الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحِمارةُ لا تكذُب

امين يونس

2017 / 2 / 13
كتابات ساخرة


( ... تخّرَجَ " حمد " من الثانوية ، وقالَ لوالدهِ أنهُ يرغب في السفر إلى الهند ، لدراسة " لغة الحيوان " في إحدى جامعاتها المرموقة . ولأن ذاك الإختصاص نادِر فأن الأب تحّمسَ للأمر وأرسلهُ بالفعل . بعد أربع سنوات عاد حمد مع شهادته الجامعية سالماً غانماً . فرح أبو حمد وأقامَ وليمةً كبيرة لأهل القرية إحتفاءاً بالعودة الظافرة لولده ونجاحه الباهِر . أثناء الأكل ، مّرَ كلبٌ من هناك وهو يعوي ، فسألوا حمد : ماذا يقول الكلب ؟ أجابَ : أنهُ يقول مُحتجاً ، أن أبو ظافر يضربه بالعصى وهو نائم . فردَ أبو ظافِر متعجباً : أي والله ان ذلك صحيح ! . وبعد قليل ، مّرَتْ بطّة ، وبطبطَتْ ، فسألوا حمد : ماذا تقول البطّة ؟ قال : أنها تشكُر حجي محمود لأنهُ يرمي لها فُتات الخبز يومياً . ردَ الحجي : نعم ، أنا أفعل ذلك ! . بعد هُنيهةٍ مّرتْ حِمارة ونهقتْ بِقُوة ، فسألوا حمد عن ماذا تقول ؟.. قبلَ أن يُجيب حَمَد ، سارعَ أخوهُ بالقول : أن الحِمارةَ تكذُب ! ) .
..........................
طيلة السنوات المنصرمة ، وبعد زوال الحكم الدكتاتوري السابق ، أي منذ 1991 في أقليم كردستان و2003 في بغداد ... ظهرتْ مُشكلة غريبة وتفاقمتْ تدريجياً ، حتى أصبحت معضلة حقيقية ، وهي : ( عدم فهم ما يُصّرِح به القادة والحُكام القابضين على السُلطة ) . حيث عجز الناس عن إستيعاب المقاصِد الفعلية لكلام المسؤولين ، وفشلوا في فَك طلاسِم ما يتفوهون به . ولّما علم سيد رضا ، ان جامعةً أجنبية تُعّلم طُلابها " لُغة السياسيين " ، سارعَ إلى إرسال ولدهِ الشاطر عليوي ، لإكتساب المعرفة في هذا الحقل المُهم الذي يُمّكِنهُ من فهم وتفسير ما يقوله الحُكام والمسؤولين . ولأن عليوي ذكيٌ ولّماح ، فأنهُ تخرجَ من الجامعة بتفَوقٍ وإقتدار وعادَ الى الوطن ... فرح بهِ سيد رضا ، وأعدَ وليمةً كُبرى دعا إليها وُجهاء القَوم وكِبارالمسؤولين من عشيرته و العشائِر المتحالفة ، إحتفالاً وإفتخاراً بإبنهِ العائِد من الخارج مع شهادةٍ مُعتَبَرة .
وبعد أن إنهالوا على مالّذَ وطاب من أكلٍ وشُرب ... وفيما هُم يتناولون الفاكهة ويتبادلون الأحاديث ، قال أحد الحاضرين وهو مسؤولٌ أمني كبير : .. ان الخَرق الأمني في المدينة قبل يومَين ، سببه هو وجود عناصر أمنية خائنة تتعاون مع الإرهابيين . فبادَر سيد رضا وسألَ ولده عليوي : ماذا يقصد المسؤول بكلامهِ ؟ أجاب عليوي : انه يقول بأن ضباطاً في السيطرات الرئيسية ، يسمحون بمرور السيارات المفخخة والإرهابيين مُقابل مبالغ كبيرة ، وأن حصةً مُهمة من هذه المبالغ تدخل في جيبه هو نفسه ! . فضّجَ المجلس بالضحك .
وإستمرَ الحال على هذا المنوال ، يقول ذو منصبٍ مُهم شيئاً ، فيقوم عليوي بتفسير كلامه ويفضح المستور ..
ولكن لأن معظم الحاضرين ينهلون من نفس المُستنقَع بشكلٍ من الأشكال .. فأنهم كانوا يبتسمون ويضحكون على بعضهم البعض في تواطُؤٍ ضمني . قالَ أحدهم : .. أن المسؤول الرئيسي عن سقوط الموصل هو الطائفية والمحاصصة .. وقبل أن يبدأ عليوي في وضع النقاط على الحروف ، قاطَعَهُ أحد أكبر الرؤوس المتواجدة ، قائلاً : أنهُ يكذب مُقّدَماً !! .
.........................
في المقطع الأول .. لم يفسح أخو حَمد المجال لأخيه حمد ، لتفسير النهيق ، كي لايفتضح أمر ممارسته الجنس مع الحمارة .. فأتهمَ الأخيرة بالكذب !
وفي المقطع الثاني .. لم يفسح الرأس الكبير المجال لعليوي ، لتبيان القصد من الكلام ، وأتهمَ القائِل بالكذب !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نفس القصة
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 2 / 13 - 09:59 )
تحياتي أستاذ
القصة- النكتة التي أوردتها في بداية مقالتك ، موجودة عندنا وبالضبط ..
اضحكتني فشكرا

اخر الافلام

.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى


.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا




.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني