الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماكبث1948(أورسون ويلز):دراسة أدبية

بلال سمير الصدّر

2017 / 2 / 13
الادب والفن


ماكبث1948(أورسون ويلز):دراسة أدبية
هذا الفيلم محسوب بقوة لأورسون ويلز من قبل النقاد،على انه حققه بميزانية ضئيلة وسرعة مذهلة،والشيء الملفت للنظر في هذا الفيلم هو ان اورسون ويلز-الذي لعب دور البطولة ايضا في الفيلم-بدا مخلصا كثيرا للنص الشكسبيري،مجريا بعض التعديلات على الأحداث وعلى اسماء الشخصيات على ان هذه التعديلات بالكاد تذكر أو يلفت النظر اليها.
ماكبث هي احد القصص ذات المعالجة السينمائية الصعبة جدا،والصعوبة تكمن في الحفاظ على الهيكل الأدبي لرواية أو مسرحية شهيرة ذات سمعة أدبية عالمية.
وكنا قد كتبنا عن هذا الموضوع بين نجاح وفشل لعدد كبير من المخرجين المهمين منهم فيسكونتي وبازوليني وكوبريك،وغيرهم الكثير ممن حاول تحقيق فيلم ملتزما به الى ابعد الحدود بنص ادبي روائي اصيل ايضا.
ماكبث هو فيلم لايختلف ابدا عن هذه النماذج من الأفلام،بل أن ماكبث(أورسون ويلز) هو احد أو ربما هو من أقوى النماذج السينمائية المحاولة على الحفاظ على نص ادبي بمعطياته،والذي لجات اليه في هذه المراجعة هو الاهتمام بهذا الموضوع عن الاشكال الكبير بين السينما والنص الأدبي،لأن رواية حبكة مثل حبكة ماكبث ليس بالشيء الكبير ولا الصعب لأنها وبكل تأكيد معروفة من قبل الجميع،على أن أورسون ويلز بمعالجته الرائعة هذه-من ناحية الشكل-يجبر الناقد على تقديم مثل هذه الرؤية في المعالجة النقدية...
في جو فنتازي مطلق وقلعة معزولة أقرب الى كهف منها من قلعة،يلعب أورسون ويلز دور ماكبث،وفعلا ماكبث سوف يحقق التاج ولكن سيسيطر عليه الجنون والبارانويا...
النبوءة شيء أساسي في أدب شكسبير ومسرحياته،وهي دائما ما تكون في بداية المسرحية-النص الأدبي-لتتحقق لاحقا بشكل عفوي وغير محسوس به،ومن ثم يعمل ويلز على الاقتباس الأدبي من النص الأصيل لشكسبير،فهناك العبارات التي تشير بوضوح الى الأدبية وهي ثيمة اساسية لكل من أراد العودة لمسرحيات شكسبير والتوقف عليها سينمائيا،كما أن المحاولة للعودة الى العصر القروسطي ايضا اساس في المعالجة.
من الجدير ذكره أننا شاهدنا محاولات كثيرة وخجولة لهوليوود تحديدا،لأسقاط العالم الأدبي لشكبير على الواقع المعاصر إلا أن هذه المحاولات لم يكتب لأحدها الشهرة أو النجاح.
الهواجس...الخوف...استخدام المونولوج الداخلي الجهوري بالتعبير المصاغ ايضا باللغة الأدبية التي تحاول الاقتراب من اللغة الشكسبيرية الدقيقية...
كل هذه العناصر مشتركة وهامة للعالم الشكبيري الفيلمي وهي ايضا عناصر رئيسية مهمة لهذا الفيلم.
وعلينا أن لاننسى أيضا الطمع في السلطة...الطمع بالسلطة والحكم هي ثيمة رئيسية للشخصية الفيلمية الشكسبيرية ولكن،هل اعتماد أورسون ويلز على الهواجس والمونولوج الداخلي للبطل يعكس شيئا من الممكن ان يقوله أورسون ويلز؟!
هل قدم أورسون ويلز الذي كما قلنا يلعب دور ماكبث نفسه شيئا جديدا مختلفا عن محاولات هوليوود،وعلينا أن لا ننسى أيضا محاولات قرينه الشهير اكيرا كيراساو؟
هل اعتماد المخرج على الهواجس وعلى المونولوج الداخلي للبطل،ومجموعة اخرى من الأبطال يعكس شيئا من الممكن أن يقوله أورسون ويلز؟
على الزخم الكبير لهذه القصة الشكسبيرية بشكل عام،ولكنها عبارة عن ملحمة تنكص فيها الأمور وتعود للبطل كمحرك أوحد للقصة برمتهاوان لم يكن هو المحرك فالقصة برمتها تدور من حوله...
هناك هواجس داخلية للبطل...محركات داخلية وتوقعات وارادة للوصول للهدف...
هناك محفزات خارجية غالبيتها المرأة(زوجة ماكبث في الفيلم والرواية) للوصول وطمع في السلطة الى حده الأقصى،على أننا لانستطيع أبدا القول بالاسقاط،على شاكلة القول أن شخصيات شكسبير تعيش في عالم داخلي،أو ربما القصة برمتها تحدث في عالم داخلي أكثر منه خارجي،فهذا الكلام غير صحيح...
على ان العوالم الداخلية والهواجس للوصول الى الهدف الدنيوي المطلق بالنسبة للشخصية،لها دور كبير في القصة أو السرد الشكسبيري،فالمحرك الداخلي بات واضحا....
دور الحوار في السرد:
السرد الشكسبيري يعتمد على حوار ادبي مكثف جدا بين البطل المركزي وباقي الشخصيات،وهذا ما اعتمده ويلز ايضا في الفيلم:
أولا:المحفز الخارجي(زوجة ماكبث):
وثانيا:الشخصيات العليا موضوع المنافسة على المناصب الدنيوية وهي على الغالب السلطة
(سواء كانت السلطة الظالمة أو المظلومة أو التي لها الاحقية في الحكم أو التي اغتصبتها اغتصابا)
ومن ثم تنبؤات يوحيها الجو العام للفيلم بحدوث شيء مستقبلي فظيع سببه وكينونته هو البطل نفسه لايمكن التنبؤ به على شاكلة اللعنة...قلنا ان الحدث يسير بعفوية لتحقيق النبوءة الاستهلالية ولكننا سنغير هذا اللفظ هنا الى القول:عفوية وتقريرية
نلاحظ في ماكبث أن ويلز يعتمد على ديكور سينمائي حقيقي|،ولكن الشخصيات تقريبا محبوسة داخل هذا الديكور الجبلي الخارجي للقلعة القريب من الكهف،تقيم حوارا مكثفا حول كل شيء،مع اللكنة الأدبية الشكسبيرية الواضحة،وهذا ان كان يدل على شيء،فهو يدل على الاسلوب المسرحي المحكوم بالمكان لأبعد حدود.
إذا هل من الممكن القول ان ويلز لم يستطع-على ا|لأقل بشكل تام-أن يخرج ماكبث من الحيز الأدبي المسرحي الى الحيز السينمائي الأدبي؟!
تقريبا تدور كل الأحداث في هذا الديكور الجبلي المغلق...
حتى الشخصيات النسوية البعيدة-تظهر عرضيا في هذا الديكور الجبلي المذكور
وهي الآن محرك ضدي لجعل البطل ينتابه الشعور بالنب،ومن القول أن ماكبث أورسون ويلز يحافظ على الروح المسرحية للسرد الشكسبيري،أي ان فيلم ماكبث هو مسرحية سينمائية ربما تكون الغاية منها...كل الغاية منها الاحتفاظ باصالة شكسبير من قبل اورسون ويلز.
القصة التي يرويها ويلز لها علاقة قوية بالحيز الشكسبيري،والموضوع لايعتمد على التبادلية بشكل عادل لأن شكسبير هو العنصر الأقوى الأوحد في الفيلم يكاد ويلز يختفي امامه نهائيا.
وبالنسبة للنهايات فهي مألوفة ايضا،فعلى الغالب ستنتهي بموت البطل مع انتحار الشخصية المحفزة الشريرة الأخرى،وهذا بالتأكيد الذي سيحدث هنا....الموت هو الغالب على الشخصية الشكسبيرية.
المقالة أدبية أكثر منها سينمائية،وكان الهدف منها هو اثراء حيز النقد السينمائي،وهناك شيء يتعلق بويلز هو العنصر الشخصي لأن هذا الأخير لازال يلعب دور الرجل الاسطوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار


.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها




.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع


.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض




.. تعاون مثمر بين نقابة الصحفيين و الممثلين بشأن تنظيم العزاءا