الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الالحاد مرض العصر الحديث

صباح ابراهيم

2017 / 2 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ادَّعى "ماركس" أن الإيمان بالله يعني هدم قيمة الإنسان وقدره، فقال " أن الإيمان بالله يقضي بالاعتراف بعدم قيمة الإنسان. إذًا كان لابد من الاستغناء عن الله لإنقاذ الإنسان" . ولخص "ماركس" فلسفته الإلحادية في قوله " أن الإلحاد هو إنكار الله، وبهذا الإنكار يؤكد وجود الإنسان" . (1)
ان كان الانسان ذو قدرة خارقة تجعله يؤله نفسه ، فليقاوم الموت ويتغلب عليه. سلطان الموت لا يتحكم به الا من خلق الحياة ، وحدد اجلها و موعد انتهاء صلاحيتها . فهل يستطيع الانسان ان يتحكم بالموت ؟
إن كان كارل ماركس يدعي انه اله لأنه انسان مستقل بذاته بانكاره وجود الله ، فلماذا تغلب الموت عليه و قبض روحه وكتم انفاسه و بلى جسده و اكلته الديدان وتحللت عناصره وفسد لحمه وتفتت عظامه ، وعاد الى التراب حيث خلق لاول مرة منه ؟
اين قوتك يا كارل ماركس ، اين غلبتك يا متحدي الله و ناكر وجوده ، ان كنت الاها مقتدرا متباهيا بقوة بدنك ورجاحة عقلك و عظم فلسفتك البالية ، لماذا لم تقاوم الموت والفناء ايها الاله الفاني ؟ كيف يكون الانسان كما تدعي هو مصدر وجوده ؟ فما هو مصيرك الان ايها المتغطرس و المتحدي الفاشل على الاهك ؟ الم تخلق من التراب من غير ارادتك و الى التراب عدت بدون رغبتك بل بارادة من خلقك ؟
قال النبي داؤد في احد مزاميره : " قال الجاهل في قلبه ليس اله ، الرب من السماء أشرف على بني البشر لينظر هل من فاهم يطلب الله" (مز 14: 1).
الله خالق الانسان حدد عمرا للانسان ونهاية لحياته ، و الموت هو نهاية الحياة ، فمن يدعي ان الانسان هو الاله بذاته فليقاوم حكم الله وما حدده من عمر، ويشرع هو قوانين الحياة ويجعلها خالدة بالضد من ارادة الله ليثبت انه هو الاله المتحكم بمصيره وليس الله . فهل يستطيع فلاسفة الالحاد ان يمنعوا الموت الذي فرضه الله على مخلوقاته وصنعة يديه ؟
االملحدون يتباهون بنظرية التطور الداروينية ويقدسونها ويقولون ان الحياة وجدت بالطبيعة من ذاتها بالصدفة وبدون الحاجة لتدخل اله خالق ، وكل ملحد يتبارى بعلمه وفلسفته و يشعر بزهو طاغ عندما يتحدث عن الحاده من وراء الكومبيوترات بعيدا عن الناس ، كي يري الاخرين كم انه قوي وذكي وانه امتلك الحقيقة المطلقة لانه يتحدى اكبر قوة بالكون اي خالق الكون و موجد الحياة ، فان رفضه فهو يمتلك اعظم قوة من قوة اله خيالي . فكم يتخيل نفسه قد صبح عظيما عندما ينكر وجود من وضعه برحم امه تسعة شهور يغذيه من دمها ، ويحفظه بامان حتى يرى النور ، ويهيئ له الحليب المغذي فور خروجه من ظلمات الرحم . فمن دبر كل هذا ايها الملحد العبقري. هل تدخل عقلك و ارادتك بنموك وانت نطفة حتى بلغت اشدك ؟
بعد ان قرأت كتابين او ثلاثة لبعض الملحدين وتاثرت بسموم افكارهم وسرى مفعول العدوى لعقلك ، اصبحت عالما تتحدى العقول و الاديان بسؤالك من اوجد الله ولماذا وُجدَ الشرُ في الحياة ولماذا يموت البشر بالزلازل والفيضانات والكوارث، ولماذا لا يتدخل الله لمنع الشرور و الافات والامراض ، وماذنب الاطفال يموتون جوعا اوفي الحروب يقتلون ويتشردون؟ اين هو الله ، ولماذا لا يثبت لنا وجوده ؟
هذه هي اسئلة الملحدين التي تتكرر دائما .
ونحن بدورنا نجيب هؤلاء :
فسروا لنا من وضع الحياة في الخلية الحية الاولى . وكيف تنشأ حياة من لا حياة .
ومن اوجد الكون بمجراته و كواكبه و طاقته الحرارية والاشعاعية ، ما هي القدرة الفائقة التي تحفظ للكون توازنه ، و للكواكب افلاكها و سرعتها وثبات مداراتها، ومن حدد للضوء موجاته وثبت سرعته ؟ اخبرونا من وضع الشحنات الكهربائية السالبة بالالكترونات والموجبة بالبروتونات وحفظ اماكنها في نواة الذرة و خارجها
وما هي الجاذبية ومن اين تستمد قوتها ، ومن اوجدها وكيف ؟
من صمم الذرة بمقاييس محددة بأعدادها واوزانها الذرية الثابتة ؟
من وضع الاسنان في الافواه وليس في البطن ؟ من تحكم في افراز حليب الطفل حال خروجه من رحم امه للحياة ليجد غذاءه جاهزا وكاملا و دافئا ؟ من حفظ درجة حرارة الجسم ثابتة ، وضخ الدم بالعروق بمضخة لا تكل ولا تمل طوال العمر ؟ من كسا العظام لحما و خلق من الاحياء ذكرا وانثى ؟ان كان جوابكم انها الطبيعة و الصدفة و النشوء و الأرتقاء ، فهل الطبيعة عاقلة لتختار التطور الجيد وتنبذ السيئ
افيدونا بعلمكم رحمكم الله .الشر من صنع الانسان وليس من الله . الزلازل و الفياضانات هي تغيرات مناخية و جيولوجية في باطن الارض و خارجها ، الحروب و المجاعات تحدث بفعل الانسان و طغيانه و عدم تدبيره و تخبطه في التخطيط . ولا دخل لله بهذا . فلا ترموا كل شرور الانسان على الله لتنكروا وجوده .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الزعل مع الله
شاكر شكور ( 2017 / 2 / 16 - 15:24 )
لا تصدق أخ صباح بأن الملحدين بعيدين عن ذكر الله حتى إن نكروا وجوده امام الناس ، فهم أكثر الناس قلقا واهتماما بذكر الله لأن جدلهم المستمر في عدم وجوده هو ناتج عن قلقهم وخوفهم من وجوده ، فالفراغ الروحي يجعل الإنسان كالريشة المعلقة في الهواء لا تستطيع التحكم بمكان سقوطها ، معظم الملحدين من خلفية إسلامية ليس لهم مشكلة في الأعتراف بوجود الله ولكنهم لا يتمنون ان يكون ذلك الإله بأخلاق إله الإسلام ورسوله لكون أخلاقهم فوق مستوى اخلاق ذلك الإله البدوي ، فالإلحاد برأيي ليس المحطة الأخيرة للتخلي نهائيا عن الله بل هو بمثابة زعل مرحلي مع الله وقد يتصالح الملحد مع الله في اول حادث بسيط يشعره بأنه بحاجة الى عون سماوي لضعفه في التغلب على ما يصيبه من مصاعب الحياة ، تحياتي للجميع


2 - الأديان مرض كل العصور بما فيها الحديث
مصطفى خروب ( 2017 / 2 / 16 - 18:54 )
الإلحاد نتيجة خمول الإله ، ما باله لم يعد يظهر كعمود من دخان ومن نار فوق تابوت العهد ؟ ولم يعد يرسل ناراً لتأكل قربان ايليا دون قربان أنبياء البعل ثم ينقض عليهم كداعش بالسيف ويذبح 450 نبي منهم !

إله يمهل ولا يهمل ! إله عين بعين وسن بسن يرسل ابنه لكي يكمل دون أن ينقض بمقولة إدارة الخدود !!! ثم يرسل خاتم الأنبياء ليعيد شريعة عين بعين وسن بسن وتعدد الزوجات واقتلوهم حيث ثقفتموهم !!!!


المشكلة ليست عند الملحد ، المشكلة عند الله والزعل من الله لا مع الله ، لأنه لم يقدم أي دليل واضح على وجوده، إله مختفي خامل، لقد تحدث الكثيرون عنه وأسسوا احزاباً على إسمه وشنوا حروباً لنصرته وكأنه عاجز ............... لو كنت مكانه على الأقل لإدعيت عليهم بجرم إنتحال صفة

سلام


3 - الدين والالحاد
nasha ( 2017 / 2 / 17 - 02:35 )
الدين والالحاد كلاهما موقف فكري واعتقاد وكلاهما قديمان قدم الانسان
استحالة ادراك حقيقة الوجود وحقيقة الحياة لا تساعد اي من الموقفين الفكريين للقضاء على الاخر.
مشكلة البشرية هي التعصب لفكر محدد دون دليل على صحته وليست المشكلة الفكر بحد ذاته.
وصف الالحاد كمرض غير مجدي وغير صحيح وكذلك وصف الاديان كمصدر للشر ووضع كل اللوم عليها ايضا وصف مجحف وبعيد عن الواقع وغير صحيح .
مشكلتنا ليست مع الفكر السلمي المتسامح الذي يتقبل الغير ولا يحتكر المطلق .
مشكلتنا هي الفكر المتعصب اللامتسامح الذي لا يقبل الغير ويحتكر المطلق.
التعصب للالحاد يساوي التعصب للفكر الديني اللامتسامح تماما.
تحياتي


4 - nasha
مصطفى خروب ( 2017 / 2 / 17 - 08:40 )
تماما ناشا لكن عنواني جاء ردا على عنوان المقالة. راجع كل تعليقاتي ستجدها ردود بفكرة مقابل فكرة
العقل ميزان نفسه ولا يمكنني ان احمله ما لا طاقة له به.
تحياتي لك


5 - لنتحد ضد العنصرية والتعصب
nasha ( 2017 / 2 / 17 - 11:17 )
لا داعي للتصادم الفكري بين أصحاب الافكار المختلفة بل بالعكس يجب التعاضد والاتحاد ضد أي فكر عنصري متعصب يحاول احتكار الحق المطلق ويفرض نفسه بالقوة وباستغلال عواطف عامة الناس.
التكنولوجيا الحديثة كفيلة بضمان حقوق جميع الأفكار بحرية كاملة ومن حق كل انسان عرض بضاعته الفكرية في سوق الفكر العالمي والفكر الملائم سيسود في العالم بالرغم من المعارضة مهما كانت شديدة.
وقت التهديد والوعيد والقوة والتلفيق ولى إلى غير رجعة.
تحية للجميع


6 - الدين افيون الشعوب
حميد فكري ( 2017 / 2 / 17 - 14:55 )
فعلا مشكلة المؤمنين ،كما حددها ماركس وغيره من المفكرين التنويرين ،هي الانتصار للله ،وليس للانسان.فكل همهم ان ،يحتفظ الاههم ،بعظمته،وهيبته وقدسيته .اما الانسان فلايهم ،ولاباس من اضطهاده واستغلاله وتجريده من انسانيته وكينونته،بل وحتى قتله ،خاصة اذا كان هذا في سبيل ذلك الالاه.وهذا ما يجعل كل الحروب والصراعات من اجله مبررة ومقدسة.والكارثة ان كل تلك الحروب تجري مابين ،انصار هذا الالاه المزعوم ،لاجله.اليست هذه الماساة اكبر مهزلة ؟فلو ان تلك الحروب كانت ضد الملحدين ،الكفار لكان الامر متفهما ،الا انه ليس كذلك.غير ان الواقع ،ويالرجوع الى ماركس ذاته،الحروب الدينية ماهي في حقيقتها المادية والتلريخية ،سوى حروب وصراعات ،من نوع اخر ،يخفي تحته مصالح وامتيازات ومواقع خسيسة ،وسلطة طبقية استغلالية وقهرية.والضحية الوحيدة في كل هذه الفوضى ليس الله بل الانسان.لانه هو المبتدا والخبر،وهو القاتل والمقتول.اما الله فهو منعزل في غيبه .وبرغم كل هذا ،فهو اي الله،لم يحرك ساكنا ،قبل بالعيودية ،فجاء رسله يشرعون لها ،ويبررونها بدعوى ان طبيعة الحياة تتطلب هذا،وتستحيل بدونها .هنا يتفوق كارل ماركس ،الانسان ،وليس الالاه


7 - الدوغما
nasha ( 2017 / 2 / 17 - 15:51 )
السيد حميد فكري
ما هو الفرق بين الدين و فلسفةماركس؟ انت كذلك تحترم وتقدس كلام ماركس وكان فلسفة ماركس حقيقة مطلقة لا تقبل الخطا وكان الفلسفة توقفت عند ماركس وتوقفت البشرية من إنجاب فلاسفة بعد ماركس
. لدوغمائية هي الدوغما ئية سواء دينية أو الحاديةلا فرق
الحروب أساسا هي تصادم فكري في كل الأحوال سواء كان الفكر ديني أو غير ديني.
توقف التاريخ عند الماركسيين العرب ولم يتزحزح من مكانه ولا زالو يبحثون في الطبقية واستغلال العمال والفلاحين .
العمال والفلاحين كما كانو أيام ماركس لم يعد لهم وجود لقد تغير العالم واختلفت العلاقات بين البشر ولا زال الماركسيين يناضلون من أجل العمال والكادحين.
عرب وين وطنبورة وين

تحياتي


8 - ماركس يتفوق بوعيه وانسانيته
حميد فكري ( 2017 / 2 / 17 - 16:20 )
هنا يتفوق ماركس الانسان وليس الالاه كما يراد له كرها من قبل كاتب المقال.فماركس بكل وعيه وانسانيته ،يفكر في الانسان ولاجله،لان هذا الاخير هو جوهر الحياة والتاريخ ،ومن اجل هذا يسعى الى تحريره من الاستيلاب ،ومن كل اشكال العبودية ،بما فيها الشكل الجديد ،المرتبط بنمط الانتاج الراسمالي ،بعكس ماسعى اليه ممثلي الله على الارض ،الذين كان كل همهم تخليصه من وهم ملازم له ،يسمى الخطيءة.الفارق كبير بين تحرير مادي واقعي وبين تخليص وهمي يتسوى فيه المؤمنين ،ليس في حياتهم الواقعية ،بل في عالم الغيب.من هنا كان الالحاد خطوة اساسية لوضع الانسان على الطريق الصحيح ،لكنه يبقى غير كاف بل لابد له من رؤية سياسية وعلمية ،تسدده نحو المساهمة الفعلية لتحرير الانسان.وهذا هو المنطلق والمبتغى.


9 - الى nasha
حميد فكري ( 2017 / 2 / 17 - 20:10 )
من قال لك ياناشا انني اقدس ماركس؟انا احترمه وهذا يختلف كليا عن التقديس.فالاحترام لايعني عدم التفاعل مع الفكر كما هو الشان بالنسبة للدين،والاستسلام له،بل هو يفرض حتى ضرورة نقده،للتحرر من سلطة الايديولوجية الكامنة فيه.وهذا شرط ضروري خاصة عند الماركسية.فالنقد عامل اساسي في بنيتها ،لا تكون الا به.الماركسية منهج ديالكتيكي ،حيوي متطور يستند الى الى التاريخ في حركته.اما اتهامها بانها دين اخر ،فهذا ليس الا من ياب الهجوم عليها وتشويهها فقط.الماركسي بعكس المتدين،لايخشى من تطوير فكره اذا مادعت الضرورة لذلك. ثم من قال ان الفلسفة قد توقفت بعد ماركس؟فالتجيء الفلسفة ،بعده كيفما شاءت ،لكن السؤال هو ما جوهرها وعن اي انسان تدافع؟ اما عن طبيعة الحروب فهي حروب وصراعات طبقية ،(سياسية اقتصادية وايضا فكرية )وليست فكرية خالصة الا لمن يرغب في اخفاء اسبابها المادية الموجودة في البنية الاجتماعية. مع كامل الاحترام لك.

اخر الافلام

.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد


.. يديعوت أحرونوت: أميركا قد تتراجع عن فرض عقوبات ضد -نتساح يهو




.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي