الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأسي الامهات والاطفال في حروب جبال النوبة والنيل الازرق

ايليا أرومي كوكو

2017 / 2 / 25
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2017 - أثر النزاعات المسلحة والحروب على المرأة


مأسي الامهات والاطفال في حروب جبال النوبة والنيل الازرق
هذا الطفل تزوج والديه في جبال النوبة في الحرب الاخيرة التي لاتزال تدور رحاها هنالك ... تزوجا في جبال النوبة المحاصرة براً وجواً . في يوم العرس حلقت طائرات الانتينوف فوق سماء البلدة لتمطرها ببراميل الموت المحشوة بالقنابل المتفجرة وقطع الحديد المتصدئة .. تطاير شظايا الحديد الملتهب في كل الارجاء لمسافات بمحيط خمسون متراً مصحوب بدخان مسموم تصاعد رأسياً ثم تمدد افقياً في كل الانحاء ... تحول العرس الي مأتم بموت الاطفال اختناقاً بالدخان الكيماوي القاتل ودخل الكبار في دوامة من الهلوسة و الهيستيريا ... في هذه الاجواء تم الزواج واستمرت الحياة فالحروب لاتوقف دوران عجلة الحياة ، وفي الحروب تسير دورة الحياة كاملة تماماً كما في السلم مع الاختلاف الظرف الزماني والمكاني والاقتصادي الاجتماعي ... في الحروب الناس يتزوجون ويفرحون بالزواج فيولمون يأكلون يشربون يفرحون ويغنون ويرقصون ... كما لهم الاتراح هكذا لهم ايضاً الافراح مواكب الاحزان وتشييع الموتي تسير جنباً مع كرنفالات الافراح والاعراس .. فتراهم يدفنون اطفال مذابح هيبان في المقابر الجماعية هنا ويزفون العرسان في مواكب من مهرجانات الفرح الي بيوت الزوجية من هناك فالفرح والترح عندنا متباريات كما الصراء والضراء.
وبعد عام من الزمان او يزيد من زواج كومي من كني ولد الطفل كوكو كومي ففرحت به أمه كني كودي قائلة : اليوم احمدك ايها الرب الهي لانك زقتني بأبن بكوريتي هو كمال فرحتي وكل مسرتي .. هذا اسميه كوكو لانه بكر لكل النوبة وفاتح الرحمنا ... وكل كاكا وكني او كجي وكوتو تلد ابناً بكراً للنوبة تدعو اسمه كوكو لانه ابن القوة والبركة ، فيباركه الرب لمجد اسم القدوس من الان والي الابد.. أمين تلك هي صلاة كني يوم ولدت كوكو.
لم تدم فرحة الام كني بأنها كوكو كثيراً ليداهمها مرض عضال ناتج من مزيج مختلف هي مضاعفات أمراض الحروب النفسية و المادية .. كما ان بعض تلك الامراض ناتجة من الخوف و الرعب الخيالي وفوبيا الهلع من الموت الذي يسببه تحليق الطائرات الحربية التي تخترق المساء صباح مساء بأزيزها الذي تهتز له جدران المنازل او من دوي ارتطام براميل القنابل التي تزلزل الارض زلزالاً .. او قل ان الامراض الناتجة من الجوع والحرمان المباشر من الغذاء والمساعدات الانسانية الذي تمارسه الحكومة السودانية حرباً لأبادة شعب النوبة والنيل الازرق وهي حرب عنصرية من الدرجة الاولي بلا ادني شك..مرضت أم كوكو ولزمت فراش المرض لأيام في بلدة تفتقر الي ابسط احتياجات الانسانية الضروية للحياة من الاسعافات الاولية فلا توجد مشافي او دور توعيه ورعاية صحية .. لا يوجد دواء والمستشفي البعيد أم الرحمة يصعب الوصول اليه لشخص مريض بحاجة الي وسيلة نقل تقله اليها ليبقي ملاك الموت في مثل هذه الحالات هو الاقرب جداً الي الضحايا ..
لزمت كني او أم كوكو فراش مرضها الاخيرة بمرض غير معروف منه سوي سرعة هزالها وشحوب وجهها واصفراره .. كثرت وصفات العلاج الاهلي فعدم وجد طبيب متخصص يشخص المرض ويصف ويداوي يجعل من كل زائر للمريض هو الطبيب خاص للمريض وبكثرة الاطباء يتفاقم المرض ويتوه الشفاء ويضل العلاج طريقه الي المريض .. قال بعضهم انه مرض اليرقان فتم كيها بالنار في غير مكان من جسدها النحيل .. وصف اخرين بتناول امعاء الكيكو وعندما شربتها علي الريق تقيأت وكادت ات تتقيأ امعائها وجهازها الهضمي .. وجاء اخرين اشاروا الي العين والسحر والحسد ألخ ..
لم يمهلها المرض كثيراً فأنتقلت كني او رحلت من دنيانا الفانية الي الامجاد السماوية الباقية ، تاركة ورائها ابنها الوحيد بكرها كوكو كومي وهو في مهده وشهره الثالث او يقل .. توفيت أم كوكو لتترك فلذت كبدها الصغير للمجهول .. يعد كوكو هذا فرد واحد من مئات بل من الاف كوكوات من الاطفال ماتت أمهاتهم وتركوهم في مهدهم يواجهون مصائرهم والله وحده راعيهم الصالح .. أن كني تعد صورة واحدة من أمهات كثيرات جداً في جبال النوبة والنيل الازرق توفين ومتن بأنعدام الرعاية الصحة الخاصة بالامومة للأمهات الحوامل و المرضعات ... في الحرب الجائرة العنصرية الجارية الان في جبال النوبة والنيل الازرق يموت الامهات مخلفن ورائهن أطفال ايتام او يموت الاطفال و الرجال مخلفين ورائهم أمهات ثكلي وزجات أرامل .. وفي كل الاحوال تكون المرأة هي الضحية الاولي في الحروب تبذل نفسها وتلقي حتفها اوتواجه او تحيا لتوجه قسوة الايام شدة الاحزان في فقدان الزوج والنسل الحرث والاهل بل في فقدان الاوطان ...
يبقي لنا مع كوكو كومي قصة اخري في مشوار العمر وكتاب سفر الحياة بين الموت والبقاء و هو في قصته المأساوية يشابه في مصيره مصير الكثيرين كل أطفالنا في جبال النوبة والنيل الازرق .. هؤلاء هم أطفالنا و إنما أولادنا بيننا
أكبادنا تمشي على الأرض
لو هـبت الريح على بعضهم
لامتنعت عـيني عن الغمض .. فما الذي بوسعنا نفعل لحياتهم ومستقبلهم فهم كل الحاضر وكل المستقبل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت