الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترجمة ،دير مار موسى

شادية الأتاسي

2017 / 2 / 23
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


على أطراف البادية دير مار موسى حافظ على التقاليد العريقة بقلم: بروك أندرسون ـــ ت.شادية الأناسي
تقرع أجراس الغداء في دير مار موسى الحبشي عادة في الساعة الثالثة بعد الظهر، حيث يتوجب على المقيمين وضيوف اليوم التوجه لتناول وجبة منتصف النهار التي تقدم كل يوم في الوقت ذاته تقريباً –دير مار موسى دير أثيوبي من القرن السادس، ويبعد ثمانين كيلومتراً شمال مدينة دمشق وعلى مدى نصف ساعة في السيارة من أقرب قرية إليه.‏
بعد أن تسلقت عائلتان الصخور شديدة الانحدار التي تطل على أرض الدير الملونة المبنية داخل الجبل الصخري الصحراوي، رحب بهم الأب باولو الراهب الإيطالي والمسؤول عن الدير بأكواب من الشاي بعد استراحتهم من عناء الصعود المضني لمدة عشرين دقيقة قائلاً بابتهاج: "هكذا نحن نعيش". وشارحاً بأن دير مار موسى يفتح أبوابه لكل الناس من مختلف العقائد؛ رهبان وراهبات، مستخدمين وضيوف، يجلسون كلهم معاً إلى طاولة الغداء، الذي يعد عادة من منتجات الارض المحلية، وتقول الراهبة مارمونة إن وقت الغداء هو الوقت الذي تدور في أثنائه الأحاديث بين الضيوف من مختلف الأماكن ومختلف العقائد،
في الأيام الدافئة يقدم الغداء عادة على المصطبة المطلة على الصحراء خلف الكنيسة، أما في الشتاء فيقدم في البناء الصغير الصخري المشيد على الطراز القديم للدير الصحراوي، ويشارك الضيوف في غسل الأطباق بعد الأكل كما هو حال أي فرد يتوقع منه الانخراط في حياة الدير الجماعية.‏
هذا الدير الصحراوي حافل بذكريات تعود إلى حقبة كانت فيها الطبيعة الصخرية الصحراوية تقدم ملاجئ طبيعية للجماعات الدينية وتساعدها على البقاء. وتقول الأساطير بأن ابن ملك أثيوبيا، غني يدعى موسى هو الذي أقام الدير، مفضلاً حياة الرهبنة عن العرش، حيث غادر أثيوبيا إلى مصر، ثم إلى الديار المقدسة، إلى أن استقر في سورية وأصبح راهباً في بلدة قارة، وعاش ناسكاً في الوادي حيث موقع الدير الآن، ثم استشهد عندما قتله جندي بيزنطي. وتمضي الأسطورة بالقول إن عائلته أخذت جثمانه، غير أن إبهامه الأيمن انفصل عن جسده بمعجزة، ولا يزال أثراً مقدساً في الكنيسة السورية في النبك.‏
الأب باولو الذي تولى إعادة ترميم الدير بدءاً من عام 1984، يقيم جولات سياحية في الكنيسة، ويقدم شرحاً عن تاريخها بأربع لغات على الأقل.‏
وجد دير مار موسى منذ بداية القرن السادس وانتمى إلى المذهب الأنطاكي السوري، أما الكنيسة، بنيت فيما بعد في العام 1058، اللوحات الجصية المنقوشة، على جدران الكنيسة يعود تاريخها إلى القرنين الحادي عشر والثاني عشر وهي بحق مفخرة الدير.‏
كشفت الترميمات حتى الآن ثلاث طبقات من النقوش الجدارية، الأولى منذ منتصف القرن الحادي عشر، والثانية إلى نهايته، أما الثالثة تعود إلى نهاية القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر، ومن المتوقع أن تكشف الترميمات صوراً جدارية أقدم.‏
تصور الرسوم الجصية مشاهد من العهدين، وعلى سبيل المثال فقد تم تزيين صحن الكنيسة بصور القديسين النساء على الأقواس، والرجال على الأعمدة، وهناك أحرف سريانية كتبت في الأناجيل بأيدي مبشري الأناجيل الأربعة على حائط في صحن الكنيسة. وهناك أيضاً، رسومٌ تمثل آدم وحواء يصلون من أجل أطفالهم، وكذلك العذراء مريم، وملكان يعزفان الأبواق.‏
ومثلما عاش قاطنو الدير منذ ألف وخمسمائة سنة، فإن المقيمين حالياً يعيشون حياة متوازنة في جوهرها، ومنتجات الماعز هي إحدى الطرق التي أوجدها السكان للتعايش مع الأرض، وحماية بيئتهم، وأغلب الوجبات التي تحضر في الدير تحتوي بشكل ما على منتجات الماعز من الحليب، والجبن، أو اللحم.‏
الدير و ما حوله، لم يعان من مشاكل التصحر بالمقدار الذي عانت منه المناطق المأهولة بالحياة المتطورة، وذلك يعود في جزئه الأعظم للملجأ الذي قدمته المنطقة للزرع والضرع، ومع ذلك فإن الوديان التي تحيط بالدير تتعرض لخطر التصحر، بالرغم من قيام السكان بإقامة مشاريع لتجنب التدهور البيئي مثل تصنيع منتجات الماعز وزرع الأشجار وتجميع المياه عبر مشاريع مختلفة بما في ذلك بناء سد صغير. وقد بدؤوا أيضاً بنقل أكوام النفايات المرمية على طريق الدير وتحويلها إلى بستان متعدد الأحياء.. إن المحافظة على بيئة الدير والمنطقة المحيطة به كانت دوماً مطلباً أساسياً للسكان حتى يبقى مكاناً للتأمل والعزلة الروحية. كل مساء بين الساعة السابعة والثامنة هناك وقت مخصص للتأمل، الهواء النقي والهضاب الجرداء تجعل من مارموس مكاناً مثالياً للاسترخاء والتفكير.‏
تقول (مادج)، وهي طالبة عربية تعيش في بريطانيا، وزائرة منتظمة للدير، بأنها تحب عزلة الدير، وخاصة أنه قريب بما فيه الكفاية إلى دمشق بشكل يمكن من القيام برحلة سهلة إليها في النهار ذاته. وتضيف: "الناس في مارموس منفتحون جداً وودودون"، وتتابع: "إذا ما أردت أن يهتموا بك فسيفعلون، ولكن إن أردت تمضية وقتك وحيداً فسيعطوك مكانك".‏
واحد من المشاريع الاجتماعية المعروفة جيداً من قبل الجميع هو التزام الدير بإبقاء الحوار مفتوحاً مع الناس من كل العقائد، غير أن الذي لا يعرفه إلا القلة إنما هي برامجه الاجتماعية المسيحية، الناس في الدير يشعرون بأن الهجرة المستمرة إلى الخارج خصوصاً من قبل العائلات المسيحية قد عرضت الحوار المسيحي للخطر، إنهم يعتقدون بأنه من الأهمية بمكان بقاءهم كمجتمع مسيحي مزدهر في سورية، لذا فإنهم يعملون كدير ما في وسعهم لتشجيع الشباب المسيحي على البقاء، أو على العودة بعد إكمال الدراسة في الخارج، إنهم يساعدون الشباب السوريين على الحصول على منح دراسية، كما يساعدون على ترميم البيوت القديمة في الأبرشية وبناء أخرى جديدة.‏
مجتمع دير مارموس على صلة أيضاً بالمثقفين المسلمين والمسيحيين في المنطقة وذلك لهدف تحفيز التفاعل بين العقيدتين، وليس التعايش فقط.‏
تقام الصلاة في الساعة الثامنة مساءً وتغنى الأناشيد بالسريانية، ويقيم خدمة الصلاة رجال ونساء وأورثوذكس وكاثوليك من الراهبات والرهبان، وتقول (رامونة) الراهبة الكاثوليكية بأنها تركع عندما تصلي، وتضع جبهتها على الأرض كما يفعل المسلمون، وبأنها تحب أن تصلي بهذه الطريقة.‏
وحوالي الساعة التاسعة والنصف ليلاً يقدم العشاء ويتم تناوله على الغالب على ضوء الشموع، وبعد العشاء وقت حر حيث يأوي النزلاء والضيوف إلى أسرتهم التي يوجد بعضها في كهوف في الهضاب المحاذية للدير، والكل موضع ترحيب على أمل مشاركتهم في الحياة الجماعية د








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معلومات هامة جدا تجاهلتها ناشرة الترجمة
معلق قديم ( 2017 / 2 / 23 - 12:20 )
أثار الأب باولو الجدل مرات عدة على امتداد الأحداث السورية، حيث أعلن تأييده لـ«الثورة»، وزار «ثوّار القصير»، ثم دخل مدينة الرقة عبر تركيا، قبل أن يختفي فيها، لتسري بعدها أنباء عن اختطافه في 29 تموز 2013 من داعش ثم قتله.
إنّ الأب باولو وفق ما نقلته صحيفة «السفير» اللبنانية، ذهب إلى لقاء داعش بنفسه، بعد أن دخل الأراضي السورية عبر البوابة التركية وتوجه إلى مدينة الرقة، والتقى بعدد من «الثوّار» والناشطين وفق برنامج مُعدّ سلفاً. وكان هذا البرنامج يتضمّن أيضاً لقاء قادة داعش، لأسباب كثيرة، لا تقتصر على محاولة التوسط للإفراج عن صحفيين فرنسيين اثنين يحتجزهما التنظيم. ولا علاقة لها بملف المطرانين المخطوفين، يوحنا إبراهيم وبولس يازجي.
بعد احتجازه لفترة والتحقيق معه مرات عدّة، قرر قادة التنظيم التجاوب مع بعض الجهات الراغبة في التفاوض حول إطلاق سراحه. وتمحورت مطالب التنظيم حينها حول «فدية مالية ضخمة جداً، وغير مسبوقة»، لكن سرعان ما باءت المفاوضات بالفشل.


جميل أن نتغنى بجمال الدير لكن من غير المقبول تناسي هذه الأحداث فذلك قد يصب في مصلحة الاسلاميين

اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة