الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحشيش إرهابيا

محمد محسن عامر

2017 / 2 / 20
المجتمع المدني



لنحاول دوما عدم تنميط رؤانا للأشياء ، و لنسعى إلى تقليب المواضيع محل السجالات العقيمة عسى أن نجد مخارج لم نكن منتبهين لها لحل هذه المآزق التي تراكمت على هذا البلد المكثف بكل شيئ يبعث على الإشمئزاز و البؤس .

تعاطي الحشيش ممارسة ثقافية مرتبطة بقوانين التوارث و التقليد ..لا تتفاجؤوا من هذا القول ..أي نعم "التكروري" عشبة مخدرة كانت إلى حدود الإسقلال مادة شرعية متداولة في الجريد يقتنيها الناس بعد صلاة العشاء مع قرطاس العرعار عمارة السبسي ..و لم يكن في تعاطيها حرج لا أخلاقي و لا ديني و لم تكن تدخل ضمن منطق القياس الفقهي مع المسكر ، إلى درجة أن علي الدوعاجي تغنى بها في أحد نصوصه الأدبية الجميلة .. حتى منعها بورڨيبة و دخلت طائلة المحظور و اضمحلت مع الزمن .
هذا النوع من الحشيش كان يأتي عبر مسالك التهريب عبر الصحراء التي يحفضها أهل الجريد عن ظهر قلب و التي كانت الطريق الوحيد للتموين بالشاي و القهوة و القمح و ورق السجائر ..أي أنها كانت ضمن المستهلك اليومي العادي و الشرعي .
تعاطي الزطلة الإشكال فيه ليست تعاطي شخصي للفافة حشيش داخل سيجارة ..المسألة طريق مرور هذه المادة و هذا ما يجب الحديث فيه . عندما نقلب الخريطة نرى ترسيم الحدود ، هو خط وهمي أليس كذلك ؟ و في واقع الأمر أيضا .إذ من الممكن بل و المتاح شرب قهوة الصباح في مدينة نفطة الحدودية على الساعة الثامنة مساءا و تناول فطور العشاء في مدينة واد سوف الجزائرية و العودة بدون جواز سفر (تحقيق سفيان شرابي حول الحدود الذي قيل أنه مفبرك حقيقي بل و أقل من الحقيقة).
قد يبدوا هذا مبالغا فيه و لكن الواقع بكل أسف هو ذاك . المناطق الحدودية تعاني من أمرين ، الأول عدم امكانية تأمينها بفعالية و الثاني و الأهم تواطئ نسمع عنه و يعلمه سكان المناطق الحدودية جيدا مع حرس الحدود مع المهربين الذين تحولوا إلي شكل من التنظم يشبه المافيا في الهيكلة و طريقة العمل . و هذا ما سيدفعنا للحديث حول النقطة المحورية .

تجارة التهريب التي تتكون أساسا من المحروقات و البنزين و السجائر و المخدرات تتحرك وفق ظوابط صارمة تفرضها طابع الإحتكار لدى المهربين الذين يكونون لوبيات شديدة التنظيم و التنسيق و في تداخل مع وحدات الحدود داخل منطق الإرشاء و الإبتزاز المتبادل (سكان بن ڨردان مثلا يفهمون هذا جيدا) . الخطر إذا ليس استهلاك المادة و لكن كونها جزأ من لوبي كامل من المهربين الذين يخربون الإقتصاد الوطني و يخلقون نزفا قاتلا في النسيج الإقتصادي الهش و تحولوا إلى قوة اجتماعية يصعب يوما بعد يوم ترويضها . و التهريب خط ينتهي في تونس و يبتدأ في مناطق نفوذ الجماعات المتطرفة في الصحراء الكبرى المسيطرين الحصريين على تجارة تهريب السجائر و المخدرات .

تقنين المادة من عدمه ليس قضية حقوقية إطلاقا بل مسألة اقتصادية و أمنية شديدة الحساسية ..إنها قضية التهريب و الفساد و الإرهاب ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نشرة إيجاز – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة محتومة في


.. العراق يرجئ مشروع قانون يفرض عقوبة الإعدام أو المؤبد على الع




.. رئيسة -أطباء السودان لحقوق الإنسان-: 80% من مشافي السودان دم


.. إسرائيليون يتظاهرون عند معبر الكرامة الحدودي مع الأردن لمنع




.. الألعاب الأولمبية 2024: منظمات غير حكومية تندد بـ -التطهير ا