الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات الفرنسية: هل من أمل لليسار؟

إحسان المصري

2017 / 2 / 14
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



الإنتخابات الفرنسية، تحد آخر ستواجهه أوروبا والعالم الغربي في2017 بعد الأحداث التي طبعت العام 2016 ومن أبرزها "البريكسيت" Brexit وانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية بالإضافة إلى خسارة ماتيو رينزي في إيطاليا في استفتاء دستوري وهو ما أشر إلى صعود للقوى اليمينية المتطرفة والفاشية في الغرب وأوروبا تحديداً. ولم يخرق هذا الصعود سوى انتصار للمرشح البيئي ألكسندر فان دير بيلين في النمسا على مرشح اليمين المتطرف نوربرت هوفر.



هذا الصعود لليمين المتطرف يعود إلى أسباب عديدة فهو يترافق مع اعتداءات وتهديدات إرهابية من قبل داعش والجماعات الإرهابية. بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية وارتفاع مستويات البطالة. وهذا ما يدفع جزءاً كبيراً من الطبقة العاملة الأوروبية والغربية للتصويت لمرشحين يمينيين مع عودة الحديث عن الهويات والقوميات.



في فرنسا التي تعرضت خلال السنتين الماضيتين لاعتداءات إرهابية من جريمة شارلي ايبدو Charlie Hebdoفي كانون الأول عام 2015 مروراً بحوادث باريس في 13 تشرين الأول (نوفمبر)2015 وحتى جريمة نيس في 14 تموز 2016 وغيرها من الحوادث المتفرقة، استطاع هاجس الإرهاب أن يسيطر على عقول الفرنسيين وأدى في بعض الأحيان إلى جدالات حول تفاصيل مثل قانون حظر البوركيني (رداء البحر الإسلامي) الذي أقرته بعض البلديات على سواحل المتوسط أو الأطلسي وقد شغل هذا الحادث الرأي العام الفرنسي خلال فترة الصيف الماضي.



الانتخابات المناطقية 2015



استغل اليمين المتطرف هذه الحوادث ليزيد من شعبيته وهو ما ظهر بوضوح في الانتخابات المناطقية في كانون الأول 2015. فبعد تعديل دستوري أقرته الحكومة الإشتراكية قضى بدمج بعض المناطق ليصبح عدد المناطق الفرنسية 13 منطقة في فرنسا القارية ( يضاف إليها الجزر والمناطق التي تسمى بما وراء البحار كغوادلوب ومارتينيك وغويانا الفرنسية وبولينيزيا والريونيون ... )، أجريت الانتخابات المناطقية في كانون الأول 2015 وفي الدورة الأولى من هذه الانتخابات اقترب حزب الجبهة الوطنية(Front NationaleFN) المتطرف بزعامة مارين لوبين من تحقيق ثلث الأصوات تقريباً بمفرده (27%) مقابل ثلث الاصوات (31%) لليمين الديغولي(épublicainsLR: Les R) وأكثر من ثلث الأصوات (35%) للقوى اليسارية مجتمعة من الحزب الاشتراكي PS وجبهة اليسارFG التي تضم في صفوفها الحزب الشيوعي الفرنسي وحزب اليسار ... هذا التقدم دفع قوى اليمين واليسار إلى التكتل في

الدورة الثانية لإقصاء مرشحي الجبهة الوطنية تحت شعار الدفاع عن قيم الجمهورية الفرنسية التي تتهددها شعارات الجبهة الوطنية. يذكر أن مارين لوبين كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تترأس منطقة الشمال الفرنسي (بعاصمتها ليل) فيما كانت ابنه أختها ماريون ماريشال لوبينعلى وشك تولي رئاسة منطقة الباكا - جنوب شرق (عاصمتها مرسيليا). في ختام هذه الدورة الثانية ترأس اليمين الديغولي 7 مناطق والحزب الاشتراكي 5 مناطق وفاز في جزيرة كورسيكا الحزب المنادي باستقلال الجزيرة عن فرنسا.



على أثر هذه الانتخابات تنبهت القوى السياسية الفرنسية من يمين ويسار إلى خطورة صعود الجبهة الوطنية وبدأت التحضيرات للانتخابات الرئاسية لعام 2017. هذه التحضيرات تضمنت انتخابات تمهيدية لقوى اليمين والوسط وأخرى للحزب الاشتراكي وحلفائه بالإضافة إلى بدء حملات انتخابية لمرشح جبهة اليسار جان لوك ميلونشون (المدعوم من الحزب الشيوعي الفرنسي) ولوزير الاقتصاد السابق إيمانويل ماكرون فضلاً عن حملة مارين لوبين.


الانتخابات التمهيدية للرئاسة يميناً ويساراً



على ضفة اليمين والوسط، تم إجراء الانتخابات التمهيدية في شهر تشرين الثاني وقد حملت هذه الانتخابات مفاجآت كبيرة، ففي الدورة الأولى من الانتخابات التي شارك فيها سبعة مرشحين خرج الرئيس السابق نيكولا ساركوزي خاسراً بعد أن حل في المرتبة الثالثة برغم محاولته الدؤوبة خلال ولاية هولاند على استعادة الحزب الديغولي بعد أن تغير اسمه إلى الجمهوريين. لكن مؤيدي اليمين يبدو أنهم لم يرغبوا بتكرار تجربة ساركوزي خاصة بعد تسرب الفضيحة حول تمويل حملته الانتخابية عام 2007 من قبل القذافي عبر رجل الأعمال الفرنكو- لبناني زياد تقي الدين بالإضافة إلى أن كثير من مؤيدي اليسار صوتوا في انتخابات اليمين لمرشحين آخرين لقطع الطريق على ساركوزي. من هنا خرج ساركوزي من الدورة الأولى فانحصر التنافس بين رئيسي حكومتين سابقين آلان جوبيه وفرانسوا فيون وكانت استطلاعات الرأي ترجح فوز جوبيه (عمدة مدينة بوردو) فكانت المفاجأة بفوز فيون وبترشحه عن اليمين والوسط إلى الانتخابات الرئاسية. وهو يتبنى خطاب قريب من الجبهة الوطنية ويبدو انه يستطيع أن يستقطب عدداً من ناخبيها. ولكن مؤخراً يواجه فيون فضيحة نشرتها جريدةCanard enchaîné تكشف فيها عن تقاضي زوجته ومن ثم أولاده رواتب هائلة لقاء أعمال وهمية وهو يواجه دعوى قضائية بهذا الخصوص مما قد يضعف حظوظه.



فضيحة مماثلة تضرب معسكر الجبهة الوطنية فمارين لوبين متهمة بدفع رواتب لمستشاريها في حزبها عبر أموال تتقاضاها من البرلمان الأوروبي. وهي مطالبة بتسديد مبلغ 300 ألف يورو للبرلمان الأوروبي وقد رفضت حتى الآن تسيد المبلغ. وهذا ما قد يؤثر أيضاً على شعبيتها.



أما على ضفة الحزب الاشتراكي فقد حملت الانتخابات التمهيدية أيضاً مفاجآت. أولاً امتنع الرئيس الحالي فرنسوا هولاند عن الترشح للانتخابات وهي سابقة في تاريخ الجمهورية الخامسة أن يتنحى رئيس عن المشاركة في الانتخابات المقبلة وذلك بعد أن وصلت نسبة مؤيديه في الاستطلاعات إلى أدنى نسبة يحققها رئيس أثناء ولايته بعد فشله في تحقيق وعده الرئيسي بتخفيف البطالة عدا عن سياسته الاقتصادية الليبرالية والخارجية العدوانية. وبعد تنحيه تولى رئيس حكومته مانويل فالس تمثيل العهد في مواجهة الوزراء المنشقين عن حكومات هولاند والذين تمثلوا بارنو مونتبورغ وبنوا هامون. وقد خيضت الانتخابات في إطار التحالف الشعبي الذي يجمع الحزب الاشتراكي مع الخضر وحزب الراديكاليين، وكان واضحاً الرفض الذي أبداه مؤيدو الحزب الاشتراكي لإنحراف العهد الحالي بتصويتهم الذي أوصل بنوا هامون ممثل التيار اليساري في الحزب الاشتراكي ليواجه مانويل فالس في الدورة الثانية وينتصر عليه ليكون مرشح الحزب إلى الانتخابات الرئاسية.


مرشح آخر منشق عن الحكومة هو وزير الاقتصاد السابق إيمانويل ماكرون والذي اشتهر بقانون العمل الليبرالي الذي طرحه ومن ثم استقال من الحكومة الاشتراكية ليعلن أنه خارج اليسار واليمين مؤلفاً حركةEn Marche ولكن يبدو أنه يستقطب أصوات الوسطيين بالإضافة إلى أصوات يمينية ويسارية.




يبقى أخيراً مرشح اليسار جان لوك ميلونشون وهو منشق عن الحزب الاشتراكي ويقود جبهة اليسار ويتبنى خطاباً يسارياً جذرياً ويتحالف مع الحزب الشيوعي الفرنسي. الحزب الشيوعي الذي كان سابقاً يقدم مرشحين للانتخابات الرئاسية لم يقدم مرشحه عام 2012 بعد تدني نسب التصويت له ففي حين كان يحوز حوالي 25% من الأصوات في الأربعينيات والخمسينيات بات يحوز الآن على 3-4%. لذلك تم دعم ميلونشون بالانتخابات السابقة عام 2012. أما هذه الدورة فبعد أن أقر المجلس الوطني للحزب على رفض دعم ميلونشون، أصر المنتسبون الشيوعيون في انتخابات داخلية ترشيحهم لميلونشون فوافق الحزب برئاسة بيار لوران على دعم ترشيح الأخير. يذكر أن ميلونشون يحظى أيضاً بدعم الأمينة العامة السابقة لحزب ماري جورج بوفيه.


إذن باختصار يمكننا القول أن المرشحين الخمسة الرئيسيين للانتخابات التي ستجري في أيار 2017 هم من أقصى اليسار حتى أقصى اليمين بالتوالي: جان لوك ميلونشون، بنوا هامون، ايمانويل ماكرون، فرنسوا فيون ومارين لوبين.



استطلاعات الرأي المختلفة تعطي أرقاما متباينة هي على الشكل التالي لكل مرشح بين حدين أدنى وأقصى: جان لوك ميلونشون (10-15%)، بنوا هامون (10-15%)، إيمانويل ماكرون (16-24%)، فرنسوا فيون (21-28%) ومارين وبين. (22-26%)





طبعاً هذه الأرقام لا تزال أولية وهي تتعرض للتغير بشكل يومي في ظل تسارع الأحداث واقتراب المعركة من حدتها. ولكن من الملاحظ ان مرشحي اليمين يتقدمان حتى الآن بالإضافة إلى ماكرون، فهل ممكن أن يتفق ميلونشون وهامون وينسحب أحدهما للأخر كي يوصل مرشح يساري الى الدورة الثانية، أو يحصل هذا التوافق بين هامون وماكرون مثلاً خاصة أن هامون أقر أنه سيضطلع بدور جامع لليسار، وماذا في حال تقدم ماكرون للاستطلاعات فهو بالطبع سيستمر بسياسات ليبرالية أكثر منها اشتراكية، على أمل ان لا يقع المحظور ويصل فيون ولوبين إلى الدورة الثانية ونصل إلى ترامب اوروبي جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي