الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قاسم حمزة ومحمود عجمي يتغنيان ب:حكاياالطين والنار

قاسم العزاوي

2017 / 2 / 19
الادب والفن


مذ،ركل الخالق الذي لم يسجد للذي خلقه وصيّره من طين ، كان الأنحياز للطين واضحاً وجليّاً ، ومقدساً ايضا ، وهو إقرار إلهي بأهميته الروحي الروحيّة والحياتية ، وإقرار أيضاً بأن منبع الخلق وديمومته ماهي إلا من الطين المرتبط بالارض باعتبارها حاضنة للحياة بكل اشكالها وقد تواتر هذا الانحياز للطين في جميع المثيلوجيات الدينية وتكونت الحضارات ونشأت وقرأ تاريخها من خلال الطين بما تركته لنا الحضارات الرافدينية المتعاقبة بكم هائل وثر من المدونات الطينية والرقم والتماثيل والريليفات وغيرها التي بدونها لما قرأ التاريخ ولا عرف تطور هذه الحضارات التي اضافة للانسانية الفتح الكبير : معرفيا وفنيا وعمرانيا ومجتمعيا واقتصاديا وسياسيا وغيرها ... , لذا ان هذا التراكم المعرفي / الفني والممتد لاكثر من سبعة الاف سنة , كان المحرك الدائم داينميكيا لاستمرار الفنان العراقي خاصة بأعتباره صاحب حضارة ( فنية ) وريادية ايضا في اللعب الجمالي على الطين , من الرائد الاول المجدد جواد سليم الى اخر القائمة من الفنانين ,لكن الذي يهمنا هو الاشتغال على الطين وتشكيله خزفيا الى موجودات وكنوز جمالية والذين كان لهم السبق الاول والفتح في الخزف العراقي المعاصر مثل : فالنتينوس ,سعد شاكر ,الهنداوي, السعودي وغيرهم ولان موضوعنا الان يتناول اعمال الفنان قاسم حمزة والفنان محمود عجمي بمعرضهم المشترك في قاعات دائرة الفنون التشكيلية / وزارة الثقافة , وبما يجمعهم مكانيا الى الحضارة البابلية والدور الفاعل للطين في انشاء هذه الحضارة عمرانيا وجماليا وماتركته من خزين معرفي وفني في العقل الجمعي والذاتي لهذين الفنانيين اللاعبين على مطواعية الطين وتشكلاته الى تحف فنية خزفية تستقطب المتلقي وتسترجعه الى حضاراته الاولى فنيا وتثير فيه ذلك الحنين والالفة الى ماتركه اجداده الاوائل من كنوز فنية ويشم ايضا رائحة الطين المبلل بالمطر ,ويذكره ايضا بأن الطين وتشكيلته الفنية ماكان ليبقى لولا فعل الفخر وفعل النار في ديمومة هذا الجمال الطيني المفخور ...!

قاسم حمزة انقباض الرمز / انبساط الابعاد .
________________________________
تقودنا الاعمال الخزفية للفنان قاسم حمزة ,وخاصة تلك التي تتحرك هندسيا ببعدين والتي تأخذ شكل المدوّر , ان نبقى دائرين حول محيطها محاولين الامساك بنقطة بداياتها والخروج من نهاياتها ,وتلك الاشكال المدورة تحيلنا الى جدلية الكواكب ودورانها المتواصل فيزيائيا حول نفسها ,ودورانها بالتالي حول قطبية واحدة تشكل مركزها,لذا, ان مركزية رمزيتها ودلالاتها دائرة هي الاخرى حول شكلانيتها الفنية ,وتتمايز وتتقافز تبعا لفكرة الجمال /الرمز وتؤكد ذاتها او تنبجس الى حيز الواقع ,وتنبسط بفعل نشاطها الذاتي من حيث هي تظاهر مباشر انبثق وتشكل من التعيين المؤجل - اي كل طورا خاص يجتازه العمل اثناء الانبساط والتطور يقابله تعيين داخلي واعني بهذ شكل خاص هو شكل الاطوار السابقة / اللاحقة الاخرى من مراحل العمل الفني , وهذا التدرج اللوني والشكلي في الانبساط والتطور هو الوصول الداخلي للفكرة أي الامساك بذروة العمل , ...والرمز في الاشكال تدرج يشابك مدلولاته بمقاربة متكافئة بين الدلالة الداخلية أي مايمور في داخل الفنان من رؤى وتصورات ,اذا جاز التعبير ( المضمون الروحي ) والتظاهر الخارجي بمنى الشكل ككل ..., لذا نرى الرمز بكل اشكاله الخطية واللونية والحروفية والسيمائية , بمثابة روح مشبعة بالخصوصية والتجريد والتي تخاطب حدوسنا وتلون العلائقيات بـ: لامتناهيات تمنحها بئرة الرمز الرؤيوية ليظهرها - احتمالات قابلة للتواصل - ,واعني احتمالات تفصل المدلول الحسي لتضيفه الى الصورة , فالرمز هنا هو انفصالات الاحتمالات في المعنى , وبالاخص ,وتحديدا تلك الاحتمالات المستعصية التي تفرز مكامنها لتترابط بحداثوية الشكل العام ... والتي استطاع الفنان قاسم حمزة ان يوظفها تماما في مكوناته الخزفية والتي تنطوي على انبساط ما في الداخل وتبيان الصراع الجدلي بين توترات قطبي الاحتمالات المستعصية /الممكنة ... الفنان قاسم حمزه في منجزه الخزفي يراود التجريد التخاطري لابعاد النص التشكيلي في دوران الدلالة ومحفزا تناغمية احتمالاتها بين خبايا النص التشكيلي وتفتق جدليتها الازاحية تبعا لانبعاث الحالة التشكيلية التي تتنافر بتجاذب اسطوري مقترحات الاخصاب والنمو ،في مدوناته الخزفية ، وينطبق هذا على مدوناته الخزفية ان كانت تأخذ شكل المربع والمستطيل وعلى جدارياته الخزفية ايضا..، وحتى التي تستلهم الحرف العربي دلاليا وتزينيا وسيمائيا ، تستقطب ملامح الرمز في تجريدات شكلانية ولونية ...، منجز الفنان متحفي ويبتعد كثيرا عن الحاجة التزينية البيتية ، من هنا، ارى ان الفنان قاسم حمزة حفر بصمته المتميزة في حقل الخزف ،وهذا لايعني ان اشتغالاته جاءت بمحض الصدفة، وانما نلمس فيها تجارب اساتذته وعمالقة الخزافين ايضا...
محمود عجمي / استنطاق الطين ،وإ وسترجاع ذاكرته .
(الفنان لايبتدع اسلوب حياته ، بل يعيش بالاسلوب الذي يبدع فيه..)
/ جان ليسكور.
ايضا ، المدورات الفخارية للفنان محمود عجمي ، تتحايث مع المدورات الخزفية لقاسم حمزه ،كشكل هندسي (لا كأسلوبية )وايضا تقود المتلقي ليحاول الامساك ببداياتها ويبحث عن نهاياتها ومخارجها ..ويخرج مشبعا بمكوناتها وخطابها الجمالي والاسطوري ،واسترجاع ذاكرة الطين الممتدة لالاف السينين واستنطاقه بلغة عصرانية وتحدثنا بكل تهذيب عن ملاحم اجداددنا الاوائل ن بمشهدية ممسرحة تدور دائرة حاضنة لهذه المشهدية ..،وخوار الثور السماوي يتردد بدوران ايضا , وسيد اوروك كلكامش يمسك بقرنيه ويلوي رقبته ليصدر ذلك الخوار الطاغي على مشهدية الخطاب التشكيلي الممسرح , وعشتار (عشتروت) تراقب مايجري وهي تهرع صوب ثورها السماوي تمسح دموعه وتأن مع خواره وتتضرع...! هذه المشهدية تكررت كثيرا في فخاريات محمود عجمي المستنطقة دواخل الطين بأجتراحات متكررة ..., هذا الاستنطاق الحدسي يدخل المشهدية الفخارية ليصّير ديمومة ابعادها وهو بمثابة شهاب الدلالة غير الاني ,أي الذي لاينطفئ بل يترك ومضاته المحزوزة تجوّف الحركة بتقطع يتحول الى فجوات وحزوز وخطوط عميقة تتجانس مع الخطاب التشكيلي وتتجانس رؤيويا مخلفة الحلم الاسطوري الذي يملئ الفجوات والحزوز والخطوط المتقاطعة تارة والمحيطة بالمشهدية التشكيلية الفخارية ويتحول الى علاقة تجمع المتصور الفخاري بالوجود وتشكل علاقة دائرية مغلقة في آن ومنفتحة الى منافذ الاسطورة والملحمة البابلية وتستقطبها في بؤرة الان ( المعاشة ) وتتماها في الشعور دون ان تنحل فيه لكن كل ذلك له علاقة بالمعنى وذلك لايمكن الوصول اليه الا بالرمز اذ هو يسقط ويتجسد فيه ...
محمود عجمي لايغادر النحت حتى في الموتيفات الورقية المرسومة بالحبر وهي تحيلنا الى نحتيات بارزة لذا نراه زاوج الفخاري بالنحت ( الرليف) او النحت ذات البعديين والذي غالبا ماكان يزين جدران المعابد يوثق ويؤرخ الملاحم والبطولات والطقوس الدينية بما فيها النذرية , وما موجود على الرقم الطينية والجداريات ذات البعدين في ارض الحضارة الرافدينية القديمة ..., من هنا جاءت مدوراته الفخارية وكأنها ( لقى ) مما تركته لنا حضارة وادي الرافدين الزاخرة بالفن والجمال والاساطير التي مازالت يتردد صداها الى الان جسدها الفنانين قاسم حمزة ومحمود عجمي وهما يتغنيان به ( حكاية الطين والنار)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثلة رولا حمادة تتأثر بعد حديثها عن رحيل الممثل فادي ابرا


.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب




.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي