء على ميثاق بغداد, لكنهم تكاتفوا فيما بينهم لازالة هذه العقبة الكبرى التي وقفت في سبيل طموحهم .وقد ايقنت اسرائيل ان نجاح ميثاق بغداد ( حلف بغداد) سيحاصرها داخل حدودها الضيقة وتذهب احلام الصهيونية مع الريح اذا احيطت اسرائيل بهذه الكتلة الجبارة .
علق السير انتوني مايؤيد ذلك في وثائق الخارجية البريطانية رقم (6 )..يقول الوزير البريطاني بان السفير الاسرائيلي اراد ان يتحدث عن الوضع الامني في الشرق الاوسط , مع الاشارة بشكل خاص الى الحلف العراقي ( ميثاق بغداد ), واراد ان يعرض رايه بذلك .قال الوزير البريطاني :

( لقد شرحت له وجهة نظرنا في الموضوع , واذا بالسفير ( ايلات ) يلح ويكرر شكواه بطريقة مملة من عزلة اسرائيل وتهديد جيرانها المتواصل .. فاكتفيت بالقول بانني بدات اضجر واسام من هذه الشكوى عن انعدام امن اسرائيل ومن عزلتها .. كان هذا جواب السير انتوني نتنج في حينه ).

رغم الصراع المصري الاسرائيلي الا ان عبد الناصر كان يجري اتصالات سرية مع موشي شاريت الذي كان اكثر اعتدالا من بن غوريون وذلك من خلال المكتب الصحفي للسفارة المصرية في باريس . وكان الشرطان الاساسيان اللذان وضعهما عبدالناصر للوصول الى تسوية سلمية مع اسرائيل هما :

1- عودة الفلسطينيين الى ارضهم و مساكنهم في فلسطين.
2- انسحاب الجيش الاسرائيلي من النقب الجنوبي , لتامين اتصال سري بين مصر والاردن .لكن عندما تم التوقيع على ميثاق بغداد رات اسرائيل ان في بنوده مايحتم عزلتها ,خصوصا ان المشروع يجد دعما من الغرب .اما عبد الناصر فوجد الانتساب الى ميثاق بغداد سبحرمه من فرصة بالاستئثار بالزعامة المطلقة .

كما وجدت فرنسا في ميثاق بغداد تهديد لمصالحها الحيوية . الجدير بالذكر ان دائرة الامن في بغداد اضطرت في حينها الى مراقبة القنصلية الفرنسية , كما قطعت عنها الاتصالات الهاتفية بعد كشف بعض الحركات المشبوهة .

في الختام تضيف الدكتورة عصمت السعيد ان الولايات المتحدة الامريكية فتر حماسها لميثاق بغداد بسبب دعمها المطلق لعبد الناصر ,ورات بريطانيا بعد العدوان الثلاثي على مصر انها لاتستطيع فرض شروطها على دول الميثاق بعدما وقف نوري السعيد وقفته المشهورة بحضور اسكندر ميرزا في الاجتماع الدوري الذي اقيم في عام 1957 في ايرن .
في الختام احب ان اضيف بان اسرائيل صرفت جزء كبير من ميزانيتها لافشال معاهدة بارتسموث , بالاضافة الى وقوفها ضد ميثاق بغداد . ان المعاضة السرية في العراق , وبتاثير الدعاية الناصرية , وبدون وعي منها ,حققت اهداف اسرائيل والحركة الصهيونية واهداف المخابرات المركزية الامريكية عن طريق الدعاية والاعلام الناصري , بالاضافة الى تاثر المعارضة بالاعلام السوفييتي المعادي للغرب والمناصر لعبد الناصر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينتقم لمقتل 3 من قادته وإسرائيل تحشد ألوية عسكرية ع


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسحب اهتمام الغرب من حرب غزة




.. الأردن يؤكد أن اعتراضه للمقذوفات الإيرانية دفاعا عن سيادته و


.. رئيس وزراء قطر: محادثات وقف إطلاق نار بغزة تمر بمرحلة حساسة




.. تساؤلات حول أهلية -المنظومة الإسرائيلية الحالية- في اتخاذ قر