الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السينما.. وقوة التأثير

ميلاد سليمان

2017 / 2 / 17
الادب والفن


العمل التسجيلي الأول

اتفقت أغلب المراجع ان جذور السينما التسجيلية تمتد للخلف إلى منتصف القرن الثامن عشر واوئل القرن التاسع عشر، حيث كانت "المحاضرة المصورة"، التي استخدم فيها التسجيليون الأوائل الفانوس السحري لانتاج برامج مصورة في العلوم، والشئون الجارية، والرحلات، والمغامرات، والاحداث المحلية ذات الطابع الفولكلوري، وغالبًا كانت تُعرض سلسلة صور مصحوبة بتعليقٍ صوتي حي، فكان يصحب العروض وجود محاضر أو متحدث ليقدم شروحًا بالكلام للمحتوى المرئي "المفهماتي". حيث كان المحاضرون في كل هذه البرامج يقفون بجوار الشاشة ويلقون بكلامهم، وكانوا في الغالب ممّن شاركوا في الحملة والأحداث اثناء التصوير، او من شاهدي عيان او من الخبراء المعترف بمصداقيتهم، ثم جاء استخدام الموسيقا والمؤثرات عند الحاجة.
ومع دوران القرن حلت الأفلام تدريجيًا محل الشرائح، بينما اختصت العناوين الداخلية بوظيفة المحاضر، الذي لم يتمكن من حضور عروض الأفلام في أكثر من مكان في نفس الوقت، وادت هذه التغيرات إلى ظهور المصطلح الجديد. ولم يصبح مصطلح "تسجيلي" شائع الاستعمال حتى أواخر العشرينيات وبداية الثلاثينيات من القرن العشرين.
في فرنسا، كان أول فيلم يظهر للنور، فيلم تسجيلي، فقد سجّل الأخوان أوجست ولويس لوميير Auguste & Louis Lumiere اختراعهما لأول جهاز يتمكِن من عرض الصور المتحركة على الشاشة في 13 فبراير 1895 في فرنسا، على أنه لم يتهيأ لهما إجراء أول عرض عام إلا في 28 ديسمبر من نفس العام. فقد شاهد الجمهور أول عرض سينماتوغرافي في قبو الجراند كافيه Grand Café، الواقع في شارع الكابوسين Capucines بمدينة باريس. وكان هو فيلم "وصول القطار إلى المحطة". فيلم وثائقي قصير صورة وعرضه الأخوان لوميير. وعلى الرغم من أن الفيلم لا يحتوي على مضمون معين ويكتفي بعرض عملية وصول القطار إلى محطة مدينة لاسوت، فإنه حصل على شعبية كبيرة وأحدث ضجة لدى الجمهور الذي لم يكن مستعدًا بعد من الناحية النفسية لتقبل صورة حية لحركة القطار وهو يأتي من بعيد ويقترب تدريجيًا إلى الكاميرا/ الشاشة، ثم يحتل الكادر كاملاً لكي يعطي انطباعًا بالضخامة، حتى إن بعضهم قفز من على الكراسي معتقدًا أنه قطارٌ حقيقي!!. وكان فيلمهما الثاني "خروج العمال من المصنع" لا يقل عن الأول في جديته وأهمية موضوعه.
وعلى الرغم من أن الفيلم يعتبر من ناحية تصنيفه فيلمًا غير قصصي/ وثائقيًا/تسجيليًا، فإن الكثيرين كذلك يعتبرونه أول فيلم فني، ذلك أن الذين يظهرون في الكادر هم في معظمهم من أصدقاء وأقارب الأخوين لوميير اللذين قاما بدعوتهم للسفر على متن ذلك القطار من أجل تصوير الفيلم.
والسينما في مصر؛ فن وافد، ولكنه حاول التفاعل مع باقي الفنون الموجودة من حوله، حتى لا يكون هناك غربة أو قطيعة بينهم، ومن خلال عمل آلية التأثير والتأثر، ولعدم وجود خبرات كافية في مجال صناعة الفيلم التسجيلي يمكن الاعتماد عليها لإعطاء دفعة لهذا الفن إلى الأمام، كان القائمين على صناعة الفيلم من الأجانب والمتمصرين وبعض المصريين بوصفهم متدربين ومساعدين ليس أكثر، بل أن وظيفة "كاتب السيناريو" نفسها لم تكن موجودة حتى منتصف الأربعينيات تقريبًا.
وقد قام "عزيز ودوريس" بإنتاج أول شريط سينمائي مصري صامت باسم "زيارة الجناب العالي للمعهد الديني في مسجد سيدي أبو العباس" 1907، وهو الميلاد الحقيقي للسينما المصرية ومنه يتم التأريخ لفن الفيلم في مصر، بحسب أغلب النقاد، كما سبق ورأينا الاحتفال بمئوية السينما المصرية 2007. وفيه يظهر الحاكم لحظة دخوله المعهد الديني والحفاوة والفرحة تظهر على الجماهير المحتشدة من حوله. وقام الفيلم في هذه الفترة بخلق نوع من التواصل والرباط الشعبي بين المشاهد/ المُتفرج والباب العالي من خلال زيارته لمسجد أبي العباس، حول علاقة الحاكم بالمحكوم، ومحاولة إذكاء المشاعر الروحية ودمجها بالمشاعر الوطنية.
والمفارقة بين العمل السينمائي الأول، الفرنسي والمصري تبدو واضحة صارخة في تباينها. فبينما ظهر الوثائقي في فرنسا باعتباره تعبيرًا عن الواقع الحي العفوي، أي عن حياة المواطن البسيط، تلك الحياة العادية اليومية كما يمكن تلمسها في محيطنا المباشر ("الخروج من مصنع لوميار"، "دخول القطار إلى المحطة"...)، وارتبط - من ثمَّ- بمفهوم الاكتشاف ومعرفة العالم الإنساني اليومي. جاء الفيلم المصري ليتخذ وجهة مختلفة تتمثل في الانشغال بتغطية نشاط الدولة الرسمي متمثلاً في التحركات والتنقلات التي تقوم بها الطبقة السياسية أو الزعماء والحكام العرب "الباب العالي" على وجه الخصوص، بجوار البُعد الديني الواضح في الموضوع في زيارته للمساجد والمعاهد الدينية، وكأن الفيلم جاء ليخلق ويؤكد بدوره ذلك التزاوج بين الديني والسياسي في شعور المتفرج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في