الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبحث في تاريخ السلطة الرابعة...

يعقوب زامل الربيعي

2017 / 2 / 25
الصحافة والاعلام


المرحلة الأولى للسلطة الرابعة
جريدة ( الزوراء ) ونشأت الصحافة العراقية
............
لم يعثر أغلب المؤرخين المختصين، على شيء ذي أهمية، يمكن أن يغطي ابحاثهم بالمعلومة الواقعية لتصبح مستوفية لشروط المبحث الجاد حول بدايات تاريخ الصحافة العراقية أو حول نشوء أول صحيفة عراقية، عدا القليل من الشذرات المنشورة في بعض النشرات الصحفية اليومية التي تحتفظ بها المكتبة الوطنية العراقية أو المكتبة البريطانية، وعدا ما موجود من القليل المتفرق هنا وهناك. يمكن وصف العديد منها بالصياغات البدائية غير الدقيقة في بعض منها. لم يعد الأمر مقتصرا على الصحافة العراقية وحدها، إنما يشمل الصحافة التركية التي أرخت لصدور جريدة ( صدى الاسلام ) المعنية بالدعاية لدولة آل عثمان، او لبداية أول صحف السلطنة، يمكن اعتباره تاريخاً دقيقاً. غير أن ما حفظ لهذه الصحيفة في المكتبة الوطنية ببغداد، 0 لا يتعدى حدود الفترة التي سبقت احتلال القوات البريطانية للعراق بنحو ثمانية أشهر ) . على أنه من المعلوم والمتعارف عليه، نشأة الصحافة في العراق بدأت حكومية، تأتمر بأوامرها وتحت اشرافها كما تقوم بتغطية تكاليفها. يعزو البعض مرجعه إلى أنتهاج السلطنة العثمانية في أواخر عهدها، سياسة منفتحة نوعاً ما إزاء بعض الصحف التي تعود في مرجعيتها إلى أواخر سني حكم السلطان عبد المجيد (1839 ــ 1861 ) وأوائل سني عهد السلطان عبد العزيز ( 1861 ــ 1876 ) أي خلال ستينيات القرن التاسع عشر. تلك السياسات التي سمحت بموجبها اصدار صحف للولايات التابعة لسلطنتها.
بتأسيس جريدة الزوراء في يوم الثلاثاء المصادف 15/حزيران/ 1869/ يؤسس تاريخاً ظل محط اختلاف أو جدل المؤرخين العرب والعراقيين في تأكيد سجل التاريخ الحقيقي لميلاد الصحافة العربية، وأول صحيفة عربية صدرت أولاً.
غير أن ما أتفق عليه من تاريخ لصدور أول صحيفة عربية، وأصبح مسلماً به، هو تصريح مؤرخ الصحافة العربية الأول الفيتكونك دي طرزي، الذي أثبت فيه من أن ( الوقائع المصرية ) الصادرة في 3/كانون الأول/1828، هي أول جريدة عربية، بينما أعتبر جريدة (حقيقة الأخبار) لصاحبها خليل الخوري الصادرة في بيروت في الأول من كانون الثاني 1858 ثاني الصحف العربية ، أما ثالث الصحف العربية فهي جريدة ( سورية ) الرسمية الصادرة في سوريا باللغتين العربية والتركية في 19/تشرين الثاني/ 1865.
تم صدور جريدة الزوراء العراقية على يد مؤسسها الوالي مدحت باشا، الذي جلب لها مطبعة من باريس عام 1869، أسماها بمطبعة ( الولاية ). فكانت المطبعة والجريدة صنوين لعمل واحد. صدرت الزوراء ومنذ عهدها الأول باللغتين العربية والتركية وبالحجم المتوسط، بثماني صفحات، ثم بأربع صفحات، حتى عام 1907.
ومع جريدة الزوراء ، صدرت صحيفتان رسميتان، تأسست الأولى في الموصل وسميت بـ ( الموصل ) أما الثانية التي صدرت في البصرة فأنها أخذت كزميلتها أسم المدينة أسماً لها، فسميت بجريدة ( البصرة ). تأسست الأولى بعد تأسيس الزوراء ومطبعة الولاية في بغداد، وذلك في عام 1875، وصدرت بلغتين أيضاً، لكنها وبعد احتلال القوات البريطانية للموصل عام 1918، ما فتأت أن تحولت إلى لسان حال السلطات البريطانية فترة من الزمن. أما جريدة البصرة فقد حصلت على امتياز صدورها في البصرة عام 1889على يد جلبي زادة محمد علي، الذي كان يومذاك رئيساً لكتاب دائرة الاملاك السنية في البصرة، على غرار جريدة الزوراء البغدادية، صدرت صحيفتا (الموصل) و ( البصرة ) اللتان حملتا أسمي مدينتهما، فكما أن الأخيرة لم تصبح رسمية محضة على ما كانت عليه سابقاتها. غير أنه من المفيد ذكره أن اعتماد حكومة السلطنة على الزوراء كان مرتبطاً ومؤشراً على أهمية هذه الصحيفة لكونها أحدى أهم وسائل اعلام الحكومة العثمانية في العراق على غرار ما حدث في سوريا. مع ما كان لها من هامش الحرية والمجاهرة بالحق طوال حكم مدحت باشا. إلا أنه بعد مغادرة الأخير منصب الولاية عام 1874 وتضييق نطاق هذا الهامش من الحرية فقد غدت المصنعة ديدنها، وابتعد عنها كتابها المجيدون فأصبحت اعدادها إلى يوم سقوط بغداد في 11/ 3/1917 عبارة عن جعال ( واحدتها جعالة ): خرقة ينزل بها قدر الطعام من على النار، لا غير. بل انحطت دركات عندما اصبحت جريدة تركية العبارة ليس فيها ما يهم الناس قراءته. لعل أهم أسباب هذا التدهور، يعود إلى الحد من حرية النشر وتقييده. هذا التقييد الذي ظل سارياً كلما تقدم الاعلام بحكم السلطان عبد الحميد، حتى أفضى الحال إلى إعلان الدستور سنة 1908. عندئذ صدر قانون جديد سمح بموجبه لصدور صحف غير حكومية في العراق. ليس بالوسع تسميتها صحف أهلية بالمعنى الدقيق رغم ما عبرت عنه صحف قليلة.
بعد سقوط عبدالحميد، كان النزوع إلى الحرية في العراق قد وصل مداه، لاسيما في المدن الرئيسية. وبما أن الصحف أحدى أهم السبل للتعبير عن هذا النزوع، لذا بدأت الحاجة لتأسيس صحف عراقية ذات نزعة وطنية تحررية تلتزم المشروع الوطني المعبر عن رأي الجمهور العراقي. حتى فاق عدد الصحف الصادرة آنذاك الخمس وخمسين جريدة ومجلة خلال ما يقارب الأربع سنوات اعتبارا ً من 1908ولغاية 5/آذار/ 1911، وأن كان جل هذا العدد الكبير قد صدر باللغتين العربية والتركية. وللفائدة نشير إلى بعض هذه الصحف مثل:
( بغداد ) : لصاحبها مراد سليمان شقيق الفريق محمود شوكت قائد الانقلاب الدستور ي وكان رئيس القسم العربي فيها الشاعر معروف الرصافي صدرت في 6/آب/1908.
( العراق ) : وهي ثاني صحف بغداد لصاحبها خياط زادة عبد الجبار المحامي صدرت في الأول من كانون الأول 1909.
( الرقيب ) : لصاحبها عبد اللطيف ثنيان. صدرت في 28/كانون الثاني/1909. تعتبر من الجرائد المفيدة. جاء في عددها الأول : أنها جريدة عربية تركية خادمة لترقى بالوطن إلى كمال الحرية.
( الانقلاب ) : صاحب امتيازها ومديرها المسؤول حسين فريد. صدر عددها الأول في 12/شباط/1909.
( الروضة ) : لصاحبها ومديرها المسؤول عبد الحسين الأزري. صدرت في 22/حزيران/1909.
( ما بين النهرين ): صاحب امتيازها حسقيل مناحيم عاني. حُسبت اول جريدة للفكرة العربية. نبهت إلى النزعة الطورانية التي بَشرَ بها زعماء الاتحاديين الأتراك. من أهم كتابها من الرعيل الأول للصحافة منهم: إبراهيم صالح شكر ومحمود الطبقجلي.
( قلنج ): صاحبها حسين فوزي. صدرت في 30/كانون الأول/1909.قد تكون أول جريدة تنطق بلسان الجيش.
( الرياض ): صاحب امتيازها جار الله الدخيل. صدرت في 7/ كانون الثاني/1910. من أهم كتابها إبراهيم حلمي العمر.
(الرصافة): صاحب امتيازها محمد صادق الاعرجي. صدرت في 17/حزيران/1910. عطلتها الحكومة بعد سنة من صدورها.
( مصباح الشرق ): صدرت في آب/1910. صاحبها عبد الحسين الأزري. صاحب جريدة الروضة ــ تعرض لدفع الغرامات النقدية مرات عديدة. أعتقل وتم مصادرة مطبعته، ثم ترك الصحافة نهائياً.
(الصاعقة ) لصاحبها عبد الكريم الشيخلي. صدرت في 8/حزيران /1911. شارك في اصدارها صادق الاعرجي بعد تعطيل الرصافة . عارض الوالي استمرارها لانتهاجها نهج جريدة الرصافة المعارضة لسياسة الوالي جمال باشا.
( الرياحين ): لصاحبها إبراهيم منيب الباجه جي، أحد أبرز رجال الأدب والسياسة آنذاك. صدرت في 28/آذار/1912.
أما في مدينة البصرة، فقد صدرت بعض الصحف كان من أهمها:
( الايقاظ ): لصاحبها سليمان فيضي الموصلي.
( التهذيب ): أهتمت بالمرأة والمطالبة بتعريف شركة الملاحة الانكليزية في البصرة.
( إظهار الحق ): لصاحبها قاسم جليحران، إلى جانب جريدة (الفيض) و (المنير) و (الدستور).
أما في الموصل، فأن أبرز مما صدر فيها من الصحف:
( النجاح ): لصاحبها محمد توفيق، الصادرة في 12/تشرين الثاني/1910.
أما في مجال اصدار المجلات التي صدرت بعد هذا الانقلاب، فنذكر المجلات التالية:
( أكليل الود ): صدرت في كانون الثاني عام 1902، أي قبل الانقلاب.
( زهير بغداد ): صدرت في 25/آذار/1905.
المجلتان قام الآباء الدومنيكيون بإصدارهما، ولعل من أبرز محرري الأخيرة الأب أنستاس ماري الكرملي. كما صدرت للآباء انفسهم مجلة دينية ثالثة سميت بـ (الإيمان والعمل) تصدر باللغة الفرنسية وذلك في 25/آذار/1905.
( العلم ): صدرت في النجف لصاحبها محمد علي هبة الدين الشهرستاني. وكان مديرها المسؤول عبد الحسين الأزري.
( خردة العلوم ): لصاحبها المؤرخ والكاتب المعروف رزوق عيسى. صدرت في تشرين الثاني عام 1910.
( لغة العرب ): لصاحبها العلامة اللغوي انستاس ماري الكرملي. أما مديرها المسؤول فهو الشيخ كاظم الدجيلي. صدرت في الأول من تموز عام 1911.
هذا الكم الكبير من الصحف والمجلان شكل بداية مرحلة توافقت وتزامنت مع مرحلة أخرى جاءت في أعقاب الأولى وفي اذيالها سريعاً. فما أن أحتلت الجيوش البريطانية مدينة البصرة بعد اندلاع نيران الحرب العالمية الأولى، حتى شددت الحكومة العثمانية الخناق على الصحافة العلمانية نفسها وطاردت مسؤوليها بحجة ظروف الحرب الاستثنائية، فعطلت الجرائد الأهلية كلها باستثناء جريدة واحدة هي جريدة (الزهور) لتأييد صاحبها محمد رشيد الصفار، الحكومة التركية وموالاته لها.
إلا أن البريطانيين الذين أحتلوا البصرة في كانون الأول عام 1914، فأنهم على الضد من سياسة الاتراك، أخذوا يعتنون بالصحافة الجديدة باعتبارها وسيلة هامة من وسائل حكمهم العسكري وترسيخ سياستهم.
لذا بدأوا أولا بطبع النشرة اليومية الصادرة باللغتين العربية والانكليزية التي دونوا فيها أخبار انتصاراتهم. لتتطور فيما بعد لتصبح جريدة يومية سياسية، سميت بـ ( الأوقات البصرية ).التي اصدرها سليمان بك الزهير، فكانت شبه رسمية. صدرت بأربع لغات هي العربية والتركية والانكليزية والفارسية. وكان من أبرز محرريها جون فيلبي. صدر أول عدد منها أوائل عام 1915 بعد إلغاء الجرائد الصادرة في العهد العثماني بما فيها جريدة البصرة العثمانية الرسمية. وإعلان السلطات العسكرية البريطانية سيطرتها على جميع مطابع البصرة.
بعد احتلال العراق واعلان الهدنة بين الحلفاء والأتراك تم تقل الاوقات البصرية إلى بغداد لتحل محل الأوقات البغدادية، غير أنه تم تغيير اسمها بعد مدة قصيرة إلى جريدة ( أوقات ما بين النهرين ). ليغيروا أسمها أخيرا إلى أسم ( الأوقات البغدادية ) وذلك في أوائل مايس 1921.
إلى جانب الأوقات البغدادية صدرت جريدة (العرب) وهي أول جريدة تنشر باللغة الانكليزية. صدرت في بغداد في 26/حزيران/1917. نشرت مسز بيل رسالة إلى والدها تستبشر خيراً بإصدار جريدة العرب، فكانت أول الصحف العراقية تدعو للفكرة العربية، وتساند البيت الهاشمي لحكم العراق. ومن بين الذين كتبوا فيها، كتاب جريدة الأوقات البغدادية بالإضافة إلى كاظم الدجيلي وعبد الحسين الأزري ومحمد مهدي البصير والأب أنستاس ماري الكرملي. صدر العدد الأخير من الجريدة في 31/آيار/ 1920.
أما من الصحف الأخرى التي صدرت في المحافظات، نذكر جريدة الموصل الصادرة في 14/ تشرين الثاني/1918. قام بتحريرها يونان عبو يونان. وجريدة نجمة كركوك أصدرها الانكليز في كركوك في 15/ كانون الأول/ 1918.وجريدة (سلياني بيشكوتن التقدم) في السليمانية باللغة الكردية. صدرت في 29/نيسان/1920.
في أعقاب انعقاد مؤتمر السلام الأول في باريس وانتهاء الحرب العالمية الأولى، ونتيجة لمطالبة الوطنيين الاصلاحيين بريطانيا بضرورة التزامها بنصوص معاهدة فرساي الدولية، حول تقرير المصير تحت بند أيقاظ الشعور للشعوب الصغيرة، وبعد قيام جيش التحرير العربي بقيادة فيصل عبد الحسين بتأسيس حكومة مستقلة عربية في دمشق، وعلى إثر عودة اضباط ورجال الفكر العراقيين إلى بغداد بعد مشاركتهم في الثورة العربية، حاملين معهم أفكاراً تحررية قومية.... أمام هذا المد الفكري والاصلاحي، وافقت حكومة الاحتلال البريطانية في العراق بالسماح لإصدار ثلاث صحف يومية تتفق سياساتها مع سياسة وخطط بريطانيا في إحلال نوع من النظام المدني بدلاً من نظام الاحتلال العسكري المباشر.
صاحب امتياز جريدة العراق كان رزوق غنام، أصدر العدد الأول منها في بغداد في الأول من حزيران عام 1920. ذكر بعض المؤرخين ان الجريدة تأسست بدلاً من جريدة العرب. أما صاحب الجريدة الثانية ( الشرق ) فهو حسين أفنان الذي شغل أبان الحرب العالمية الأولى معاوناً لآمر معتقل الاسرى العراقيين والعرب في (سمربور) الهندية قبل أن يتولى منصباً كبيراً من ديوان الحاكم العسكري البريطاني العام في بغداد. رشحت الجريدة طالب النقيب ملكاً على العراق. ومما يذكر عنها أنها كانت تتعطل عن الصدور لمشاركة الطائفة الاسرائيلية في مناسباتهم الدينية وأعيادهم. تعطلت عن الصدور أخيراً في 18/تشرين الثاني. إثر تعيين صاحبها سكرتيراً لمجلس الوزراء العراقي. وطبقاً لما نشرته الصحيفة في افتتاحية عددها الأول هو بث روح المسالمة بين العراقيين أتجاه سلطات الاحتلال البريطاني. اما جريدة الاستقلال الصادرة في بغداد في 28/أيلول/1920 فكان صاحبها عبد الغفور البدري، قد تعرضت الجريدة للتعطيل عدة مرات ثم الإلغاء، لكنها عاودت الصدور على يد ورثة البدري بعد ثورة 14/تموز/1958 ثم ألغي امتيازها في 8/شباط/1963 إثر الانقلاب البعثي الدموي. استقطبت جريدة الاستقلال الأقلام الوطنية في الكتابة فيها وتحرريها ومن بين من كتبوا فيها رشيد الصوفي وسامي خوندة وعوني بكر صدقي وحسين الرحال ومصطفى علي وباقر الشبيبي ومحمد يونس السبعاوي وأحمد جمال الدين وفهمي المدرس وطالب مشتاق وغيرهم.
.............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر باريس حول السودان: ماكرون يعلن تعهد المانحين بتوفير مس


.. آلاف المستوطنين يعتدون على قرى فلسطينية في محافظتي رام الله




.. مطالبات بوقف إطلاق النار بغزة في منتدى الشباب الأوروبي


.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: هجوم إيران خلق فرص تعاون جديدة




.. وزارة الصحة في غزة: ارتفاع عدد الضحايا في قطاع غزة إلى 33757