الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق المدني ومستلزمات التغيير والتحول الديمقراطي. ح1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2017 / 2 / 20
المجتمع المدني


العراق المدني ومستلزمات التغيير والتحول الديمقراطي. ح1



مما لا شك فيه أن أي تجربة ديمقراطية لا تراع الخصوصية الأجتماعية ولم تتوفر لها بيئة فكرية متناسبة مع قيمتها وأخلاص حقيقي في تطبيق المضمون الجوهري لها، سوف تلاق أشكال من التعثر والفشل وحتى إجهاض لمسيرتها ما لم تدرك بالنقد والدراسة والتعرف على الكثير من العوامل والمسببات والعلل المسئولة عن ذلك، والتجربة الديمقراطية العراقية الناشئة تعمل وتسير ضمن هذا السقف المتوقع من الفشل والنجاح ولها ظرفيتها الخاصة أضافة لما هي عليه كل التجارب القريبة منها أو التي نمت وترعرت في مجتمعات التحول من أنظمة سياسية شمولية ديكتاتورية قمعية أو أنظمة راديكالية أيديلوجية، إلى أنظمة تمارس الفهم الديمقراطي لأدارة الدولة والمجتمع.
من هنا وبعد مرور الما يقارب أربعة عشر عاما من ممارسات وقوانين وتجربة لم تنجح المنظومة السياسية الحاكمة أن تعمل على إنجاح النموذج الديمقراطية في مجتمع عانى طويلا من عواما القهر والأستبداد والتخلف والحروب وما إلى ذلك من قضايا كان الأجدر بالمنظومة السياسية أن تركز في عملها على تطوير الوعي الديمقراطي وتأمين حاضنة فكرية وأجتماعية لها، الغريب في التجربة العراقية ونحن نمارس النقد الذاتي لها والنقد الفكري للنتيجة التي أفرزتها، أن غالبية المشاركين واللاعبين الأساسيين في العملية الديمقراطية ليس لهم إيمان حقيقي وإخلاص للتجربة ولا لمعنى الديمقراطية، فهذه الكتل والأحزاب إلا القليل منها ذوات توجه ديني أو أيديلوجي محدد تعمل ضمن أكطره المرجعية لغرض الوصول إلى أهداف وغايات تتناقض مع أصل فكرة الديمقراطية، وهذا واحد من أهم الأسباب في فشل وعجز التجربة أن تلد لنا نظاما سياسيا يؤمن بحق الأفراد والمجتمع في تقرير المصير كما ويؤمن لنا فكرا متطورا يساعد على تطوير ونماء التجربة.
فقوى وأحزاب وفاعليات السياسة في العراق ذات التوجه الديني كلها وبلا أستثناء تؤمن بحقيقة أن مرجعيتها الدينية والفكرية هي مصدر القرار وما إرادة الناخب إلا صدى لهذه الرغبة وهذه الإرادة، كذلك تؤمن بأن نهاية مشوارها السياسي يجب أن ينتهبي إلى تطبيق نظرية الخلافة أو نظرية أن الدين هو مصدر لسلطات ولا بد من تحقيق هذا الهدف، كما أن الكثير من الأفكار المتداولة داخل هذه التنظيمات والأحزاب تبشر وتمارس ديكتاتوربية القيادة الممثلة دوما بالرمز، وأن عصيان أو ترك الألتزام بما تقرره القيادة سيكون مصيره ذو عواقب دينية على الفرد الناخب وعلى الفرد النائب، كلنا يتذكر في الأنتخابات الماضية حين تم تسريب ما يغرف بالفتاوى التي تجبر الناس على أنتخاب قائمة أو فصيل سياسي محدد وإلا كان التكفير أو الوقوف نمن العاص موقف مثل حرمة الزوج أو البراءة من الدين والمذهب، في الوقت الذي لم تبادر هذه الجهات المنسوبة لها الأقوا أن تنفي بصراحة هذه الفكرة وأستنكارها مما جعل الناخب واقع تحت الأكراه المعنوي الملجئ الذي يسرق حقه في الأختيار.
كما لم تبادر الهيئات المشرفة على الأنتخابات ولا القضاء العراقي بحرمان هذه الأحزاب والكتل التي تروج ما عرف لاحقا بأنه كذب أو قيل كذلك، بعقوبات الحرمان من المشاركة في العملية الديمقراطية لأنها مارست الغش والخداع والتضليل كي تنسف العملية السياسية، وهذا يعود أساسا لتركيبة الواقع السياسي الذي رسمه الحاكم المدني للعراق السيد بريمر عندما ترك للأحزاب الإسلامية وغيرها من الفئويات الفكرية أن تتقاسم مراكز النفوذ ومراكز التحكم بناء على شكلية دستورية محرفة أراد الدستور فيها معالجة موضوع التوازن الديموغرافي والأثني ومنح الجميع الحق في المشاركة والعمل ضمن أطار ديمقراطي قابل للتطور.
إن الإيمان الديني والقومي بالرمز والرمزية وشخصنة العمل السياسي وظهور زعامات تتكلم بأسم الطوائف والمكونات والأثنيات شيء يتناغفى تماما مع العمل الديمقراطي القائم على حرية الفرد في الخيار ضمن أطار دولة ومجتمع وليس ضمن إدارة صراع أديان ومذاهب وقوميات، وهنا تشكلت المصيبة الثانية التي دمرت وأجهضت العمل الديمقراطي بشقيه السياسي والفكري حين تحولت الرموز إلى ديكتاتوريات أجتماعية بفعل ثقافة التقديس والرمز المصان، حتى أن البحصث عن المصلحة الوطنية أو قضايا الأمن القومي والمصير ومفهوم المواطنىة وعملية التطوير والتحديث والتصنيع وإدارة الأقتصاد وكلها مشتركات عامة في المجتمع تحولت إلى جزء من منظومة مهملة تحت رماد ما تتركه الصراعات الحزبية والسياسية على المنافع والأمتيازات الخاصة، مما ولد طبقة وسطية بين القادة والرموز وبين الشعب الذي أنتخب هذه الأحزاب والكتل وهم ما يمثلون أذرعة المؤسسة السياسية في الحكومة والإدارة إلى أخطبوط من الفساد المشستشري الذي عم كل مفاصل الدولة، وأصبح هدف حماية الفساد والمفسدين في وجه المطالبين بالأصلاح والتغيير عبارة عن مس بالدين والمذهب والقومية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب


.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا




.. الأمم المتحدة تدعو لتحقيق بشأن المقابر الجماعية في غزة وإسرا


.. سكان غزة على حافة المجاعة خصوصاً في منطقتي الشمال والوسط




.. هيئة عائلات الأسرى المحتجزين: نتنياهو يمنع التوصل إلى اتفاق