الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما أشبه دواعش اليوم بدواعش 8 شباط الأسود

فاضل عباس البدراوي

2017 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


شاءت الاقدار ان نعيش، نحن جمهرة من الشيوعيين والديمقراطيين العراقيين، حقبتين من الزمن، لنكون شهودا على الفواجع والمآسي التي حلت بالعراقيين خلال الحقبتين، على أيدي اوباش ولدوا خارج المنظومة البشرية. الأولى، هي حقبة دواعش انقلابيي 8 شباط 1963 ألأسود، والثانية حقبة دواعش اليوم، لندون ما ارتكبت من جرائم ضد الانسانية في الحقبة الداعشية الاولى، تلك الجرائم التي يصعب وصفها ببضعة سطور، وما يحدث اليوم من انتهاكات لحياة الأنسان وحرياته ومعتقداته، بابشع الصور، على يد عصابات تعيش خارج العصر، وهي من مخلفات العصور الهمجية المتخلفة، التي تستهين بكرامة ألأنسان وحياته.
ان ما يحدث اليوم للعراقيين الذين عاشوا وما زال يعيش نسبة غير قليلة منهم تحت سطوة (دولة داعش الأسلامية المزعومة) من قتل بأبشع الطرق كذلك (جهادهم) المزعوم عن طريق تنفيذ تفجيرات في الاسواق والشوارع دون تميز بين مواطن وآخر، ومن تدمير للصروح الحضارية والثقافية وتشويه للقيم الانسانية. يجد المرء من الصعوبة تعداد هذه الجرائم، فهي باتت معلومة، ليس للعراقيين فحسب بل للأنسانية جمعاء. لكنني أبغي تذكير ألأجيال التي لم تعش فترة انقلاب 8 شباط 1963 الاسود، بالجرائم التي ارتكبت بحق خيرة ابناء الشعب العراقي، بمختلف اطيافهم، مدنيون وعسكريون، رجالا ونساءا، اترك لهم المقارنة بما يحدث اليوم، وما حدثت في تلك الحقبة السوداء، من تاريخ العراق.
بعد نجاح عصابة البعث الفاشية، من الاستيلاء على السلطة، صبيحة يوم 8 شباط 1963 المشؤوم، بدعم من الامبريالية العالمية والرجعية العربية والمحلية، وكل الحاقدين على ثورة 14 تموز الوطنية، شنت عصابات الحرس القومي التي تم تشكيلها من قبل الانقلابيين، وهم زمرة من شذاذ الآفاق وسقط المتاع. حملة اعتقالات واسعة شملت مختلف شرائح المجتمع العراقي، من سياسيين وعسكرين وطنيين وقادة نقابات عمالية ومهنية ومثقفين واكاديميين وعمالا وطلبة، نساءا ورجالا. لقد تركزت الحملة على الشيوعيين بصورة خاصة. فتحت السجون والمعتقلات ابوابها لتستقبل هؤلاء المعتقلين، ولما امتلأت تلك المعتقلات، اتخذ الاوباش من النوادي والمدارس والنقابات والجمعيات وحتى البيوت مراكز للأعتقال، ثم بدأت حفلات التعذيب، في قصر النهاية ومحكمة الشعب والنادي الاولمبي وملعب الادارة المحلية في المنصور، وغيرها، بأبشع صورها من قلع الاظافر وسمل العيون وحرق شعر النسوة وقطع اجزاء من اجسام الضحايا بالكتر الحاد، والتعليق بالمقلوب على المراوح والصعق بالكهرباء، كما تم فتح مواسير المياه على سرداب قصر النهاية لتصل المياه الى صدورالمعتقلين، في ذلك البرد القارص، كانوا جلهم من قادة الحزب الشيوعي العراقي، في مقدمتهم الشهيد الخالد سلام عادل. كما وصل الأمر بأدعياء العروبة والقومية باغتصاب عشرات الفتيات. لم تتم تلك الممارسات الهمجية على يد افراد معينين من الحرس القومي بل أسهم فيها وأشرف عليها، قادة الحزب الفاشي ومسؤولون كبار في حكومتهم، وقد كان المجرمون، علي صالح السعدي وحازم جواد وطالب شبيب ومحسن الشيخ راضي وابو طالب الهاشمي وهاني الفكيكي وبهاء شبيب وهاشم قدوري وحازم سعيد ونجاد الصافي وعطا محي الدين ومحمد مرهون وعازم ناجي وخالد طبرة وسعد طبرة، وجعفر قاسم حمودي وعمار علوش وعطا محي الدين في بغداد، وفتحي حسين في كربلاء وفي الناصرية، عباس حمادي وسيف صلاح وعكاب سالم الطاهر وفهمي روفا (شقيق الطيار منير روفا الذي هرب بطائرة ميغ عراقية الى اسرائيل اواسط ستينيات القرن الماضي ) وسالم حمدون ويعقوب كوشان وسالم الشكرة ورياض البنا وموفق عسكر وطه الجزراوي في الموصل. كما اقترفت نفس الجرائم في مدن عراقية اخرى. وقد اسهم في اقتراف تلك الجرائم مع الاسف الشديد عدد من الفلسطينيين المقيمين في العراق اوالذين كانوا في ضيافة الشعب العراقي للدراسة الجامعية، اتذكر منهم فقط المدعو عيسى خضر طه الذي عين نائبا لرئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، حيث كان يمارس التعذيب ليلا بحق المناضلين العماليين في مقر الاتحاد الذي كنت معتقلا فيه مع عدد من القادة النقابيين.
ان الطريقة التي عذب بها القائد الشيوعي الباسل الشهيد الخالد سلام عادل، لمحاول تسقيطه سياسيا، كانت طريقة سادية قل نظيرها في العصر الحديث، لكن حدث العكس حيث انه بصموده الاسطوري اسقط الجلادين ليس سياسيا فحسب بل حطم اعصابهم، وهذا ما جرى لبقية المناضلين الافذاذ من قادة وكوادر الحزب الشيوعي، جمال الحيدري ومحمد صالح العبلي ومحمد حسين ابو العيس وجورج تلو ونافع يونس وحمزة سلمان وعبد الرحيم شريف ومحمد الجلبي وحسن عوينة والنقيب مهدي حميد والكاتب والصحفي الشهير عبد الجبار وهبي (ابو سعيد) والرائد خزعل السعدي والقائد العمالي الياس حنا كوهاري والقائد النقابي طالب عبد الجبار وعبد الخالق البياتي وجمال ماربين ومهيب الحيدري والكوادر العمالية والنقابية عباس نعمة رئيس اتحاد نقابات العمال في العمارة وعلي الوتار وابراهيم محمد علي ومحمد موسى وسميع جاني وابراهيم اواديس، والصبي فاضل الصفار، والقياديان في نقابة المعلمين متي الشيخ وعبد الاحد المالح، وآخرون لا يحضرني اسمائهم. ان تلك الجرائم، وبتلك الطرق الهمجية، تدل على مدى خسة ودناءة والسقوط الاخلاقي والانساني لعصابة البعث الفاشية المجرمة.
لم تقتصر جرائم البعث في تعذيب الضحايا حتى الموت، بل تعدى ذلك الى دفن مجموعة من المناضلين وهم احياء في قبور جماعية، من هؤلاء، الشهداء الخالدين، ابراهيم الحكاك صبيح سباهي وعدنان البراك وداخل حمود وعبدالستار مهدي الخوجة ولطيف الحاج وصاحب ميرزا وفيصل الحجاج وحسين الهورماني وابراهيم أدهم وادمون يعقوب ومحمد الوردي وآخرون لاتسعفني الذاكرة بأسمائهم.
كما تم اعدام كوكبة من الضباط الذي شاركوا في ثورة تموز المجيدة، دونما اجراء اية محاكمة اصولية، وهؤلاء، هم العميد الركن داود الجنابي والعميد عبد المجيد جليل والعقيد حسين الدوري والمقدم ابراهيم الموسوي والمقدم خليل العلي والرائدان فاضل البياتي وكاظم عبد الكريم والنقباء حسون الزهيري وعباس الدجيلي وهشام اسماعيل صفوت وعمر فاروق والملازم الاول الطيار منعم حسن شنون والملازم الطيار طارق محمد صالح (أبن شقيقة الزعيم عبد الكريم قاسم)، وتم ايضا اعدام العشرات من ابناء الموصل وكركوك والبصرة وبغداد داخل السجون، لم يراع فيها ابسط الشرائع السماوية والوضعية.
لا يفوتني ان اذكر الطريقة الهمجية التي أعدم فيها في دار الاذاعة بدون اية محاكمة اصولية وبعد دقائق من جلبهم، الشهداء، الزعيم عبد الكريم قاسم وفاضل المهداوي وطه الشيخ احمد وكنعان حداد، وقد تم اعدامهم بحضور عبد السلام عارف واحمد حسن البكر وعبد الغني الراوي وقد نفذ بهم الحكم كل من المجرمين منعم حميد وسعد طبرة. وكان قد اغتيل قبلهم قائد القوة الجوية الشهيد جلال الاوقاتي امام داره في صبيحة ذلك اليوم المشؤوم وكانت عملية اغتياله هو ايذانا بساعة صفر تنفيذ المؤامرة. كذلك اغتيل في صبيح يوم الانقلاب الحقوقي الديمقراطي البارز نائب رئيس نقابة المحامين الشهيد توفيق منير.
ليس باستطاعتي ذكر اسماء مئات بل الالف المعتقلين والمعتقلات من الشيوعيين والديمقراطيين والقاسميين وحتى بعض المستقلين الذين غصت بهم السجون واماكن الاعتقال.
اترك للقراء الكرام اجراء مقارنة بين ما جرى في تلك الحقبة السوداء من جرائم وبين ما تقترف من جرائم على يد عصابات داعش بحق شعبنا اليوم، اليس دواعش اليوم هم امتداد وتلامذة لبعث 8 شباط الاسود وبعث صدام وما الفرق بين ما جرى في تلك الايام السود وما يجري اليوم على أيدي الدواعش الجدد؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تبرير العنف
رفيق التلمساني ( 2017 / 2 / 6 - 20:03 )
نقرأ في المقالة: (وتم ايضا اعدام العشرات من ابناء الموصل وكركوك والبصرة وبغداد داخل السجون، لم يراع فيها ابسط الشرائع السماوية والوضعية).
الواقع أن تلك الإعدامات إنما استمدت مبرراتها من شرائع سماوية مقدسة ووضعية تقدست. بل كلما وجد الناس تبريرا لجرائمهم بالشرائع السماوية والوضعية كلما كانت الجرائم أبشع. المنفذون لهذه الجرائم يفقدون، حينها، أي إحساس بالمسؤولية ظنا منهم أن أفعالهم مبررة من طرف من هو أفضل منهم (الله ورسوله مثلا) أو ماركس ولينين وستالين، أو باسم قدسية الأوطان، أو باسم مصلحة الشعب أو الكادحين... وغيرها ذلك من مما ابتكرته الثورات التي قادتها أقليات أيديولوجية لتقيم على أنقاض الأنظمة المطاح بها أنظمة أبشع منها، أو نقيضا لها في التوحش.
الحقيقة أن الأنظمة التقليدية الملكية واللبرالية التي نشأت في ظل الاستعمار أو تأسست بعده لم تلجأ إلى ممارسة العنف بالوحشية التي لجأت إليها الأنظمة المؤدلجة قوميا ويساريا. كان العنف الثوري لدى هؤلاء قيمة سامية. كانت تهمة العمالة والخيانة لا تختلف عن تهمة الكفر والزندقة، وأحيانا كان يجري المزج بين المبرر الديني والأيديولوجي.
تحياتي


2 - عبد المجيد جليل
سليم عيسى ( 2017 / 2 / 7 - 12:06 )
تحية استاذ فاضل، لقد سعى مجيد جليل الى حتفه بيديه، فقد لعب دورا سيءا مع الاسف وخدع قاسم ولعب دور الوسيط بينه وبين البعث عبر علي صالح السعدي، وكيل الأمن،.فكان على هذا الأخير ان يصفيه خاصة ان لدى جليل إضبارة خاصة بعلاقة السعدي بالامن وايضاً عن سيرته السيءة. وتوضيح ان سمحت، لاعلاقة لفهمي روفا بالخائن منير روفا، مجرد تشابه اسماء. مع التقدير

اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال