الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يستقبحون الحب، وقد دعا إليه الإسلام ؟

حميد طولست

2017 / 2 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا يستقبحون الحب، وقد دعا إليه الإسلام ؟
غريب أمر بعض المتشددين الذين يعسرون ما يسر الله من الدين ، ويقذفون بالإنسان المسلم خارج إنسانيته، بما يغرقونه فيه من محرماتهم الناسفة لكل حقوقه المتاحة ، الفطري منها والعرفي والقانوني والشرعي، ويمنعونه من ممارسة مشاعر المودة التي دعا الإسلام إليها ، ويستكثرون عليه التشبع بمعانيها وقيمها السامية التي فطره الله عليها، ويستقبحونها عليه ، بحجج ساذجة لا يصدقها العقل الناضج ، وبإدعاءات غبية لا يقبلها المنطق السليم، تعتمد في مجملها على ما تعودت عليه عقولهم من نظريات المؤامرة والخوف من الغزو الفكري والثقافي الوهمي للغرب، وكأن عقيدة المسلم واهية كبيت العنكبوت ، لا تقوى على وقايته من زلل الكفر، إذا هو أحب وتحاب ، أو استمتع بالاحتفال بذكريات الحب الجميلة ، وذلك تحت ذريعة "أنه لا حب إلا لله"، وكأن حب غير الله ، يمنع حب الله.
فبأي حق ينكرون على عباد الله مشاعر الحب والتحاب ؟ وبأي حق يكفرون من يحتفل بمشاعر الحب ؟ وهم يعلمون أن الإسلام ما جاء إلا لنشر المحبة بين الناس، وأن نبي المسلمين صلى الله عليه وسلم أحب العجم و جعل من بلال بن رباح الحبشي مؤذنا و من بلاده مسرى لصحابته ، وهل نسوا أو تناسوا أن لفظة "حب" ومشتقَّاتها وردت في القرآن أربعٍ وثمانين مرة للإخبار عن هذه العاطفة الإنسانية ، كما جاء في قوله تعالى على سبيل المثال: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)(آل عمران/31) وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً)(مريم/96) ، قوله تعالى : (إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ)(هود/90) ، وقوله تعالى : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) (البروج/14 ) وقوله جل وعلا لكليمه موسى: "وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي " طه39 .
فما الذي يمنع المسلمين من مشاركة العالم الذي نحن جزء منه، في الاحتفال بتلك المعاني الجميلة وذاك السلوك الإنساني الايجابي، الذي يوحد الناس ولا يفرقهم ، ويهذب طباعهم ، ويرقق مشاعرهم ، ويقيهم عن وحشية الكراهية وشرور الحقد ، ويساهم في خلق الفرح والبهجة والسرور، ويبعدهم عن تشريعات المتطرفين المتصحرة وتستطيحاتهم للنصوص المسيئة لجوهر ما يعنيه الحب والاحتفال به ، الذي لا يرفضه إلا من يرفض الحب نفسه، ويكره الفن والجمال وباقي القيم الإنسانية السامية، ويستهجن بأرق المشاعر التي تصيب الإنسان في حياته ، والذي يعشق الحقد والكراهية وكل ما يفتح على البشرية أبواب المصائب والكوارث كلها، والتي لا يفلها إلا نقيضها "الحب" وحده، والذي الأصل فيه الإباحة لا التحريم، كرابط طبيعي عجيب ينمي بذور العطف والخير والشفقة في النفوس، ويعفي الناس من التملق والنفاق، والضيق بالمخطئين، ويجعل التسامح والود والوئام والتسامح والتواد والتضامن والتعاون والتآزر والتعاضد، كغاية كقصوى نزلت من اجلها كل الديانات السماوية وعلى رأسها الإسلام الذي لا يوجد دين آخر أكثر منه في حث بني البشر على التحاب والتواد والتآلف وإظهار عواطف المحبة ونشرها وإفشائها على أوسع نطاق ، مصداقا للحديث النبوي الشريف ، "إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه" رواه أبو داوود والترمذي وهو صحيح، وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، وقوله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تهادوا تحابوا » رواه البيهقي ، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليبين له ، فإنه خير في الألفة ، و أبقى في المودة )) السلسلة الصحيحة بسندٍ حسن، وذلك لأن إظهار المشاعر الطيبة، والعواطف النبيلة، وإشاعة السلام والتواد والتكافل بين الأفراد والجماعات ينمي قيمة الانتماء للآخرين والقبول بالعيش معهم بسلام ومحبة، ويحقق التماسك والاستقرار الاجتماعي وينشر التسامح، ويعمم خصلة الاهتمام بهموم الغير وظروفهم القاسية، كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى" .
وأختم بالحديث الشريف الذي يقسم فيه رسولنا ونبينا المحب المحبوب صلى الله عليه وسلم ، على أنه لن يدخل الجنة غير المتحابين ، حيث يقول: "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا" رواه مسلم .
بالله عليكم فكيف تحرمون على الناس أن تحب بعضها وتحتفل بمظاهر تلك المشاعر ، بعد كل هذه الأحاديث التي تدعو للحب و السلام و حسن الجوار و احترام اختلاف الناس في الأديان وفي الأفضلية التي ليست إلا بالتقوى ، أم هي أحاديث ترددونها بينكم في المساجد ، وتأتون بنقيضها ، متنكرين لمضامينها ، خارجها ، اتقوا الله في المسلمين ، وفكروا قليلا قبل إلقاء التهم ، فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم ، من خيرة المحبين المحبوبين...
ملاحظة ، فأنا هنا حينما أدعو للاحتفال بعيد الحب، فإني لا اقصد التقليد الأعمى لكل مظاهر صرعات الموضة السائدة في زمن العولمة المقتصرة في هذه الاحتفالية على جزء من تلك العاطفة، بل أشترط أن نجعل لها من المظاهر ما يتوافق مع تطور الحياة والمجتمعات، وتتلاءم مع شريعتنا السمحة المقتدية بقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، التي تشمل جميع العلاقات الإنسانية الراقية بمفهومها الإنساني العام ، حتى تعود الحميمية للحياة الاجتماعية بعد أن هربت منها لحمة التعاطف والمودة، وأصبحت الأنا هي السمة طاغية ، حيث أصبح الكل يحب لنفسه كل ما يمكن أن يمنعه عن أخيه بحجة الشريعة وصونها.
حميد طولست [email protected]
مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس
رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية
رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية.
عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.
عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - (الحب الإسلامي)
جاد علاء ( 2017 / 2 / 12 - 22:05 )
(لماذا يستقبحون الحب، وقد دعا إليه الإسلام؟) : ربما لم يفهموا (الحب الإسلامي) أو ربما حبهم على طريقة أم كلثوم (حب إيه اللي إنت جاي تقول عليه)، أنا سأكون من صف (أنا وإنت ظلمنا الحب)...(الإسلامي)، ليغني معي القراء.

ممنوع ذكر أي نصوص ناسخة لما ذكره الكاتب، وليحب الجميع بعضهم نعم، إختاروا أي نوع منها إلا نوعا واحدا...(الحب الإسلامي)!


2 - الحب عند العرب
توفيق ( 2017 / 2 / 13 - 04:56 )
اذا يوجد بعض ذرات من الحب في الاسلام فهوى بقايا باقية من الحب الذي مازال بعد جيناته باقية من ذلك التراث العربي في الاسلام المعتدل الذي لا يعير اهتماماً بتعاليم الاسلام ، الاستاذ الفاضل حميد لقد عرفت البشرية الله قبل المسيحية وقبل الاسلام وعبدته ، وبصراحة لم اجد في تعاليم الاسلام والذي هو القرءان الكريم اي كلمة تدعوا الى الرحمة او الشفقة او الحب الاخر ، نعم الرحمة والشفقة والحب للمسلمين بعضهم وليس للإنسان الاخر ، سورة التوبة رقم 5 - 14 - 29 -31 - و سورة الانفال رقم - 60 - 65 -39 -ومءات الايات التي تحرض على الكراهية والبغض والحقد والإذلال ثم القتل لغير المسلم ، اي حب في الاسلام بربط طرفي ام قرفة في ناقتين وشقّها نصفين ، اي حب في غمس السيف في صدر عصماء بِنَت مروان وهي ترضع صغيرها ، كعب ابن الأشرف أرسل الرسول اليه اخو كعب بالرضاعة وقتل كعب ، و ابي عكف اليهودي وهو ضرير وعمره -110 - سنه قتله النبي ، اي حب وكرامة للمراءة اذا كانت ناقصة عقل ودين ، وشهادتها نصف شهادة الرجل ، وعن الرسول قال:
اطلعت الى في النار فرأيت اكثر اَهلها من النساء ،


3 - تتمة:
توفيق ( 2017 / 2 / 13 - 04:59 )
الكاتب الفاضل انت من الملايين المسلمين اللذين يحملون الضمير الحي في قلوبهم و من اللذين يحبون العيش مع مختلف البشر بأمان وحب وصدق ، تحياتي لك

اخر الافلام

.. #shorts - 49- Baqarah


.. #shorts - 50-Baqarah




.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا


.. #shorts -21- Baqarah




.. #shorts - 22- Baqarah