الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المرأة في مجموعة -الرقص على الحبال- هادي زاهر
رائد الحواري
2017 / 2 / 19الادب والفن
المرأة في مجموعة
"الرقص على الحبال"
هادي زاهر
العمل الكتابي الأدبي يعد من أهم سمات المجتمع المتمدن، المتحضر، فالأدب مرآة المجتمع المدني، والأديب هو الضوء الذي يعكس لنا هذا الألوان، أن كان من خلال الواقعية أو خلال الفانتازيا أو من خلال الرمز أو التشكيل بين المدارس الأدبية، ومن هنا تكمن اهمية الأدب، فهي يكشف عيوبنا، يدعونا إلى تجاوزها والتقدم من الصواب، وغالبا ما تكون هذه الدعوة غير مباشرة، تأتي ضمن السياق العام، فعندما يقدم لنا الأديب سلوك سلبي بالتأكيد سيتشكل في العقل الباطن لدينا رفض لهذا السلوك، وهنا يكون الأثر الذي تركه الأدب أهم وأقوى بكثير من ذاك الذي يأتي من خلال الخطب الرنانة، التي تلازم الأستاذ/الخطيب/الأب عندما يخاطب الآخرين، الأقل مكانه منه، لكن الأديب يخاطب المتلقي من منظور المساوة، التماثل في المكانة والموقع، فهو لا يعتبر نفسه موجه تربوي أو داعية للأخلاق أو موجه سياسي، أو مصلح للمجتمع، هو يطرح المشكلة وعلى المتلقي/القارئ البحث عن الحل، ايجاد المخارج للمأزق المطروح، وهنا يكون الأديب فاعل ومحفز ومؤثر في المجتمع أضعاف من يعملون على الطرح المباشر والتكلم من أبراج عاجية، وكأنه آلهة السماء، التي ترفض التعامل/الاختلاط بما هو أرضي.
"هادي زاهر" يقدم لنا العديد من الأمراض الاجتماعية في مجموعة "الرقص على الحبال" في قصى "الجشع" يقدم لنا مشهد عن علاقة الرجل الشرقي مع زوجته من خلال هذه القصة، وكيف يعمل الرجل على البحث عن مخارج للمأزق المادي الذي يمر فيه على حساب الزوجة، فالمرأة في هذه القصة كانت أقوى وأكثر فاعلية وعطاء من الرجل، ومن هنا تكمن أهمية هذا القصة، المرأة هي يمثل العطاء والعمل المنتج كحال اللبؤة بينما الرجل يمثل المستفيد والمطعوم والمكسي دون أن يبدل الجهد المطلوب منه للحصول على حاجته المادية، القاص استطاع ان يقنعنا بأهمية وفاعلية المرأة في المجتمع رغم الاضطهاد الذي تتعرض له من الزوج.
ونجد تفوق المرأة على الرجل في قصة "الإشاعة المرة" والتي يقدم فيها القاص شخصية "أديب" الذي يدمن السهر واللعب حتى يغرق في الديون، بينما زوجته كانت تنصحه للابتعاد عن رفقه السوء الذي يدمرونه ويدمرون عائلته، تنتهي القصة بطلاق زوجته صديقه "بشير" رغم قناعة "بشير" بعفاف وإخلاص الزوجة، وهنا أيضا نجد صورة المرأة التي تتفوق على الرجل في رؤيتها للمستقبل، وأيضا حالة الاضطهاد التي تتعرض لها من قبل الزوج والمجتمع معا.
ونج صورة المرأة أيضا في قصة "الأعشى" التي تتحدث عن رجل شهواني يطلق زوجته عندما تصل إلى سن اليأس "ـ خلص بطلتي تنفعي، قرف يقرفك" ص61، ثم يتزوج من فتاة تصغره ليشبع شهوته نود الاهتمام، الأخذ بالحسبان الحياة التي تحملتها الزوجة، ولضيق الحاجة يبدأ في العمل بكل ما هو محرم وغير مؤهل له لتوفير متطلبات الحياة، ينتهي به المطاف أعمى لا يبصر بعد أن أخطأ في تركيبة صبغة الشعر.
ويحدثنا القاص عن المرأة في قصة "التواكل" وكيف ينظر المجتمع إلى المرأة التي لا يصلح زوجها للأخصاب، فينسب العقم لها، وتتحمل هي كل ما يقال، حتى تتحمل مسألة تطليقها على أن تقدم على الاخصاب من رجل غير زوجها، "ـ أعوذ بالله.. أموت ولا أفعل كهذا .. ليس خوفا من الله وحده وحسب، ولكن حفاظا على نقاء روحي ونفسي... الطلاق أهون مئة مرة من تصرف كهذا" ص66، هذا المشهد يعري مجتمعنا الشرقي ويرفع من مكانة المرأة فيه، واعتقد أن هذه القصة تحديدا من أكثر القصة التي تعظم المرأة وترفعها إلى أعلى علين، بينما تقزم المجتمع المتخلف.
ونجد قدرة تحمل المرأة للزوج في قصة " البصيرة" التي تتحدث عن يأخذ في الصراخ لعدم قدرته على التحرك بحرية، وينتقل من مكان إلى آخر وزوجته تتحمله وتتحمل هذا الصراخ، آخذة بالمثل القائل: "ظل رجل ولا ظل حيط" ص82، ومع أن هذا الزوج مزعج وقاس ومتزوج من أخر كانت المرأة تتسم بالأخلاق والصدق المتناهي، فكانت تطلب منه أن يقوم بزيارة اولاده ، "..كم مرة قلتلك اولادك؟ اولادك من دمك ولحمك مش لازم تنساهن أو تتخلى عنهم وأنا مستعد أروح معك" ص85، وبعد هذا القول وبعد ما اصاب الزوج من قسر منعه من التحرك تماما يكتشف الحقيقة، حقيقة اهماله للأولاد وللزوجة ولنفسه أيضا.
إذا كان المرأة الفلسطينية تتصف بقدرتها على تحمل الضغط والقيام بأعمال انتاجية والتمسك بالمثل والأخرق وجلدها أمام كل المغريات والشدائد، نجد المرأة اليهودية على النقيض منها، فهي انتهازية، لا يجيد القيام بعملها، هذا ما جاء في قصة "الرقص على الحبال" فهي لا تنجح في تسويق أي سيارة رغم دخول أربعة زبائن على المكتب.
ويحدثنا القاص في قصة "اصطياد العصافير" عن المجتمع البدوي في فلسطين، الذي يجند لخدمة لدولة الاحتلال، حيث يتحول الراعي البسيط "أحمد" المتفنن لمهنته إلى قاتل محترف، يقتل دون أي سبب، القتل أصبح سلوك عادي وطبيعي يقوم به كما كان يقوم بمهنة الرعي، ونتوقف هنا قليلا عند هذه القصة التي تحمل اشارة مهمة وهي كيف يتم غسل الأدمغة في دولة الاحتلال ثم يتحول الإنسان إلى وحش مفترس، فكل من يقدم على الدخول إلى دولة الاحتلال يمسى وحش مفترس ويفقد إنسانيته تماما.
ويكشف لنا القاص تركيبة دولة الاحتلال والكيفية التي تفكر وتعمل فيها من خلال قصة "البسطاء" فهو يقدم لنا كافة التباينات التي تنشأ في دولة الاحتلال والتي تخدم أولا وأخيرا الدولة، فكل ما تقوم به من أعمال ـ حتى لو بدت مفيد وحيوية للفلسطيني ـ هي في النهاية تبحث عن مصلحتها هي وليس لمصحة الفلسطيني.
في قصة "يوم الطحان هو يوم" يبين لنا الفوضى وعدم الالتزام بالنظام واحترام الدور في مجتمعنا.
ما يحسب لهذه المجموعة وجود كم كبير من الأمثال الشعبية فيهاـ بحيث يجد القارئ قربها منه وقربه منها، وهذا الأمر كان منسجما مع اللغة التي كتبت فيها القصص، فهي لغة بسيطة جدا، لكنها تنساب بسهولة إلى النفس، كما أن ابتعاد القاص عن الطرح المباشر وتقديم مشاهد بشكل حيادي، غير منحاز لطف بعينه، جعل المجموعة مهضومة"
المجموعة من منشورات دار الفاروق ، نابلس ،شارع عبد الناصر، فلسطين، الطبعة الأولى 2015.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح
.. هذا ما قالته الممثلة مي سحاب عن سبب عدم لعبها أدواراً رئيسية
.. -مساء العربية- يفتح صندوق أسرار النجم سعيد العويران.. وقصة ح
.. بيع -الباب الطافي- الذي حدد نهاية فيلم تيتانيك بسعر خيالي