الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


1.المسألة السورية ... لماذا لم يسقط نظام الاسد

صادق الزهاوي

2017 / 2 / 9
السياسة والعلاقات الدولية


المسألة السورية
لماذا لم يسقط نظام الاسد

صادق الزهاوي

((لم يكد العنف يبارح السياسة في التاريخ العربي المعاصر , تلازما طويلا حتى كادت السياسة لاتعرف إلا به أو بما هي عنف . ومرد ذلك أنها ما قامت في الحياة العربية المعاصرة محل القواعد التي عليها تقوم المجتمعات الحديثة ، وتأسست على أخلاقية تنافسية سلمية . )) الدكتور عبد الآله بلقزيز ــ الدولة والمجتمع ــ جدليات التوحيد والأنقسام في الأجتماع العربي المعاصر
ما عرف بالربيع العربي ، والذي أظهر مشهده أختلاط الخريف بالشتاء ، ولم يكن فيه من عبق الربيع من شيء . وذلك لأن رأس الهرم وأغلب القوى الفاعلة على الساحة ، لم تكن في طروحاتها الفكرية تؤمن بالديمقراطية أساسا ، بل ركبت الموجة لأنها وجدت فيها الفرصة التي من الممكن أن تخرق فيه جدار السلطة الحديدي الذي فرض عليها . ورغم التدخلات الأقليمية والتي جاءت بصورة الأخوانية أو السلفية الجهادية (والأخيرة هي التوأم للفكر الجهادي الأخوان) وكذلك التدخلات الدولية فانها لم تستطع ان تحقق الحد الادنى من الاهداف المرجوة لها من قبل الجماهير العريضة التي كان من المفترض ان تكون التغييرات لصالحها بل بالعكس من ذلك تماما فانها قد ارجعت عجلة تطورها وتقدمها اشواطا واشواطا الى الوراء . فلماذا كانت نتائج كل ذلك الحراك بهذه الصورة ؟مع العلم أن كل ذلك ينطبق على المسألة السورية تحديدا ، لا بل وبتأثير أكثر فعالية وللأسباب التالية ::
أولها ـــ أن القوى الأقليمية كانت لها دوافع قوية في أجندتها التي دفعتها للتدخل ، وخاصة بالنسبة للاعبين الرئيسيين(بفتح الياء), بلدان الخليج وتركيا ، مما أنعكس على حجم المساعدات لا بل وأشكال التدخل وأدواته ، كما أن الموقف المتعنت من قبل كل الأطرف التي ذكرناها بعدم قبولها ببقاء الأسد على دفة الحكم كانت أشارة الى مدى عمق الصراع ، ومدى العداوة المستفحلة بين أطرافه .
ثانيا : ــ التزامن الذي حصل بين بروز قوى الأسلام السياسي الشيعي على المشهد الخليجي بالذات ، والذي غدا عاملا يؤرق أصحاب السلطة من الأسر الحاكمة في الخليج مستبعدين نموذج عمان (( لأسباب خاصة بتجربتها ، وسيادة المذهب الأباضي فيها )) ، وبين بروز وتصاعد الصراع في سوريا .
ثالثا : ــ والسبب هذا يتعلق بتركيا بالذات ، وذلك بسبب تبنيها لطروحات أحمد داود أوغلو في ما عرف بالعثمنة الجديدة ، التي أعتبرت وفقا لرؤاها أن المجال الحيوي لتركيا هو دول النطاق الجغرافي لتركيا اليوم, والتي كانت تحت حكم السلطنة العثمانية قبل سقوطها . وبالمقابل كانت أجندات المدافعين عن نظام الأسد لاتقل أهمية على مستوى السوق عن ما له من الطرف الآخر وقد تجلت كما نرى في ....
أولا : ــ أن إيران ستخسر أهم أجنحتها التي من الممكن أن تعمل معها كجناحي نسر يطبق في اللحظة المطلوبة على ساحة الشرق الأوسط , أذا سقط نظام الأسد .
ثانيا : ــ أذا خسر حزب الله ظهيره وطريق أمداده المؤمن بلا أدنى شك ، ونعني به تحديدا سوريا ــ نظام الأسد ، لابل نحن نرى أن هذه العلاقة الوثيقة تجعل من سوريا المستودع الرئيسي على مستوى السوق لكل الدعم اللوجستي الذي قد يحتاج أليه حزب الله في صراعه مع أي طرف كان .
ثالثا : ــ أن سقوط نظام الأسد سيعني أكبر أنتصار للمشروع الخليجي الذي يستهدف أيران وجودا وعقيدة ومصالح .
رابعا : ــ ما سيكون لأنتصار المشروع التركي ــ الخليجي من آثارعلى التجربة في العراق و مديات وآثار أنعكاساته وتجلياته على الصراع السياسي خاصة في جانبه الطائفي .
تلك بأختصار شديد ما رأيناه بالنسبة للعامل الأقليمي ، اما بالنسبة للعامل الدولي ، فشهادة وزير خارجية الولايات المتحدة فوستر دلاس التالية تظهر الأهمية السوقية لسوريا تختصر الكثير من القول منقولة عن الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل (( وأتذكر لقاء مع جون فوستر دلاس وزير خارجية الولايات المتحدة العتيد على عهد رئاسة الجنرال ( دوايت آيزنهاور ) وكان اللقاء في فندق "" والدروف أستوريا "" وكان التاريخ 21 نوفمبر 1955 ( بعد صفقة الأسلحة مع الأتحاد السوفييتي بستة اسابيع ) . ولفت نظري أن "" دلاس "" بدا في حديثه معي مشغولا بأثر صفقة الأسلحة في سوريا أكثر مما كان مشغولا بأثرها في مصر ، وكان رأيه أن (( الصفقة سوف تشجع عوامل التطرف في سوريا وتجعلها تظن أن لحظة إلقاء إسرائيل في البحر قد حانت ، ولم يبق إلا فتح النار )) . وقد كرر أكثر من مرة تعبيرا أستوقفتني صورته ، وهو قوله (( سوريا موقع حاكم في الشرق الأدنى ، هذه أكبر حاملة طائرات ثابتة على الأرض في هذا الموقع الذي هو نقطة التوازن تماما في الأستراتيجية العالمية )) . ثم يضيف دلاس (( هذا موقع لا يجازف به أحد ..... و لا يلعب به طرف . )) أن هوس التدخل في شؤون الحركات السياسية المحلية بدت بشكل واضح التجلي والمعالم في الموضوع السوري فحركة الأحتجاجات بدأت من المنطقة التي أغلبيتها من الكورد وواجهت كما هي عادة من كل الأنظمة قمعا شرسا من النظام . فكان أن أمتدت حركة الأحتجاجات التي بدأت بالظهور بشكل سلمي في البداية ، وذلك لأن المناطق المحتجة التي بدأتها قد كسرت حاجز الخوف من النظام وأجهزة قمعه . ثم اتت بعد ذلك أشكالية ما سمي ( بالمعارضة) تلازمت مع ثلاث معضلات كانت ومازالت عقدة وجودها . أولها : ــ أن القوى التي تصدت لمعارضة النظام في قسمها الأكبر كانت قوى الأسلام ــ السياسي ، والتي كانت تتغذى من الصراع التاريخي بين السلطة والأخوان وذروتها كانت في مواجهات حماه على عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد ، ومعروف ان طروحات الأخوان الجهادية اصلا لا تتعارض مع الكثير من الطروحات السلفية الجهادية تؤامها المتشدد ، والتي بدت أن لها قاعدة شعبية وقبولا عاما مما غدا منافسا واضحا ومن هذا المزيح وغيره برزت جبهة النصرة ومن ثم تنظيم " داعش " . ثانيها : ــ أن حركات الأحتجاج مع إستثنائات قليلة لم تكن تملك مشروعا سياسيا واقعيا لتغيير النظام بل كانت عبارة عن حركات أحتجاج تطالب بأسقاط النظام دون برنامج بديل . وكل ذلك كان يخفي تحت رماده نارا تتغذى من البعد الطائفي الذي هو ودون أدنى شك يصاحب قوى الصراع عندما تتدخل قوى الأسلام ــ السياسي . والذي بدا واضحا من خلال السلوك الذي سلكته كل ما عرف من قوى المعارضة التي تنضوي تحت يافطة الأسلام السياسي في طروحاتها . ثالثا :ــ فشل ما عرف بقوى المعارضة في أقامة النموذج البديل للنظام في المناطق التي تحت سيطرتهم بل العكس بدت من أسوأ التجارب من خلال نفوذ أمراء الحرب والفضائع التي أرتكبت ضد الحريات وحقوق الأنسان مما ألب عليها العالم كله . ونحن نرى أن عمليات التجميل التي تدور برعاية فلك الراعي التركي لن تفيد ( فلن يصلح العطار ما أفسده الدهر ) .
من كل ذلك نرى أن القوى التي سعت في التدخل في الشأن السوري أخطأت الحسابات في النقاط التالية :1 ــ أن الجيش السوري لم يكن قد دخل حربا قبل تلك الأحداث أو قد تعرض لخسارة معركة في الزمن القريب المنظور ، مما يعني أنه كان بهيكليته متكاملا وبدا قويا لفترة ليست بالقليلة بعد أن دفعت قوى التدخل الأقليمية وبالذات تركيا بأتجاه المعارضة المسلحة . 2 ــ رغم أنشقاق عدد من الضباط ألا أن تجربة البلدان التي سبقت فيما عرف بالربيع العربي وبالذات ليبيا كانت حاضرة في ذاكرة الكثيرين الذين فضلوا الوقوف مع النظام حتى الموت . 3 ــ أن تجربة العراق في أجتثاث البعث وحل الجيش كانت حاضرة في كل مفاصل الدولة في سوريا وذلك لعملية التدجين التاريخية بين النظام ككيان دولة والحزب الحاكم منذ عام 1963 / م .
لذا يمكننا أجمال تلك العوامل في العامل الذاتي لكيان النظام الذي أظهر تماسكا الى حد ما ، خاصة من الفترة 2012 الى 2014 مع ظهور داعش آخر عنقود التنظيمات المتطرفة . والعامل الأقليمي والذي تجلى في الدعم الغير محدود من قبل أيران وحزب الله والمتطوعين العراقيين من أبناء الطائفة الشيعية والذي كان بسبب تشابك ضرورات الأمن الكلي لجميع الأطراف وصلة ذلك بأمن كل منها ، وأعني سوريا وإيران والعراق وحزب الله . لقد كان لجنوح تنظيمات المعارضة السورية الى سلوك البعد الطائفي ، الى حد العلن في مشاهد مصورة ملئت وسائل الأعلام ، الى أضفاء الطابع المقدس في الدفاع عن العقيدة . أما في الجانب الدولي فكانت الفرصة التي سنحت لروسيا الفيدرالية في أن تضع لها موطىء قدم عند المياه الدافئة وعدم التفريط بآخر مكان لها على حوض البحر الأبيض المتوسط ، ونعني به (قاعدة طرطوس) ، وطموح الرئيس بوتين الشخصي بأعادة روسيا الى الساحة الدولية ، كل تلك العوامل جعلت من الدعم الروسي اللامحدود واقعا في ظل سياسة للولايات المتحدة سادها التخبط وعدم الوضوح في أهدافها ، وضعف الأمكانات التي وظفتها . ومما لايقبل الشك أن الروس بعد كل هذه التضحيات يريدون شريكا موثوقا به لضمان مصالحهم وليس غير بشار الأسد من ضامن لذلك .
صادق الزهاوي
التاسع من شباط 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن