الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشمس قد تشرق .. من تونس!! .... (6).... معادلات التاريخ الكبرى!.

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2017 / 2 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


((وما دام المشرق العربي قد وصل إلى هذه الدرجة من الضياع، وفقد دوره الطليعي في المنطقة والعالم، فآن للمغرب العربي أن يأخذ دوره ويحل محله في قيادة الأمة العربية!.
والمغرب العربي مؤهل للعب هذا الدور الكبير لعدة مميزات ومؤهلات موضوعية تتوفر فيه!. ولتونس بالذات دور قيادي (تنويري) كبير، وسط هذا الدور ألمغاربي الكبير!.
وبدون هذا الدور المغاربي الكبير، فإن هذه الأمة ضائعة لا محالة.. حسب جميع المعطيات المرئية والمطروحة والمحتملة!))
***
لكن قبل هذا علينا أن نعرف بأن هناك معادلات موضوعية تتحكم بالتاريخ وبمساراته المختلفة، ومنها مسارات تبادل الأدوار بين مشرق ومغرب الوطن العربي، وأن هذه المسارات التاريخية تبدأ بالاشتغال، كلما توفرت لها ظروف مناسبة . والحقيقة أن التاريخ لا يعيد نفسه مطلقاً، إنما هي عوامل موضوعية تمد التاريخ بمواد وطاقة الاشتغال، وكلما كانت هذه العوامل الموضوعية متشابهة، كانت النتائج التاريخية متشابهة أيضاً، فنظن أو نتصور أن " التاريخ يعيد نفسه "!.
والتاريخ صنفان:
 صنف من التاريخ حـــــــيٌ:
وهو صنف عبر الحقب والأجيال والقرون ووصل إلينا، ولا زال حي وفاعلاً ويعيش بيننا وينثر آثاره ـ السلبية أو الإيجابية ـ على حياتنا الحالية، كالقبائل والطوائف والمذاهب والأديان ومشاكلنا الأخرى التي لا تنتهي مثلاً..وهذا هو ما نطلق عليه اسم أو مصطلح: الــتــاريــخ.. وهو الذي يعنينا في الموضوع!.
 وصنف من التاريخ مـــيـــتٌ:
وهو صنف عاش في التاريخ مدة من الزمن ثم مات وانتهى دوره فيه، ولم يعد له تأثير يذكر في حاضرنا وواقعنا الحالي، كحضاراتنا القديمة مثلاً وحجاراتها الشاخصة بيننا، كحجارة بابل والأهرام وقرطاج.. ولم يعد لها من دور في حياتنا إلا التفاخر بأوهامها على بعضنا.. وهو الصنف الذي نطلق عليه اسم أو مصطلح: الــمــاضــي..وهو لا يعنينا هنا بشيء..لأن الذي يهمنا هنا هو الصنف الأول،أي [التاريخ الحي] وليس [الماضي الميت]!.
وعلينا أن نفرق جيداً بين الصنفين، فالبعض منا لا زال يعيش في أوهام الماضي، متصوراً أنه يعيش التاريخ ويحافظ على التراث والتقاليد!!
والتاريخ بصنفيه كمغارة عملاقة بدون أبواب ومفتوح للجميع، ويمكن لأي إنسان بلغ سن الرشد أن يدخله:
يمكن أن يدخله الحكيم العاقل: كالكندي وأفلاطون وأبن سنا!.
ويمكن أن يدخله المجنون الجاهل: كهتلر ونيرون والسادات!.
ويمكن أن يدخله القائد الحقيقي المتبصر: كعبد الناصر ولينين ومانديلا!.
ويمكن أن يدخله القائد المزيف المغامر المقامر: كصدام حسين والسادات وباقي الحكام العرب، الذين أوردوا أمتهم موارد الهلاك والضياع !.
وكذلك يمكن أن يدخله حتى الإنسان العادي لأسباب متعددة، كما دخله (محمد البوعزيزي) الذي أشعل ـ دون أن يدري ـ ثورة أمة لم تهدأ بعد ولم تتوقف بعد!.
***
والتاريخ ليس أعمى يمشي بدون وعي ـ كما يتصور البعض ـ إنما هو مبصر، ومبصر جداً وتحكمه قوانين صارمة، لكن (أدواتنا الغليظة) لم تكتشفها بعد!. ودليل إبصاره أنه بقوانينه الصارمة، وخلال مسيرته الطويلة قد صنع الأمم والشعوب والمجتمعات والحضارات.
فمن هذه الأمم من وصل إلى مجاهل الكون البعيد، ومنهم من ارتد إلى جاهليته الأولى، ومنهم من لا زال طفلاً يلعب ويلهو في غابات الأمازون ومجاهل أفريقيا ومتاهات استراليا!.

وتتجلى قوانين التاريخ للبشر بأجلى صورها، على شكل (معادلات) قريبة من المعادلات الحسابية تتكرر باستمرار أمام أبصارنا، وتفرض نفسها على الوقائع والأحداث فرضاً، كلما توفرت لها شروطها تحققها الذاتية.. لكننا ـ وكما في كل مرة ـ نعيد القول: بأن " التاريخ يعيد نفسه " !.
***

وفي التاريخ الكثير والكثير من (المعادلات التاريخية) أعادت وتعيد نفسها أمام أبصارنا دائماً، دون أن نعيها أو نعرفها أو نفهمها أو نعير لها أهمية!!.
فواحدة من أهم معادلات أو حقائق التاريخ الكبرى، التي وصفها المفكر الفرنسي الكبير (بيير روسيي) في كتابه المعجز: ((مدينة إيزيس: تاريخ العرب الحقيقي)) أن هذا العالم الحديث والعالم القديم الذي سبقه، وحتى العالم الذي سيأتي به المستقبل، هو صناعة حضارية [رافدينية نيلية] بامتياز..أي أنه هذا العالم من صناعة وادي الرافدين ووادي النيل وفضائهما الحضاري الواسع الذي شمل العالم القديم بأكمله، بما فيه اليونان وفارس والصين والهند!.

وإكمالاً لنظرية (بيير روسيي) نقول: أن لهذا العالم (الرافديني النيلي) الواسع مركز وأطراف.. مركزه يتشكل [من الماء إلى الماء] أي من المحيط الأطلسي وبحر الظلمات، إلى الخليج العربي وبحر العرب ومحيط الهنود، بينما يشكل باقي العالم أطرافه المتناثرة!.
هذه هي الحقيقة التاريخية حتى وإن اختلت هذه المعادلة التاريخية في بعض مراحل التاريخ المختلفة، وتغيرت أقطابها بالضد من طبيعة نشأتها وتكوينها البنيوي بنسبة %180 درجة.. وكما هي مختلة بشدة الآن!.
وأن لهذا المركز (النيلي الرافديني) الممتد من الماء إلى الماء (نواة صلبة) تتكون من أقطاره (النيلية الرافدينية) الأصلية في " المشرق العربي " وهي مصر والعراق وبلاد الشام التي شكلت نواة هذا العالم.. وطينته التي صنعت حضارة البشر!.

***
بالإضافة إلى هذه المعادلة التاريخية، هناك [معادلة تاريخية متوسطية] تحكمت بضفتي البحر المتوسط..وهي تقول:
أن العرب ومن سبقهم من أقوام الجزيرة العربية، قد استوطنوا منذ قديم الزمان شرق البحر الأبيض المتوسط، وأن الأوربيين بمختلق أسمائهم وعرقياتهم استوطنوا غرب البحر المتوسط، وأن كلٍ منهما بحكم التشاطئ هذا، يشكل مجالاً حيوياً للآخر وأن مصالحه الحيوية تقع في الجانب الآخر من البحر، وعلى حساب الطرف الآخر..ولهذه الحقيقية التاريخية يعود سبب هذا الصراع الأزلي بين الطرفيين!.
وعلى مدى التاريخ وقبل الإسلام بعشرات القرون، حينما يكون شرق المتوسط قوياً ومتطوراً ومتفوقاً، يكون غرب المتوسط فيها ضعيفاً ومتخلفاً وركيكاً.. فينتهز سكان شرق المتوسط الفرصة ويعبرون إلى غربه، ويستوطنون هناك ويقيمون دولهم وعساكرهم وقلاعهم، والعكس بالعكس يحدث أيضاً..حينما يكون شرق المتوسط ضعيفاً ومتخلفاً وغربه هو المتقدم والمتفوق!.

وعلى سبيل المثال أن الفينيقيين ـ كنعانيون من أقوام الجزيرة العربية ـ قد عبروا واستوطنوا شاطئيّ البحر المتوسط، وحولوه إلى بحيرة فينيقية، ونقلوا إلى الأوربيين ـ واليونانيين بالذات ـ أهم وسائل الحضارة (النيلية الرافدينية) بما فيها (الأبجدية الفينيقية) التي اشتقت منها جميع أبجديات العالم، وهم أساتذة الرومان الذين علموهم بناء الإمبراطوريات والمدن والقلاع!.
لكن حينما اشتد ساعد الرومان انقلبوا على أساتذتهم، ودخلوا معهم في صراع وجود انتهى بهزيمة الفينيقيين والاستيلاء على مدنهم ومستوطناتهم في أوربا وأفريقيا، وتم الاستيلاء على عاصمتهم (قرطاجة).. فتم وتدميرها وإجراء الماء عليها، وقتل ما يقارب مليون شخص فيها تقريباً، هم جميع سكانها!.
ثم دارت معادلات التاريخ دورة أخرى وجاء الإسلام، وعبر العرب المسلمون البحر المتوسط مرة ثانية، ووصلوا إلى نفس الأماكن التي وصلها قبلهم أسلافهم الفينيقيون، واستوطنوا أسبانيا والبرتغال وصقلية وجزر البحر المتوسط ومناطق أوربية أخرى، وهي نفس المناطق التي استوطنها الفينيقيون قبلهم!.
ثم عادت معادلات التاريخ بجولة أخرى بين العرب والأوربيين.. فاسترجع الأوربيون ـ بما يسمونه حروب الاسترداد ـ و "الحروب الصليبية" جميع البلدان والمدن والقلاع التي استولى عليها العرب المسلمون في أوربا، ثم عبروا البحر المتوسط واستولوا على مدن وولايات وشواطئ الشام من أنطاكيا إلى فلسطين ..وكذلك استولوا على [سبتة ومليلية] ولا زالتا بأيدهم لحد الآن!.
وتعتبر سبتة ومليلية من مخلفات الحروب الصليبية، وواحدة من نتائج المجابهة الطويلة والمريرة بين العرب والأوربيين على طول التاريخ المعروف بين الطرفين!.
وكانت سبتة مستوطنة فينيقية أسمها (إبيلا) وحينما استولى عليها الرومان اعتبروها أحد أعمدة هرقل الأسطورية، وعندما استعادها العرب ثانية عرفت باسم (سبته)!.

المهم في هذا الموضوع أن هناك [ معادلة تاريخية] تحكم ضفتي البحر الأبيض المتوسط منذ الأزل.. جوهرها يتمثل في حقيقة تاريخية تقول: أن تقدم إحدى الضفتين ستدفع ثمنه الضفة الأخرى، وأنه سيكون على حساب تخلفها وربما احتلالها!. وعلى مدى التاريخ المعروف، لم يكن هناك تقدم للضفتين والطرفين معاً أو تخلفهما معاً، إنما إحداهما تتقدم والأخرى تتخلف وتدفع الثمن.. وكما ندفعه نحن الآن مضاعفاً!.
وربما يكون الأوربيون ـ بحكم تقدمهم العلمي والتكنولوجي ـ قد اكتشفوا هذه المعادلة التاريخية الخطيرة، واحتاطوا لها وعملوا على تخلف العرب ومنع نهوضهم ـ حماية لأنفسهم ـ كما أثبتت كثير من الوقائع والتجارب المريرة التي عاشها العرب ويعيشونها الآن!
وربما كانت " نظرية المؤامرة " التي يؤمن بها معظم العرب، نابعة من هذه الحقيقة التاريخية!.
[ يــــــــــــــــــــــــــــتـــــــــــــــــــــــبــــــــــــــــــــــــع ]
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في جامعات أميركية على وقع الحرب في غزة | #مراسلو_سكا


.. طلبوا منه ماء فأحضر لهم طعاما.. غزي يقدم الطعام لصحفيين




.. اختتام اليوم الثاني من محاكمة ترمب بشأن قضية تزوير مستندات م


.. مجلس الشيوخ الأميركي يقر مساعدات بـ95 مليار دولار لإسرائيل و




.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية: سنبني قوة عسكرية ساحقة