الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملخّص لرحلة حياة انسان عربي

فؤاده العراقيه

2017 / 2 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ملخص لرحلة حياة الإنسان العربي

مرحلة الطفولة
لا يحق له السؤال وحين يسأل لا يجد الجواب الشافي لتساؤلات عقله النقي والحر, بل يتلقى التعليمات والاوامر فقط , وحين يحاول ان يستفهم سيُقابل بالتذمر من تساؤلاته تلك والردع بعبارة ’’أسكت عيب لا تناقش الكبار ’’ هذه العبارة تتردد على مسامعه بكثرة وتلحقها عبارة ’عندما تكبر ستفهم , الطفل هنا سيتعلّم كيف يهمل عقله ويوأد تفكيره ويتعلم كل فنون الكذب والنفاق من والديه وفي نفس الوقت عندما يكذب يُعنّف بشدة وبالضرب يعلّموه, بداية رحلته يتم تشويه طبيعته شيئا فشيء .

مرحلة المراهقة
هنا تبدأ رحلة الفوارق الجنسية ,البنت عندما تولد سيُصاب أبويها بخيبة امل لكونها عورة وعار , هي بنظرهم عورة لكونها فتنة ومحط شهوة الذكور, وعار لكونها ستكون محط تحرشاتهم , حمّلوها اخطاء الذكور وعارهم في الوقت الذي به يكمن العار بعقولهم التي غلبت عليها غرائزهم , لصقوا فكرة العار بها وحملوها اخطاء الذكور وحملوا بدورهم الخوف عليها ومنها طوال حياتهم, تُدمر طفولتها ومراهقتها ويلوث عقلها الجميل بمفاهيم غريبة عجيبة ويُكرر على مسامعها عبارة ’’ انتِ بنت ولستِ ولد ’’ وعليكِ إن لا تتصرفي كما يتصرف الاولاد ,عيب ان تلعبي معهم ,كوني هادئة وصامتة ,لا تتحدثي بصوت مرتفع ,عيب ان تلتفتي بالشارع , ممنوع الضحك بصوت عالي وأن كان ولابد للضحك فلتكن ضحكاتكِ بأدب ,الدموع والبكاء يُعززان انوثتك ,كوني رقيقة وناعمة وخجولة ,احرصي على ان تضمي ساقيكِ عند الجلوس ,حافظي على أن لا يظهر شيء من جسدكِ ,لا ترتدي هذا الفستان لكونه قصير او ضيق وارتدي الطويل والعريض ,لا تُظهري مواقفك الشجاعة فالخوف سمة من سمات الانوثة ,جمالكِ وأنوثتكِ يكمنان في ضُعفكِ فلا تُظهري ذكائك وقوتكِ, والخ ... من قائمة الممنوعات والأوامر فيتم تشويه طبيعتها لتضطر أن تُظهر نفسها ضعيفة وغبية والغباء والضعف يعني البراءة لديهم ثم تبدأ بالاقتناع بل وتفخر بتلك الصفات .
الولد : كن رجلا, لا تبكي ,لا تخاف أحد , لا تسكت على أي شخص يحاول الاعتداء عليك بل وجه له الصاع صاعين , لا تلعب مع البنات, وان شاركهم اللعب اطلقوا عليه مفردة ’’ مخنّت’’أو ’’زنانة ’’ , وإن كان بطبيعته رقيقا وناعما ستتكرر على مسامعه عبارات تُخدش كرامته ليضطر بقبول تشويه طبيعته وينسلخ من جلده ليُساير محيطه ؟
هي عليها ان تلعب بالعروسة ليغرسوا في داخلها الامومة لاعتقادهم الخاطئ بانها خُلقت للأمومة فقط , هو عليه ان يلعب بالمسدس والسيارات ليكون ذكرا مكتملا بمقاييسهم .
ثم في المدرسة يتلقّى الجنسين تعليمات مكثفة ومُكمّلة لما تلقياه في البيت والعصا ستكون مصير من لا يُطيع الاوامر وتلحقها الإهانة والتحقير, ممنوع السؤال الذكي وممنوع الحوار الصادق مع المُدرّسة او المٌدرّس وممنوع الانفتاح والصدق معهم فيضطر للزيف وللخداع ليكون مقبولا .
نتاج هذا التفريق سيكون اضطراب نفسي واضطراب عقلي يضطر به الإنسان لاحتقار جزء من كيانه الذي يكمن في الهرمونات الموجودة في جسده والمغايرة لجنسه , لكن الاحتقار والاضطهاد يشمل الجنسين معا بفارق اضطهاد المرأة يكون مضاعفا عن اضطهاد الرجل لكونها مُضطهَدة من قبل المُضطهَد حيث يعاني الرجل من ممارسات عديدة تُشعره بالنقص واضطراره للرضوخ وتقبل الاوامر منذ طفولته لينتج عنه رجلا ناقصا ومشوهاً فيحاول ان يملي نقصه بزوجته أو أخته فيرتدي وجه سي السيد , ليست قوته التي ساعدته على اضطهادها ولا هو ضعفها , وليس ذكائه ولا هو غبائها , لكوننا في زمن لا نحتاج به للقوة الجسدية , ولكون عقله مساويا لعقلها , لكن ما جعله سي السيد هي السلطة وقوانينها ومن ثم غياب وعي النساء الذي جعلهنّ صامتات إزاء القهر الواقع عليهنّ .


مرحلة الشباب والزواج
تكتمل هنا الدوامة الفارغة , حيث مرحلة تلبية الغرائز بعد ان تشبّع الإنسان بتلك المفاهيم التي غيّبت عقله واعدمت جميع الطرق امامه لتنحصر اهتماماته وتتحول لغرائزه من طعام وجنس ومن ثم تذوق طعم الامومة والابوة وبعدها سيُكدّسون الابناء دون وعي منهم وبعدها تكبير الكروش وتكديس اللحوم على اجسادهم فالطعام متعة ونعمة ,تنعدم الحياة لديهم لكونها خالية من الإبداع والجديد والأيام ستكون مملة كقطرات الماء متشابهة بطعمها ولونها , لا جديد سوى التقدم في العمر والملل من الشريك .
وتستمر رحلة تغييب العقول والطرق فوق الرؤوس لغاية ما يرمي الإنسان جميع اسلحته ويسير على هدى القطيع دون تفكير ولا شكوك ,وأن حدث وارتكب جُرم التفكير والشك ستنتابه مخاوف جمّة لتصل للرهبة من التفكير ومن تساؤلاته وشكوكه , فيحاول ان يُخمد العقل لينظم مرغم إلى قطيع استمر في السير على نفس النهج لقرون طوال , فاين يذهب والقطيع يحاصره من كل الجهات ؟

ثم تأتي مرحلة الشيخوخة
اقترب الحساب العسير , البعض يبدأ بتأمل حياته وما قدمه لها وما جناه منها , لا شيء يُذكر ,لكن لا بأس لخواء حياته وسيكون عزاؤه الوحيد هو الحياة الآخرة التي ستعوضه عن حرمانه من الحياة الدُنيا , هنا تبدأ رحلة العبادة , تتحجب النساء وتُكثّف الرجال من عباداتها والخ من الطقوس , الحياة الدنيا زائلة فلِمَ التعب والتفكير ببنائها وهناك راحة ابدية بانتظارهم تكمن بالحياة الآخرة ؟ وما الحياة الدنيا الا فناء, يعيش على امل الخلود في الآخرة حيث الكسل والخمول وأنهار الخمور و77 من الحور , سيُخلّد بها ولكن يا ليتها ستكون من نصيبه .

وختاما يأتي الموت
لا يحق له أن يختار مراسيم دفنه والطقوس ليُعرّى جسده ويُغسل بأيادي غريبة عنه تتعامل مع جسده كما لو كان حجرا بعد ان تبلّد احساس من امتهن تلك المهنة وصار روبوت يعمل بدون تفكير انعدمت إنسانيته وتبلدت مشاعره ,ثم يأتي القارئ ليقرأ عليه بضع آيات ويأخذ المقسوم وكالعادة قراءته كالروبوت , مجرد مراسيم خاوية من المعنى .
ينزلوه للقبر بعد ان عاش اسير
دون ان يكون له أي تأثير
ليأتي منكر ونكير
ويبدا الحساب العسير
عاش في دوامة فارغة دون ان يدري بانه لا يدري










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رحله الحياه
على سالم ( 2017 / 2 / 23 - 01:46 )
استاذه فؤاده مقالك هادف بدون جدال , مساكين اولاد عربان واسلام البؤساء التعساء , تكوينهم مشوه وحياتهم عبث وعذاب وشقاء , ونهايتهم خوف ورعب من عذاب القبر


2 - مدارس الأحد نموذج بشع للحشو
طلال حجازي ( 2017 / 2 / 23 - 07:59 )
يعني يا علا سالم واولادكم ومدارس الأحد مش مساكين


3 - حنى في أمريكا و أوروبا
john habil ( 2017 / 2 / 23 - 09:20 )

يمضي الإنسان العربي وعالبيته المسلمة (( نفس الرحلة ))
لا يتأقلم أو يندمج الشاب العربي المسلم خاصة في وسطه الجديد فهو يعيش وسط جو مغلق بعاداته وتقاليده ولباسه وحتى طعامه ويتعلم في الكتاتيب دينه ويحفظ معظم آيات القرآن الخاصة والتي يحرس الشيوخ على تلقبنها وتتضمن آيات الجهاد ومعاداة اليهود والنصارى وأنهم انجاس وكفرة وأنت رجل وسيطر على أختك .. أ,واذبحها من أجل الشرف وهذا ليس مجتمعنا ( بل مجتمع كفر) ومن أجل ذلك التحق أكثر من 20 ألف محارب ارهابي للجهاد في سوريا ولحقتهم مجاهدات النكاح .. انتبه ... استعد ... إلى الأمام سر1200 عام وا لإنسان العربي يراوح في مكانه بنفس القيم والأخلاق


4 - المسيحي والمسلم يعيشان في ظل ثقافة واحدة متخلفة
ليندا كبرييل ( 2017 / 2 / 23 - 09:20 )
الأستاذة فؤادة العرقية المحترمة

تحية المحبة والسلام

حتى بدايات ثورة الأنترنت كان يمكن فهم قواعد هذا السجن الكبير
أما مع انطلاق ثورة الاتصالات فإنه لم يعد هناك مبرر لأي إنسان قبول هذا النمط الاجتماعي والفكري الذي لا يواكب الحياة المعاصرة وتطلعات الإنسان العلمية

ننظر بالتقدير للمتمردة المصرية الثائرة نوال السعداوي التي كسرت القيود وخرجت على القواعد القامعة
بل ننظر بإكبار وإجلال عظيمين للأم هدى شعراوي وسيزا نبراوي ومنوبية الورتاني اللواتي قدْن ثورة ضد السلطة البطريركية في وقت مبكر جدا
يمكن لإنسان اليوم اختيار طريقة حياته،لكن القضية تحتاج إلى إرادة صلبة مرفقة بالوعي

وكلمة للأستاذ طلال الحجازي المحترم ت2

أخانا الفاضل
إسلام ومسيحية ويهود،نعيش كلنا في ظل ثقافة واحدة
لا دخل لمدارس الأحد
في مجتمعنا المسيحي نحن أحرار،وبمجرد الخروج من دائرته واجتيازنا عتبة الدار نصبح كلنا نسخة واحدة ومحكومين بنفس الثقافة التي تجري على الجميع في المدرسة والعمل
لذا ترى أولادنا يحملون هم أيضا نفس بذرة التخلف

نختلف عنكم أنه ليس لدينا الخوف من عذاب القبر والثعبان الأقرع وغيرها

تحية إلى حضرات المعلقين الكرام


5 - طلال حجازى
على سالم ( 2017 / 2 / 23 - 15:28 )
طلال حجازى او ابراهيم الثلجى , لماذا تغير اسمك كثيرا يا رجل؟


6 - ويسألونك ببراءة الأطفال : لماذا نحن متخلفين
سامى لبيب ( 2017 / 2 / 23 - 15:45 )
تحياتى كاتبنا المتميزة فؤادة
انتى رائعة لتشخصى حالة التخلف التى تعترينا بأسلوب السهل الممتنع.
كل ما أشرتى له هو أسباب وجذور تخلفنا , فالمسخ والمحو والسحق للعقل والشخصية العربية حادث منذ نعومة الأظافر حتى الشيخوخة واللحد.
ماذا نتوقع من كل المحاولات والأساليب التى تمارس على الطفل من تحريم السؤال والهروب منه.. ماذا نتوقع من تربية الكبت والإشادة بكل زيف وقهر ووصاية تتم مارسته على الإنسان العربى من الطفولة فالشباب فالشيخوخة وللمرأة حديث آخر ذو شجون كبيرة.
من الخطأ أن يسأل احدهم لماذا نحن متخلفين ؟!!


7 - حياة الإنسان العربي تدعو للحزن
جيني ( 2017 / 2 / 26 - 22:20 )
أهم شيء قساوة وتدميرا في رحلة حياة الإنسان العربي هي مرحلة الطفولة التي عليها تعتمد حياة الفرد نفسيا وعقليا
فإما أن يكون طبيعيا في حياته أو مضطربا بتصرفاته التي تعكس طفولته التي أنشى عليها وكانت سببا في تدميره...المهم حياة لا يحسد عليها- الطلب يجب بذل كل ما أمكن القضاء على كل فكرة مهما كان مصدرهاتعمل على جعل الإنسان العربي يعيش مأساة لا أحد يعيشها مثله

إحترامي كاتبتنا الواعية، جهودك لا بد أن تثمربمعونة أصحاب الضمائر ، ليس من الجميل ولا من الأخلاق أن يسكت عن أي ظلم

اخر الافلام

.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا


.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد




.. يديعوت أحرونوت: أميركا قد تتراجع عن فرض عقوبات ضد -نتساح يهو


.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي




.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل