الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشبوهية حركات الإسلام السياسي المعاصرة

حمدى عبد العزيز

2017 / 2 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


مشبوهية حركات الإسلام السياسي المعاصرة ______________________________________

كلما حاولت التوغل في محاولة فهم نشوء وطبيعة وتطور التأسلم السياسي في مصر كلما اقتربت من استنتاجات رئيسية منها :

أولاً : أن التأسلم السياسي هو أمر وافد وأجنبي تماماً علي الثقافة المصرية
وأنه من الخطأ الشديد أن نؤرخ لبداية ظهوره بظهور جماعة الإخوان المسلمون ومؤسسها حسن البنا الذي لم يفعل أكثر من أن أقام بنياناً تنظيمياً علي أساس أفكار السلفية الوهابية التي كان يعتنقها أستاذه وولي علمه الشيخ رشيد رضا ووالده الشيخ عبد الرحمن الساعاتي وكلاهما لم يكونا إلا أتباعاً ممولين ومدعومين من الحركة الوهابية وقت أن كانت تخوض معركة التأسيس السعودي في نجد برعاية وتمويل وتدريب المخابرات البريطانية وبعد أن تشكلت عصاباتها في منطقة نجد بالجزيرة العربية في بدايات القرن الماضي

وكما وفدت أفكار تأسيس هذا التيار من صحاري وهضاب ووديان الجزيرة العربية إلي مصر وعبرت معها كل وسائل الدعم المالي والمعنوي في بدايات النصف الأول من القرن الماضي فقد ظلت حركة هذا التيار تمارس هجرتها وعودتها المدعومة بالأفكار الأكثر سلفية والثقافات والسلوكيات الأكثر ميلاً إلي ثقافة البداوة وتقاليد أهل "الهجر"

لذلك فلا وجه للغرابة أن يتحول موسم الحج من كل عام لوقت ومكان مناسبين تلتقي فيها كوادر تلك الحركات وتنعقد فيها مؤتمرات وكنفونفرانساتها وتتخذ فيها قراراتها المصيرية

ولعل نقطة الذروة في اندفاع تلك التيارات بقوة إلي مصر في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي في عودة حملت معها تأدلجاً عميقاً استوعب بشكل أكثر عمقاً وخطراً الأفكار الجهادية التي اضافها كل من ابو الأعلي المودودي وسيد قطب ومدا بها خط حسن البنا ومن قبل ذلك محمد بن عبد الوهاب إلي أقصي نقطة علي استقامته بما اقتضي ذلك من حمل إمكانات جديدة للتنظم والتسلح

في وقت كانت مصر تشهد فيه أوسع حالات الهجرة من وإلي دول الخليج وتشهد كذلك تحولاً خطيراً تمثل في اتفاق السادات مع قيادات الإخوان المسلمين علي أن تكون الجماعة هي سفينة العودة القوية لعناصر ذلك التيار لإجهاض حالة المقاومة القوية التي كان يمثلها تحالف التيارين اليساري والقومي في مواجهة مابدأه من تحولات اجتماعية داخلية حسمت اختيارات علي صعيد السياسة الخارجية انتهت بعقد اتفاق الصلح المنفرد مع العدو الصهيوني وإبرام اتفاقية سلام جزئي غير عادل ومنقوص مع الدولة الصهيونية برعاية الولايات المتحدة الأمريكية التي رتبت من قبل اتفاق (كمال أدهم - السادات) والذي فتحت بمقتضاه كل من السعودية ومصر أبواب التطوع (للجهاد) في افغانستان ضد التدخل السوفيتي هناك في دور وظيفي كان له عميق الأثر في تأسيس كل عصابات الإرهاب المتأسلم المسلحة في الشرق الأوسط وغرب آسيا

ثانياً: أن سيد قطب لم يأت بأي جديد عما جاء به إمامه حسن البنا ومعاصره أبو الأعلي المودودي ولكنه فقط استطاع صياغة أفكار حسن البنا ودعوته التي تعد بدورها استنساخاً حركياً لأفكار السلفية الوهابية البدوية
أما سيد قطب الذي استفاد من تجربة أبو الأعلي المودودي كثيراً فقد حولها من افكار واحكام حول الحاكمية وهجرة المجتمعات الكافرة وتأثيم من لايعمل من أجل الحاكمية ومن لايقوم عليها وتكفير من لايؤمن بها والجهاد من أجل إقامة نظام الخلافة الإسلامية علي الأرض
وذلك عبر كتابيه الشهيرين (في ظلال القرآن) و(معالم علي الطريق) إلي بنيان نظري متماسك ملك لجماعة الإخوان دليلاً عملياً وبرنامجاً لتحقيق وهم الحاكمية وحقق للإخوان سياقاً إيديولوجياً شمولياً علي حد استنتاج د. سمير أمين في كتابه أزمة المجتمع العربي

وبالتالي فلا حسن البنا قد جاء بفكرة مصرية ولا سيد قطب ولا متبعوهم أو المنشقون عنهم غلواً أو تشدداً أو حتي كنوع من انواع إضفاء المرونة التكتيكية (فريق القرضاوي وعبد المنعم ابو الفتوح بالإضافة لفريق كمال الهلباوي ومختار نوح)

كل هؤلاء لم يأتوا بجديد
فالفكرة قد صنعت في هجر نجد عبر تحالف السلفية الوهابية - السعوديين - المخابرات البريطانية ورجلها فليبي
والفوارق بين هؤلاء وهذا وذاك وأولئك ليست كبيرة وهي في التفاصيل والهوامش أما الخطوط الأساسية ففي اعتقادي - كشخص فقير إلي العلم والتجربة - فهي واحدة

بل أن ذلك الحال ينطبق علي كل تيارات التأسلم السياسي وتنوعاتها الدعوية والمنظمة وغير المنظمة والجهادية الدعوية والجهادية المسلحة طالما كانت الفكرة الأساسية هي الحاكمية والجهاد الدعوي أو المفخخ أو المسلح من أجل تحقيقها وتكفير من انكرها وتأثيم من تقاعس أو أهمل في العمل علي تحقيقها

ثالثا ً: استطيع القول أن (إعادة تصنيع) الفكرة الأساسية التي جرت عليها عملية تأسيس تيار التأسلم السياسي وهي (الحاكمية الإسلامية والجهاد في سبيلها وتكفير من انكرها) والتي تمت في المنطقة العربية ومنطقة غرب آسيا بدءً من القسم التركي من الإمبراطورية الروسية القديمة وجنوبها الآفغاني إلي شمال شبه القارة الهندية

وأن عملية (إعادة التصنيع ) هذه قد شاركت فيها عن طريق الدعم والتمويل والتدريب والتسليح أجهزة مخابرات دول استعمارية

1 - ففي منطقة الشرق الأوسط ومنطقة شمال شبه القارة الهندية كانت أجهزة المخابرات البريطانية هي التي تقود عملية إعادة التصنيع في نجد مع عبد العزيز آل سعود وفي شرق قناة السويس عبر تقديم دعم مالي لحسن البنا ساهم في المساعدة علي تأسيس الجماعة وفي شمال شبه القارة الهندية بدعمها لأبو الأعلي المودودي حتي نجح تلميذه محمد علي جناح في شطر شبه القارة الهندية واجهاض أن يؤدي خروج دولة الهند علي حالتها الجيوسياسية إلي بروز دولة وطنية عظمي لها ثقلها تمسك بصرة العالم الصاعد وقتها نحو التحرر من الإستعمار الكلونيالي

(أرجوا مطالعة المراجع المتعلقة بتاريخ تأسيس المملكة السعودية كذلك الملفات التي أفرج عنها في وزارة الخارجية البريطانية)

2- في القسم التركي من الإمبراطورية الروسية القديمة ( مناطق التتر والقوقاز) كانت مخابرات الرايخستاد الألماني هي التي تتولي عملية إعادة تصنيع الحاكمية الإسلامية وتأسيس تيارات التأسلم السياسي في هذه المنطقة تمهيداً لاجتياح الإتحاد السوفيتي ومن الثابت أنها أنشأت قسماً خاصاً في المخابرات النازية للتعامل مع الشعوب الشرقية وكان يخدم فيه عدداً من الألمان من ذوي الأصول القوقازية والتترية كانوا يشرفون علي عملية التصنيع هذه في إطار عمليات غسيل المخ التي كانت تقوم بها آنذاك المخابرات الألمانية

(أرجوا مطالعة كتاب " مسجد في ميونخ" فهو يكشف بالتفاصيل والوثائق قصة توظيف الدين الإسلامي في المخابرات الألمانية وتجنيد الكثيرين من أبناء العالم الإسلامي القديم من أجل مصالح النازية الألمانية)

- وكان من الطبيعي للولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية وقد ورثت العالم الإستعماري القديم وازاحت بريطانيا عن قيادة العالم الإستعماري في نسخته الحديثة المتطورة أن ترث مخابراتها هذا الملف الحيوي وأن تطور عملية توظيفه في خدمة تكريس الهيمنة الأمريكية وعلي طريق تحقق الحلم الإمبراطوري الأمريكي وقد اتضح هذا التوظيف جلياً في دعم المملكة الوهابية السعودية وكذا الأنظمة العسكرية السلفية في باكستان والدعم الغير مباشر والمباشر لهذه التيارات
واستخدامها في تشكيل الجماعات الجهادية في افغانستان والتي كانت التأسيس الحقيقي للقاعدة ثم داعش وكل هذه التجليات الحركية المسلحة في العالم العربي

كما أن بعض الأطراف الإقليمية المحيطة بتلك المناطق انطلاقاً من مصالحها الجيوسياسية وأدوارها الوظيفية في خدمة الإستعمار العالمي علي مدي عقود طويلة قد دأبت علي دعم حركات التأسلم السياسي بشكل أم بآخر علي حساب المصالح الوطنية لشعوب المناطق التي تعاني من تمدد تلك التيارات والحركات والعصابات المنبثقة عنها سواء كانت مسلحة تمارس القتل أو غير مسلحة تمارس الإرهاب الديني والبلطجة الثقافية علي والتسلط السلفي علي مجتمعاتها

ولذلك فالخلاصة أن نشأة وتطور كافة تيارات التأسلم السياسي المعاصرة تلك التي تؤمن بفكرة(الحاكمية الإسلامية والجهاد بالدعوة أو السلاح من أجل تحقيقها وتكفير من لايؤمن بها) هي عملية تحيط بها المشبوهية منذ النشأة وحتي تاريخه وأنها بالتالي ستظل عقبة في طريق الإستقلال الوطني والتقدم لشعوب تلك المناطق التي شهدت نشأتها وتطورها أو تلك التي تشهد تجلياتها الحركية والتنظيمية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أسباب الأسلمة
فاخر فاخر ( 2017 / 2 / 13 - 22:51 )
الدين لا يعمل إلا كرافعة لحركة اجتماعية سلباً أم إيجابا
المخابرات البريطامية هب التي أقامت حركة الاخوام المسلمين في 1928 كما كانت قد اقامت الفاشية في ايطاليا 1922 واقامت النازية في ألمانيا 1933 في سعيها
لاقامة مصدات لأمواج الثورة الشيوعية العاتية

الصحوة الإسلاية جاءت تلو الغفوة التقدمية التحررية

تحياتي للكاتب

اخر الافلام

.. واشنطن تعتزم فرض عقوبات على النظام المصرفي الصيني بدعوى دعمه


.. توقيف مسؤول في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس- لحساب الصين




.. حادثة «كالسو» الغامضة.. الانفجار في معسكر الحشد الشعبي نجم ع


.. الأوروبيون يستفزون بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال الق




.. الجيش الإسرائيلي ينشر تسجيلا يوثق عملية استهداف سيارة جنوب ل