الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمحات من الفلسفة الهندوسية

حارث زهير الحكاك

2017 / 2 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لمحات من الفلسفة الهندوسية
نشأة الفلسفة الهندوسية مع نشأة حضارات وادي الرافدين. وكانت في بداية أمرها تبحث عن علاقة الأرواح بالتنجيم وحركة النجوم وأبراجها. في الحقيقة أن هذه العلاقة متطابقة جدا مع عمليات التنجيم التي أستنبطت في العهد البابلي والعربي والإغريقي علما بأن العلاقة بين الأرواح تعني عندهم تمثيلية مسرحية لا يوجد فيها أي خطأ أو أنعكاس، وهي جميعها في تفاعل مستمر مع حيوية الروح الكبرى المتقمصة عملية أختفاء قريب وبعيد في نفس الوقت، لأجل إيجاد الواقع المزمن الذي يتعاطى من قبل البشر كالأحلام، والتفكير في نسيج شبكة الوجود.
تعود كتابات ( الفيدانتا ) التي تطورت فيما بعد إلى تعاليم الفلسفة الهندوسية، خصوصا فيما يتعلق بالبهجة والسرور إلى ستة آلاف سنة تقريبا،. ولقد وجد الباحثون الكثير من التشابه بين التعاليم الهندوسية والتعاليم البابلية والسومرية، خصوصا فيما يتعلق برصدهم حركة القمر والشمس والعديد من الكواكب والنجوم، وغيرها والتي أستحدثت متكاملة نشوء علم التنجيم. ولقد أدى هذا العلم إلى ربط الكثير من المشاعر البشرية والسلوك البشري مع النجوم، مما شجع بقوة أعتماد الناس على ربط المستقبل ( بحظوظه ومآسيه) مع النجوم، وأصبحت عملية قراءة الطالع ممارسة عالية في هذه المجتمعات الثلاثة، والتي تطورت تدريجيا إلى تفسير المعتقدات المختلفة كالدينية والضغوط الخلقية الوجدانية في المجتمع.
فالهندوسية فن عقلي، تجعل العقل يتحرر من بعض القيود الإجتماعية السخيفة مثل عدم إظهار الحب والمودة، وعلى الزوجين وضع لجام على العلاقة الزوجية وتحويلها إلى فرضية هوائية تفرض وجود توازن عقلي يتوج ببساطنه خطوات الأنتباه الشعوري بين الزوجين، ويجعلها من غير خيال، خصوصا في مسألة تبادل الثقة بين الطرفين.. فمن أهم أسس الديانة الهندوسية هو أرتباط واقع الفرد مع واقع الفرد الآخر بطريقة مسرحية، وبما أنهم يعتبرون واقع العلاقة بين الإنسان والرب مستنبطة من الوهم، فإنهم يعيشون في اللاوجود، وفي ظاهرة خلف ستارة المسرح والتي أطلق عليها الإنكليز أسم (الغرفة الخضراء). أما ما يحدث خلف الستارة فإن الفرد يشعر بأنه مكون الأختلاء مع النفس. مثلا ماذا على الفرد أن يعمل عندما يريد أن بشرح (الحسد) كلاميا أو تمثيليا.وهذا ينطبق على الكثير من المفردات (الكلامية) التي يصعب على التجربة الذهنية في فك طلاسمها وشرح معانيها ولا حتى بالتمثيل، مثل الكرامة وكيف نستطيع وصف شخص عنده كرامة من هيئته.
تختلف الديانة الهندوسية عن (اليهودية والمسيحية والإسلامية) لكونها تعاليم مقترحة للإنسان لتنظيم حياته، وليست توجيهات وأوامر إجبارية تحتم على الإنسان تطبيقها، وإلا فإنه سيقع تحت طائل التفاعل بين النفس والعقاب. مع هذا للهندوس عدد من الآلهة يتقربون إليها ويدعونها لمساعدتهم في أغتناء قوة النفس في مجابهة مصاعب الحياة المختلفة. فرجل التعاليم الهندوسي (الغورو) يكون عادة متمكن في شرح وتوضيح نوعية الأوهام التي يعيشها طلابه الذين يحضرون حلقاته الدراسية، وكذلك من عامة الناس في لقاءاته في المراكز التعليمية، في القرى والمدن. إن الهدف من هذه اللقاءات هو توعية الناس بصراحة مطلقة تخلع الأقنعة التي يلبسونها بسبب قلقهم ومخاوفهم في مجابهة الحياة، من أجل أن يفهموا حالة الفرد وواقع أحاسيسه وشخصيته، وخيالاته المبطنة المختلفة.
يطلق الهندوس أسم ( الشيفا ) على إله الدمار الذي يرقص رقصة ( التن دافا )، التي تمثل بداية خلق الروح ونهايتها، والتفاعل ما بينهما للوصول إلى ما يعرف بالإحساس بالعيش. يقوم هذا الإله برقصته وفت أنطباق الوجود على نفسه وصولا إلى النهاية المتوقعة. والناس لا ترى من هذا الإله سوى وحهه الذي في بعض الأحيان بكون له خرطوم الفيل، أو وجه وأذرعة الأخطبوط. أما ما يقع خلف وجهه فإن الهندوس يطلقون عليه أسم (البرامان)، فإنه يمثل إعادة الحياة، لذا فإن خلفية رأس هذا الإله تطابق وجه ومخيلة كل فرد بشري، الفرد الذي يتوقع جمال الروح والعيش والوعي.
ويطلق الهندوس أسم ( لاكشمي ) على إله الثروة، ويحتفلون بعيد خاص له يطول لخمسة أيام يطلق علية أسم عيد الأنوار ( الديفالي )،
وهي كلمة من أًصل سنسكريتي وتعني (صف من الأضواء). وتتركز مراسيم هذا العيد على إيقاد الآلاف من الشعل النارية والشموع والأضواء في البيوت والشوارع والمحلات العامة ومعابدهم الخاصة التي يصلون فيها لذلك الإله الذي يعتقدون أنه بقوته ينتصر النور على الظلام، الخير على الشر والمعرفة على الجهل. أن الهندوس يشعرون بأن هذا العيد يساهم كثيرا في توعية جذور الإنسانية في مجابهة روحانياتها لتنقية الذات من سلبياتها وتوجيهها للتعلق الأقوى بالإيجابيات ، من أجل أن يمارسها الناس بإعتقاداتهم داخل المجتمع.
يهتم الهندوس بالأحلام كدراما حياتية بين عالمين يشعر بهما الفرد بأنه فرد (أو لا فرد) في نفس الوقت. فالنائم عندهم يتقمص، بسبب غرابة الوهم داخل المجتمع المتحضر أو غير المتحضر، شخصية طبيعية ذات تقلبات غير إرادية، ولكنها متزنة مثل أي شيء طبيعي كالنار والخشب، وكذلك مثل الشعور بالحب والمودة وغيرها من الأحاسيس التي تداعبهم لفهم ماهية الحياة ومقارنتها بالموت.
يعتقد الهندوس بفلسفتهم أن الإنسان لا يستطيع تقييم النجاح والصحة الجيدة بدون المقارنة مع الفشل والمرض أو العوق، وهذه المشاعر لا تظهر فجأة، وإنما تنمو مع نمو الإنسان العقلي، والتي أغلبها أحاسيس خيالية تتضارب أو تتفاعل فيما بينها كأقطاب زوجية مثل الحب والكراهية، الكرم والبخل، الشجاعة والجبن وغيرها. وهذا يؤدي إلى أحتياج مدرب خاص ومتمكن (الغورو) الذي يقوم بمقدرته الخاصة بتمرير بعض التوجيهات الروحانية إليهم لمساعدتهم في فهم هذه المشاعر وتأثيراتها المختلفة في الحياة. وهذا يعني أن الأطفال لا يشعرون في داخلهم مثل هذه المقارنات، لأنها مربوطة بنوعية تعامل البالغين مع الأطفال. وهذا يفسر أنطلاق شعبية الديانة الهندوسية في العالم، وتوجه الغربيين الكبير في بداية القرن العشرين إليها مظهرين إعجابهم الكبير في هذه الفلسفة وأتباعها والتعمق في دراستها وفهم جوانبها المختلفة. والسبب في ذلك أن الديانة المسيحية فقدت في تلك الفترة، أرتكازها المتناسق مع الحياة وذلك بسبب أتساع بحور العلم والمعرفة بالكون وأبعاده وتأثيراتها على خلفيات أصل العبادة.
حـــــارث زهيــــرالحكــــــاك / نيوزلندة











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را