الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديموقراطية الديكتاتوريات المذهبية وقانون الإنتخابات التفجيري

خورشيد الحسين

2017 / 2 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


منذ أن توافق الشعب اللبناني ممثلا بزعامات طوائفه بعد نيل أستقلاله على قاعدة لا للحماية الفرنسية ولا للوحدة العربية فيما سمي (الميثاق الوطني)أنذاك .وهو الإتفاق العرفي الغير مكتوب الذي وضع اللبنات الأولى للنظام اللبناني وتمت من خلاله توزيع المناصب العليا على الطوائف الكبرى .ولبنان يعيش الأزمات المتتالية التي تتفجر حروبا أهلية أوملامح حروب أهلية آختلفت عناوينها ومقدماتها وأسبابها الظاهرة ,ولم يحدث أن تم طرح المسبب الحقيقي لأزمة الثقة المتبادلة بين مكوناته والتي تكمن في صلب (الميثاق)الذي أعطى لبنان شكل الدولة ولم يعط المواطنين صفة المواطن إلا من خلال موقعه كأحد الرعايا في طائفته ليس أكثر.
الميثاق_العرف ولاد أزمات وصراعات وانقسامات ,ولم تنفع صيغة التقاسم الوظيفي بين مكوناته الكبرى (السنة _الشيعة_الموارنة)في مواكبة التطور السياسي والأقتصادي والإجتماعي وفشل في عملية الصهر الثقافي أو حتى في توحيد الرؤية حول القضايا الوطنية الكبرى ,فبقي الإنقسام كالجمر تحت الرماد متحفزا في أي لحظة تهب فيها رياح أزمة ما لتشتعل حربا أهلية ,هذا الإنقسام تجلى عام 1958 وبصورة أعنف في الحرب الأهلية عام 1975.
الميثاق أو العرف أو الشراكة المسماة وطنية والتي آمتدت نحو الدستور ورسخت وقوننت مفهومها التقاسمي حيث المناصفة طالت كل وظائف الدولة من أعلى السلطات حتى أقل الوظائف شأنا,ومن الطبيعي أن ينتج هكذا نظام قائم على المحاصصة مواطنين مجبرين على البقاء تحت عباءات طوائفهم والتمسك بها صونا لحقوقه كفرد بغض النظر عن كفاءته ومؤهلاته وقدراته على العطاء في موقعه الوظيفي مما يفقد الفرصة للنهوض والتطور والإندماج ويزيد من خلق حالة عصبية طائفية _مذهبية تمتن نزعته بالإنتماء للزعيم الطائفي أو الحزب الذي يغطي عيوبه وفساده وهذا الحال ينطبق على من هم في أعلى القمة كالوزراء الى أدنى وظيفة كما قلت.
لقد كشفت الحرب الأهلية عام 1975 عمق أزمة النظام اللبناني ومدى خطورة الطائفية المتجذرة فيه على الشعب وعلى وعلى الوطن,فكان إتفاق الطائف برعاية سورية_سعودية وتأييد دولي واسع لإنهاء الحرب المدمرة والذي أقر لمناصفة في المجلس النيابي والحكومة,ونص على تشكيل هيئة وطنية لدراسة كيفية تجاوز الطائفية .إضافة الى انتخاب المجلس النيابي خارج القيد الطائفي.مع استحداث مجلس شيوخ للطوائف.لقد تم عمليا إغفال الإيجابيات في اتفاق الطائف وتم الحفاظ على ما كرسه بالنص من تقاسم للمواقع الرئيسية في الدولة على قاعدة الطوائف والمذاهب وكرس حضورها وممارساتها السلطوية على مستوى الدولة والمواطن.
لم يكن إتفاق الطائف يملك ما يكفي من قوة لإحداث تغيير جذري في شكل السلطة أو أدواتها,بل العكس ,كرس الصيغة الطائفية التي تنسف ركائز الدولة المدنية والإدارة وعرضها للشلل وألغت أي أمل في الإصلاح السياسي والإداري,وأصبح الوطن مقاطعات طائفية ومذهبية تُحكم بالتراضي بين رعاتها.(وبقيت التوصيات التنموية التي نص عليها اتفاق الطائف حبراً على ورق، ومنها اللامركزية الإدارية، وتعزيز دور الجامعة اللبنانية، والتوافق على كتاب التربية الوطنية والتاريخ المدرسي الموحد، وغيرها. وتمخض اتفاق الطائف عن تبدلات دستورية ذات طابع طوائفي فكّكت ركائز النظام السياسي وأدت إلى إضعاف مركزية الدولة اللبنانية ومؤسساتها. وعاش اللبنانيون مرحلة الخوف الدائم على المصير في دولة لم تعد تتمتع بالحد الأدنى من سمات الدولة العصرية القابلة للإستمرارية بصيغتها الراهنة),
أزمة القانون الإنتخابي الحالي يفضح وبشكل لا لبس فيه غياب القيادات الوطنية الجامعةوتكشف مدى هشاشة المؤسسات المركزية التي تحمي المواطن وتقيه شر الولاءات المطلقة لقيادات طائفية ومذهبية على استعداد تام لتشعل الوطن بحروب أهلية كرمى عيون مصالح ضيقة تحت عناوينٍ مغرية وجذابة,فما نشهده من قوانين تتقدم لتواجه بقوانين مضادة بغية الإحراجات المتبادلة يُسقط وهم الديموقراطية التي نتغنى بها لحساب ديموقراطية توافقية لضمان مصالح زعماء الطوائف وليس مصالح المواطنين وحماية التعددية والتنوع.
في ظل استبعاد كلي للقانون النسبي من قوى السلطة الطائفية والمذهبية تعمل هذه القوى بالتكافل والتضامن مع بعضها البعض على انتاج قانون انتخابي يتنافى وأبسط حقوق المواطن في التعبير وعدالة التمثيل حيث تعمل على تقسيم لبنان الى دوائر يضمن نتائج الإنتخابات سلفا لعدد كبير من المقاعد النيابية مما يساعد على استمرار الأزمة وإنتاج أزمات مستقبلا مجهولة النتائج عبر تجديد البيعة لقياداتها الطائفية والمذهبية.العاجزة عن حماية لبنان وتحصينه داخليا والنأي به عن أخطار الصراعات الإقليمية والدولية المتفجرة من حوله بل دخل في آتون التحالفات والولاءات الخارجية التي تبقيه على فوهة بركان التفجير في أي لحظة.
هذا الواقع الشاذ ,جعل من لبنان عبارة عن تحالف قوى طائفية ومذهبية تتمتع بسلطة ديكتاتورية إلغائية تمارسها كل دويلة داخل (حظيرتها)ويمارسها تحالف الديكتاتوريات ضد قوى التغيير وألأحزاب الغير طائفية ومنظمات المجتمع المدني التي تفقد أي دور لها في التركيبة الحالية وفي القوانين الإنتخابية المطروحة وفي ظل غياب المشروع الوطني القادر على الفعل والتأثير وغياب الإرادة السياسية لتحقيق الشراكة الوطنية الحقيقية التي تنزع الغام التفجير المزروعة في جسد النظام اللبناني لإقامة الدولة الديموقراطية العصرية بعيدا عن ديكتاتوريات رعيان الطوائف والمذاهب لنضمن للأجيال القادمة وطنا حقيقيا قائما على العدالة والحرية والمساواة ...وتحقيق المواطنة الحقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشدد مع الصين وتهاون مع إيران.. تساؤلات بشأن جدوى العقوبات ا


.. جرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى من عدة طوابق في شارع الجلاء




.. شاهد| اشتعال النيران في عربات قطار أونتاريو بكندا


.. استشهاد طفل فلسطيني جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مسجد الصديق




.. بقيمة 95 مليار دولار.. الكونغرس يقر تشريعا بتقديم مساعدات عس