الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمة يحكمها الاموات!

عبد عطشان هاشم

2017 / 2 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل يمكن ان نتقدم ونتمدن ونبني حضارة متقدمة تليق بالانسان المعاصر كما فعلت اوربا مثلا ؟
الجواب ببساطة شديدة: كلا ، لاننا غير مشغولين بالحاضر وهمومه، وتحدياته ، ولا بالمستقبل ان وجد، بل اننا غير مشغولين بالحياة قطعا!!
فنحن امة تحكمها شرائع الاموات وسننهم!
مصيرنا قد تقررسلفا منذ 1400 عام، و لازلنا ننفذ حكم الاقامة الاجبارية في الماضي الغابر جيلا بعد جيل.
تمعن مليا في خريطة الشرق الاوسط واخبرني ماذا ترى؟
بلدان ممزقة ، طوائف وجماعات متناحرة، اطلال مدن مهدمة ، فقر وتخلف وملايين من المشردين سواءا في اوطانهم او اوطان الاخرين.
لماذا حدث هذا؟
حدث هذا ياسادة لان هناك قطعان من المتعصبين، الناطقين بلسان الاموات، يريدون ان يعيدوا شريعة الماضي بالقوة ولو على اشلاء الابرياء واطلال المدن المدمرة فهم لايعيرون ادنى اهتمام بالحاضراوبالمستقبل ، لقد اقاموا بينهم وبين الحياة سدا كونكريتيا ضخما ،وكل شخص فيهم لايهمه سوى ان يحصل على حجز مسبق في الجنة وحوريات وغلمان بالجملة!!
لاتخبرني عن المؤامرات الغربية الخيالية التي تحاك ضد العرب المسلمين!
منذ اكثر من 60 سنة ونحن نسمع هذا الحديث مرارا وتكرارا من حكامنا على اختلاف مشاربهم ولازال رجال الدين يضحكون على ذقوننا بنظرية المؤامرة المستمرة الى الابد.
ولماذا تحاك المؤامرات ضدكم اصلا؟ وانتم خارج دائرة التطور والتقدم العلمي والتقني جملة وتفصيلا!!
انا اتفق معك ان هناك مصالح دولية متداخلة قد استفادت من هذا المشهد الدموي في الشرق الاوسط ولكن اذا كان ابنك لصا فلا تلم رئيس العصابة الذي استأجره!
الثقافة الاسلامية في جوهرها ثقافة معادية للتقدم والتطور والتواصل الإنساني والانفتاح على الثقافات الاخرى (الكافرة) ، وهي ثقافة منشغلة بصناعة الموت والسعي لترهيب المجتمعات الانسانية قاطبة بمن فيها الاسلامية ذاتها، ولذلك تستغل كل امكانياتها للتدمير والتخريب والقتل.
وهي ثقافة تسعى لاخماد جذوة الحياة في النفس الانسانية لتشيع بدلا منها الكآبة والبؤس والخوف المرضي من كل جديد وتشحن العقول بالكراهية والحقد تجاه العالم بأسره.
الموت هو ان لانستطيع الحياة ونحن احياء!
وليس فقط ان تتوقف قلوبنا عن النبض وتكون اجسادنا تحت التراب .اما الاسوأ من الموت فهو ان تكون عقولنا مغيبة مدفونة في غياهب الماضي، حيث لاحاضر ولا مستقبل. واجسادنا مكبلة بقائمة لاتنتهي من التحريم والتخويف والوعيد والترهيب. وعندما نعيش في إنتظار الموت فنحن أموات!
ليس هناك شعب يحكمه الموتى ، يأتمر بأمرهم ويردد اقوالهم ويقتل الابرياء دونهم ويدمر المدن ويخرب حضارات، في الوقت الحاضر، الا المسلمين.
فلحد الان لايزال البخاري ومسلم و ابن تيمية وابن الجوزية ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهم من كهان الموت يمسكون رقاب المسلمين ويعصبون اعينهم عن رؤية العالم الحقيقي في الزمن الحاضر.
والمفارقة الكبرى انهم يربون اطفالهم على احتقار الحياة وقيمها وقمع كل غرائزها الاساسية وتقديس ثقافة الموت وخرافة السلف الصالح و يفاجأون عندما يكبر ابنائهم وقد تحولوا الى ارهابيين وسفاحين وقتلة.
والسؤال الجوهري هنا ، ماهو نوع الانسان الذي تنتجه هذه الثقافة؟
وماذا ننتظر من هذا الانسان الذي رضع من ثدي هذه الثقافة صغيرا ، وكبلته باصفادها كبيرا؟
ولهذا السبب حياة الانسان لاقيمة لها في العالم الاسلامي سواءا كنت تعاني من البطالة ، او الفقر او المرض او تقتل في انفجار ارهابي فالامر سواء فالدنيا دار فناء والاخرة دار بقاء!
والملفت للنظر ان رجال الدين ،الذين يخدرون مجتمعات باكملها يوميا بهذا الهيروين الجماعي، هم الوحيدون الذين لايؤمنون بهذا الهراء الذي يصدرونه للناس ويجبرونهم على اطاعته فهم منغمسين بالاستمتاع بالحياة الدنيا ، حيث يركبون السيارات الفارهة ، والقصور الفخمة، والثروات الخيالية فلن تجد فيهم رجل دين فقير الا من كان لايتقن حرفة التجارة بالدين وهي من اكثر المهن ربحا كما نعرف!
قال الفيلسوف العربي المجدد زكي نجيب محمود في كتابه تجديد الفكر العربي : "سلطان الماضي على الحاضر هو بمثابة السيطرة يفرضها الموتى على الأحياء، وقد يبدو غريباً أن يكون للموتى مثل هذه السيطرة، مع أنه لم يبق لنا منهم إلا صفحات مرقومة صامتة، لا تمسك بيدها صارماً تجلوه في وجوهنا فيفزعنا كما قد يفعل الأحياء من ذوي السلطان، لكن هذا هو الأمر الواقع، الذي في مستطاعنا أن نفسره، وليس في مستطاعنا أن ننكره".
وهذا هو جوهر مشكلتنا القائمة ، فسيطرة الموتى دائمية تنتقل من جيل لاخر ، اما سيطرة الاحياء فمؤقتة وطارئة.
عندما نتحرر من سيطرة الماضي بكل مفاهيمه الخاوية والبالية وماانتجه من نصوص مقدسة. سنكون قد شرعنا الابواب والنوافذ امام رياح التغيير والتجدد والنهوض الحضاري واللحاق بركب الامم الاخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دك .... عيني دك
ابو صادق الزيادي ( 2017 / 2 / 12 - 14:24 )
احسنت . وكيف يخطو الشعب خطوه الى الامام وفيه من لازال يلتمس تفال سيد محتال لشفاءه وجكليته قرأ عليها شيخ نصاب لقضاء حاجاته ومتمسحون منتحبون عند الحجر والحديد والخشب .... عميان وحاضنين شباج الكاظم ....بلد وشعب أقرأ عليه السلام


2 - أمة تعيش تحت رحمة الاموات
شاكر شكور ( 2017 / 2 / 12 - 16:03 )
التمسك بالماضي والخضوع لحكم الأموات هو الركيزة الوحيدة المتبقية لبقاء الإسلام ، فالإستغناء عن الماضي يعني رحيل حياة البداوة من العقول وهذا سيؤدي تدريجيا الى تبخر الإسلام ، إذن القضية هي التحدي بين ان اكون او لا اكون ، فإما التخلف للحفاظ على الإسلام او التمدن والتعرض لخسارة الإسلام ، فهنا تأتي المساومة بين البقاء تحت ذل الإسلام وبين خسارته وخسارة وعود الجنة المزعومة ، فالأسلام قائم على بساط الا معقول وسحب البساط سيسبب السقوط حتما ، إذن بوابة السجن ستبقى مغلقة ومن يحميها هم مجموعة لا تحترم الحياة فهم كأكداس الديدان والعقارب التي تظهر حين تزيل الحجارة التي يختبؤن تحتها ، وبالحسابات الدولية بقاء الحالة كما هي الآن اقل كلفة من كلفة تغيير العقول التي تؤمن بنظرية المؤامرة والتي تكسّر الدنيا لكي تبقى تعيش داخل الخيم مخدرين في تذّكر قصص غزوات الأجداد ، ولكن إن لم يتم التغيير عاجلا فهل آجلا سوف تسلم دول العالم من اللدغات او العضات ؟ تحياتي استاذ عبد عطشان هاشم