الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسباب تراجع الهيمنة الأمريكية على العالم

مروان صباح

2017 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


أسباب تراجع الهيمنة الأمريكية على العالم

مروان صباح / في حقبة الرئيس أوباما ، مال الرجل إلى تصفية خلافات واشنطن مع كوبا ومعظم أمريكا اللاتينية واتبع سياسات المهادنة مع كل من الصين وروسيا ، والابتعاد ، بل بالأحرى ، الاكتفاء بالتفرج على ما يجري في الشرق الأوسط ، بالتأكيد ، لم يكن فعله أبداً، خياره الشخصي ، بل ، في الولايات المتحدة ، تُرسم السياسات من قبل الحزبين ،الديمقراطيين والجمهوريين ، لديهما مراكز دراسات ، تنتج لهما ، سياسات مستقبلية ، ودور الحزب اختيار الشخصية الأفضل ، التى تستطيع أن تعبر عن هذه السياسات ، في سياق متصل ، نجد التراجع الأمريكي ، لم يأتي نتيجة اقتناع بما لديه من هيمنة ، بل جاء ، نزولاً عند جملة متغيرات عالمية ، في البداية ، الهزة الاقتصادية التى شهدتها أمريكا بعد ضربات تنظيم القاعدة ، لكل من نيويورك وواشنطن ، كان الاعتقاد لدى الحزب الجمهوري ، أن احتلال افغانستان والعراق ، ستعوض أمريكا خسائرها وستعالج اقتصادها وتعيد هيبتها المشكك بها ، لكن ، في حقيقة الأمر جاءت عكسية ، شهدت الهيمنة الأمريكية تراجع منذ أن بدأت تخسر تحالفاتها في أمريكا اللاتينية ، وانكشف ذلك بشكل جلي ، عندما تورطت واشنطن في افغانستان والعراق مالياً ، لكنها ، مقابل خسارتها ، حققت هدف اساسي ، تدمير وتفتيت بلدين هما قوتين متمردتين بالمطلق ، الذي سمح لأمريكا الجنوبية ، الخروج من تحت الهيمنة الأمريكية الشمالية ، وتطلع الجنوبيون إلى الاستقلال والاعتماد على الذات ، من خلال صناعات مختلفة وتحالفات مع كل من الاتحاد الروسي والصين ، وبدأت عجلة الجنوبيين تعمل ، بدءاً ، بالأرجنتين وكثير من دول أمريكا اللاتينية ، الذي ترتب لاحقاً ، خلق علاقة جديدة بين الشماليين والجنوبيين ، وهنا يستذكر المرء ، ما قاله بريجنسكي ، ان الهيمنة العالمية وهم عف عليه الزمن ، في حين ، ان قيادة عالمية من طراز اخر ، هي الخيار الوحيد الصالح ، لمستقبل أمريكيا ، وهذا ما حاول اوباما العمل به .

رغم أن هناك حقيقة ، بأن الجمهوريون لا يعترفون بأي طراز ، سوى طراز الهيمنة ، في المقابل ، هناك مسلمات ، لا يمكن تجاوزها ، فالولايات المتحدة الأمريكية ، لا يمكن لها السيطرة على أوروبا الشرقية والهند والصين والعالم العربي والإسلامي وافريقيا، والجزء اللاتيني ، خارج عَن هيمنة وسيطرة الأسطول البحرية الامريكية وجهازها الاستخباراتي ، وهذا في المنظور القريب ، صعب المنال ، كون دول أمريكا اللاتينية ، استطاعت اكتساب ثقتها من نخب شعوبها ، وتحولت الثقة تدريجياً ، إلى ابعاد ، لا يمكن تجاهلها أو القفز عنها ، هناك بعد قُومِي ، كان ركيزة أساسية في مسيرة الاستقلال ، وبعد دولي ، صنع علاقات وتحالفات ، عززت استقلالها ، مما جعلت عودة الولايات المتحدة إلى العهد القديم ، طريق ليس سهلاً ، يحتاج إلى جملة ، من الانقلابات والاغتيالات وتفعيل شبكات السلاح والمخدرات المافوية ، وايضاً ، قد تلجأ إلى دعم احزاب حليفة لواشنطن عبر أبواب الديمقراطية كما تحاول فعله في فنزويلا ، وهذه الأخيرة ، مسموح بها ، اذا كان يصب ذلك في مصالحها القوميّة ، كما فعلت في أوروبا الشرقية والعالم العربي ، من أجل التفتيت والإضعاف ثم الهيمنة ، لكن ، تواجه واشنطن اليوم ، دول كانت تعد معدومة وأصبحت دول صناعية ، الَّذِي يحول المواطن اللاتيني إلى جدار منيع ومدافع عن استقلاله ومستبسل في المحافظة علَى رفع يد الشماليين عنه ، لأنه ، يعتبر ديمقراطية واشنطن ، تقع بين مفهومين ، النموذج الكولومبي أو العراقي ، مافيا وفساد أو مليشيات طائفية وفساد .

وبالرغم من الصعوبة التى تواجهها واشنطن ، في أمريكا اللاتينية ، إلا أنها ، استطاعت ، التخلص من مشروع الراحل شافيز ، فشافيز ليس سوى امتداد لمشروع جيفارا ومشروع سيمون بوليفار ، مشروع توحيد أمريكا اللاتينية ، وهذا التخلص ، يعتبر في الحاضر ، إنجاز كبير ، يترتب عليه مراحل قادمة ، وهنا ، تقف دول أمريكا اللاتينية عند مفترق طرق ، الاستمرار بالمهادنة ، كما فعلت كوبا مع اوباما أو أنها تختار التخطي إلى مشروع الاتحاد كما فعلت أوروبا أو الانهيار والعودة إلى العهد السابق .

لا اعتقد أن مجيء الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض مصادفة ، بل ، دونالد ترمب يمثل في الأصل ، مجموعة التجارة الحرة في العالم ، وبالتالي ، خطورة خروج أمريكا اللاتينية من تحت قبضة الشماليين ، يعني أن الشركات المتعددة الجنسيات والتى في حقيقة أمرها تمثل القوى الكبرى في العالم ، باتت تحت التهديد ، لأن ، التجربة اللاتينية ، إن كتب لها الاستمرار والتطور ، هذا يعني ، انها من الممكن لها ، أن تتحول إلى نموذج يقتدي به ، مناطق ، مازالت تحت الهيمنة الأمريكية ، وبالتالي ، ستفقد هذه الشركات تدريجياً نفوذها واحتكارها للسوق العالمي ، لهذا ، بقدر ما هناك لغط حول الرئيس ترمب ، وشخصيته الجدلية ، إلا أن ، ترمب يحمل مشروع شعبوي وليس شعبي ، تم اختياره بعناية فائقة من أجل الدفاع عن حقوق اصحاب الشركات العملاقة والتى بالأصل تعمل بشكل سري وبعيد عن الشعب والبرلمان .

بين كل هذا ، استفاد جزء من العالم من ضربات القاعدة ، للاقتصاد الأمريكي ، باستثناء العرب ، روسيا الاتحادية اعادة قوتها العسكرية ، أمريكا الجنوبية بنت اقتصاد وصناعة من عدم ، وباتت في وسط السوق العالمي وتشعر بنوع من الاستقلال ، الصين صنعاتها باتت في كل بيت وسوق ، اما العرب ، يواجهون أكبر مشروع تصفية عرفته البشرية ، احتلال اسرائيلي للمنطقة وليس فلسطين فحسب ، استعمار غربي شرقي ، أنظمة استبدادية ، ومشروع إيراني افرز مليشيات مسلحة ، أصبح نافذ ومهيمن ومتغير لدرجة البراغماتية المتآكلة لصالح التماهي ، من الممكن أن يتفاوض على كل شيء من أجل المحافظة على ما وصل اليه ، لهذا ، لا بد من دراسة النهضة اللاتينية ، ودور النفط الفنزويلي وشافيز في أسباب النهوض ، وبين كل ذلك وذاك ، يترقب المرء ،الحليفان الأمريكيان،التاجر والأيديولوجي ، كيف سيتعامل مع المتغيرات الكبيرة التى طرأت على المجموعة اللاتينية والاتحاد الروسي والصين والتمدد الإيراني ، هل ستكون مرحلة تهذيب بعد ما شهدت المرحلة السابقة ، انفلات ، أو هناك كسر عظام . والسلام
كاتب عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء