الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية في خطر

مولود مدي
(Mouloud Meddi)

2017 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


بعدما كانت الانتخابات احدى أليات الديمقراطية و تكريس لمبادئها, أصبحت الانتخابات عنصرا مهددا للديمقراطية حاليا حيث نرى الديمقراطية اليوم وقيمها الليبرالية الحداثوية مهددة بدرجة أو أخرى في العالم العالم الغربي، أي في القارتين الأورپية والأمريكية. لأنه إذا كانت الديمقراطية في الغرب مهددة، فالتهديد سيكون أكثر وقعا في دول العالم الثالث التي لا تعرف لحد الأن معنى الديمقراطية و تختزلها فقط في صندوق الانتخابات.
ليست هذه هي المرة الأولى التي فيها تصبح الانتخابات خطرا على الديمقراطية, فصعود الحزب النازي بزعامة هتلر في ألمانيا عام 1933 الى الحكم كان بفضل الديمقراطية وبانتخابات حرة و نزيهة, وقبله الحزب الفاشي في ايطاليا بقيادة موسوليني, وهذا الحزبين قد اعتمدا على الخطاب الشعبوي و المثير لهيجان الجماهير و العمال الذين كانوا وقتها يعانون من ازمات على كافة الأصعدة بسبب الأزمة الاقتصادية التي سحقت أوروبا و قبلها الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1929 مما ساهم في تراجع الأحزاب الديمقراطية و تشتت اليسار بسبب أوامر ستالين الانتحارية التي أمرت الشيوعيين بعدم التحالف مع الاشتراكيين الديمقراطيين و اعتبارهم خونة و هذا ما فتح المجال للفاشية للصعود الى الحكم, فنجد أن التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى فقد أدى فشل اوروبا في القضاء على الارهاب و محاربته و ايضا مشكلة اللاجئين و خسارة الاتحاد الاوروبي لبريطانيا فتح المجال للأحزاب اليمينية الشعبوية للظهور ففي فرنسا تنذر الانتخابات الرئاسية القادمة في أواخر نيسان بفوز مرشحة اليمين الشعبوي ’’ مارين لو بن ’’, وفي المانيا فسيدخل لأول مرة في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية حزب يميني في البرلمان الاتحادي في النتخابات في أواخر شهر سبتمبر و هو ( البديل من أجل المانيا ) بقيادة ’’ فراوكه پتري, و الجارة النمسا عاشت سباقا محموما بين مرشح اليمين نوربرت هوفر الذي كاد أن يتغلب على المرشح الفائز آلكسندر فان دير بَلَن حيث كان الفارق ضئيلا. و منه نجد أن قوى اليمين في تصاعد كبير ولديها فرص كبيرة في الفوز سواء، في فرنسا أو النمسا أو ألمانيا أو هولندا، ناهيك عن دول شرق أورپا الشرقية الحديثة على الديمقراطية.

الواقع يقول ان فشل النخب السياسية والاقتصادية التقليدية في توفير الأمن والاستقرار لشعوبها خاصة بسبب الاستراتيجيات الخاطئة في مكافحة الارهاب و غياب خطة واضحة بشأن اللاجئين هو السبب وراء صعود اليمين الشعبوي كما ان "العولمة" تعتبر ايضا من مسببات صعود هذا التيار لأن " العولمة هي التي أدت إلى تراكم الثروات في أيدي القليلين وتهميش قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى والطبقة العاملة.
و من فرط اعتماد الأحزاب اليمينية على الخطاب الشعبوي أصبحوا لا يؤمنون حتى بالمؤسسات مثل البرلمان فمرشح اليمين الهنغاري فيكتور اوبان في انتخابات 2014 صرّح قائلا ’’ لانحتاج اليوم الى مناقشات تتناول اجراءات سياسيه......حري بنا ان نفهم اننا لسنا بحاجه الى نظريه للنهوض ببناء اقتصادنا، علينا التشمير عن سواعدنا الان ’’ و هذا يدل أيضا ان لا برنامج واضح تستند على أسس علمية لهذه الأحزاب و لا أساس لها سوى الخطاب السياسي تستخدم فيه الديماغوجية من اجل دغدغه عواطف ومشاعر الجماهير، عبرتخديرها بامال بعيدة عن الواقع.
ان هذا الصعود يؤكد أن الديمقراطية في خطر كبير لأنها ستساعد على صعود أحزاب غير ديمقراطية الى الحكم و هذا يدل على ان هناك مشكل في مفهوم الديمقراطية حيث المشكلة الكبيرة هي اتاحة الفرصة للجميع و حتى للقوى لا تؤمن بمبادئ الديمقراطية التي تختزل هذه الأخيرة في الانتخابات, فمفهوم الديمقراطية بحاجة ماسة الى اصلاح و تجديد ووضع شروط للمشاركة في الديمقراطية و منها عدم السماح للأحزاب السياسية أن تعتمد على الافكار العنصرية أو التمييز بسبب الدين والمذهب واللون والهوية الأثنية والأصل والجنس,و أن تؤمن ايمانا لا رجعة فيه بحقوق الانسان و بالمساواة بين الرجل و المرأة و الفصل بين الدين و الدولة و ان لم يقم العالم الديمقراطي الحر بدراسة الثغرات في النظام الديمقراطي, سنعود لا محالة الى عصر الحروب العالمية و السباق المحموم نحو التسلح.
على اليسار في العالم العربي أن يأخذ العبرة في ما يحدث حاليا في اوروبا و أن يلم شمله و يوحد صفوفه و أن يقدم المصلحة العليا للشعوب العربية عوض الانشغال بالصراعات الحزبية من أجل المناصب و ان يأخذ العبرة من التاريخ و من الأوضاع الحالية التي تعيشها أوروبا و هذا الجو الذي تسممه احتشاد اليمينية في اروبا و الاسلاموية في الدول العربية لأن أكبر عدو لليسار في العالم العربي هو الأحزاب الاسلاموية المتطرفة المعادية للديمقراطية و حقوق الانسان و السائرة على نفس طريق الأحزاب اليمينية و الفاشية النازية و تيّار اليسار الذي يمثل مطالب الشعوب العربية من مساواة و عدالة اجتماعية و ديمقراطية هو الوحيد الذي يمكنه أن يقف في وجه الأحزاب الراديكالية الفاشية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة