الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيمة التعليم في مصر

أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة

2017 / 2 / 20
التربية والتعليم والبحث العلمي


نردد دائما أن التعليم في حد ذاته قيمة، فالتعليم كما قال عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين ”كالماء والهواء“ بمعني أننا لا نستطيع الحياة بدونه. إلا أن التغيرات المجتمعية والإقتصادية التي شهدتها مصر خلال العقود الأربعة الأخيرة تشير الى تراجع قيمة التعليم في مصر بدرجة كبيرة. مع ما شهدته مصر من تغيرات إقتصادية واكبت ثورة 1952، إرتفعت قيمة التعليم في المجتمع المصري، ليس كقيمة في حد ذاته، لكن ربما لحاجة الدولة الإقتصادية للطبقة البيروقراطية لسد حاجة الجهاز الإداري للدولة والتوسع في مظلة الرعاية الإجتماعية وإنشاء أكثر من 4000 وحدة قروية في ريف مصر والتوسع في إنشاء المدارس في القرى والمدن وكذلك التوسع الصناعي، خاصة في الصناعات كثيفة العمل مثل مصانع الحديد والصلب والألومنيوم والغزل والنسيج والتوسع الزراعي في عدة مناطق منها منطقة النوبارية في محافظة البحيرة على سبيل المثال.
إلتزمت الدولة في هذه المرحلة بالتوظيف الكامل لكافة خريجي المدارس الفنية والجامعات وكانت قادرة على ذلك من خلال فرص العمل التي وفرتها الأنشطة الخدمية والصناعية والزراعية سالفة الذكر. بعد حرب 1967 وحتى حرب 1967 قامت الدولة ”بإستبقاء“ أعداد كبيرة من المجندين بعد فترة تجنيدهم الإلزامي للمشاركة في العمليات الحربية. خرجت مصر بإقتصاد منهك بعد حرب 1973 بالإضافة الي تسريح عدد كبير من المجندين الذين تم تسريحهم من الخدمة العسكرية ما أدى الى تباطؤ الدولة في التوظيف الكامل للخريجيت وهو ما أدى الى طول فترة إنتظار الخريجين لما كان يعرف بـ ”خطاب القوي العاملة“ حتي تخلت الدولة عن توظيف الخريجين وأصبح ”خطاب القوى العاملة واحدا من كلاسيكيات السينما المصرية.
لم تفلح فرص العمل التي توافرت في بلدان الخليج بعد حرب السادس من أكتوبر عام 1973 في كبح جماح البطالة في مصر على الرغم من مساهمتها في إيجاد فرص عمل للعديد من العاطلين في ذلك الوقت.
من العرض السابق يمكننا التوصل لنتيجة مفادها أن التعليم، أو الإقبال على التعليم، في خمسينات وستينات، والى حد ما، في سبعينات القرن الماضي كان مدفوعا بالأساس بعلاقة التعليم بسوق العمل، أو بمعنى أدق توفير فرص عمل من جانب الدولة للخريجين في الجهاز الإداري للدولة ولم يكن، إلى حد كبير للتعليم كقيمة في حد ذاته. فالتعليم لم يكن إلا مسارا مضمونا للتوظف حتى أن الأهل كانوا على إستعداد لبذل الغالي والنفيس لتعليم أبنائهم للضمان مستقبلهم من خلال الحصول على وظيفة مضمونة.
بعد تطبيق سياسة الإنفتاح الإقتصادي في سبعينات القرن الماضي إنخفضت قيمة التعليم نتيجة لظهور المهن الطفيلية والسمسرة وظهرت مصطلحات كالبيه البواب والدكتور السباك والتى أدت بدورها للنظر للتعليم بأنه لا يمثل المسار المناسب لكسب الرزق أو حتى تحقيق مكانة إجتماعية مرموقة، خاصة بعد إرتفاع معدلات البطالة بين المتعلمين وبالذات بين الخريجين الجدد.
وصلت قمة التدهور في قيمة التعليم في المجتمع المصري من خلال عدم إهتمام الأهل بتعليم أبنائهم وتفضيل السفر لبلدان الخليج أو ليبيا أو الأردن بدلا من إستكمال الدراسة الجامعية وهو ما لاحظته بنفسي في في إحدى الدراسات الميدانية حيث قال لي أحد المبحوثين متحدثا عن إبنه الذي إنتهي لتوه من الحصول على الشهادة الثانوية الأزهرية بنجاح ”الواد يروح يشتغل مع ولاد عمه في ليبيا تلات أربع سنين يجيب جوازنه أحسن ما يقعد يدرس في الأزهر أربع سنين وفي الآخر برضو يروح ليبيا.“ هذه هي نظرة المجتمع المصري للتعليم، ناهيك عن الحديث عن جودة التعليم ذاته أو ملاءمته لسوق العمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة