الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجربة الحياة والموت في حياة الإنسان

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2017 / 2 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تجربة الحياة والموت في حياة الإنسان
بدأ أنا مؤمن بنظرية أن الحياة برمتها وجودا ومعايشة وفهم هي محاولة للتأقلم مع الوظيفة الوجودية للكائن الحي، بمعنى أننا أمام فرصة ليثبت هذا الكائن أنه منفعل بذاتية معنى الحياة ولا علاقة لها من حيث جوهرة المعنى بكون التجربة بدية حتمية لا بد أن تمضي بأي حال، هذا المفهوم العبثي الذي يركز عليه العدميون والعبثيون هو النقيض لفكرة الكهنوت الروائي التأريخي الذي بركز على أن الحياة ليست إلا طريق للتهيئة إلى وجودية عالمية أخرى وما هي إلا عمل حالي لنتيجة مؤجلة، كلا الفكرتين تلغي قيمة الحياة وتلغي فاعلية الكائن الحي ليجسد وجوده أولا هنا أعتمادا على ما يمكن أن يقدمه فيها لنفسه ولوجوده الفردي، فإذا كان الأمر معلقا لقضيةأخرى هذا لا يغني مع فرضوجوده أن نعيشها بالشكل الإيجابي مع الأخذ بنظرية الأحتمال الأخر.
أما الرأي العدمي والعبثي فأنه أيضا يجافي المنطق الوجودي ذاته إن كانت الحياة عبث أو تنتهي للعدم المفترض فهذا لا يغني أن نعيشها بمستوى أرقى من فهم العبثية على أقل الأفتراضات أن العدم والعبث يخالف أيضا العلية من الوجود، عليه فيكون نقدها للحياة ومحاولة أن نعيش أنتظارا لنتيجة لا تصمد أمام واقعية الوظيفة يضعها في مرتبة الجهل المركب حينما لا تنتج ما يؤهلنا ككائنات حية أمامها فرصة للتنعم وتسخير الزمن وترجمتها إلى بصمة أخرى تعطينا قدرة على أن نكن أكثر واقعية وصدق مع راهنية الحياة وجود وزمن، الذي نصل إليه في النهاية أن الغباء وحده هو الذي يجعلنا نفرط أو نتجاوز الحقيقة المطلقة أننا أحياء لأننا نمارس الحياة بغير قانونها ونجهل أن فيها ما هو أكثر ملائمة مع طبيعة الكائن الحي عموما والإنسان خصوصا كونه كائن معرفي يعترف بقيمة الزمن وقيمة الوجود ذاته.
عندما يحاول البشر في حياتهم المعاشة أن يمنح لهذه الفرصة قيمة إنما يمنح لنفسه أكثر من فرصة للتعبير عن ذاته، والتعبير عن فهم كلي أننا يجب أن نعيش لذات الوجود ولذات الحياة نفسها، الدين عندما تعاطى الإنسان معه في أول مرة حاول فيه أن يجد هذا التعبير وهذه الحتمية من وجوب التأقلم لا أن يهرب منها ومن أستحقاقات ما يجب أن يكون، المشكلة أن الإنسان بذاته العاقلة يريد بكل السبل أن يحيا إيجابيا، أما الإشكالية فتتعلق بما ينتج من قراءة سواء أكانت من الدين الذي يؤمن به أو من الفكرة التي يعبر بها ومن خلالها عن هذا التوجه، وهذا بحد ذاته يشكل روح التجربة ويشكل عماد المقوم الفلسفي لفكرة الوجود في الوجود المستمر اللا متناهي حتى مع حقائق العلم المطلق.
إذا القضية بكونها تجربة تحتم علينا أن نجسد قيمة للوجود حتى نعطي للتجربة معنى ونعط للما ينتج من التجربة دلالة تتراكم لتتحول إلى خلاصة تقود للبرهنة على الأفتراض الأول أن الحياة أصلا لا هي عبث ولا هي عدم تام ولا موضوع مؤجل إلى كونية أخرى مختلفة، هذا يعني أننا نؤمن بالأحتمال على أنه جزء من فرض التجربة ولكنه ليس تعبيرا كاملا عنها لأن العالم الأخر فكرة جاءت أيضا أفتراضا نقليا خالي من الدليل العلمي الذي يجسد ألية العلم ومن خلالها أن نصنع اليقين به أو ننفيه، فكل ما لا يثبت ببرهان عملي أو علمي لا يعني أنه مسلم به ولا يعني أنه خارج ما يمكن تجريبه أو البرهنة عليه ولا ينافي أيضا أن العقل يقبل به أو لا يقبل.
عندما هرب الإنسان من عجزه وهو يخوض تجربة لبرهان ما، وفشل في بعض أحداثيات التجربة عاد وأنكر الفرض الأساسي للتجربة وبل في بعض المفاصل أنكر أن التجربة أصلا ضرورية، فلجأ إلى الوهم المريح، الوهم الذي صنعه الفشل والخيبة والأنهزام ليس أكثر من ذلك، فكل التخريجات التي يطرحها العقل المأزوم والعقل المهزوم تحاول تغييب أثر التجربة وبل تنكره، وتدع أن الحياة ليست بالقيمة الأساسية التي يجب أن توقر كونها الأساس والمبرر لوجودنا فيها، نعم أحيانا وأستثناء وتحت ظرف ملجي يكون الهروب من الحياة حل، ولكنه كخيار دائم لا أظن أن نترجمه إلا بمعنى الجحيم.
علينا كبشر نمتلك منظومة عقلية وإدراك معرفي ننتمي له وينتمي لنا وبين أيدينا جملة من الأهداف والوظائف التي لا بد لها أن تحسم على أرض الواقع كي نشعر معها وبها بإنسانيتنا وصيرورتنا وكينونتنا، أن نمنح التجربة هذه التي وصفناها كل القيمة الضرورية وأن نعيش وجودنا بأفضل حال ممكن برغم من أن السعادة في الوجود لا يمكن قوننتها أو نمذجتها بأطار ما، فقد تكون حدودها لدى فرد أضيق أو أوسع من وجودها لدى أخر، وحتى كيفيتها وكونيتها وطريقة السعي لها مختلفة ومتشعبه لكن في الأخير هناك قانون جامع، كل من عليها يجب أن يعيش وإلا لمعنى أساسا لقضية خلق الوجود وخلق الحياة ولا معنى لكل ما يدلنا أو يساهم بتوعيتنا فيه بدأ من التركيب الفسيولوجي للكائن الحي وأنتهاء بالتركيب الوظيفي له.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجرب التاكو السعودي بالكبدة مع الشيف ل


.. لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس




.. بعد 200 يوم.. كتائب القسام: إسرائيل لم تقض على مقاتلينا في غ


.. -طريق التنمية-.. خطة أنقرة للربط بين الخليج العربي وأوروبا ع




.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: حزب الله هو الأقوى عسكريا لأنه م