الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمذهب الديمقراطية وسياسة اعتقال العقل

منى محمود على

2017 / 2 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تمذهب الديمقراطية وسياسة اعتقال العقل ................. منى محمود علي
تم اعتقال العقل العراقي على يد جماعة المذهب ، فخضع آسرا نفسه لها ، بعد ان وجد في اسره معقول عقلي بموجب دلالات مرت بتاريخه ، ونحتت شروخ حياته فمست عمق اعماقه ، فكان لهذا التأسيس الاجتماعي هدف اختزل العراقي المتمذهب عقله ومنطقه وانسانيته بها ، ولتصبح حياته ومماته من اجلها ، وليعيش حياة وهمية مخيالية تقوم على قاعدة الانغلاق والسياج الفاصل مع الاخر معتبرا ان نظرته هي وحدها الصحيحة وذات معنى وان ما عداها اقل قيمة وغير مقبولة وعديمة المعنى . اي ان قدرتهم على تصور اي شيء مخالف ومغاير لهم امر غير عقلاني ، وهذه هي سمات المجتمعات المغلقة التي اصبح المجتمع العراقي منها .
التأويل والتفسيرالاجتماعي مرهون بغياب القدرة الاجتماعية على التحرر من وهم التسليم واتباع المرجع ، والسبب الحقيقي هو غياب الفعل الثقافي المقابل من الوعي واقصد التدين الخالص اي ان الوعي الغى العقيدة الخالصة واحل محلها المذهب او ان المُتمذهب ارجأ العقيدة الخالصة بعد ان ربطها بالمذهب فاصبح لكل مذهب عقيدته المضاف اليها والمحذوف منها ، وهذا سهل تسليط قيم الثقافة المذهبية على العقل العراقي حتى اصبح المذهب كالقتيل الذي لابد من اخذ الثأر له ، والثأر يؤخذ في الثقافة البدوية من أي من افراد الجماعة وهذا ماحدث ، وتحور ثأر الماضي الى ثأر الحاضر ليكون اكثر شراسة وامتدادا زمنيا ليثأر من الاخر . هذا الاعتقال للعقل يعتبر مجرد التفكير في مسلمات المذهب هو انتقاص من ثوابته وتنقيص له لذا فقد حصر التفكير في مرجعه الرمز أي ان ثقافة التمذهب مرتبطة بثقافة الرمز فهو من يقرر لهم و بالمقابل يرون فيه العارف المتنبأ بمستقبل الامور فيصبح وصي عليهم ، اما هو فيكون تابع للرمز الوصي ، والتبعية يعني التحكم وبالتالي اعتقال داخل فكر مذهب واحد وعكسه مروق وربما زندقة وبذلك غُيب المخالف مهما جاء بالحجج واللجج ، واخيرا فأن كل هذا يوصلنا الى ان اعتقال العقل لن يحقق الا النقل عن الاوصياء والرموز وبالتالي لاحق له بالانتقاء الا من خيارات يضعونها امامه هي بصالح المذهب اولا واخيرا وان كانت مضرة له وبذلك اعتقل عقله داخل خيارات محددة وغير مسموح له يجدد ويحدث ويجتهد خارجها ، فهزم الوعي وتنحى جانبا .

الديمقراطية المجددة والمحدثة للمجتمع مؤمنة بثقافة حرية الفرد وحرية خياراته وعقيدته أي انها تؤمن بالحريات ولا تؤمن نهائيا بالنقل او التبعية فثقافة الديمقراطية هي ثقافة وطنية وليست ثقافة فرعية لانها تحقق مصالح عامة للوطن اجمع وليست لجماعة دون اخرى . والديمقراطية هي " حكم الشعب" ولكن عندما يصبح الشعب معتقل داخل عقل المتمذهبين، الذين يجعلون من المذهب هوية المواطنة ، ذلك يعني هدم لركن من اهم اركان الديمقراطية. وهو حرية الاختيار.
وما يحدث يوميا هو وضع المذهب بمواجهة مع تفاصيل الحياة ، ومنها حرية الراي والخيار كما في المواجهة مع الديمقراطية واقصد الانتخابات ، فجماعة المذهب تختار المرشحين تبعا لعقليتها وعقيدتها متعالين على القوانين والدستور مؤمنين بوهم القوى الخفية التي تسندهم فتملى خياراتهم على تابعيهم ، ولا حق للناخب بالخروج عنها ، والاخطر هو الترويج لاختيارهم والرضى بهم بطريقة "الوعيد بالاخرة " وهو خيار بين الجنة والنار ، وليس بوعد دنيوي ، أي ان الديمقراطية هنا اصبحت وسيلة لتحقيق آخرة وليست بحثا عن الدنيا وحقوقها ، وهذا يلغي معنى الديمقراطية فيصبح الناخب طوعا او كرها خاضع لهذه المظاهرة الفاشية مذهبيا .لأن ألاساس هنا اصبح سلطة غيبية تعلو الجميع، يتحكم بها أوصياء المذهب ومن يدور في فلكهم ، والذين يدّعون أنهم يمثلون الله على الأرض . لذلك فأن كل سياسي في ظل الديمقراطية له حق تسويق نفسه ، وفي ظل هذا النظام المتمذهب يعمل السياسي على ان يقدم عروضه بطريقة شبه ديمقراطية فهو لايقدم برنامجا مستقبليا الا بشكل ظاهري ولكن ضمن اهم ما يتضمنه عرضه هو بالتمسك غير العقلاني في صراعات مع الماض حيث مقدسهم لا زمني فتبدو ايحاءا بالتمسك بفضيلة الماضي للحصول على شعبية ما للوصول الى هذفه السياسي ، ذلك بممارسات ومشاركات فعلية لطقوس المذهب امام الناس ، بينما حياة الناس في الواقع الحالي تتطلب تحقيق الحاجات المادية وليس الروحية ، وبحكم الاعتقال يصبح التمذهب داخل النظام الديمقراطي يدعو لانتخاب من يوصله لاخرة سعيدة عن طريق التمسك بالماضي ، بمعني وجوب اختيارالسياسي المتمذهب .
وهنا نصبح أمام تشكيلتين متضادتين متعاكستين لاتلتقيان من حيث الشرعية والأهداف.(التمذهب و الديمقراطية ) بل أختلطت الرؤى والتشكيلات الثقافية والاجتماعية والدينية بالرؤى والتشكيلات المذهبية وتصدًر هذا المشهد جماعات مذهبية متعددة حورت الديمقراطية السياسية باتجاه ديمقراطية متمذهبة لتكون اكثر سلبية عن طريق خطاب بدائي مشحون منحدر من صلب الاختلاف اعتمد احداث و وقائع الماضي والحاضر اجندة له ، فحرك المجتمع متوجها الى الماضي ليستعير منه ادواته في محاولة سياسية شرعية شكلا لأعادة انتاج نفسه بديمقراطية متحورة الى دكتاتورية مذهبية اكثر شراسة بالدفاع عن كرسي الحكم و الى ما لانهاية متوقعة من الاحتكار و بشمولية سياسية و مذهبية جديدة ،.دفع المجتمع بكليته ثمنها غاليا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س


.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: صيغة تريتب أركان الإسلام منتج بش


.. عشرات المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى




.. فلسطينية: العالم نائم واليهود يرتكبون المجازر في غزة