الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من خارطة طريق تنقذنا من القادم الكارثي؟

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2017 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


هل من خارطة طريق تنقذنا من القادم الكارثي

كل التطورات السياسية والتفاعلات المتسارعة لتولي الرئيس الأمريكي الجديد وما هو متوقع في قادم الأيام، توحي أن أوقاتا صعبة أضافية علينا مواجهتها والعمل على قدم وساق من أجل تلافي ما هو حاصل بالتأكيد، هذا التوقع ليس نظرة تشاؤمية نطلقها في فراغ أو من فراغ بقدر ما هو تحسب للأسوأ سواء حصل ذلك قريبا منا أو حتى وفقا للأحتمالات الواقعية ستدور في ساحتنا ونحن أكثر الأطراف تضررا وأصابة فيما يدور، ومن المؤكد أيضا أن التركيبة السياسية المتولية زمام الأمور هنا ليس لها أي خطة طوارئ ولا يمكنها أن تعمل منعزلة عن القاعدة الجماهيرية التي طلقتها مبكرا لفعل شيء مهم يمكن أن يساهم ولو بشكل ما في توقي الخطر وتجاوز الأزمة بأقل الخسائر الممكنة.
في الوقت الذي نشهد أن حمى الصراع والتكتلات بدأت تأخذ مسارا جديا وتتعامل مع ما يمكن أن يدور وفقا للمصالح القومية والطنية للبلدان المعنية بالأزمة، نشهد الواقع عراقيا يدور في فلك الأنتظار فقط ومحاولة البحث عن ظل تحتمي به ومقابل أي ثمن فقط تحت شعار حماية السلطة والأطراف السياسية أن لا تتضرر شخصيا، هذا هو الذي يبدو متاحا في التفكير التكتيكي السائد على الساحة في الوقت الذي يعلم الجميع أن التكتيكات السياسية يجب أن تبنى ضمن أستراتيجية بعيدة وعملية وذات أفق أوسع من مصالح السياسيين والقوى التي تدور في فلك العملية السياسية المتهرئة والفاقدة لشرعيتها محليا وأقليميا ودوليا، وأخرها ما صدر أمريكيا بعدم أستقبال أي مسئول عراقي خاصة وأن العراق وأمريكا بينهما أتفاقية طويلة الأمد وهي التي تسمى أتفاقية الأطار المشترك، هذا الخلل ليسأمريكيا بالطبع بل هو نتاج العملية التي قادها بريمر أولا وأورثها النظام الحالي ويتعامل الجميع في أطارها الموضوعي والشكلي.
من أوليات العمل السياسي الوطني أن تكون لدى السياسي برنامج عمل محدد وملزم ومرن ومتطور يحي للتغيرات والتبدلات الأقليمية والدولية الكثير من الحسابات العملية، ويخضع هذه الحسابا دوما للفحص والتمحيص مع كل تغير مهما كان حجمه أو تأثيره، هذه الخطة أو المشروع السياسي لا يرتبط فقط بالأمن القومي وإنما يتعداه ليرتبط أكثر بما هو واقعي ومتغير في المعادلات الأستراتيجية التي تحكم النظام الدولي، ومن المؤكد أن ما أنتجته جمهورية بريمر بتركيبتها الحالية القائمة على تفكيك الأستراتيجية والعمل تكتيكيا ومة خلال المؤثر الخارجي وبأيادي غير حرفية ولا تجربة مناسبة تقدر من خلالها رسم خارطة طريق تضع العراق كدولة ومجتمع ووجود في مهب ريح الصراعات والتدخل الخارجي في كل مرة.
وما يؤلم أيضا أن التركيبة السياسية الحالية لم تستوعب الدرس السياسي ولم تتعلم من التجربة لأنها منغمسة كليا في أتون صراع داخلي بيني على المكاسب المرحلية، ولم تستطيع أن تفرز طبقة سياسية مهمتها التكلم والعمل باسم العراقيين جميعا ولا حماية مصالحهم العليا، لقد أسس السيد بريمر ودستوره سيء الصيت هذا الحال ولا نتوقع أن ينتج نظام بني على المصالح الفئوية والمحاصصة السياسية بشقيها الطائفي والعنصري رؤية سياسية قادرة على فعل الممكن والمتاح فضلا عن لمستحيل لحماية العراق وشعبه، بل الظاهر من خلال ما يطرح من مشاريع سياسية مأزومة في كل مرة إلى تعميق حالة الإنقسام الوطني وصولا إلى بلقنة العراق وتحويله إلى دويلات متناحرة على الكثير من المسائل التي وضعت كألغام في الدستور الحالي النفط والحدود والمياه والديون وغيرها من مسببات التشظي والتشرذم.
إن ما ينقصنا كعراقيين اليوم قيادة وليس أشخاص يمتهنون السياسة لأنهم فرضوا أنفسهم وفرضوا بموجب تركيبة أراد منها المحتل الأمريكي المزيد من التشتت والوهن، قيادة تمتهن السياسة بوطنية حريصة وبمنهج برغماتي معزز برؤية وطنية تستنهض العوامل الكامنة في المجتمع وتسخرها للتنمية والتعويض عن السنوات المفقودة من تأريخ العراقيين من عام 1958 ولليوم وتقدم حلولا ومشاريع لعموم الشعب ولا تتحدث بالمصالح الفئوية، ومما يعيق وجود هذه القيادة شكلية الدستور وتعميق أزمة المواطنة الناتجة عن توصيفه للشعب ككيانا وليس وحدة ديموغرافية متفاعلة مع قضايا الوطن، وأيضا من صفات القيادة المطلوبة أن تقدم المصلحة الوطنية الجامعة على الأنتماءات الفئوية والأجندات الخارجية كما هو الآن معمولا به حتى من الدول التي تخضع بالعموم للمصالح الدولية،
مثل دولة صغيرة كالكويت يعمل حكامها على كافة الوسائل والأساليب السياسية التي تحمي وتحفظ الكيان الأجتماعي من خلال بعض التنزلات التي تقدمها للغير وتشتري بها أيضا دفع الضرر عن البلاد، في حين أن حكومتنا ونظامنا السياسي لو يوفر قضية مهمة وفرط بكل قضايا ويدفع ثمنها مضاعفا دون نتائج تذكر، لأنها لا تعمل وفقا للفن السياسي المسئول ولا تستند إلى قاعدة أو منهج سياسي يحترم الوطن ويحترم المهمة والوظيفة التي يديرها كمسئول وفاعل في إدارة الشأن العام، وهذا يستدعب أولا بروز قيادة مدنية ديمقراطية معارضة حقيقية تحشد الرأي العام خلفها وتتبنى خارطة طريق برؤية قابلة للتطبيق كبديل لكل مسببات الإنهيار وتعالج كل الثغرات والعورات التي خلفتها منهجية بريمر ودستور عام 2005 ينتهي ويبتدئ بمحاولة التغيير السلمي المحافظ على ما بقي من أسباب القوة ومشتركات العمل العراقي الجامع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح