الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف بين عسل السلطة ومرارة الواقع.

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2017 / 2 / 12
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


لا أريد في هذه المقالة أن أصنف المثقفين حسب قدرتهم على التعامل مع هويتهم الوظيفية الأجتماعية، ولا من حقي أن أفعل ذلك ولكن للواقع دوما قراءة يطرحها لا يمكن الفرار منها أو تجاوزها بحجة الحيادية والنأي بالنفس عن إشكاليات النقد والأنتقاد، المثقف العراقي خصوصا والعراقي عموما وطبعا مع الأقرار بالأستثناءات الفردية دائما يقع بين حدي العسل والحنظل، فهة كأي إنسان أجتماعي يتمنى أن يكون في وضع عام مقبول إن لم يكن مميز لدوره ووظيفته الأجتماعية والمعرفية، وهذا لا جدال ولا خلاف عليه كونه حق طبيعي، لكن الإشكالية تثور حين يكون هناك عرض وطلب سوق فيه بيع وشراء، لا بد أن تدخل في معمة ما موجود كي تكون رقما أما مع عسل السلطة أيا كانت ومع تفكيرها وحتى أيديلوجيتها أو مع حنظل الواقع التي ترسمه السلطة وتفرضه كرها وغصبا على الإنسان.
المثقف بعيدا عن التوصيفات يحمل مع التسمية وظيفة ويحمل معه أختياره للثقافة رسالة مححدة، فهو ملزم بها وهو حر ومدرك لهذا الخيار ونتائجة ومقدار تطابق سلوكه معه، فالمثقف الذي لا يؤمن بحريته ولا يثق بإدراكه ليس أكثر من بوق أعمى وأجير صالح للأكراء عليه في كل مرة يوجد مستكري وتوجد حمولة، العنصر الأساسي في كونية المثقف هو أنحيازه الكامل للحرية والبناء على أن كل خياراته مرتبطة بها، فهو يمارسة ثقافته من خلال عمق الإدراك المتحرر وينظر لغيره على أنه كذلك، وعليه أن يجعل من وظيفة الثقافة هي الدعوة اليومية للحرية وللجميع ومن دون عناوين، هنا يمكننا أن نصنفه مثقف ولا ننقص من قدره لو كان مؤمنا بأن الأستبداد والطغيان والديكتاتورية طريقا لأصلاح المجتمع وقيادته، شرط أن يكون مؤمنا حقيقيا بها لا أجيرا ولا مستأجرا طالما أنه يتبنى رؤية مدركة عقلية ذاتية خاصة به ويدافع عنها بجد.
إشكالية المثقف مع السلطة ليست إشكالية خارجية مفروضة عليه ولا هي من نتاج السطوة فقط بقدر ما هي قدرته أن يمارس حريته وإدراكه بالقضية التي يؤمن بها، عندما يتحول المثقف إلى تاجر أو إلى أجير أو إلى بياع كلام يختار طريق الجهل والأمية ويتخلى عن إنسانيته العاقلة لأنه يستجيب لنوازعه النفسية أولا وبذلك ينزل لمراتب دون البشرية الأعتيادية، ويتحول إلى عدو للثقافة التي يؤمن بها أنها عنوانه، وإنها هويته التي يعتز بها، فمن يبيع إدراكه ويقينه ليمارس دور الداعر الفاجر بنفسه لنفسه ويسقط في حالة الأختلال النفسي والعقلي المزمن.
إن الهروب الدائم حول وهم التخلص من سطوة السلطة السياسية في محاولة لتأقلم هي الإشكالية التي يبرر فيها المثقفالأنتهازي دوره التخريبي وتخليه عن الحرية والمسئولية الأخلاقية لمن يؤمن بأن رسالة المثقف في الحياة أن يعيد صناعة الواقع ويحرره من أنياب الوحش المتسلطن، وإلا لا قيمة له ولفكره لا وجوده تحت هذا العنوان بغض النظر عن الثمن الذي يدفعه أو سيدفعه أجلا أو عاجلا، القضية أن تثبت لنفسك أولا أن مدرك لوعيك بالرسالة هذا الإدراك الذي يقود للتشبث بالحرية والأخلاص لها والمضي قويا في بسط معنى أن تكون قائدا نوعيا لا كم مجرد من الفعل، المثف العراقي وأنا جزء من هذه التشكيلة لا ينبغي أن يسلم مفاتيحه ووجوده للطغيان مهما كان العنوان ديني أو سياسي أو أجتماعي، وعليه أن يتنزه من كل إشارة سلبية تنتقص منه ومن ما يرفعه من شعار في أروقة الواقع.
عليه وبناء على أس هذه الفكرة فقد واجه المثقف الحقيقي المخلص لثقافته ووعيه وإدراكه مسألة الحرية بروح الأنتماء، في الوقت الذي غادر فيه الكثير ممن يحملون الشعار في رحلة البحث عن المصالح والمكاسب بعد أن تخلوا تماما عن كل ما يربطهم بمعنى مثقف، وتحولوا إلى شرطة ومخبري أمن ومتملقين متطوعين لمسح أكتاف النظام السياسي وتلميعه تحت عنوان الوطنية وملازمة الخط المسالم، عسى أن يجدوا في أخر مشوار الخدمة فسحة صغيرة من حرية أشبه بالعبودية ليستثمر وجوده المنحرف، ويعلن عن أنتصاره على الواقع وهو لا يعلم بالضبط أم كل مقالته هذه معايشة للطغيان وتبريرا للتسلط وإمعانا بأذلاله شخصيا من قبل قوة السلطة وسلطة القوة، هذا المثقف الزائف سيتحول بعد حين إلى داعية وناعية ومهرج وأمعة يحركها الطمع في شهوة السلطة وقذارة أساليبها مهما كانت مغلفة ومهما كانت تحتج بالوطنية أو الولاء للمجتمع الذي تحكمه وتعيش فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي