الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرض (الخوف من الابداع )

حسام جاسم

2017 / 2 / 25
الادب والفن


انهمر المطر و انسدلت الستائر
الجو باهت المشاعر يقال ان المطر يوحي للرومانسية الغنية بالثروة
المطر أمام شارعنا ينزلق فية العاشقين سرا خلف شاشات الهاتف المحمول و أغطية الديباج
كأننا الآلات تجسس
الكل ينكب خلف الشاشات ما هذا الإدمان حتى انا أصبحت حياتي كلها شاشه لرؤيا العالم المفتوح الذي يتغير بلمحة بصر و لمسه واحده من أصبعي الخامس الإبهام المخدر الذي ينقش حروف الحوار و النقاش لتاتيني عبارات ترحيب أنثوية ( كأن الأنثى صفه عار على الذكور و صفه الذكوره شرف على الإناث) أو يرشقونني بالشتم و العهر و الإلحاد و تمزيق الامه النهضوية ذات سيادة البقر الحامله لمركبات فضائية نحو المريخ !!!!!!
غرق وطني ليس بالمطر و المجاري فحسب إنما غرق فكريا نحو العبوديه و اتصلت جذوره بالصراع على الثروات
أصبح الجميع يستورد الأموال في محلات تجارية و و عقارات تتطاول عمارته نحو الفشل و يمضي منتشيا لانتماءه للحزب الحاكم و علاقته الوطيدة بزمر الفاسدين
انكسر هاجس الروايات و السرد من عقلي فالواقع لا يوصف و عار عليك أن تكتب بوصف غير مطابق أو أقل منه على جدار الحقيقه
جلست انظر لوجوه الطلاب الذين لا يرتدون جاروبا و يرتدون محابس و أسوارا يدويا يدل على الرقي في ملف الحيوية و الشقاوه
يأكلون بشراهه للالتحاق بالمحاضرات التي لم تعلمهم شيئا سوى المراقبه
اقتربت مني فجأة : لماذا لا تسمح لنا بالجلوس انت اكملت تناول الطعام ( بابتسامة الرجاء لمح وجهها إلى الكرسي بجانبي )
- تفضلي بالجلوس
لم ألاحظ زجاجه مشروب الفواكه في يدي و انا اتركهم و أنزل و لا زالت فارغه في يدي
انتبهت لها بعد بضع ثواني
أنها فارغه لماذا اخذتها معي و لم إرميها !!!!
مشيت سريعا لأقرب حاضنة نفايات و رميتها بصوت مسموع انكسرت و نظر الجميع الي
حاويه النفايات كانت فارغه هي الأخرى و الزجاجه تهشمت بعد ارتطامها بالقاع
من الصعب إكمال طريقك بحزم مع وجود أشخاص يسحبونك للأسفل و يصبحوا هم في قمة الرقي أثناء مساعدتك في السقوط
رن الموبايل و سمعت صوتا يذكرني بحنين مدير مدرسة الاعداديه الذي انهكت الرشاوي كرشه بعدم الإنجاب
صوتا غاب عن ذاكرتي
لم أجب على ذاك الرنين الذي يعيد الماضي معه و مضيت إلى المحاضرة الأخيرة قبل انتهاء الخميس
دكتورتنا العزيزة ذات صلة بالخوف كأنها تشعر بخوفنا من السؤال و خوفنا من الجواب أن يكون خاطئا
عيونها حاده و تكشف الخائفين بسرعه و تستلم عقولهم بالأسئلة
أنها طريقه جديده لم أجربها من قبل
اكتشاف الخطأ مقبرة جماعية من الصمت لدى الفاشلين فقط
ولكن وحدهم البارعون لا يخافون من الخطأ و التنكيل و الاستهزاء
يصبح الموت و الحياه مجرد نزوه لتعاقب الكائنات و لا نعد نخاف الفشل أو الخطأ
لكننا نتخوف لا شعوريأ دون سبب واضح نتخوف طفوليا في كثير من الأمور ولكن عندما نكتشف المجهول يخفت الخوف من الإبداع
ولادة طفل جديد يساوي موت شخص هرم في سن الثمانين
كأن رحلة الحياة للموت و رحلة الموت قبل الولادة إلى الحياة مرت هباءا منثورا
وحده كشف التناقضات يكشف ابداعنا الحقيقي
الإبداع مخيف في حد ذاته
دارت فيه معارك من الأحلام العاليه و الاشتياق الكاذب دون النطق غفى عليه النسيان و عفى الله عما سلف من هواجس غير مرضيه لفئات الأغلبية الصامتة !!!!!!
فكم من رواية لم أقرأ باقي تكملتها لأنها لم تكن صادقه و مثيره للجدل بل تشابه قيم المجتمع و غير كاشفه لتناقضاته
و كم من إبداع لم يظهر بسبب الخوف من الإبداع
مرض ( الخوف من الإبداع ) مرض متأصل في وجدان الجبان لأنه يصطدم بالمجتمع و بالكبت .
هو من اسكت الجماهير ( المستفيده من أحزاب سياسية ) عن الدفاع لحقوق المنكوبين
و هو من أخرس ألسنتهم لأن الإبداع سيسحب أموالهم و عروشهم الظالمه بالعدل و المساواة
سيخسرون إمتيازات الفشل لأنه لم يظهر للعلن
الفشل المبرقع بالتدين و الاضطهاد يخفي عيوبه في الابداع
لم تتقدم الدول إلا بكشف الفشل
و لم يتراجع الوطن إلا بالتصفيق للفشله
لا مستقبل لهم في وطني لقد انكشف البرقع و ظهرت العيوب
و اليد التي صفقت هي نفسها من ستسحلهم من فوق العروش بالدم
لم تعد هناك قيمة للخوف من الموت أو الحياة قيمتنا الوحيدة هي المساواة في كل شيء رجالا ونساءا .

اكتملت المحاضره و خرجت استنشق الهواء
الحركه تخلق تمرد و اكتشاف للمحيط
الجامد سيموت في دائرة مفرغة و معروفه الأطر و الأجواء و الآراء
أمسكت هاتفي و ترددت طويلا خلف الشاشه لاتصل به
- هل ما زلت تتذكر ؟؟؟!!!!
- انا اعشقك
- انت تعشق الفشل فأنا لم أستطع نسيانك
انا فاشل لأنني لم احلم بغيرك
- انت روحي لا تقول هذا الكلام
- انت ماضي و ساتحرر منك يوما ما
أغلقت الاتصال و بيني و بين كرامتي كارثه جوية من الصراع
حاورت نفسي و لا أعرف سبب رغبتي بالاتصال به
ما هذا الإدمان ......ما هذه الرغبه الجامحه للفشل
هل هو الحب ؟؟ .....لا ....لا فالحب كرامه
هل هو الاشتياق ؟؟ ...لا ....لا فالشوق استحقاق لمن يستحق
هل أنا محسور ؟!!!
ألاحساس بأنك تدافع عن حقوق الآخرين و تعطيهم الشجاعه و الأمل لكنك تعجز عن إعطاء نفسك حفنه صمود هو إحساس يقارب تحطم زجاجتي الفارغه في حاويه النفايات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى