الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنصرية.. الطرف الغائب في المشهد..

محمد عبعوب

2017 / 2 / 19
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


على شاشة قناة "فرانس 24" الناطقة بالعربية يعرض برنامج مثير عديد القضايا التي تتحرج وتمتنع القنوات التي تبث من بلدان عربية عن إثارتها أو حتى مجرد الاقتراب منها أو تناولها بشكل مفتوح للنقاش والجدل ، وبذلك تسهم بصمتها وتجاهلها لهذه القضايا والمشاكل في تأبيدها واستمرارها كظواهر وثقافة معيبة نتعايش معها تصمنا بالتخلف .
في حلقة الجمعة الماضية طرح البرنامج قضية مثيرة ومهمة للنقاش نعيشها في بلداننا العربية، ويشاركنا العالم في تجسيدها بدرجات متفاوتة تفوق في بعض الأحيان ما نجده بيننا. هذه الظاهرة هي ظاهرة العنصرية ضد السود أو ذوي البشرة السمراء في البلدان العربية.. والضيوف سواء الموجودين داخل الأستوديو أو المشاركين عبر قنوات الاتصال المختلفة، لم يتطرقوا في نقاشهم الى جوانب الظاهرة كافة، بل ظلوا حبيسين لمشهد واحد للظاهرة، وهو مشهد رفض البيض للسود وتقليلهم من قيمتهم والنظر لهم بنظرة دونية. ولم يتساءل هنا المشاركون في هذا البرنامج، كما لم يتساءل الغالبية العظمى ممن يتناولون هذه الظاهرة، سواء على الميديا او حتى في النقاشات الخاصة، عن وجود أي دور للسود في هذه الظاهرة، وهو في تقديري دور محوري في تجسيدها مهم وفاعل لكنه لا يظهر ، ولا يتطرق له عند تناولها.
لابد لنا لمعالجة هذه الظاهرة المقيتة من أن نضعها على الطاولة كظاهرة كاملة، بكل صورها و أبعادها وكل فاعليها وكل مؤثراتها وكل آثارها ، حتى نتمكن من التوصل الى تجسيد حقيقي متكامل لها يساعدنا في محاصرتها والقضاء عليها.. دور البيض والملونين في وجود هذه الظاهرة يعرض وأنهك نقاشا ودراسة منذ قرون وفاضت مكتبات العالم بالمؤلفات التي تتناوله، لكن دور السود ضحايا هذه الظاهرة لم يتطرق له أحد، وهو دور مهم ومحوري في وجود الظاهرة واستمرارها عبر قرون، وإذا لم يدرس هذا الدور ويعالج بفاعلية فلن يستطيع المجتمع الانساني التخلص من هذه الظاهرة مهما استصدر لها من قوانين وتشريعات تحرمها وتجرم القائمين بها..
لمعرفة هذا الدور والإلمام بكل جوانبه لابد لنا من التفكير والإجابة على هذه الحزمة من الأسئلة ، وهي أسئلة جريئة وصادمة بعض الشيء، لكن الإجابة عليها هي التي تشكل الحلقة المفقودة في سلسلة أي إجراءات ترمي لاستئصال ظاهرة العنصرية ومحوها من الوعي الجمعي للبشر.. لنسأل أنفسنا :
- لماذا يعرض الأسود نفسه في مزاد رخيص للتساؤل عما إذا كان يُقبل من الأبيض أم لا ؟!
- لماذا يُشيِّء (من شيء) الأسود نفسه أمام الأبيض ويحولها إلى بضاعة رخيصة للمساومة والقبول أو الرفض؟
- لماذا لا يعتز الأسود بلونه ويرفض مجرد فكرة النظر إليه كبضاعة معروضة على خلفية لونه ؟
- لماذا لا يصر على قبوله كإنسان اسود شاء المقابل له المختلف عنه أم أبى؟
- لماذا لم يدرك الأسود ولم يعمل على اجتثاث هذه النظرة من وعي الأبيض بالكف عن تقديم نفسه له كمختلف اقل شأنا؟
- لماذا لا يوجه الأسود عقله وجهده وطاقاته لمعالجة مبعث النظرة الدونية للسود لدى الأبيض والتي تعود جذورها كلها الى أسباب اقتصادية؟
- كيف يفسر السود اقبال البيض على نجوم الغناء والموسيقى والرياضة من السود؟ الا يلعب الجانب المادي (ثراء هؤلاء النجوم) الى جوانب اخرى دورا في اعتراف البض بهم؟!!
- ماذا سيكون رد مرآة سوداء من قبيلة الماساي او الأقزام تعيش بين أدغال غابات أفريقيا ولم يلوث عقلها بثقافة تبخيس الذات الدونية التي يعاني منها السود ، لو طرح عليها ذلك السؤال المستفز الذي طرح بحلقة (في فلك الممنوع) ولكن معدل : "هل تقبل (ين) الزواج بأبيض؟" ؟ ألا تعتقدون أنها سترد بنظرة استغراب واستهزاء على السؤال؟!!
- ماذا لو نزل معدو هذا البرنامج او غيرها من البرامج التي تتناول هذه الظاهرة إلى حيث يعيش سكان استراليا الأصليين ، أو سكان غابات الأمازون البدائيين او حتى سكان المناطق الاستوائية في أفريقيا ممن لم تلوث عقولهم بثقافة الميز العنصري وطرحت عليهم هذه الأسئلة، ترى بماذا سيجيب هؤلاء الأبرياء؟ هل سيتباكون لأن لونهم أسود!! أم هل سيتضرعون للبيض للاعتراف بهم وقبولهم كبشر؟!!
عشرات الأسئلة كان يجب أن تثار في هذه الحلقة لتكون حلقة نقاش جادة ومحايدة تصل بالمشاهد الى تصور شامل و واضح لهذه الظاهرة تساعده في وضع تصورات فاعلة ومجدية لمحاصرتها وقطع جذورها من الوعي العام وتعيد للأسود إيمانه بلونه وثقافته وتفرض على الأبيض احترامه لخياراته و وجوده كإنسان الى جانبه بغض النظر عن لونه او ثقافته..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية