الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-7 دال- سيلفي مع عالم.. -هيثم عبد الشافي-

طارق سعيد أحمد

2017 / 2 / 20
الادب والفن


يمتلك القاص هيثم عبد الشافي هذه المهارة الأدبية في إلتقاط الصور المبعثرة وإعادة ترتيبها في تناغم يُصهر الفواصل بين اللقطات الإنسانية التي نصنعها يوميا وتصنعنا نخترقها وتخترقنا يوميا حتى تكونت تلك الألفة مع الموجودات حولنا. تلك الكلمات هي إجابة السؤال الذي طرحته من قبل في مقالي الفائت المعنون بـ "احذروا هذه القصة.. 7 دال" وكان السؤال المطروح هو لماذا نكتب؟ ولماذا نقرأ؟.
فالقاص "هيثم عبد الشافي" أظنه يدور في فلك هذا السؤال الوجودي فمجموعته القصصية الصادرة مؤخرا والتي تحمل عنوان "7 دال" تمتد جذورها في الواقع أو هكذا يحاول أن يوهمنا الكاتب بإستخدامه مفردات حياتية تصلح لأي شخص يسكن "القاهرة" فقصته الثانية، والتي تحمل عنوان "تذكرة مُكيّف" تستدعي منذ اللحظة الأولى عالم "المترو" اللقطة التي تم إختيارها بدقة للغوص من الوهلة الأولى في قاع التفاصيل المشتركة وبنظرة مستقبلية تدور أحداثها بعد إعلان وزارة النقل إرتفاع سعر التذكرة، تلتقط عدسته الحوار القائم بين "نظار المحطات في المكاتب يدخنون السجائر في اجتماع مغلق، ويقولون لمسئول كبير لا يدخن بالمرة كيف نجبر الناس على دفع جنيهين زيادة دفعة واحدة، وأي حيلة تساعدنا في منع أصحاب تذاكر الجنيه الواحد من صعود العربات المكيفة..؟"، ويخرج بسرده إلى إشكالية أخرى لصورة تبتعد قليلا تصل لـ"عساكر النقل والمواصلات كسرتهم الأخبار السيئة، لا شيء يشغلهم الآن إلا سؤال واحد، كيف ستمر ساعات الخدمة دون جنة الانتظار أمام عربات السيدات؟، بأي حق يتحملون تنفيذ القرار، ومنع هذا والسماح لغيره، هل يتركون نعيم البرفانات ومتعة النظر للأصابع الرقيقة في الصنادل الشفافة البسيطة جدا، ويذهبون لكل هذه الروائح الكريهة"، وفي نهاية النص يلتقط "عبد الشافي" لقطته الخاصة "هل شعرت بالوقت..؟ ربع ساعة كاملة لم أقل فيها أوووف واحدة، نحكى ونضحك ونلعب، لا زحام، لا عرق وروائح مستفزة، لا سيدة بدينة تركب المترو لأول مرة وتسألني عن محطتها وتراقب حركاتنا وصورنا، أو مسنا يسقط الهاتف من يدي.. الله الدنيا هادئة والعربة باردة، الحمد لله كثيرا على نعمة التذكرة الجديدة، وسامحهم على التأخير" ليضع المفارقة في النهاية.


في"كازينو لوسي" يدخل الكادر الكاتب "هيثم عبد الشافي" بصورة "سيلفي" مع أبطال قصته التي ارتكزت في سردها على مشهدية نألفها تتكرر حولنا لكنها تكتسب خصوصيتها حين نرويها لذلك يبدأ "عبد الشافي" بمقدمة شارحة أبعاد شخصياته فيقول:ــ
"عدوية موهوب، والمقهى يديره صاحب مزاج، والزبائن آخر سلطنة، والأغنية اختيار رائع.. واضح أن سهرة الليلة ستدهشك، أترك "الببرونة" ثواني، تعال، لف عليهم بعينيك فقط، واحد يرفع وجهه وينفخ دخان سيجارته ببطء شديد، تقريبا على 3 مرات، ويغني "أغراب يا دنيا من الصغار"، ويأتي أمامك ويرقص، ويعود مهزوما للخلف، ويكمل "للشيبة" ويمسك رأسه ويطوحه، حتى البنت السودانية التي لعنت مهنتها واليوم الأسود الذي بدأت فيه رسم الحناء، وجدت لنفسها مقطعا ورقصت وغنت "قالوا علينا قالوا وإحنا يا عيني لوحدنا.. دول مهما قالوا إحنا حامينا ربنا"، قل لي بربك وحلاوة أنوار الحسين الخضراء، من أين كل هذه البهجة، يا أخي عدوية لم يرحم أحدا منا، حتى الدراويش حولنا ذاقوا حلاوة المزيكا وضربوا كفا بكف وطلبوا المدد، والدرويش القصير هناك، تركنا من ربع ساعة وما زال يغني "ما بيناموش يا ولدي ما بيناموش.. عشاق الليل يا ولدي مبيناموش"!!!."، وكأنه أراد أن يثير حالة من البهجة أو الطقوس الإحتفالية التي تبتعد عن واقعنا بعشرات السنوات ليمحو شيئا ما أو ليختبئ في الماضي من شئ ما يمقته في واقع بائس بطبعه، لكن المدهش أنه يوجه كل الحديث إلى رضيع!.

تنمو نصوص المجموعة القصصية "7 دال" للقاص هيثم عبد الشافي أثناء القراءة بالتوازي مع الواقع الآني، وفي ظني أنها نموذج صارخ في إلحاح الواقع على كتابته، وتحقيق الأدب لرغباته في إعادة ترتيبه مرة أخرى بتسلسل درامي يصب فيه الكاتب أحلامه و أمنياته أو بغضه ونفوره، وما يميز هذه المجموعة بعد لغتها البسيطة غير المتكلفة هو قربها الشديد من أحداث ألقت بظلالها على الكثير وتركت أثرها، وينعكس ذلك على النصوص حيث يكتشف القارئ أن الكاتب هو قارئ جيد لما يدور حوله في الأساس يقف على المحك ليكتب عبر حزمة من الخبرات الكتابية تمتد لأعماق الواقعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبيه عادل ا?مام يظهر فى عزاء الفنانة شيرين سيف النصر


.. وصول نقيب الفنانين أشرف زكي لأداء واجب العزاء في الراحلة شير




.. عزاء الفنانة شيرين سيف النصر تجهيزات واستعدادات استقبال نجوم


.. تفاعلكم : الفنان محمد عبده يطمئن جمهوره على صحته ويتألق مع س




.. المخرج التونسي عبد الحميد بوشناق يكشف عن أسباب اعتماده على ق