الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيء عن التعّصبْ ..

رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)

2017 / 2 / 19
الارهاب, الحرب والسلام


من رحم ( التعصب ) يولد العنف و توأمه الأرهاب وفي عمقه المظلم ينمو و يكتمل روح الأستبداد .. هو فرض الخيار بين اثنين ، أما ابيض أو أسود ، هو الحكم و القرار ، إما خائن و مرتد أنت عن ( القضية الرسالة ) أو مؤمن مخلص لها ، و بين هذين النقيضين فراغ يحرم الخوض فيه و لا حتى التفكير به ، و لا يمكن أن تكون مؤمنا صالحا و مخلصا للقضية و وفيا و إبنا بارا لملتك و عقيدتك ألاّ و فق ضوابط صارمة يحددها منظريها للعقيدة و المبدأ.. فالمتعصبون دائما يرون انهم على صواب حتى لو جروا ورائهم الجميع للتهلكة ، فهم المرجع و أصحاب الرأي الأول و الأخير و لهم وحدهم الحق في الأدانة و العفو أو الرفض و القبول .. !
و لا يأتي التعصب من فراغ ، فله أسبابه ومسبباته و بيئاته ومنابته التي تنفلق فيها بذوره وتتعمق جذوره ، وهو و إن كان يأتي أحيانا نتاجا لظلم كبير وتجاوز سافر على حقوق انسانية اساسية في الحياة ؛ يرتبط بعقائد و ثقافات بما فيها الأديان و المذاهب و التي تلقن ( التعصب ) كمنهاج و سلوك في إطار ( ماوراء الحقيقة ) التي تعتمد اثارة و تحريك ( العواطف ) البعيدة عن الحقائق الموضوعية منهاجا لها ، لأثارة و تحريك من يمكن تحريكهم من الناس ، و كسبهم كمؤازرين لفلسفة و منهاج القضية المتعصبة ..
ويصح أن نصف التعصب بأنها حالة من حالات التخلف الفكري بإتجاه بدائي يتحول مع إمتلاك السلطة والنفوذ الى همجية معادية لكل فكرة تقدمية هدفها المزيد من التحضر ، فلا يجنى منه سوى المزيد من التراجع و العجز عن التقدم والارتقاء وفقدان القدرة على امتلاك مشاريع واقعية علمية للنماء و الأصلاح ..
و( التعصب ) كحالة فردية حالة ينفس بها المتعصب عن ازماته النفسية و الفكرية – العاطفية ، لكنه لا يعالجها ، وكحالة فكرية عامة تعد أزمة فكرية ( إجتماعية – حضارية ) تشّلْ الفكر عن التفكير و الانطلاق خارج أطار جامد وصارم و يمنع الوعي من رؤية كل ماهو خارج هذا الأطار الضيق .
و يرى المتعصبون في حالة مجتمعاتهم المطمورة بتراكمات الجهل و الثقافات البالية و مضاعفاتها ؛ البيئة الخصبة للأنتشار كقادة و آيديولوجيات .
ان التعصب لم يخدم عبر كل التأريخ الأنساني و لايمكن ان يخدم مستقبلا اية قضية حضارية ( حتى لوكانت مشروعة هدفها تحقيق سعادة الانسان و تقدمه ) بل لايمكن كمحصلة نهائية ان تخدم قضية المتعصب نفسه ، فهوينحرف بتطرفه عن مساراتها المقبولة والمشروعة و يشوه كل ماهو حق و جميل فيها بشكل ينفر منها ( كنتيجة ) الغالبية المؤمنة بها و يمنح أعدائها الحجج والمبررات للتصدي لها و محاربتها ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق